الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب الإيطالي يرفض سياسة الحرب الإمبريالية لحكومته

مرتضى العبيدي

2016 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


تكرّرت في الآونة الأخيرة تلميحات حكومة "رنزي" إلى إمكانية التدخل المباشر في ليبيا بدعوى محاربة قوات الدولة الإسلامية (داعش) المسيطرة على أجزاء من تراب هذه البلاد. وقد لاقت هذه التلميحات ردود فعل رافضة من قبل العمال والنساء والشباب الذين تظاهروا في أكثر من مناسبة للتعبير عن رفضهم لسياسة الحرب التي ما انفكت تنتهجها الحكومة الإيطالية الحالية والتي تسير على هدي سابقاتها. فمنذ ما يزيد عن الربع قرن، حرصت الحكومات الإيطالية البورجوازية المتعاقبة على المشاركة في جميع الحروب الدائرة تحت مظلة الولايات المتحدة الأمريكية والحلف الأطلسي، خاصة في أفغانستان والعراق ويوغسلافيا السابقة وليبيا، خارقة بذلك دستور ما بعد الحرب العالمية الثانية والذي كرّس الانتصار على الفاشية وعلى سياستها العدوانية، وأقرّ عدم الزج بإيطاليا في الحروب الواقعة خارج أرضها.
واليوم يشهد الشعب الإيطالي استعداد متزايدا لحكومة "رنزي" لخرق منطوق الدستور مجدّدا والاستعداد لإرسال جيوش إيطالية على الأرض في الحرب الدائرة في ليبيا. وكانت إيطاليا، البلد المستعمر لليبيا سابقا، قد شاركت سنة 2011 في العدوان عليها وفي اغتيال زعيمها معمّر القذافي وإيصالها إلى ما هي فيه اليوم من وضع كارثي. واليوم فالحكومة تتحجّج بمحاربة التنظيمات الإرهابية التي هي في الأصل صنيعة الامبريالية للتدخل العسكري في ليبيا بدعوى إعادة الاستقرار إليها. وهي تستعد لذلك إلى جانب نفس الدول التي تدخلت سنة 2011 لتدمير ليبيا. ولا يخفى على أحد أن الذي يهم القوى الامبريالية في ليبيا ليس أمن شعبها ولا استقرارها وإنما ثرواتها الكبيرة خاصة من النفط والغاز. فهي تتدخل كحامية للشركات الاحتكارية الكبرى مثل طوطال، ونفط بريطانيا، والمؤسسة الوطنية للنفط بإيطاليا وشال وإكسون وغيرها... كما أنها تتدخل لضمان الأسواق للشركات المصنعة للسلاح ولتجاره. وجميع هذه الدول بما فيها إيطاليا تسعى إلى الحفاظ على مواقعها في منطقة المغرب العربي المطلّة على البحر الأبيض المتوسط والتي تقع على مرمى حجر من أوروبا. فهذا العدوان الجديد على ليبيا والذي يتم الاستعداد له على قدم وساق في ظرف يتسم باتساع رقعة الحروب التي تشنها البلدان الامبريالية ضد الشعوب إن بالتدخل المباشر أو بالوكالة لضمان مكانة لها في هذا العالم الذي يعاد تقسيمه وتعاد صياغته حسب موازين القوى الجديدة، هذه القوى التي تريد أن تضمن لنفسها مناطق نفوذ وأسواق لسلعها وخاصة لأسلحتها التي ما انفكت تراكمها تحسبا لنزاعات على نطاق أوسع. فحكومة "ماتيو رنزي" ووزير خارجيته "باولو جنتيليني" التي منحها الشعب الإيطالي ثقته ما انفكت تعقد الصفقات من وراء ظهره، وقد سمحت منذ مدّة وبدون العودة إلى البرلمان لطلائع الجيش الإيطالي بالقيام بمهمات عسكرية سرية على الأراضي الليبيبة.
لذلك نرى اليوم القوى التقدمية والمعادية للحرب تستنهض الجماهير الإيطالية لرفض سياسة الحرب هذه والتي لن يدفع ثمنها سوى العمال والأجراء الذين أنهكتهم سياسة التقشف التي استمات منظرو البورجوازية في تزيين مزاياها وأطلقوا الوعود بخصوص نتائجها التي ستدرّ الخير العميم على الشعب. واليوم نراهم بسوّقون لنفس الأوهام ويبشرون الشعب الإيطالي بخير عميم قادم من ليبيا هذه المرة. لذلك تنشط القوى التقدمية بقوة لفضح مثل هذه الأراجيف وليبرزوا للعمال وللشباب وللنساء أنهم هم وحدهم من سيدفع ثمن هذه الحرب العدوانية الجديدة من قوتهم وقوت أبنائهم وعائلاتهم. كما ينبّهون إلى المخاطر المنجرّة عن سياسة الحرب التي تهدّد الأمن الداخلي وتعطّل ممارسة الحريات المكتسبة كما كان الشأن كلما كانت البلاد في حالة حرب. لذلك تعلو الأصوات اليوم في إيطاليا ضدّ الحرب وتتشكل الائتلافات والجبهات لمواجهة المشروع الامبريالي لحكومة "رنزي" والتصدّي له. وقد شهدت إيطاليا بعد عديد التحركات في هذا الاتجاه، منها المظاهرات المعادية للحرب التي انتظمت يوم 12 مارس في كبرى المدن الإيطالية، وكذلك الإضراب العام الذي دعت له عديد النقابات الأساسية المناضلة يوم 18 مارس والذي لاقى نجاحا نسبيا رغم عدم تبنيه من قبل القيادات البيروقراطية ، وكان الغرض منه تطوير المقاومة العمالية لسياسة الحرب الامبريالية المعلنة. وقد رفعت في هذه التحركات مطالب معادية لسياسات الحرب ومنها خاصة:
ـ إعادة جميع القوات الإيطالية المرسلة إلى جبهات القتال في الخارج
ـ وضع حدّ لسياسة الإنفاق المتعلقة بالتسلح والعسكرة
ـ الانسحاب من الحلف الأطلسي ومن الاتحاد الأوروبي الذي يتحوّل يوما بعد يوم إلى كيان امبريالي عدواني
ـ تحويل البحر المتوسط إلى بحيرة سلام تنعم بخيراتها شعوب الضفتين.

أوروبا تقيم الأسوار في وجه المهاجرين

ومن ناحية أخرى، تعددت التحركات النضالية في إيطاليا ضد سياسة الهجرة التي تتبعها بلدان الاتحاد الأوروبي ومن بينها إيطاليا، من ذلك أن منظمة "الأرضية الشيوعية" بإيطاليا نددت مؤخرا في بيان لها بالسياسة الأوروبية تجاه المهجرين، الفارين من مناطق التوتر والحروب في العالم، وحملت هذه الدول المسؤولية الأولى في خلق هذه الأوضاع بانتهاجها لسياسات عدوانية تجاه شعوب تلك البلدان، ودعمها اللامشروط للأنظمة الرجعية المنصبة على رأسها. وقد نددت بالخصوص بسياسة "تحصين" القارة العجوز بتكثيف المراقبة الأمنية والعسكرية على حدودها وإقامة الأسوار من مختلف الأشكال لمنع توافد المهاجرين، عوضا عن الترفيع في المساعدات الإنسانية وتهيئة مراكز الاستقبال تليق بالجنس البشري للتخفيف من المآسي التي لم يكن المهجّرون سببا فيها.
ففي شهر فيفري، وجه الاتحاد الأوروبي أمرا إلى اليونان يفرض عليه إقامة "معسكرات للترحيل" يوجّه إليها المهاجرون الذين تعترض طريقهم في البحار والمحيطات القوات البحرية الأوروبية، العسكرية منها والأمنية، أو الذين تمكنوا بصفة أو بأخرى من الوصول إلى اليابسة وحط الرحال في اليونان. وفي شهر مارس، أمضى الاتحاد الأوروبي "اتفاق العار" مع نظام أردوغان يقضي بمنحه 6 مليار يورو مقابل قبوله بإقامة معسكرات لإيواء المهاجرين غير المرغوب فيهم في أوروبا، خاصة الذين يصلون إلى اليونان. كما كثفت القوات البحرية الأوروبية من مطاردتها للبواخر المقلة للمهاجرين متسبّبة في إغراق الكثير منها. أمّا المهاجرون الناجون، فهم يتعرضون لأبشع أنواع الاستغلال من طرف أرباب العمل الذين يستغلون أوضاعهم "غير القانونية" لممارسة لإخضاعهم لعلاقات شغلية تليق بالعبودية، وهو ما يوتّر علاقتهم باليد العاملة المحلية التي يُرمى أعداد متزايدة منها إلى البطالة ، فتقع فريسة للدعاية العنصرية لحركات أقصى اليمين الفاشي والنازي الذي يتزايد نشاطها وتأثيرها يوما بعد يوم في البلدان الأوروبية.
وعلى هذا الأساس، فإن "الأرضية الشيوعية" تدعو كافة القوى الثورية والتقدمية في أوروبا إلى التصدّي لسياسة الهجرة المتبعة من قبل بلدان الاتحاد الأوروبي والتي، زيادة على مشاركتها المباشرة في الحروب الإمبريالية الجارية في عديد المناطق، فهي ترفض تحمّل تبعاتها وتطوّر سياسات تتسم بالشوفينية والعنصرية، لا تحسدها عليها قوى أقصى اليمين المتزايد تأثيره على الساحة الأوروبية. وعلى القوى التقدمية تطوير سياسة تضامن طبقي مع المهجرين القادمين إلى أوروبا تأخذ بعين الاعتبار مصالح العمّال أينما كانوا وأينما حلوا. وعلى هذه القوى تكثيف الدعاية داخل أوساط الطبقة العاملة الأوروبية لفضح الدعاية البورجوازية التي تقدم المهاجرين كعدو للعمّال جاؤوا ليفتكوا منهم مواطن شغلهم، وتبيان أن العدو الحقيقي لهؤلاء وأولئك هو رأس المال الطامح دوما إلى تحقيق الربح الأقصى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على