الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمن الميمز

محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)

2016 / 4 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


التفاصيل الإنسانية المشتركة وأصغر الملاحظات والتجارب التي تثير انفعالات وانطباعات متماثلة تقريبا عند معظم البشر -والتي لطالما ظلت مسكوتا عنها، للحفاظ على الهيبة وتجنب الحرج وتجنب الوقوع في خطابات قد تعتبر politically incorrect- قد أصبحت تخرج إلى الشمس وتنكشف بأشد أنواع التعبير وضوحا واقوى الأدوات تأثيرا: السخرية والافيهات... اللقطات التي تتحول الى قوالب يتم تركيب ملاحظات يومية ساخرة عليها... هذا يا سادة هو زمن الميمز.... إن الميمز قد أصبحت من ملامح المجتمع الإنساني المعاصر... الفاتر الملول الذي يستحوذ عليه الاحساس بالفراغ واللاجدوى.

وفي مقال "غاية التقدم كشف الإنسان" الذي قمت بنشره على الحوار المتمدن على حلقتين، تعرضت إلى فكرة أن العالم يتجه إلى كشف كل شيء مخفي، واستخراج كل باطن. هذا قد يكون تدهورا في نظر البعض وقد يكون خلاصا في نظر البعض الآخر، وهاتان النظرتان المتقابلتان تعرضت لهما في موضوع "الموقف من استمرار الوجود" والذي قمت بنشره على الحوار المتمدن أيضا على أربع حلقات.


غاية التقدم كشف الإنسان
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377626
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=379908

الموقف من استمرار الوجود
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=437222
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=437328
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=437647
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=438449


إننا نتجه إلى يوم "تبلى السرائر"... وهذا التسارع نحو انكشاف كل شيء لا بد من وقفه لإعطاء العالم فرصة للاستمرار، وترك مسافات بين البشر تسمح بالحركة والصراع.

الميمز من أعراض هذا التسارع، والتعرض إليها يتطلب إلماما بعلم الميمات Memetics الذي ظهر قبل تطور وسائط التواصل الجتماعي إلى هذا الحد، حد الترف والعدمية وما يسمى shitposting أي النشر العدمي للميمات وتركيب الافيهات على الميمات الشائعة بشكل عشوائي وانتظار منتجات ذلك العمل وما تثيره من ضحك وتعليقات هائلة من كل صوب.

صلب الموضوع يتعلق بانتقال المعلومات أو الأنماط أو القوالب بين الناس، وقد وصف البيولوجي ريتشارد داوكنز الأمر بالفيروسات في مقاله "فيروسات العقل" وهو وإن كانت غايته ودوافعه لا دينية، بإسقاط التطور البيولوجي على المجتمع، واعتباره أن الدين ما هو إلا "ميم"، إلا أنه مفيد جدا في نظرته إلى انتقال القوالب والأنماط أو ما يسميها "الوحدات الثقافية" كما تنتقل الجينات، وهي فكرة بدأت في كتابه "الجين الأناني". وقد علّق داوكنز لاحقاً على موضوع ميمات السوشال ميديا واختطاف مصطلح "ميم" -الذي ابتدعه هو للتعبير عن الأساس التطوري والبيولوجي لانتشار القوالب الفكرية والاجتماعية- بالقول أن المبدأ واحد، فال"ميم" هي كل ما ينتشر على نطاق واسع everything that goes viral.

في زمن الميمز، ستكتشف أن أصغر تفاصيل حياتك في فراشك وحتى مرحاضك، هي مشتركة مع الآخرين، بل حتى أكثر تصوراتك الماجنة أو الخسيسة أو المخجلة، ستتحول إلى ميمز يعلق عليها الجميع. الافيهات ستسهّل اختراع النكتة، وبالتالي يتوسع الدور الاجتماعي والإنساني والسياسي للنكتة، ولكنها أيضا قد تقتل النكتة وتحول الافيه الى كليشيه.

في زمن الميمز، كل الحدود الاجتماعية والإنسانية مهددة بالنكتة، وبالتوغل في دوافعها، التي لا تخلو من تفاصيل محرجة.

سنقف عرايا أمام بعضنا، كما كنا أول مرة. أبونا وأمنا وقفا عاريين، وأصابتهما الصدمة بعد أن أدركا عريهما وسوآتهما

*فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة*

ألف لام .... ميم













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غرقُ مطارِ -دبي- بمياهِ الأمطارِ يتصدرُ الترند • فرانس 24 /


.. واقعة تفوق الخيال.. برازيلية تصطحب جثة عمها المتوفى إلى مصرف




.. حكايات ناجين من -مقبرة المتوسط-


.. نتنياهو يرفض الدعوات الغربية للتهدئة مع إيران.. وواشنطن مستع




.. مصادر يمنية: الحوثيون يستحدثون 20 معسكرا لتجنيد مقاتلين جدد