الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتل جوليو رجيني والروح الشرقيه

رفعت عوض الله

2016 / 4 / 20
المجتمع المدني



مقتل جوليو رجيني والروح الشرقية
قامت الدنيا ولم تقعد حتي الآن في إيطاليا علي إثر مقتل أحد مواطنيها الباحث الشاب جوليو ريجيني في القاهرة .
سيطرت حالة من الغضب الشديد علي الحكومة والإعلام والخارجية الإيطالية ،ولم يقتنع الإيطاليون علي كافة الاصعدة بما قالته وتقوله الحكومة المصرية ،وتفسيرات وزارة الداخلية المصرية ،فصعدت الأمر وحاصرت المسؤلين المصريين بالأسئلة والطلبات مع إبداء الشكوك في كل ما يقوله المسؤولون المصريون ،بل وصل الامر إلي تهديد سافر وصريح للدولة والحكومة المصرية ،بل وشكوك في ضلوع ضباط مصريين في الجريمة .
فوجئت مصر دولة وحكومة وإعلاما برد الفعل الإيطالي الحاد والقوي مما أربك االدولة واجهزتها وعمق من الصورة السيئة لمصر وحكومتها في أعين العالم المتقدم .
ظن المسؤولون المصريون أن الأمر سيمر وسوف يهدأ الامر ، وسوف يتسرب نسيان الجريمة بعد فترة قد تكون قصيرة ،ولكن هذا الظن الخاطئ كان نوعا من سوء التقدير ويعكس عدم فهم لطبيعة الروح الغربية التي تحفل بالفرد . .
تقوم الحضارة الغربية او إن شئت الدقة الحضارة الإنسانية الحديثة علي أسس اربعة هي 1_العلمانية 2 _ العقد الاجتماعي 3 _ التنوير 4 _ الليبرالية ...هذه الاخيرة تعني ان الفرد مقدم علي المجتمع ،تعني ان الفرد اهم من الجماعة ، وهذا يعني ضمان حقوقه وعدم التغول عليه باسم المجتمع او الجماعة ، للفرد قيمة واهمية قصوي في الروح الغربية .. من هنا كان منطقيا أن يكون رد فعل إيطاليا وكل اوروبا بهذه الجدية والحدة وإثارة الشكوك والتهديد الجدي للدولة المصرية
كل هذا غاب عن وعي المسؤولين المصريين الذين نظروا بإستهانة لمقتل الشاب الإيطالي فارتبكوا ولم يستطيعوا الدفاع عن موقفهم الاعوج المكشوف
الذي يقف وراء الموقف المصري المستهين بجريمة تعذيب وقتل جوليو ريجيني هو الروح الشرقية التي تستهين بالفرد بل تعتبر الفرد بلاقيمة ولا أهمية . القيمة والاهمية للمنصب وللذين في موقع القوة ، لذا موت وحياة الأفراد لا يقف امامها المصريون شعبا واجهزة وحكومة ودولة
دليلي علي ما ازعم هو ما يحدث في أقسام الشرطة ضد متهمين او مشتبه بهم من تعذيب قد يفضي للموت ، ما يحدث من تسلط من قبل موظفي الإدارة علي المواطنين حين يقضي المواطن مصلحة له بإحدي الإدارت الحكومية ،والتي وظيفتها خدمة الناس ،فيها ينقلب الموظفون لسادة والمواطنين لعبيد إحسانهم
حين يموت مريض نتيجة لإهمال او خطأ في مستشفي عام او خاص يتعامل الاطباء بلا مبالة وإستهانة بغيضة مع حياة او موت المريض لأن لا مساءلة قانونية سوف تنال منهم ومن تقصيرهم وإهمالهم الذي قد يكون متعمدا
في بلادنا لا يوجد مفهوم لسيادة وتطبيق القانون ، نعم هناك قانون ولكن علي من يطبق علي الفرد وليس علي من هو في منصب ،المنصب يحمي شاغله من المساءلة القانونية ،من هنا إنتشار كسر القانون والإلتفاف عليه وتفشي الفساد والمحسوبية ... هذا بعض من كل يحكم واقعنا البائس
لاننا محكومون بالروح الشرقيه التي لا تأبه بالفرد نلحظ لا مبالاة وغض الطرف وتخلي عن المسؤولية إزاء ما يحدث في البلاد العربية وخصوصا في دول الخليج وعلي رأسها السعودية بحق المصريين العاملين هناك فكم من سجناء مصريين أبرياء ،وكم من مصريين قُتلوا وذهب دمهم هدرا ولم يٌقدم الجناة للمحاكمة ،بل نظام الكفيل الذي يتحكم تماما في مصير المصري هو في الحقيقة نوع من الأستعباد الذي خضع له المصريون وغيرهم ولم تحرك الدولة المصرية ساكنا للدفاع عن رعاياها
كل هذه صور تتبدي من خلالها الروح الشرقية المنكرة لقيمة الفرد في مقابل الروح الغربية المحتفلة والمقدرة للفرد
موقف الدولة والحكومة المصرية من جريمة تعذيب وقتل ريجيني يعكس الروح الشرقية التي لا تبالي بالفرد ،موقف الدولة والحكومة الإيطالية من ذات الجريمة يعكس الروح الغربية التي تجل الفرد وتعلي من قيمته وهو الأمر الذي لم يعيه ولم يفهمه المسؤولون المصريون فعمقوا صورتنا المشوهه البائسة في أعين العالم المتحضر .

رفعت عوض الله
كاتب وباحث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي: معايير المجاعة الثلاثة ستتحقق خلال 6


.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا




.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي


.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس




.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني