الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في ألكون وألخلق وألأديان-1

كامل علي

2016 / 4 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


- " إنّ كل ما في ألكون من جمال لا يستطيع أنْ يكون غفرانا أو إعتذاراً عن أية دمامة يعاني منها أي إنسان، لأنّ ذلك ألجمال لن يستطيع أنْ يجعل دميما واحدا يُشفى من دمامته، أو من شعوره بها، وأنْ يكون عزاءً أو تعويضاً عنها "................. عبدالله ألقصيمي.

يدّعي ألمؤمنون بإله ألأديان ألأبراهيمية (أليهودية وألمسيحية وألإسلام) أنّ هذا الكون الفسيح وما فيه من الكائنات لا يمكن انْ يوجد بهذا النظام الرائع بدون وجود خالق له وأنّ كل ذرّة في هذا الكون العجيب تنطق ولسان حالها تقول هذا من إبداع خالق، ولكنّ التساؤل الّذي يرد على عقل الانسان هو: إذا كان خالق كرتنا الارضية والكون مُبدِع وقادر على كلِّ شيء، فلِمَ خَلقَ الكوارث الطبيعية كالبراكين والاعاصير والتسونامي والزلازل، ولِمَ خَلَقَ ذوي العاهات؟ ولِمَ يموت الاطفال الرُضّع والصبيان والصبايا بعمر الزهور؟ ولِمَ خلق الله الجراثيم والفيروسات ومرض السرطان؟ هل هناك خطأ في التصميم؟ امْ ماذا؟
المؤمن سيجيبك على هذه التساؤلات بعبارة: (لحكمة يعلمها الله)، او ببعض عبارات التسلّي: (كلّما اشتّدَ مُعاناة المريض قلّت ذنوبه). او (الله يبتلينا ليمتحن ايماننا) ولكن لِمَ يمتحننا إذا كانت كلُّ الامور تجري حسب مشيئته، وإذا كان كلّ شيء مكتوبا مِن البداية في لوح محفوظ؟.
إذا كان ألكون مخلوقا من قبل إله بنظام بديع فلم تنفجر ألنجوم؟ وإذا كان ألكون بنجومه وكواكبه ومجراته مخلوقا من أجل سواد عيون ألإنسان ولا يستطيع ألإنسان الوصول إلى معظمها وإستخدامها لفائدته فلم هذا ألإسراف في ألخلق؟
يقول محمد في قرآنه (لقد خلقنا ألإنسان في أحسن تقويم).... سورة ألتين / 4 ، هل هذا أحسن ما يقدر عليه ألله؟
يقول ألمتصوف مالك بن دينار إحتجاجا على أحسن ألتقويم :
" وددت لو أن رزقي حصاة أمصها.... فقد مللت من كثرة ألتردد على ألخلاء " وهذا أحسن نقد للتصميم الذكي، فلو كان الامر بيد المتصوفة لأنشأوا خلقا آخر.
ما ألحكمة من خلق إنسان ذو عاهة، إذا كانت ألحكمة من ذلك ألإبتلاء وألإمتحان فالعذر أقبح من ألذنب.
يقولون بأن هناك غاية من خلق كل ألكائنات ألحية من نبات وحيوان وإنسان، ولا يستطيع ألإنسان أن يمنع نفسه من ألتساؤل، ما ألغاية من خلق ألصرصار؟ بإعتقادي لا يوجد أية فائدة للإنسان من خلق ألصرصار، ولكن ألمسلمون ألّفوا تبريرا حتى لخلق ألصرصار، وإليكم هذا ألتبرير ألطريف:
" يُحكى أنّ درويشا كان يستحم في ألحمام فلاحظ صرصارا أمامه فتقزز من منظره ورفع يده إلى ألسماء مخاطبا ربّه: لم خلقت هذا ألصرصار يا إلهي؟ مرت ألأيام وألشهور وتمرض ألدرويش مرضا مزمنا لم ينفع في علاجه جميع ألأدوية بالرغم من مراجعته لجميع من يعرفه من ألحكماء.
سمع ألدرويش بصيت ب حكيم في بلدة مجاورة فسافر لطلب ألشفاء منه، وبعد أن فحص ألحكيم ألدرويش قال له:
" لا يوجد علاج لمرضك إلا علاج وحيد وهو أن تلقي بسبعة صراصر في إناء فيه ماء مغلي ثمّ تشربه بعد تبريده ".
طبّق ألدرويش مشورة الحكيم، فشفي بعد عدة أيام من مرضه ألمزمن، فرفع يده إلى ألسماء وقال: أستغفرك يا ربي، ولن أتدخل في شئونك وخلقك مرة أخرى ".
ألمغزى من هذه ألحكاية الطريفة هو أنّ درويشنا كسر القاعدة فنال عقابه،فمحمد ذكر في قرآنه: ( يا أيها ألذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم ) ...... ألمائدة / 101 .
" لقد ماتت ألآلهة ألمحولة للأشياء إلى صمت، وتخلت عن حكمتها وقوتها ألمذخورة في ألطبيعة، وفي كل شيء. لقد ماتت في عقل ألإنسان ألمتحضر وعلمه، وإن كانت لم تعش يوما واحدا في رغباته، أو في أخلاقه وسلوكه، أو في سلوك أو في رغبات أحد من ألناس، حتى ولا في سلوك أو ضمائر أولئك ألذين كانوا يخشون على كبرياء إيمانهم وعلى أربابهم من ألموت غضبا وغيرة وبكاء لو أنّهم جرؤوا على إتهام ألذباب أو ألفئران بالقذارة أو ألأذى، أو بنقل ألأوبئة ومضايقة ألإنسان، أو بأنّه لا يمكن أن يكون خلقها أبلغ ألقصائد وألصلوات وألفنون في تمجيد ألكون وألإله، والثناء على حكمته ورحمته وعشقه للإنسان.
حتى ولا في سلوك أو ضمائر أولئك ألذين يصدقون بكل حماس أنّ الحشرات هي أفضل وأكبر هدايا مغازلة بين ألإله ألعاشق وبين ألبشر ألمعشوقين ألهاربين من عاشقهم ألعظيم الذي يغازل حبه بإهداء الفئران وألآلام وألأمراض ألمستعصية إليه.

ألمصادر:
- هذا ألكون ما ضميره .... عبدألله ألقصيمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أتفق مع عمرو الطلحي بوجوب نشرها بكتاب
عراقي ( 2016 / 4 / 21 - 16:39 )
بالرغم من أن العربية ليست لغتك الأم وأبدعت فيها , أحسنت أيها التركماني العراقي المستنير


2 - تعليق الى الاخ كامل علي
ايدن حسين ( 2016 / 4 / 21 - 17:53 )

تحية طيبة استاذ كامل علي
ان تذوق المرض و الصحة معا .. افضل من ان تذوق الصحة فقط
الطب .. في اكثر تطوره .. مدين للحربين العالميتين الاولى و الثانية
لو انني عشت جميع حياتي في امان .. و لم اذق طعم الخوف .. ساعتبر نفسي مغبونا
المسالة تشبه .. شخص زار جميع الدول و المدن .. لكنه لم يسعفه الحظ ان يزور فرنسا مثلا .. فهو مغبون
وجود المرض و الصحة و الامان و الخوف الخ .. تشبه وجود العديد من الالعاب التي يمكن ان يلعب بها الطفل
الطفل .. يتطلع دائما الى العاب جديدة .. و لا يكتفي بلعبة واحدة
اختلاف الافكار و الاديان الخ .. و وجود الامور الغيبية .. مفيد في استمرار التعلم
و احترامي اليك .. و الى عراقي .. و الى الجميع
..


3 - تعليق عمرو بن ظالم الطلحي
كامل علي ( 2016 / 4 / 24 - 08:24 )
أسعدني تعليقك وإغنائك موضوع ألمقالة
ألوسيلة ألوحيدة لإطلاع ألنشء ألصغير على مقالات ألتنوير هو نشر ألعلم وألمعرفة ورفع ألقيود عن حرية ألنشر وإبداء ألآراء ألمخالفة وأقرار دراسة ألأديان ألمقارنة في ألمدارس.
تحياتي


4 - تعليق عراقي
كامل علي ( 2016 / 4 / 24 - 08:31 )
أسعدني تعليقك وإغنائك موضوع ألمقالة
في نيتي جمع ونشر بعض مقالاتي في كتاب وسبق أن نشرت في ألأنترنت ثلاثة كتب شكرا للتشجيع.
تحياتي


5 - تعليق آيدن حسين
كامل علي ( 2016 / 4 / 24 - 08:59 )

أسعدني تعليقك وإغنائك موضوع ألمقالة
قولك - ان تذوق المرض و الصحة معا .. افضل من ان تذوق الصحة فقط - لا يؤيده شعورنا فألإنسان لا يحب معاناة ألألم ويحاول تجنبه.
نعم الطب .. في اكثر تطوره .. مدين للحربين العالميتين الاولى و الثانية كما قلت ولكن من مصلحة ألإنسانية تجنب ألحروب.
الخوف هو شعور قوي ومزعج تجاه خطر، إما حقيقي أو خيالي. الخوف هو العدو الأعظم للإنسان , فالخوف هو السبب وراء الفشل والمرض وخلل العلاقات الإنسانية . ويخاف ملايين الناس من الماضي , والمستقبل , والشيخوخة, والجنون , والموت . ولكن الخوف ماهو إلا فكرة في عقلك الباطن وهذا يعني أنك تخشى أفكارك.
صحيح قولك أنّ إختلاف الافكار و الاديان الخ .... مفيد في استمرار التعلم ولكن لاأؤيد قولك - و وجود الامور الغيبية - مفيد في إستمرار ألتعلم إن كنت تقصد غيبيات ألأديان وألأفضل ألقول ألأمور ألمجهولة.
تحياتي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت