الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران والسعودية وخرائط المنطقة الجديدة 4/4 مصر والسعودية...تقدير موقف

محمود جابر

2016 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية




أمام تسارع الأحداث وتشابكها ظللت وقتا متحيرا من أين أبدا ؟!!
وأخيرا حسمت خلافي مع ذاتي وقررت أن أبدا من السيد الأمريكي، حيث إن هذا السيد مثل لوقت طويل القطب الأوحد فى العالم وفى المنطقة العربية، وعل الرغم من توالى هزائمه – كما هو ظاهر – إلا انه يقينا ما يزال يحكم مساحة كبيرة من العمل الدولي والاقليمى .
وتزامنا مع المظاهرات التي خرج إلى الشارع المصري يوم الجمعة الماضية 15/ 4/ 2016 اصدر المتحدث باسم البيت الأبيض بيانه والذى عنون ببيان " رقم 1" وهذا ما يوضح بجلاء اننا فى انتظار بيانات اخرى تم صياغة اطارها العام وهى جاهزة للتلاوة .
هذا السيد الامريكى الذى جاء فى زيارة إلى العربية السعودية اليوم 20/ 4/ 2016 وفى الوقت نفسه أرسل وزير خارجيته الى مصر قبيل وصوله السعودية .
والتشابك بين مصر والسعودية اصبح تشابك يأخذ طابع الاستراتيجى وهو ما يمثل اعاقة مصرية جديدة للخطط الامريكية بعد تلك الاعاقة التى احدذها فى الفترة من 30 يونيه 2013 و 3/7 التالى والى الآن .
هذا الارتباك الحادث جاء نتيجة عدة محاور مصرية باقتدار وهى :
- خلع جماعة الاخوان من خلال حشد شعبى لم يسبق له مثل .
- اعادة صياغة وحدة الدولة المصرية على اساس الشعب والجيش ومؤسسات الدولة .
- تنوع السلاح المصرى وازدياده .
- اعادة الاعتبار للعمل المصرى الروسى من جديد .
- اعادة صياغة العلاقات العربية العربية وفق قاعدة القوة العامة ومن خلال فكرة القوة العربية المشتركة .
- تجمع 30 وزير دفاع فى شرم الشيخ – وهذا حدث كبير جدا – فى مؤتمر الساحل والصحراء .
- فصل العلاقات المصرية الاوروبية عن العلاقات المصرية الامريكية .
هذه المحاور التى تمثل اعادة صياغة العمل المصرى فى المحيط الاقليمى والدولى تمثل ازمة كبيرة لكافة النظم العالمية والامبريالية والصديقة والتى قامت بترتيب اوراقها على اعتبار تبعية مصر أو سكونها، ولكن فجاة ترتبك كل الأوراق .
لكن مصر التى فعلت كل هذا ما تزال تعانى من عيوب – تشوهات – من العسير تجاوزها او النوم الى جوارها لان من شأن تلك العيوب أن تكون سبب فى تصدع هائل وسقوط – لا قدر الله – ما بعده سقوط .
وهذه العيوب او التشوهات يمكن وصفها بالتشوه القديم والمستمر فى الجسد المصرى، ووجود فراغ سياسى فى الفضاء العام المصرى حيث يخلو الواقع المصرى من وقوى سياسية حقيقة تحتضن مصلحة الدولة وتحاول الحفاظ عليه وتمثل قاطرة للعمل السياسى والوطنى فى مصر .
ومع الاخذ فى الاعتبار ان تحالف 30/ 6 كان تحالف ضرورة فإن الضرورة والاحساس بالخطر سوف يزول بشكل طبيعى سوء بمغادرو لحظة الازمة او وفقا لحسابات جديدة " فحسابات الحقل غير حسابات البيرد " وهذا الذى رأيناه فى انتخابات برلمان 2015 حينما تابع كل المصريين تلك المعركة غير الشريف بين " دعم مصر" و " التحالف الجمهورى وكيف استطاع اللواء – المرحوم – سامح سيف اليزل أن يوجه عدت طعنات للسيدة المستشارة تهانى الجبالى – على غير الحقيقة – مستغلا مناخ الاستقطاب الاقليمى ونقل صداه الى القاهرة .
مع الاخذ فى الاعتبار ان كلا رموز وممثلى كلا من القائمتين كانتا تعملان معا فى نفس التحالف ويتخذون نفس الموقف الواحد فى الميدان الواحد مواجهين الاعداء معا .
الواقع العملى اثبت ان الاعتماد على " الازمة" كحاضنة اجتماعية لخوض المعارك الوطنية يمثل حلم من السراب وجدنا هذا الحلم حينما تم الاعلان عن " جسر" فوق جزء قيل انها سعودية !!
لم يستطع دارس القرار ولا متخذه الالتفات الى ان السعودية فى 2015 ليست هى السعودية قبيل 25 يناير فى المخيلة المصرية .
فالسعودية بعد 25 يناير ولاول مرة منذ اربعين عاما يتم محاصرة سفارتها امام مديرية امن الجيزة ولا تستطع قوات الامن ولا الجيش تفريق المتظاهرين الذى حاصروها وتهجموا عليها.
السعودية التى نشر كل وسائل الاعلام مالم تستطع ان تنشره قبل يناير 2011 من دعمها للارهاب، من تآمرها على ثورة 23يوليو من احتضانها لجماعة الاخوان من اشتراكها فى تدمير سورية – الاقليم الشمالى – التى تمثل جزء عزيزا لدى الشعب المصرى، ولا يشفع لدى المواطن المصرى كلام الرئيس السيسى عن الارهاب ومحاربته وعن الاختراق الذى حدث لمصر قبل اربعين عاما وغير عادات المصريين وتقاليدهم .
كان يجب ان نوضح للناس على الرغم من كل ما فعلته السعودية ولكن لابد لنا من فعل جديد نستطيع به توحيد الجهد العربى .
اى الانتقال من الذاتى الى الموضوعى دون مزايدات او دعاية مغرضة قام بها الحزب السعودى عن جهل أو سفه .
من حق الشارع ان يعرف بعض محددات الأمن القومى ومخاطره، بعيد عن الكلام العام والفراغ المعرفى الذى يتم شغله من خلال برامج تعيد جلد الذات وتنتقص من القدرات العامة وتخلق فينا حالة من السخط وفقدان الأمل .
إن تجليات اللحظة الراهنة التى نرى فيها السيد الامريكى يحاول اهانة السعودية ويسعى الى الضغط عليها إن لم نقل تفتيتها، على الرغم من ان هذه السعودية هى ربيبة امريكا فى المنطقة لا تقل اهمية لدى السيد الامريكى عن ربيبته الصغر – اسرائيل – ولكن وكما اوضحنا سالفا ان السياسة متغيرات دائمة، وها هى السعودية هى الاخرى تبحث عن كل ما يعكر صفو امريكا ومن ثم تقوم بفعله من تخريب الواقع السورى على الارض لامريكا والاستباق الذى قامت به فى اليمن ومحاولة الوقوف مع مصر بكل قوة ممكنة ومتوقعة، وفى هذا تدرك السعودية انها تحتاج الى مصر بقدر احتياجها الى البترول .
إن الجهد الذى يمكن ان يبذله فريقا منظما ومؤدلجا قادر على ان يوفر جهدا فى احتواء الشارع وعدم تركه نهبا للتنظيمات الارهابية التى تنتشر خلاياها فى كل مكان كانتشار ثانى اكسيد الكربون فى الهواء، وهذه الخلايا تعمل من خلال بث الاشاعات وتضلل الناس وبث القنوت والفرقة بينهم ، ولا يستطيع اى جهاز امنى متابعة انشطتهم وحتى لو تابعها فهو غير قادر على التصدى لها بالشكل الامنى الكلاسيك .... ولهذا عليا ان اعيد فكرة " ان الحاجة ام الاختراع ".


أين تقع اسرائيل فى موضوع الجزيرتين :
نشر معهد واشنطن للدراسات تقريرا حول وضع اسرئيل فى الاتفاق السعودى المصرى جاء فيه : قوبلت الأنباء الأخيرة التي أفادت بأن القاهرة ستعيد جزيرتي «تيران» و«صنافير» في البحر الأحمر إلى السيادة السعودية، بمعارضة غاضبة في مصر. فالاتفاق الذي أُعلن خلال زيارة قام بها الملك سلمان إلى القاهرة ودامت خمسة أيام، يشمل أيضاً منحة سعودية لمصر بما يقارب 22 مليار دولار (بشكل منتجات نفطية يجري تسليمها على مدى خمس سنوات بالإضافة إلى صناديق تنمية)، فضلاً عن مشروع لبناء جسر يربط بين البلدين عبر مضيق تيران بتمويل سعودي، وكذلك تسهيل التجارة والحج إلى مكة المكرمة. ومع ذلك، يستاء العديد من المصريين من ظهور إهانة وطنية تتمثل بإعادة الجزر والإيحاء بأن اقتصادهم القومي يعتمد على الكرم السعودي. ويبدو أن الجمهور من كلا الطرفين يعتقد أيضاً بأنه قد تم التوصل إلى مواءمة غير مستساغة مع إسرائيل حول مسألة الجسر.
في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كان مضيق تيران يعرف جيداً كبؤرة توتر سياسية ساخنة على غرار بحر الصين الجنوبي في الوقت الحالي. ويقع المضيق في الطرف الجنوبي من خليج العقبة (ويعرف أيضاً باسم خليج إيلات)، ذلك الجزء من البحر الأحمر إلى الشرق من شبه جزيرة سيناء - ونحو المسار المؤدي إلى مدينة إيلات الساحلية وميناء العقبة الأردني القريب منها. وحالياً يهيمن المنتجع المصري شرم الشيخ على المضيق - ذلك المنتجع الذي يطل على الجزيرتين.
في عام 1949، وخلال الحرب التي أعقبت قيام دولة العدو الصهيونى، احتلت القوات المصرية جزيرتي «تيران» و«صنافير» بعد أن وصلت القوات الإسرائيلية إلى ساحل البحر الأحمر فيما يعرف اليوم بمدينة إيلات. وبعد ذلك بعام، أعلنت القاهرة سيادتها على الجزيرتين. وخلال حرب عام 1956، استولت إسرائيل على الجزيرتين لفترة من الوقت قبل أن تضغط عليها الولايات المتحدة للانسحاب منهما. وفي الأسابيع التي سبقت حرب عام 1967، وضعت مصر مدفعيتها في المضايق وأعلنت أنها مغلقة أمام إسرائيل، التي اعتبرت هذه الخطوة مبرراً للحرب. ثم عادت القوات الإسرائيلية واحتلت ثانية الجزيرتين واستولت على شبه جزيرة سيناء، واحتفظت بها إلى حرب أكتوبر 73 ثم "اتفاقات كامب ديفيد" شروط الانسحاب في عام 1978. واليوم، وكجزء من نظام الرصد الذي وضعته معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، تقوم وحدات من "القوة متعددة الجنسيات والمراقبون" التي تترأسها الولايات المتحدة، بدوريات في جزيرة تيران.
ووفقاً لتصريحات تلفزيونية أدلى بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 10 نيسان/أبريل، لم يكن للمملكة أي اتصال مع إسرائيل حول صفقة الجزيرتين المصريتين، لكن السعودية ستحافظ على شروط معاهدة السلام من خلال ابقائهما منزوعتي السلاح. وليس من الواضح ما إذا كانت السفن التي ستبحر من إيلات وإليها سوف تمر عبر المياه الإقليمية السعودية أثناء تنقلها في أقصى غرب المضيق، الذي لا يزيد عرضه عن ثلاثة أميال.
ويمكن أن تنشأ تحديات دبلوماسية أخرى إذا سار العمل قدماً في الواقع في اقتراح بناء الجسر. وعادة ما ترفع السفن التجارية الإسرائيلية أعلام الملاءمة (أعلام من بلدان أخرى)، ولكن احتمال إبحار سفن البحرية الإسرائيلية تحت جسر سعودي مصري قد يؤدي إلى قيام عدم ارتياح كبير في المملكة. ومن جانبهما، ترغب إسرائيل والأردن في الحفاظ على حقوقهما في حرية التنقل [في المضائق] بموجب"اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار"، لكي يكون بوسعهما المطالبة بأن يتم التشاور معهما بشأن بعض التفاصيل المتعلقة بالصفقة مثل ارتفاع الجسر (لكي يُسمح بمرور الناقلات وسفن الحاويات والسفن السياحية، على سبيل المثال). كما أن للولايات المتحدة مصلحة في ذلك أيضاً - فمؤخراً في عام 2013، مرت السفينة البرمائية الهجومية "يو إس إس كيرسارج"، وهي حاملة طائرات صغيرة أساساً، عبر مضيق هرمز لزيارة إيلات.
إن أكبر نقطة ضعف في الصفقة في الوقت الحالي هي المعارضة الداخلية في مصر، حيث أن مركز الرئيس عبد الفتاح السيسي ليس قوياً. فنقل السيادة هو مسألة حساسة حتى لو بقيت الجزر تحت السيطرة المصرية الفعالة، كما تشير التقارير.
ويُعتقد أن القاهرة قد تشاورت مع إسرائيل وواشنطن خلال أشهر المفاوضات التي أسفرت عن هذه الإعلانات، كما يبدو أن الحكومة الإِسرائيلية لم تُثر أي اعتراض شريطة أن لا تؤثر الصفقة على النقل البحري والملاحة الخاصة بإسرائيل. وفي حين يؤكد ذلك على ما يبدو العلاقة القوية بين إسرائيل ومصر، والتي تتضمن حالياً وجود تعاون وثيق في مجالات مكافحة الارهاب وتطوير الغاز الطبيعي، فبإمكان هذه الصفقة أن تعكس أيضاً النضج المتنامي في العلاقات المؤقتة بين السعودية والقدس. ورسمياً، ما زالت الرياض تعارض قيام علاقات رسمية مع إسرائيل، ولكن من الواضح أن كلا البلدين يتشاركان وجهات نظر مماثلة حول قضايا رئيسية مثل التهديد الذي تشكله إيران. وتشير آخر التطورات المتعلقة بمضيق تيران إلى أن خططهما ذات المصالح المشتركة آخذة في الاتساع.
ولا يمكن أن نضع رؤيتنا لهذا الموقف المصرى السعودى الـ - الصهيونى – دون النظر الى رؤية الولايات لمتحدة الامريكية لكلا من مصر ولسعودية على وجه الخصوص وفقا لما جاء فى تقرير معهد واشنطن وبيكر والذى تحدث عن طلاق طويل الاجل بين امريكا والسعودية ومن ثم مصر ..

الرؤية الامريكية للعلاقات السعودية :

بالنسبة لكثير من الناس، كانت اللحظة الفارقة الأولى في موقف الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجاه المملكة العربية السعودية، عندما انحنى أمام الملك عبدالله أثناء مصافحة يد العاهل السعودي السابق في اجتماع قمة "مجموعة العشرين" في لندن في نيسان/أبريل 2009. وقد تم تفسير تلك المبادرة بطرق مختلفة من بينها أن الرئيس الأمريكي الجديد يتذلل نحو حليف مهم، أو أنها علامة مبكرة على قدرة أوباما على جذب [العاهل السعودي إليه] - وقد نفى البيت الأبيض نفياً قاطعاً أن اللفتة كانت انحناءة على الإطلاق.
وربما أن السعوديين أنفسهم لم ينخدعوا من تلك المبادرة. فمن المؤكد أنهم كانوا على علم بالخطاب الذي ألقاه أوباما في شيكاغو عام 2002، أي بعد أكثر من عام بقليل من هجمات 11/9. وكان ذلك الخطاب أكثر شهرة بسبب معارضة أوباما للغزو الذي خطط له الرئيس جورج بوش الإبن للعراق، والذي أشار إليه باسم "حرب غبية". بيد، كانت لأوباما رسالة حادة أيضاً - عندما كان آنذاك عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية إيلينوي - تتعلق بالبلدين والتي شكلت دعائم نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
فقد سأل أوباما: "هل تريد أن تقاتل، أيها الرئيس بوش؟ دعنا نقاتل حلفاءنا المزعومون في الشرق الأوسط - السعوديون والمصريون - للتأكد بأنهم سيتوقفوا عن قمع شعبهما، وقمع المعارضة، ويتوقفوا عن التغاضي عن الفساد وعدم المساواة."
لقد تغير الكثير في العالم منذ تلك الإنحناءة غير الملائمة في عام 2009، ناهيك عما تغيّر منذ عام 2002، كما أن طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية قد تغيّرت هي الأخرى. فعند انتهاء فترة الثماني سنوات من ولاية جورج بوش الإبن، كان سعر النفط أقل من 50 دولار للبرميل الواحد، وقد ارتفع إلى أكثر من 100 دولار في عام 2014. وكان هناك قلة من الناس الذين سمعوا عن الصخر الزيتي - فالإشارة آنذاك إلى احتمال تحقيق الولايات المتحدة الاستقلال في مجال الطاقة، والذي يمكن أن يجعله النفط ممكناً قريباً، كان قد قوبل بالضحك الساخر. وفي الشرق الأوسط، كان الرئيس المصري حسني مبارك يمسك بقوة بزمام السلطة، وهو الحال بالنسبة لبشار الأسد في سوريا. وقد استغرق الأمر عامين آخرين قبل اندلاع الثورة في هذين البلدين، وقبل أن يؤدي رد واشنطن في كلتا الحالتين إلى استياء المسؤولين السعوديين.
لقد اجتمع الرئيس أوباما مع الملك سلمان في الرياض في 20 نيسان/أبريل، خلال ما يرجح أن تكون رحلته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية خلال فترة رئاسته. ومثل هذه اللقاءات بين زعماء الدول عادة ما تُستغل لإجراء مناقشات بشأن المصالح المشتركة وليس حول جداول أعمال مفصلة. والسؤال الشائع هو:
هل يشاطر الحلفاء نفس الرؤية الاستعارية؟ بيد، في ظل [العلاقات] القائمة حالياً بين الولايات المتحدة والسعودية، سوف يكون أكثر إثارة للاهتمام رؤية ما إذا كان بإمكان الحليفان أن يشيرا ظاهرياً بأنهما ما زالا ينظران إلى الأمور بنفس الطريقة.
وعلى الرغم من أنه قد تم الترويج للزيارة على أنها بمثابة جهد لبناء تحالف بين البلدين، إلا أنه من المحتمل أيضاً أنها قد سلّطت الضوء على مدى تباعد واشنطن والرياض في السنوات الثماني الماضية. وبالنسبة لأوباما، تشكل الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش») القضية الأساسية في الشرق الأوسط : فهو يريد أن يكون قادراً على الاستمرار في العمليات [العسكرية] تحت غطاء تحالف إسلامي واسع، تُعد فيه السعودية عضواً بارزاً. وبالنسبة لعائلة آل سعود، تشكل إيران المسألة المهمة: فالصفقة النووية التي تم التوصل إليها في العام الماضي، لا تمنع من ناحية العائلة المالكة، الوضع النووي الناشئ الذي تتمتع به إيران - بل تؤكده. والأسوأ من ذلك، تنظر واشنطن إلى إيران كحليف محتمل في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». وعلى حد تعبير أحدالمراقبين الذي مقره واشنطن منذ فترة طويلة:
"أرادت السعودية صديق أسمه الولايات المتحدة. وبدلاً من ذلك اختارت الولايات المتحدة إيران [كصديق لها]. والنتيجة زيادة غيرة السعودية".
وعلى الرغم من المخاطر المحتملة، فمن المؤكد أن كلا الجانبين قد أعد قوائم "أسئلة" قاما بطرحها خلال هذه الزيارة. ومن المحتمل أنه قد تمت إثارتها أثناء اجتماعات جانبية، نظراً لقيام العاهل السعودي بمنح المزيد من صلاحياته لولي العهد الأمير محمد بن نايف، وبصورة خاصة لابنه، ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. فبالإضافة إلى القضايا المتعلقة بـ تنظيم «داعش» وإيران، من المرجح أن تكون المحادثات قد شملت اليمن أيضاً، حيث أن المملكة متورطة بشكل متزايد في الحرب الدائرة في تلك البلاد، وإن كان هناك أمل في التوصل إلى سلام عن طريق المحادثات. وقد كان الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 30 عاماً المحاور الذي لا غنى عنه في المحادثات، ومن المتوقع على نحو متزايد أن يصبح ملكاً عاجلاً وليس آجلاً - على الرغم من أن الخلافة الإسمية المعمول بها حالياً في المملكة هي تسليم الخلافة أولاً إلى ابن عمه الأمير محمد بن نايف. ويُعرف عن محمد بن سلمان بأنه يروج لرؤيته حول نهضة السعودية كدولة عصرية مع انتقال اقتصادها بعيداً عن تبعية النفط.
ولا يبدو أن موقف أوباما تجاه المملكة العربية السعودية قد تغير منذ خطابه عام 2002، ومن المؤكد أنه كان من الصعب تجاهل تصريحاته عن حكام المملكة. وقد كانت انتقادات الرئيس لـ "ما يسمى بحلفاء" أمريكا موضوعاً متكرراً في قصة الغلاف لمقالة جيفري غولدبرغ في مجلة "ذي أتلنتيك" بعنوان "عقيدة أوباما". وبدأت المقالة التي ضمت 19,000 كلمة بتراجع أوباما من "خطه الأحمر" بعد قيام قوات بشار الأسد باستخدام غاز السارين ضد المدنيين في عام 2013 - وهو الحدث الذي صدم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأجبرهم على إعادة النظر في ما تعنيه الضمانات الأمنية الأمريكية في الواقع، تلك التي وصفها أوباما بأنها قرار جعله يكون "فخوراً جداً".
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا قرر أوباما إجراء المقابلة مؤخراً - بدلاً من نيسان/أبريل 2017، على سبيل المثال؟
إن ذلك يشكل لغزاً للكثيرين، الذين يرون أن المقابلة تضر بمصداقية دبلوماسيته. فالمقالة تلقي سحابة سوداء على اجتماعات أوباما في الرياض وتجعل الابتذال من تصريحاته العلنية أقل إقناعاً. فالتعاون في مكافحة الإرهاب، على سبيل المثال، كان على الأرجح عنصراً رئيسياً في المحادثات - ولكن في مقابلته مع مجلة "ذي أتلنتيك"، تساءل أوباما عن "الدور الذي يلعبه حلفاء أمريكا من العرب السنة في التحريض على الإرهاب المناهض للولايات المتحدة"، فقد كتب غولدبيرغ، "من الواضح أنه منزعج لأن المعتقد التقليدي في السياسة الخارجية يجبره على معاملة السعودية كحليف".
وأضاف غولدبرغ: عندما سأل رئيس الوزراء الأسترالي الجديد مالكولم تيرنبول، الرئيس الأمريكي في العام الماضي، "أليس السعوديون أصدقائك؟" فابتسم أوباما، وقال: "الأمر مقعد".
ويبدو أن شكوكية أوباما قد تغلغلت في إدارته بالكامل. ووصل الأمر إلى نقطة يخشى فيها المسؤولون السعوديون من أن الإدارة الأمريكية تفضل خصومهم في طهران على حليفهم منذ فترة طويلة. وكتب غولدبيرغ، "في البيت الأبيض هذه الأيام، يسمع المرء أحياناً مسؤولون في «مجلس الأمن القومي» تحت رئاسة أوباما وهم يذكروا الزوار بوضوح بأن الغالبية العظمى من الخاطفين في أحداث 11/9 لم يكونوا إيرانيين، بل سعوديين". وعندما أشار الكاتب إلى أوباما بأنه إذا ما وقع نزاع مع ايران ليس من المرجح أن يدعم الرئيس الأمريكي السعودية بصورة غريزية بنفس قدر الدعم الذي حصلت عليه من أسلافه، "لم يعترض" أوباما على هذا الوصف، وفقاً لغولدبرغ.
وببساطة، لا يبدو أن أوباما يشاطر رأي الكثير من زعماء الشرق الأوسط بأن جمهورية إيران الإسلامية تريد تقليص النفوذ الأمريكي وتغيير ميزان القوى في المنطقة.
ويخشى القادة السعوديون بشكل متزايد من أنه ليس لدى الرئيس الأمريكي أي اهتمام بتقييد طموحات إيران الإقليمية. وكان السطر الواحد الذي ربما ولّد الصدمة الأكثر تأثيراً في الرياض عند نشر مقالة "ذي أتلنتيك" هو عندما حثّ أوباما إيران وخصومها "على إيجاد وسيلة فعالة للمشاركة في المنطقة وإقامة نوع من السلام البارد".
وليس لدى السعودية أي اهتمام في مشاطرة العالم العربي مع عدوتها اللدودة. فهي ترى إيران دولة تتحدى قيادتها للعالم الإسلامي وتقوّض مكانتها في العالم العربي. ونظراً للاتفاق النووي مع إيران وانتعاشها من إنتاج النفط، فإن مكانة الرياض كزعيمة لعالم الطاقة هي الأخرى مهددة أيضاً - حتى لو استغرق الوقت أعوام، إن حدث ذلك على الإطلاق، قبل أن تتمكن إيران من منافسة مكانة السعودية كأكبر مصدر للنفط في العالم.
إن وجهات النظر المختلفة جذرياً حول الشرق الأوسط المذكورة هنا قد تكون سبباً في التوتر القائم بين الرياض وواشنطن، ولكن من المحتمل أن يكون أوباما والملك سلمان قد واجها مشاكل أخرى عندما جلسا وجهاً لوجه في العشرين من نيسان/أبريل. هذا، ويتم بعناية تصميم الاجتماعات مع العاهل السعودي البالغ من العمر 80 عاماً لحجب - بعيداً عن النظرات الفاحصة على الأقل - العجز المتزايد الذي يعاني منه الملك سلمان. وكان أوباما قد واجه بالفعل هذا الوضع.
فعندما جاء إلى الرياض في ديسمبر/كانون الثاني 2015 لتقديم التعازي على وفاة الملك عبد الله، أجرى محادثة مع الملك سلمان، لكن العاهل السعودي لم يستمر فيها وابتعد عنها بكل بساطة وعلى حين غفلة. وقد حاول بعض المساعدين الاعتذار عن ذلك، بقولهم إن العاهل السعودي يحتاج إلى تأدية فريضة الصلاة. وفي أيلول/سبتمبر الماضي، عندما زار الملك سلمان البيت الأبيض، جلب معه ابنه المفضل، محمد بن سلمان، للتحدث نيابة عنه.
وخلال معظم الاجتماعات، يحتفظ الملك سلمان بشاشة كمبيوتر موضوعة أمامه وتعمل كملقن، وغالباً ما يتم حجبها بالزهور. وخلال زيارة وفد أمريكى مؤخراً، ابتكر الديوان الملكي حيلة أخرى - بقيام العاهل السعودي بقضاء وقته خلال الاجتماع وهو ينظر إلى شاشة تلفزيون عريضة تتدلى من السقف. وكان مساعد في أحد جوانب الغرفة ينقر موضوع النقاش وبشكل سريع على لوحة مفاتيح الحاسوب.
ويُرجح عدم تمكّن رئيسي الدولتين من تجنب مناقشة تفسيراتهما المتنافسة لأحداث 9/11 عندما كان 15 من أصل 19 شخصاً من منفذي الهجمات سعوديين. وقد تم إحياء هذه القضية من خلال دعوات في الكونغرس الأمريكي لنشر 28 صفحة ناقصة من تقرير أحداث 9/11، التي ظلت سرية، ويُفترض أن سبب ذلك هو تجنب إحراج الحكومة السعودية بسبب احتمال وجود صلة بين الخاطفين ومسؤولين سعوديين. وقد تم تأكيد استمرار حساسية الرياض تجاه هذه النقطة خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم، عندما حذرت الرياض بأنها ستقوم ببيع أصول أمريكية تقدر بمئات مليارات الدولارات اذا أقر الكونغرس الأمريكي مشروع قانون يسمح بأن تكون الحكومة السعودية مسؤولة امام المحاكم الأمريكية عن أي دور في هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
ومن الصعب التنبؤ بمجرى الأمور حول هذا الموضوع. ولكن كما كتبتُ للمرة الأولى في افتتاحية في صحيفة "وول ستريت جورنال" في آب/أغسطس 2002، هناك الكثير جداً في الروابط [القائمة] بين الخاطفين وبيت آل سعود مما يستعد الكثيرون الاعتراف به. فقد نقل ذلك المقال قصة من "مجلة يو إس نيوز أند وورلد ريبورت" بتاريخ 9 كانون الثاني/يناير، بعنوان "مدفوعات أميرية"، قال فيها مسؤول سابق في إدارة الرئيس كلينتون أن اثنين من كبار الأمراء السعوديين كانوا يدفعون الأموال لزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن منذ التفجير الذي وقع في الرياض عام 1995، والذي أسفر عن مقتل خمسة مستشارين عسكريين أمريكيين.
وقد نفى مسؤولون سعوديون بشدة ذلك الإدعاء، حيث اقتُبس عن وزير الخارجية الحالي عادل الجبير قوله: "أين الدليل؟ لا أحد يقدم دليلاً. ليس هناك أي اثر مستندي".
وكما كتبتُ في صحيفة "وول ستريت جورنال" عام 2002: "تتبعتُ الأدلة وسرعان ما وجدتُ مسؤولون أمريكيون وبريطانيون أخبروني بأسماء اثنين من كبار الأمراء. وكان هذان الأميران يستخدمان أموال سعودية رسمية - وليس أموالهما - لتسليمها لبن لادن لكي يسبب مشاكل في أماكن أخرى وليس في المملكة. وقد وصلتْ المبالغ المتعلقة بذلك إلى مئات ملايين الدولارات ، واستمرت بعد حوادث 11 أيلول/سبتمبر. ومؤخراً سألتُ مسؤول بريطاني عما إذا كانت المدفوعات قد توقفت. فقال إنه يأمل ذلك، ولكنه ليس على يقين من توقفها".
وإذا كانت القيادة السعودية تأمل بإصلاح علاقاتها مع الولايات المتحدة، يجب أن تجد وسيلة لإنهاء الأمور المتعلقة بمثل هذه الأسئلة. ولكن الإنتقادات الحادة التي وجهها الرئيس الأمريكي في مجلة "ذي أتلنتيك" هي التي تجعل التقارب إلى المستويات السابقة للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية الحميمة التي كانت قائمة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مستحيلاً، على أي حال.
ومن المؤكد أن الرئيس الأمريكي لم ينوي السفر إلى الرياض للتوقيع على شهادة وفاة العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، ربما بشرت إدارة أوباما بقيام عهد جديد في العلاقات بين واشنطن والرياض - يكون أكثر بعداً ويشوبه الشك مقارنة بما كان عليه الوضع في السنوات الماضية. وبطريقة أو بأخرى، كانت هذه رحلة تاريخية.

وعلى ضوء هذا يمكن ان نرى فى الاتفاق الأخير زواية للرؤية لم تكن موجودة وا واضحة من قبل .



1- رابط المقال السابق : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=406506
2- المقال الاسبق ... http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=512841








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف سيارتين في بلدة الشهابية جن


.. 11 شهيدا وعدد من الجرحى في قصف إسرائيلي استهدف سوق مخيم المغ




.. احتجاجات ضخمة في جورجيا ضد قانون -النفوذ الأجنبي- الذي يسعى


.. بصوت مدوٍّ وضوء قوي.. صاعقة تضرب مدينة شخبوط في إمارة أبوظبي




.. خارج الصندوق | مخاوف من رد إسرائيلي يستهدف مفاعل آراك