الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم العربى بين أمس والغد

محمد حسن خليل

2016 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


فى زمن ليس بالبعيد انقسم العالم العربى بين معسكر القومية العربية بزعامة مصر الذى يدعو إلى الاستقلال القومى والتحرر الوطنى وبناء مجتمع صناعى حديث يقوم على التعليم والتصنيع وتطوير الزراعة والإنتاج وتعزيز مقومات الاعتماد على الذات، وبين معسكر الرجعية العربية بزعامة المملكة العربية السعودية المواجه للمعسكر القومى والمؤيد لكل الخطط المعادية للمعسكر الأول والتابع للغرب عموما وأمريكا خصوصا، ووصل الأمر بينهما إلى المعارك المسلحة فى الجزائر واليمن (بشقيها الشمالى والجنوبى)، وجرت المعارك الداخلية على ساحات سوريا والعراق وحتى على مستوى أقل الأردن ولبنان.
وكان التقارب بين المعسكرين بعد زلزال هزيمة 1967 حيث بدا تبنى المعسكر الرجعى لدعم الصمود، ماليا على الأقل، ثم بدأت المسافات تضيق تدريجيا بين المعسكر القومى والاستعمار حتى كانت حرب أكتوبر التى رغم دورها فى دعم معنويات الشعوب العربية واستعدادها الساحق لتضحية وقدرتها على هزيمة العدو الإسرائيلى وتحطيم نظرية الأمن الإسرائيلى، كانت الأساس للصلح التاريخى بين الأنظمة القومية السابقة وبين الاستعمار وأمريكا وإسرائيل، فلم يعد هناك مجال لتناقضات جوهرية بين المعسكرين العربيين، باستثناء فترات "الهزات الارتدادية المؤقتة" فى أعقاب مسارعة مصر وحدها إلى مسار كامب دافيد والمعاهدة والتطبيع.
فى مناخ انتهاء عهد العداء للاستعمار وسيادة النفوذ الخليجى الرجعى المبنى على ارتفاع عوائد النفط واستخدامه فى دعم التوجه بعيدا عن التوجهات الوطنية والديمقراطية والتحديثية والتصنيعية اختفت كلمة الاستعمار من قاموس كل الأنظمة، وساد العودة للأمس والاحتكام إليها فى مشاكل اليوم والغد، ساد الفكر السلفى، والفكر التفتيتى، والعودة "للجذور" العرقية والدينية والطائفية. سادت الحقبة البترولية بكل سوءاتها.
ورغم بقاء جذوة للنضال فى فلسطين تلف الشعوب العربية حولها زمن الانتفاضة، إلا أن المناخ السائد ظل فى اتجاه الأمس وليس الغد حتى أتت الثورات العربية فى عدة بلدان منذ 2011. كان المتغير الجديد الهام هو دخول الجماهير كطرف مؤثر ومهم فى صنع تاريخها. ولا يعيبه أنه بحكم ميزان القوى لم يتمكن من الوصول إلى السلطة لمحدودية تغلغله وتنظيمه نتيجة عقود طويلة من تغييب تسييس الجماهير، لكنه صار يحسب له حساب فى ميزان القوى.
ما هو الوضع الراهن بين مشاريع الأمس ومشاريع الغد؟ يدور صراع طويل، حاد أحيانا وتحت السطح أحيانا، فى البلدان التى قامت فيها الثورات العربية، بين محاولات الأنظمة الحاكمة القديمة لاستعادة هيمنتها، وبالطبع لا تجد هذا متناقضا لا مع العلاقة بالاستعمار ولا بالوحدة مع معسكر الرجعية العربية، وتحاول الأنظمة الرجعية بفضل ثرائها، وبمشاركة المعسكر الإمبريالى، أن تشد فى اتجاه الأمس، الأصولية، حتى لو خرجت عنها انفجرت الأصولية المتطرفة فى مواجهة السعودية والإمبريالية، وتعادى تلك الأنظمة كل نزوع للاستقلال الصناعى والإنتاجى والعلمى والمعرفى.
بينما تطمح الشعوب العربية بحسها وبالقوى السياسية الواعية رغم محدودية تنظيمها، تطمح إلى غد مختلف يقوم على الاستقلال عن الاستعمار وبناء مستقبل يقوم على الإنتاج والعلم والتعليم الحديث والتصنيع والزراعة والاكتفاء الذاتى، ويستند بالطبع على الديمقراطية وإعلاء سلطة الجماهير. هذا هو المستقبل مهما كان ميزان القوى الراهن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى