الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة الشيشانية وتطورها كتابة وأدبا

أمين شمس الدين

2016 / 4 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اللغة الشيشانية وتطورها كتابة وأدبا
أمين شمس الدين داسي
يوم اللغة الشيشانية، 23 نيسان 2016/ الجمعية الخيرية الشيشانية، السخنة
تعتبر اللغة الشيشانية كفلكلور وإبداعات شفوية وتفاهم من اللغات القديمة جدا. ويربط بعض الباحثين أصولَها إلى لغة السُّومريين، والتي تناقلتها الشعوب والقبائل، ومنها مملكة أورارتو في منطقة القوقاز. فحسب البحوث والاكتشافات تم تفسير معاني ومضامين بعض الكتابات المسمارية باستخدام مفردات اللغة الشيشانية الحالية. ولا تزال تتراكم المعطيات حول العلاقات التاريخية للشعوب الناخية، وألأديغية، والداغستانية مع شعوب جنوب- غرب آسيا (ما قبل الحثيين والحثيين، والحُورِيّين، والأورارْت*)، ومع الشعوب الألبانية التي كانت تعيش في القوقاز. بعض العلماء المشهورين، يُعلنون بشكل مباشر عن هذا التقارب بين الشعوب، أقتبس عن تشيكوبافا: ".. التقارب بين اللغات الناخية- الداغستانية وما بين اللغات الحُورّية- الأورارْتية يعتبر اليوم من الأشياء الممكن إثباتها"، وأيضا ".. اعتُبرَت اللغات الحُورّية- الأورارْتية لُغات متقاربة". وبعض المؤرخين (براون وكليموف) يُعلنون مباشرة عن الترابط اللغوي الواسع للأورارْت والوايناخيين.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
* دولة أورارْتُو كانت تقع على أراضي أرمينيا الحالية وعلى أجزاء من تركيا وإيران وحتى سواحل بحرقزوين. واستمرت قرابة 300 عام (آواخر القرن التاسع- بداية القرن السادس قبل الميلاد). وتعتبر أقدم دولة وُجدت على الأراضي التي تشكل تلك الدول اليوم ومنطقة شمال القوقاز.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
وشاهدت منطقة القوقاز في العصورالوسطى ممالك قوية ومتباينة اللغات والثقافات كالبيزنط والرومان والألبان والفرس والمغول والتتار والخلفاء العرب والعثمانيين، هذا إضافة إلى جيرانهم الثابتين مثل الجورجيين والأرمن والروس وغيرهم. ومن هنا لا عجب من أن ذلك ساهم في تلاقح الثقافات وظهور مفردات متشابهة.
ومعروف اليوم، أنه ومن حيث الوضع الجغرافي، وخصوصية التركيبة القواعدية، والمفردات العامة الخ. صُنّفت اللغة الشيشانية تحت عائلة اللغات الإيبيرية – القوقازية** ضمن مجموعة اللغة الناخية، وتدخل في هذه المجموعة ثلاث وِحدات لُغوية، هي: الشيشانية، الإنـﭽ-;-وشية، الباتسْبيّة، وتعتبر اللغتين الأولى والثانية لغتان أدبيتان، واللغة الباتسْبيّة لا كتابة لها. وتنتشر اللغتان الشيشانية والإنـﭽ-;-وشية على أراضي جمهوريتي الشيشان والأنـﭽ-;-وش وفي ثلاث محافظات في جمهورية الداغستان (خسويورت، نوفولاكسك، كازبيك)، بينما تنتشر اللغة الباتسْبيّة واللهجة الكِيسْتينيّة (الكيسْتية، والكيستيون هم الشيشان كما يسميهم الجورجيون) في منطقة أخميتوفسكي الواقعة في الأراضي الجورجية (وفيها أيضا وادي ﭙ-;-َنْكيسْكْ، الذي ينتشر فيه الكيستيون).
علاوة على ذلك يتكلم باللغة الشيشانية الشيشان الذين يعيشون في بلدان الشرق الأوسط- أحفاد المهاجرين إليها من الشيشان والإنـﭽ-;-وش في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، الذين يقطنون اليوم في مدن وقرى تركيا، والأردن، والعراق، وسوريا. وهم ينتشرون كذلك في الدول الأوروبية وفي أمريكا.
------------------------------------------------------------------------------
** تدخل ضمن عائلة اللغات الإيبيرية – القوقازية، أو كما تسمى أيضا عائلة اللغات القوقازية، أربع مجموعات، هي:
1- الإيبيرية أو الكارْتْـﭭ-;-يلية group of languages Iberian/Kartvelian
2- الأبخازية أو لغة القوقاز الغربي of languages group West Caucasian Abkhazian/
3- الناخيّة group of languages Nakhi
4- الداغستانيةDagestani group of languages
------------------------------------------------------------------------------
وفي عائلة اللغات الإيبيرية – القوقازية تحتل اللغة الناخية المرتبة الأولى في منطقة شمال القوقاز من حيث عدد المتكلمين بها، والمرتبة الثانية في القوقاز بعد اللغة الجورجية، وفي المرتبة الثالثة في روسيا الاتحادية بعد اللغة الروسية والتترية.
ذلك مختصر جدا في الأصل والتاريخ.
وفي العصر الحديث، فحتى القرن التاسع عشر لم يكن للشيشان والإنجوش أدبا مكتوبا خاصا بهم. وبعبارة أخرى أدق، وحسب علماء اللغة والتاريخ الشيشان يصعب علينا في الوقت الحاضر، الحديث عن تاريخ الأدب الشيشاني- الإنجوشي بشكل دقيق لما قبل ثورة أكتوبر الاشتراكية (1917).
فما تم قبل ذلك، وفي عام 1862م، قام الأكاديمي الروسي المعروف، والعالم باللغات، بيوتر كارلوفيتش أوسلار، وبمساعدة المهتمين الشيشان لتلك الحقبة بأول دراسة علمية للغة الشيشانية ووضع قواعدها باستخدام الأحرف السيريلية. ثم ألف الكاتب الشيشاني دوسوف قيدا الألف- باء الشيشانية على الأسس التي وضعها أوسلار. وكان هذا المؤلف الأول من نوعه. كما ويعتبر الكاتب والأديب الشيشاني سعيد بادوييف وبحق واضع أسس الأدب الشيشاني المعاصر وتطوره. وفي الواقع لم ينشأ أو يتطور هذا الأدب إلاّ كأدب سوفييتي.
وحديثا، انتقلت الكتابة باللغة الشيشانية إلى الأبجدية السيريلية فقط في القرن العشرين، بعد أن مرت قبلها في محاولات غير موفقة لاعتماد الأحرف اللاتينية والعربية. وحسب البروفيسور إبراهيم عليروييف، ومنذ عام 1938 م، اتفق العلماء الشيشان على اعتماد الأبجدية السيريلية (التي منها السلافية( كأساس تقوم عليه اللغة الشيشانية. وكان ذلك بعد مداولات ومناقشات مطولة من قبل لجنة التعليم والتثقيف الوطنية التي تألفت من ن. ﭫ-;-. ياكوفليـﭫ-;-، و د. مالْساﭽ-;-وﭫ-;-، خ- م. مـﭽ-;-َماييـﭫ-;-، س. أوزييـﭫ-;- ، خ. دوكوزوﭫ-;-، إ. أوزدوييـﭫ-;-، ن. تشانتييـﭫ-;-. وغيرهم. إضافة إلى وضع أسس قواعد الإملاء وقاموس التهجئة.
في عام 1934، تأسس المعهد الشيشاني الإنجوش للبحوث العلمية في التاريخ واللغة والأدب. وفي عام 1938 بدأ عمله الفعلي معهد الشيشان- إنجوش التربوي.
وما بين عامي 1939-1940م، أعد البروفيسور ن. ﭫ-;-. ياكوﭭ-;-ليـﭫ-;- بمشاركة المعلِّمين المحليين خومباروﭫ-;-، وسعيدوﭫ-;-، وجمالخانوﭫ-;-، وبيكوﭫ-;- علم النحو والصرف للّغة الشيشانية. وهذه الأعمال ذات أهمية علمية فائقة اليوم أيضا.
مما سبق نرى مساهمة كل من العلماء الشيشان والإنـﭽ-;-وش والروس والجورجيين (تشيكوبافا) في إرساء قاعدة متينة من أجل تطوير علم اللغة الناخية مستقبلا، والتي غدت ذات قيمة كبيرة في علم اللغة الناخية. وأصبحت هذه اللغة من حيث حجم البحث والدراسة فيها تقف في صف واحد مع بقية اللغات القوقازية، التي نشأت وتطورت أيضا بنفس هذا الشكل.
إن ظهور مصطلحات ومفاهيم جديدة، وانجذاب عموم الجماهير الشيشانية والإنـﭽ-;-وشية للحياة الاجتماعية والمنتِجة في جمهوريتهم، والتسارع الكبير في نمو فنون الأدب الحديث للشيشان والإنـﭽ-;-وش، وغير ذلك، أعطى دفعة قوية لتطور علم اللغة لشعب الوايناخ.
وفي سنوات القرن العشرين المنصرم، سريعا ما تطورت مفردات اللغة بشكل خاص، لأن إصدارات الكتب والمناهج التعليمية باللغة الأم، وترجمة الكتب السياسية والأدبية أضافت إلى لغات الوايناخ مفردات من اللغة الروسية ولغات الشعوب الجارة الأخرى بشكل كبير. ويسرد البروفيسور الشيشاني في التاريخ واللغة إبراهيم عليروييف في كتابه "تاريخ وثقافة الشيشان والإنجوش"، 1994، فصلا خاصا عن العلاقات اللغوية- التاريخية للشيشان مع الشعوب المجاورة، والتطابق في بعض مفرداتها مع اللغات العربية والفارسية والأوسيتية والداغستانية والأرمنية والجورجية والروسية، ويأتي بأمثلة عليها.
إن الحياة الجديدة، وبشكل مواز لها، المفاهيم الجديدة، ومسميات الواقع الحقيقي، ساعدت بمجملها على ظهور كلمات جديدة في اللغة الوايناخية، إضافة إلى توسُّع دلائل الألفاظ القديمة. وبرزت أمام باحثي لغة الوايناخ مسألة البحث عن متن لغة جديد وأنماط لقواعد اللغة، والتي باستطاعتها تصوير ومحاكاة التحول والتغيرات التي طرأت على البلاد.
إن ظروف الحرب والدمار الذي ألحقته وتشريد الشعب في تسعينيات القرن الماضي لعبت دورها في تراجع الإنجازات باللغة، التي تحققت في الجمهورية الشيشانية حتى نهاية الحقبة السوفييتية.
وفي الفترة الأخيرة يلاحظ اقتصار اهتمامات اللغة الشيشانية كأدب وكتابة على الأدباء والشعراء واللغويين وبعض المؤرخين الشيشان، بحيث اعترفت منظمة اليونسكو على أعتاب القرن الحادي والعشرين بأن اللغة الشيشانية أقلية، أي أنها عرضة إلى الإندثار.
ومع ذلك، فإن الشعب الشيشاني، وتاريخه الماضي البطولي، وكمبدع، أظهر روحا إحيائية للغته. واليوم العمل جار على مشروع بعنوان "الأدب الشيشاني- الأشخاص"، الذي يعرض الأدب الشيشان في النصف الثاني من القرن العشرين على مرحلتين (2013-2014) و (2015-2016). ويخصص لكل أديب موضوعا خاصا بإنجازاته. ومقدم المشروع د. عبد الله أرسانوكاييف، هو عضو في اتحاد كتاب روسيا، عضو مراسل للأكاديمية الروسية للعلوم الطبيعية، عضو فخري في التعليم العالي والمتخصص التابع لروسيا الاتحادية.
غير أن مستقبلها يتوقف على مدى اهتمام السلطات المحلية لهذا الأمر، ودعم أهل اللغة والمتخصصين فيها، من أجل بعثها من جديد، والحفاظ عليها وتطويرها، وكذلك على موقف الأجيال الناشئة منها كجزء أساس من هوية الشعب الشيشاني وكيانه ووجوده. فجيل الشباب يجب أن يشعر تماما بالكلمة الأم ويتقبلها. اللغة الأم والأدب وما يكتنفهما من مفردات ومعان عميقة، فضلا عن الثقافة المحلية ككل، لها أهمية قصوى في تشكيل الصفات الأخلاقية/ المعنوية للشخص. وهذا ينطبق علينا هنا، في الأردن أيضا.
وحاليا يوجد في جمهورية الشيشان جامعة حكومية، وثلاثة معاهد عليا متخصصة،و12 مؤسسة علمية، وأكثر من 562 مدرسة لجميع المراحل التعليمية، يدرس فيها ما يزيد عن 380 ألف شخص. وفيها اتحاد للكتاب، واتحاد للصحفيين وآخر للفنانين.
------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح