الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحولات فى صلب النهضة

امال قرامي

2016 / 4 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تتوالى تصريحات قياديى النهضة قُريب انعقاد مؤتمر الحزب فى مختلف وسائل الإعلام، وهى تصريحات مثيرة للجدل باعتبار أنها أظهرت هذه الشخصيات فى صورة جديدة تتقاطع مع ما يحمله جزء من التونسيين من تصورات وتمثلات حول النهضاويين. وقد رأى البعض فى هذه التصريحات دليلا آخرا على اتقان قياديى النهضة ازدواجية الخطاب، فى حين رأى البعض الآخر أن القياديين يعيشون أزمة هوية تجعلهم يغيرون المرجعيات بنسق متصاعد؛ فيستبدلون ابن تيمية وحسن البنا والقرضاوى...بابن خلدون والثعالبى وابن عاشور والسنوسى... فى محاولة لإثبات مدى قدرة الحزب على انغراسه فى خصوصية المجتمع التونسى. ولا يخفى أن تَونسة الحزب كانت من بين الشروط الأساسية للحصول على قبول مجتمعى عام.
يدافع قياديو النهضة عن «الدساترة البورقيبيين» مشيدين بالدور التاريخى الذى نهضوا به، وبعد أن كان هؤلاء أزلاما يجب إقصاؤهم صاروا الأخوة المقربين أصحاب الخبرات والكفاءات. وتطالب القيادات (لطفى زيتون والجزيرى والمكى والحمامى وغيرهم) بالمصالحة الشاملة مشيدين بقدرة أبناء الحركة على التجاوز والتسامح ونسيان جراح الماضى ومطالبين فى ذات الوقت، التونسيين بالانكباب على بناء تونس الغد والحفاظ على لحمة المجتمع.
ولئن كان تثمير الأموال ومضاعفة الممتلكات مسألة شخصية فإن البعض يؤاخذ القيادات التى ظهرت فى ثوب الأثرياء أصحاب الفنادق والشركات والفيللات الفخمة والسيارات واليخت... على هذا التغيير المفاجئ فى مستوى الهيئة والسلوك؛ مما يقيم الدليل على أن التغيير الذى أصاب القياديين تجاوز المرجعيات الدينية والمواقف من التجمعيين ورجال الأعمال وغيرهم من الذين ساهموا فى نهب البلاد ليتصل بنمط العيش وتصور الحياة ووضع الفرد وعلاقته بالمال: حب المال حبا جما. وبما أن بنية الشك صارت متأصلة فإن شرائح من التونسيين يرتابون فى مصدر هذه الثورة التى جمعها عدد من النهضاويين. ولا يتوانى بعضهم عن ربط مظاهر الثراء بملف الفساد. وما بروز بعض أسماء قياديى حزب النهضة كالغنوشى ولطفى زيتون... فى وثائق بنما إلا حجة فى نظر هؤلاء، على تورط فى ملفات فساد.
وبعد أن دعا بعض النهضاويين إلى قطع يد كل متورط فى قضية وثائق بنما وإعلان الحرب عليهم. وبعد أن صرح الغنوشى بأن ورود اسم محسن مرزوق (القيادى الندائى سابقا) فى هذه الوثائق من شأنه أن يغير المشهد السياسى التونسى، تغير الموقف فهدد قياديو النهضة الصحفيين الذين أذاعوا الخبر بمقاضاتهم وشككوا فى العمل الاستقصائى، بل ذهب الحمامى إلى استعادة سردية الضحية ليبرر أن فتح الشركات تحت مسميات مختلفة وفى بلدان متعددة كان إجراء مصيريا حتى يستطيع المناضلون البقاء ومقاومة نظام بن على.
***
إن ما يسترعى الانتباه فى هذه التغييرات التذبذب الطارئ على خطاب القيادات التى شكلت «النخبة» داخل حزب النهضة وهى لا تعبر بالضرورة عن خيارات عامة النهضاويين ومواقفهم من عدة مسائل، وهو أمر ساهم فى اتساع الفجوة بين هذه النخبة الراغبة فى تغيير العباءة أو الرداء أو القناع وتمزيق الحجب الهوية والجماعة المتمسكة بالتراث الفكرى الذى أسسته الحركة. ولا يتوقف الأمر عند هذه المسألة إذ اتسعت الفجوة بين القيادات والقواعد.
تبدو النهضة فى منزلة بين منزلتين أو فى موقع بَينِى معلقة بين السماء والأرض وهو أمر نقدر أن القيادات لم تختره بحرية وعن قناعة وتدبر بقدر ما كان إجراء فُرض على أتباع النهضة. فقد أجبرت السياسات الدولية وخاصة الموقف الأمريكى والتحولات الإقليمية النهضة على الاندماج والتأقلم والتنازل وإعادة النظر فى المسار والخطاب والهيئة و... فإما أن تتغير أو تنقرض سياسيا. ولا يمكن التغاضى عن الطموح السياسى والخيار البرغماتى اللذين دفعا بالقيادات إلى تبنى مسلك التغيير السريع.
ولكن السؤال المطروح: إلى أى مدى نجحت النهضة بعد كل هذه العمليات الجراحية التجميلية التى خضعت لها القيادات فى نيل مرضاة التونسيين؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اذا كانت النهضة هي الأولى ثم بعد الانقلاب ثانية
عبد الله اغونان ( 2016 / 4 / 30 - 00:20 )

فعن أي تغير تتحدثين

جل التونسيين مازالوا مع النهضة وتعتبر الان بعد الامشقاق في الحزب الفائز تعتبر النهضة هي الأولى
أي تحليل لوضع سياسي يجب أن يقوم على المهنية والمصداقية
وليس على مواقف عدائية سابقة

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي