الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصحيح المسار، فلسطينيا. كيف يكون؟

ناصر ثابت

2016 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أعتقد أنه بات من الضروري أن نراجع أنفسَنا. أعني الفلسطينيين.
أن يراجع الإنسان نفسه، وطريقَه وأسلوبَه، فهذا ليس عيباً. العيب أن يستمر في الطريق الخاطئ، الطريق التي تسبب له الآلام والخسائرَ دونَ أن يقف لحظةَ صدقٍ مع الذات، ويسأل: ماذا أنا فاعل بنفسي؟ وكيف لي أن أصلحَ ذاتي؟
الهدف: التحرير؟ أم الاستقلال؟ أم العودة؟ أم أن نوفر للشعب حياةً كريمة؟
كلها أهدافٌ جميلة.
ماذا نفعل بالآخر؟ ماذا نفعل باليهودي؟ بالإسرائيلي؟ بالصهيوني؟
- ننتقم منه؟ أم نطرده من فلسطين؟ أم نبقيه ونعلمه الأدب؟ أم نتعايش معه؟
لا يوجد بين أيدينا أي شيء. يوجد عندنا جمالية الأسئلة، وإعادة التفكير، ومراجعة الذات.
علينا أن نعترف بأمرين هامين:
أن نعترفَ بضعفنا، وبانقسامنا.
قوتنا تأتي من الشعارات، والأوهام، والاعتقادات الخاطئة والأماني بعيدة المنال. وهذه كلها ليست قوة. هي أحاسيس بالقوة لا يمكن ترجمتها على الأرض.
أما بخصوص الآخر، فيجب أن نعترف أنه قوي، متجانس، يعرف ما يريد، يعيش رفاهية أوروبية المستوى، يصنع العلم، والأسلحة.
العالم: في أحسن الأحوال ينظر إلينا بتساوٍ مع الآخر، إن لم يتعاطف معه. المعنى أننا بالنسبة له لسنا أصحاب الحق والأرض ولسنا مظلومين كما نقول، إنما نحن في صراع وأننا عندنا نصف الحق ونصف الحقيقة وفي أحسن الأحوال نصف الأرض.
هل العالم مهم؟
هل نظرته إلينا مهمة؟
الجواب قطعا نعم: لأننا لا نعيش في هذا الحاضر المعقد المتشابك وحدَنا. العالم لن يسمح لنا بأن نتمادى في انتزاع حقوقنا التي ندعيها، إن استطعنا. العالم يتدخل في الصراعات كلها. أحيانا نظنه ظالما وأحيانا عادلا، لكن هذا لا يهم. المهم أنه موجود وأنه يضع يدَه في كل شيء.
الفلسطينيون في كل مكان وفي كل الدول غربا وشرقاً يخرجون ويستصرخون الضمائر ويحاولون فضح الإسرائليين وممارساتهم. لذلك العالم مهم. نحن نريده إلى جانبنا. نحن نريده أن يقف معنا ويساعدنا.
لكن العالم، ولأنه ينظر إلينا بتساوٍ مع عدونا، لا يقبل منا أن نهاجم مدنييه، وهو يرى الأفعال الإرهابية المرتكبة هنا وهناك في باريس وبروكسل ولندن، ويدينها بأقوى الإدانات. وهذا يتطلب منا أن نحذر في أفعالنا، وأنا نراقب أنفسَنا.
مع كل ما تقدم: ما الذي يتوجب علينا أن نفعله مراجعة للذات؟
أولا أن نعترف أن الطريق لم توصلنا إلى الأهداف. هل اعترفنا؟ ما هي الطريق؟
المسار/الطريق: من 1965 إلى 1990 مقاومة عسكرية وعمليات بدون مفاوضات.
من 1990 حتى اليوم نصفنا يؤمن بالمفاوضات ويمارسُها، والنصف الآخر يؤمن بالعمل العسكري، ويمارسه.
المسار/الطريق: (حقيقة) هو الانقسام على الذات. وهنا لا ينفعنا العمل العسكري مهما كان قويا، ولا ينفعنا التفاوض مهما كان مكثفا.
تصحيح المسار/الطريق: أن نؤمن أن العمل العسكري لم يعد ينفع (فهو موجود من 65 حتى اليوم، بدون نتائج). ولأننا لم نجرب المقاومة السلمية البحتة، فلماذا لا تكون هي التصحيح المطلوب؟ وما الفائدة من نصب تمثال بطول 6 أمتار لزعيم أفريقي حقق أهداف شعبه بعد أن صحح مساره من العمل العسكري إلى النضال السلمي؟
هذا ما فعله مانديلا، وكذلك فعل غاندي وكذلك فعل مارتن لوثر كينج. بالمناسبة يتوجب علينا أن نضلع لكل منهما تمثالا في فلسطين!
أما عن التفاوض: السياسيون هم موظفون في الأساس. وكما أنك توظف عاملا في مصنع وتتوقع منه مثلا أن ينقل الصناديق من خط الإنتاج إلى الشحن، فإنك توظف السياسي وتتوقع منه أن يؤدي الوظيفة التالية: أن يفاوض. السياسي بدون مفاوضات هو موظف فاشل ولا يؤدي عمله. تماما كالعامل الذي تدفع له ولا ينقل الصناديق!
تصحيح المسار/الطريق: أن يكون هناك اشراف على المفاوضات، وأن نمدها بالمعلومات، وأن يكون لها مرجعية داخلية (مجلس وطني أو ما شابه) أن تتم مراجعتها وتصويبها بما يتعلق بالأهداف.
عودة إلى الأهداف: ماذا نريد؟ نريد أن نحقق الممكن دون أن نخسر الكثير من الأرواح. أن نخسر 200 فلسطيني منذ "هبة السكاكين" فهذا مرفوض تماماً. نريد لهذه الأرواح أن تظل بيننا وأن تعيش وأن تبقى وأن تكون جزءً من هذا الوطن وهذا الشعب. من حقها ذلك. ومن حقنا أن نطالبها بذلك.
تاريخياً، لا مشكلة في التعايش. فقط المطلوب هو العدل. ولذلك يجب أن نبقي النضال السلمي وألا نتراجع عنه. يجب ألا نفكر بالانتقام، ولا بطرد أحد من بلادنا، ولا بإطعامه لسمك البحر، بل يجب أن نطالب بالحقوق، وبالتعايش، وربما سلميا نستطيع أن نوضح للعالم أن هناك الكثير من الفلسطينيين يطالبون بحقهم في العودة إلى ديارهم، ونبين للعالم (سلميا) ظروفهم ونشرح له بالتفصيل قصة ما حدث، ونناضل حتى يُرفع الظلمُ عنهم وعنا جميعاً.
إن ناضلنا عسكرياً وقتلنا المدنيين، فإن العالم سيناقش أسلوبنا وسيشغل نفسَه برفض هذا الأسلوب. ولن يشغل نفسه بتحليل أسباب نضالنا (وأسباب انتهاجنا للعنف). ببساطة سيقول لنا مهما كانت الأسباب فنحن ندين ما تقومون به. أما إن ناضلنا سلمياً فإن العالم سيركز في مطالبنا وما نريد أن نقولَه، لأن أسلوبنا لا يسفك الدم ولا يسقط الضحايا (لا منا ولا من أعدائنا).
نناضل سلميا، ونفاوض، ونراقب المفاوضين حتى نتأكد أنهم يوصلون مطالبنا إلى الطرف الآخر وإلى كل العالم.
الفكرة: نحن لم نجرب هذا من قبل. ويجب ألا نتنبأ بفشله. وهو من الممكن أن يكون تصحيحاً لمسار طويل من العمل النضالي والسياسي الذي لم يعطِ النتائجَ المرجوة منه.
بشكل عام، الموضوع لا علاقة له بالأشخاص. سواء كان بالقيادة الحالية أم القيادة المستقبلية.
ويجب أن نعرف أن إسرائيل يطربُها سماع دعواتنا لتدميرها ولتحرير فلسطين من النهر إلى البحر... ولإلقاء اليهود في المتوسط. لأن هذا يمنحها المبرر الكافي لاستخدام القوة المفرطة، ويساعدها في فضحنا أمام العالم. ويجعل العالم يتعاطف معها ويصب في أحضانها المساعدات المالية والعسكرية والأسلحة، وكل شيء.
يطربُها لأنها تعرف أنه لا يؤذيها أبدا، بل هو يؤذينا ويؤكد أننا لا نسير في الطريق الصحيح نحو سلام وتعايش يجبرانها على العدل. والعدل يعني أن عليها أن تخسرَ كثيراً دون أن تستطيع التهرب من ذلك.
علينا أن نقف وقفة صادقة مع الذات، وأن نعيد تقييم الأساليب، وأن نصحح المسار.
فهل نفعل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا