الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي والثورة

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2016 / 4 / 30
ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة


الوعي والثورة
(الجزء الأول)
د. جاسم الصفار
الثورة الاجتماعية الاقتصادية من اجل تغيير النظام الرأسمالي لم تعد، باعتراف انجلز وبليخانوف وكبار اشتراكيو القرن التاسع عشر، شعارات يتمنطق بها ثوريون حالمون لا يملكون غير نوايا طيبة أحيانا وليست كذلك في أحيان أخرى. العقدة هنا ليست في فهم ضرورات التغيير صوب الاشتراكية، بل في فهم الظروف الموضوعية للتغيير وتوفر أسباب نجاحه.
فالتغيرات ألنوعية ألحاصلة في تركيبة الطبقة ألعاملة وألتي مضت بتسارع كبير منذ الربع الأخير من القرن العشرين تفرض نفسها ليس فقط على ألدراسات ألجادة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بل وعلى برامج وأساليب نضال الأحزاب العمالية والاشتراكية والنقابات المهنية. فالتحولات ألحاصلة في نمط الإنتاج ألرأسمالي وتسارع تطوره ألتقني، انعكست بصورة مباشرة على التركيبة ألطبقية للمجتمعات في مناسيبها ألكمية والنوعية. وهذا بدوره يفرض اعادة دراسة وتوصيف للطبقات ألطليعية وتحالفاتها التاريخية التي يستند اليها التغيير ألثوري نحو مجتمع العدالة ألاجتماعية.
لابد من التأكيد على ان الثورة العلمية والتقنية التي تفجرت منذ أواسط القرن العشرين أدخلت تغييرات نوعية هامة في التركيبة الاجتماعية باسرها، والطبقة العاملة بصورة خاصة. فمع التطور العلمي والتقني في القرن العشرين أصبح الإنتاج الاجتماعي يعتمد على شريحة واسعة من شغيلة العمل ألذهني، أي على العمال ألفنيين ألمتخصصين كالمهندسين والإداريين والمحاسبين والمخططين ألاقتصاديين ورجال العلم وغيرهم من ألعاملين ألمؤهلين لإدارة عمليات إنتاج متطورة ومعقدة تقنياً. كما أن قطاعات واسعة من العمال أليدويين، نتيجة لإعادة التأهيل أصبحت تساهم في عمليات الإنتاج ألحديثة ليس فقط بجهدها أليدوي، بل وبجهدها ألذهني وخبرتها بطبيعة عمل آلات الإنتاج ألمتطورة.
وقد أصبح هذا الميل لجهة زيادة نسبة شغيلة العمل ألذهني في عمليات الإنتاج صفة ملازمة للتطور ألتقني ألمتواصل لآلات الإنتاج وأدواته. ورافق ذلك انخفاضاً محسوساً في نسبة شغيلة العمل أليدوي في حقول الإنتاج ألمختلفة مما جعل عدد كبير من ألباحثين ألاجتماعيين في الدول ألرأسمالية والدول "ألاشتراكية" ألسابقة يكتبون عن الاضمحلال المطرد لثقل ودور ألبروليتاريا في ألمجتمعات ألحديثة.
لا ريب في أن التقسيم ألاجتماعي للعمل والتركيبة ألاجتماعية باسرها في جميع الدول المتطورة، بما فيها الاتحاد السوفيتي ألسابق قد تعرضت في سياق الثورة ألعلمية والتقنية ولاحقاً ألمعلوماتية لتغيرات عميقة. وأهم هذه التغيرات:
تقلص نسبة ألعاملين في ألزراعة من حوالي الثلثين الى 3-6% بالمتوسط في الدول ألصناعية ألمتطورة. اما في روسيا التي اختارت لنفسها مسارا تطوريا مختلفا عن الدول الرأسمالية الصناعية الاخرى، فوفقا لإحصائيات عام 1913 كانت نسبة العاملين اليدويين في الزراعة تصل الى 75% بينما لم تتجاوز هذه النسبة في الاتحاد السوفيتي عام 1991 8%. وهذا يعني، اضمحلال دور ألفلاحين اليدويين وزيادة دور العمال ألزراعيين الفنيين في الإنتاج الاجتماعي نتيجة للتطور التقني، بغض النظر عن الاختلاف في نمط الإنتاج الاجتماعي.
ألتغير ألمهم الآخر، كان في نسبة ألعاملين في قطاعات ألصناعة ألثقيلة والبناء والنقل والاتصالات. ففي الولايات ألمتحدة ألأمريكية انخفضت نسبة ألعاملين في هذه القطاعات خلال الفترة من عام 1970 ولغاية 1990 من 40% الى 33%. أما في الاتحاد السوفيتي ألسابق وبسبب تباطؤ مستوى ألتطور ألتقني مقارنة بأمريكا، فقد كان الانخفاض في عدد ألعاملين في القطاعات ألمذكورة على قلته محسوساً. فمع نهاية الستينات توقفت الزيادة المطردة لعدد ألعاملين في تلك القطاعات في الاتحاد السوفيتي ثم بدأت بالانخفاض خلال العشر سنوات الأخيرة من عمر النظام من 30,5 الى 29,7 مليون عامل.
ألتغير ألمهم الثالث هو في النمو المطرد للقطاعات غير الإنتاجية، خاصة تلك التي تؤسس للتطور ألاقتصادي ألاجتماعي بصورة عامة كالتعليم والبحث ألعلمي والطب والأدب وألفن. ففي ألوقت الذي كانت نسبة ألعاملين في هذه الحقول في روسيا عام 1913 لم تتجاوز 1% من عدد السكان وصلت في عام 1989 في الاتحاد السوفيتي الى 19%.
وفي موازنات التغيير الثالث، حصل تغيير بنيوي مهم في تركيبة ألبروليتاريا ألعاملة في جميع ميادين الإنتاج ألاجتماعي، خاصة ألعاملة منها في ألصناعات ألثقيلة والخفيفة، أي ألمنتجة للآلات والسلع ألاستهلاكية على اختلاف انواعها. حيث تحققت زيادة كبيرة ومؤثرة في نسبة شغيلة العمل ألذهني مع تقلص واضح لنسبة شغيلة العمل أليدوي.
ففي ألوقت الذي كان فيه عدد شغيلة العمل ألذهني في روسيا بداية القرن ألمنصرم 3 مليون شخص، بما فيهم 2 مليون يعملون في القطاعات غير الإنتاجية، وصل عددهم في عام 1991 الى 40 مليون شخص، هذا دون حساب ألعاملين في المهن ألحرة والقطاعات الخدمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار