الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موضوعتان وافتراض واحد

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2016 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية



موضوعتان لم تأخذا منا القدر الكافي من الدراسة والتأمل، الأولى هي موضوعة حكومة التكنوقراط، والأخرى هي البالونات والمفرقعات "الثورية" التي جرى اطلاقها في الفترة الأخيرة من عمر الاحتجاج الجماهيري.
لا شك في ان حكومة قائمة على نظام المحاصصة الطائفية والاثنية والسياسية هي حكومة مأزومة بطبيعتها، وأزمتها مرتبطة بكونها نتاج توازنات اجتماعية وسياسية خاضعة للتغيير وتفرض بالتالي تغييرات في الحصص أحيانا وفي التمكن من صناعة القرار السياسي للدولة أحيانا أخرى. وحتى وان بالغت بعض أطراف العملية السياسية في فرض شروطها للتغيير، الا ان مصالحها تفرض عليها الحفاظ على شعرة معاوية في لعبة المساومات من اجل الوصول الى مرحلة استقرار نسبي قد يطول امدها وقد يقصر، والتجربة اللبنانية غنية في دروسها.
لذا فانا لست مقتنعا تماما في ان نظام المحاصصة القائم في العراق قد وصل الى طريق مسدود جعله يتفسخ من داخله. وأرجح على ذلك أنه قد أصبح بوضعه الحالي غير مرغوبا في الحسابات الجيوسياسية الامريكية. فبدون التدخل الأمريكي من خلال اصدقائها في العملية السياسية ما أصبح لشعار "حكومة التكنوقراط" ذلك البريق ولم تكن له تلك الشعبية حتى في أوساط أطراف فاعلة ومستفيدة من نظام المحاصصة بنسخته العراقية.
لقد تغيرت وجهة نظام المحاصصة في العراق واختلفت التوازنات السياسية الاجتماعية فيه، واصبح من صفحات الماضي المطوية، ذلك التعويل الأمريكي على توازنات سابقة تجعل العراق محايدا وخارج دائرة التأثير الإيراني في سياسته، حسب الرؤيا الامريكية، فرحل عمر أبو ريشة، الذي كان موضع اهتمام خاص من قبل الرئيس الأمريكي السابق بوش الثاني، وأفل برحيله نجم "الصحوات"، وغادر الرعيل الأول للقيادات السنية العراق وأصبحت نسيا منسيا، ووقع الرعيل الشاب من قيادات المنطقة الغربية في اتون التطرف والمغامرة بمصير مناطقهم لتصبح سهلة للجهوز عليها من قبل داعش.
أمريكا التي أرادت للعراق نظاما مسلوب الإرادة السياسية ومشلول القدرة، حصلت مع تطور الاحداث على نظام تهيمن على قراره السياسي قوى خاضعة لتأثير النظام الإيراني ولا تضمر الود للسياسة الامريكية، لذا فليس امام أمريكا التي تهتم كثيرا بمشاريع توسيع هيمنتها الجيوسياسية في المنطقة الا إيجاد بديل لهذا النظام الذي فقد شعبيته وأصبح نقمة على صانعيه.
وليس هنالك من بديل امام أمريكا، غير كسر أسس نظام المحاصصة القائم وتسليم الحكومة لإدارة تكنوقراطية من خارج الكيانات تكون اللبنة الأولى في بناء جديد مدعوم من أصدقاء الولايات المتحدة الامريكية في قيادة الدولة والجيش العراقي وقواه الأمنية، وحتى من رموز الكيانات والأحزاب الطائفية السنية والشيعية التي تدين بالولاء لأمريكا.
هذا باختصار بالنسبة للموضوعة الأولى التي هي افتراض شخصي قائم على متابعات للسياسة الامريكية في المنطقة. مع ملاحظة أنى لا اتهم أحدا بعينه بعلاقة مباشرة بهذا المخطط، فأمريكا لا تعمل دائما بالمباشر، أي بالتحريك المباشر لأصدقائها أو عملائها، كما أنى لا أدين بتاتا مشروع حكومة التكنوقراط باتهامه على انه مشروعا امريكيا، فهو مشروعا وطنيا ومدنيا بالدرجة الأولى حتى وان تلاقت مصالح القوى الوطنية والديمقراطية المؤيدة له مع الإرادة الأمريكية.
أما بالنسبة لموضوع البالونات السياسية والمفرقعات الثورية التي بدأت بالتظاهرات المليونية لأنصار التيار الصدري مرورا بالاعتصام عند بوابة المنطقة الخضراء، ثم اعتصام البرلمانيين، وانتهاءً باقتحام المنطقة الخضراء من قبل بضع عشرات من أنصار التيار الصدري، حسب وكالات الانباء التي عادت وصححت خبرها معلنة انهم كانوا بضع مئات.
الأرقام هنا مهمة لان حصول اقتحام للمنطقة الخضراء من اعداد غفيرة تصل الى الالاف تجعل السيطرة على ممارساتهم مستحيلة ويخرج العملية برمتها من دائرة السيطرة. علما بان كل تلك الفعاليات كانت قد نظمت بعناية وبالاتفاق مع القائد العام للقوات المسلحة السيد حيدر العبادي. فهي، بحسب حجم الفعالية، كانت تارة محمية من قبل القوات الأمنية وحدها وتارة أخرى بالتعاون بين القوات الأمنية وسرايا السلام.
والسؤال الكبير يبقى، ما الحكمة من تنظيم فعاليات جماهيرية كبرى مثل تلك، لينتهي الامر بقرار علوي بانسحاب مفاجئ حتى لكبار منظميها؟ إذا كان القرار محليا فانا اتريث هنا بالإجابة على هذا السؤال، مع ان لدي افتراضات معينة، تجعلها في خانة المناورات المتواضعة الأهداف.
أما إذا كان القرار دوليا، فليست أمريكا من تلك الدول التي تحرض على فعاليات مثل تلك، الا من اجل الوصول الى هدف كبير. لذا افترض اننا مقبلون على تغيير تاريخي هام سيؤسس في حال نجاحه لمشروع سياسي لإدارة البلاد بعيدا عن نظام المحاصصة الطائفية والاثنية البغيض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير