الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطاب التسلط بين السياسة والمسرح

أبو الحسن سلام

2016 / 5 / 2
العولمة وتطورات العالم المعاصر



إنعكاسات المتغير الاقتصادي السياسي
في المسرح المصري – ألفريد فرج نموذجا -
عرف الريبرتوار مصطلحا فنيا خاصا بإعادة إنتاج عرض مسرحي أو عمل أدبي أو قني ، سواء بوساطة مبدعه الأول أو بمبدع آخر في مؤسسة إنتاجه الأول أو في مؤسسة أخرى وفي ثقافة أخرى بلغة أخرى . ومن أمصبته في المسرح تجربة توفيق الحكيم في مسرحيته الشهيرة ( السلطان الحائر) ، حيث كتبها في معالجتها الأولي بالفرنسية تحت عنوان ( اخترت) ثم أعاد كتابتها عربيا تحت عنوانها المعروف. وكذلك قصة ( جمهورية فرحات) القصيرة ، كتبها يوسف إدريس و بتحفيز من إدارة حمعية أنصار التمثيل، أعاد كتابتها مسرحية بالعنوان نفسه، ليعالج فيها فكرة(الفلسفة الفابية) وخطابها نحو تحقيق الاشتراكية على مراحل – تأثرا بمنظور الجمعية الفابية التي كان جورج برنارد شو ) أحد أعمدتها. والليلة الكبيرة لصلاح جاهين حولها من سهرة إذاعية عن احتفالية المولد إلى عرض مسرحي عرائسي شعبي . وقصيدة ( كبرى الحادثات) لأحمد شوقي التي أعاد كتابتها موزعة على ثلاث مسرحيات شعرية هي ( قمبير ، مصرع كليوباترا وعلى بك الكبير ) كل تلك النماذج تنضوي تحت مصطلح ( ريبرتوار)
وفيما بين رحلة نظام الحكم المصري من 52 - 2011 ، أعاد نظام يوليو إنتاج سياساته تبعا للانقلاب الاقتصادي من رأسمالية الدولة إلى رأسمالية الأفراد حيث أرخىت مؤسسات النظام قبضتها عن ملكية وسائل الإنتاج وسلمتها لحفنة من الأفراد من شريحة الكومبرادور / الوسطاء الطفيليين. ولأن الثقافة والحركة الفكرة والأدبية والفنية جزء من نظام الدولة سواء وقفت تحت شعاراتها أم سارت بموازاة مسيرها أم اتخذت مواقف معارضة لسياسات النظام ؛ فمن المؤكد أن أثر إعادة إنتاج نظام الستينيات لسياساته قد أصاب الإبداع المسرحي بفقر الدم وبالسكتات الفكرية الثقافية والإبداعية المتكررة ؛ فبقدر ما يعكس المتغير الاقتصادي نفسه على الواقع السياسي ، والاجتماعي يعكس نفسه على الواقع الفكري والثقافي ، ويظهر بوضح في فنون الأدب و الفنون الأدائية ( سينما ومسرح ) وقد رأينا هذا الأثر في إنقلاب فكر بعض أعمدة مسرح الستينيات – من مؤلفي اليسار - ممن وظف خطابه المسرحي داعية لفكر نظام نظام الستينيات ، فنقض خطاب مسرحه فيما أعاد كتابته ليدعو لفكرة تزاوج بين الطبقات التي رفضها في خطاب مسرحيته نفسها التي عرضت في الستينيات ؛ فإذا به يعيد كتابتها ليغير مضمونها من رفضه لفكرة التزاوج بين الرأسمالية والبروليتاريا – همزا وفكزا يشي برفضه لفكرة تحالف قوى الشعب العامل شعار النظام الشمولي من خلال الاتحاد الاشتراكي الذي يجمع بين عينات من طبقات وفئات اجتماعية جمعا تلفيقيا بعد إلغاء الأحزاب –
لكم كانت دهشتي عميقة عندما شاهدت عرض مسرحية ألفريد فرجح وهو من هو في مسرحنا العربي مؤلفا - وصاحب موقف عقيدي ينتسب بقوة لحقل الفكر الاشتراكي –
فإذا به عند إعادة عرض مسرحيته ( جواز على ورقة طلاق) التس أخرجها للمسرح القومي المصري (عبد الرحيم الزرقاني) عرض ريبرتوار بإخراج ( أحمد عبد الحليم) لفرقة المسرح الحديث . يجرى تغييرات على النص تنقض خطاب مسرحيته في كتابتها الأولى ، ليصبح خطابها في عرض الريبرتوار مؤيدا و-داعيا لفكرة تزاوج رجال المال بالسلطة ، ومن ثم جواز تزاوج ممثل الرأسمالية الحاصل على درجة الدكتوراه من الخارج في موضوع ( الأوتو ميشن) – الميكنة التى تحل الآلة الذكية المبرمجة محل العامل وبذلك تنسف فكرة صراع الطبقات وكفاح البروليتاريا ضد استغلال طبقة رأس المال ، بعد استغناء رأس المال عن قوة عمل الطبقة العاملة .
اقتبس ألفريد فرج موقفا دراميا عابرا من رواية العظيم نجيب محفوظ ( بين القصرين)
موقفا يعد بمثابة ( النقطة العمياء) في مسير بنبة الرواية ، وهو الموقف الذي تنقذ فيه بنت الجيران ابن السيد أحمد عبدج الجواد – طالب الحقوق اليساري الثائر - الذي تطارده مفرزة جنود المحتل البريطاني لشوارع القاهرة في عشرينيات القرن الماضي ، فإذا بها تتناول من سور سطح منزلها ومن بين يديه الحقيبة التي تحتوى على منشورات كلف بتوزيعها وسيلة مقاومة للاحتلال . ويظهر التناص في مسرحية الفريد فرج ( في عدم انتفاع مراد ابن الطبقة الرأسمالية بما كان في حقيبه التي أخفتها حبيبته زينب عن البوليس السياسي وأنقذته من الضبط مالبسا بحيازة كتب ممنوعة، فالتهمت موضوعاتها في الفكر الاشتراكي ومن ثم تحولت لإلى مناضلة ونقابية عمالية ، على نقبيض مراد الذي عاد مديرا للمصنع الذي يعمل به وك لك والدها الذي أصبح سائقا خاصا لمراد
نفسه .
ومجاراة لتغير خطاب النص في عرض ريبريتوار للمسرحية نفسها وظف المخرج أحمد عبد الحليم مناظر المسرحية ومؤثرلتها الضوئية والصوتية والموسيقية بما يجسد واقع الحياة المصرية وثقافة عصر الانفتاح الاستهلاكي وتبعاته تأكيدا لسيطرة مراد بك ممثل رأسمالية الوسطاء ( الكومبرادور) والقطاع الخاص .
والسؤال : هل قصد ألفريد فرج التعبير عن يأسه من تحقيق مجتمع غبر قابل للتزاوج بين المال والسلطة في فرض إرادة على الطبقة العاملة ، أم أنه يعيد إنتاج واقع سياسي ترتبط فيه شريحة الرأسمالية الفردية الرثة والمنفلتة ، واعكاساتها على واقع الحياة المصرية العريضة !!






بين عرضين مسرحيين لنص واحد برؤيتين مختلفتين لمخرج واحد في فترتين زمنيتين متباعدتين على نحو اخراج الفنان حمدي غيث لنص الفريد فرج ( الزير سالم) مرتين برؤيتين مختلفتين وإنتاج مختلف وبطولة مختلفة بين (عبد الله غيث) في نهاية الستينيات بفرقة المسرح القومي و( نبيل الحلفاوي) في منتصف الألفية الثانية بانتاج المسرح القومي أيضاً فهنا تكون الموازنة بين العرضين أساس منهج البحث( دراسة موازنة) بينما تتمثل الدراسة المعارضة بين عرضين مختلفين برؤيتين مختلفتين ؛ لمخرجين مختلفين في فترتين زمنيتين مختلفتين ، مثال نص (جواز على ورقة طلاق) المعدل بقلم المؤلف نفسه الفريد فرج مع التركيز على إشكالية منهج التمثيل وتباينها بين الرؤية الأولى للمخرج (عبد الرحيم الزرقاني) والرؤية الثانية للمخرج (أحمد عبد الحليم) ؛ للكشف عن اختلاف خطاب النص المعدل عنه في النص قبل التعديل ؛ حيث تمحور خطاب المسرحية نفسها في نهاية الستينيات حول فكرة استحالة التزاوج بين الطبقتين ( الرأسمالية والعمالية) بينما تمحور الخطاب المعدل للنص نفسه ( ٢-;-٠-;-٠-;-٥-;-) حول إمكان تزاوج رأس المال مع العمال. وهنا يكون على التأصيل العلمي للمعرفة البحثية أن يمدنا بمعلومات عن المتغير الإقتصادي والسياسي الذي حدا بالمؤلف الاشتراكي الفكر (الفريد فرج) ليغير من خطاب معتقده الستيني إلى خطاب مناقض له ؛. عند ذلك سيعكف الباحث على دراسة الخطابين السياسيين للمرحلتين وانعكاسات نظام رأسمالية الدولة ونظام الانفتاح الاستهلاكي بعد حرب اكتوبر ١-;-٩-;-٧-;-٣-;- وصولا إلى المتغير السياسي والاقتصادي في الالفينية ؛ حيث سيطرة شريحة طفيلية من طبقة التجار الرأسماليين الكبار على السلطة التنفيذية العليا في مصر ؛ وهنا وجد الفريد في نفسه قدرة على التلون باللون الذي يكسب التأييد لفكر تلك الشريحة الرأسمالية الطفيلية الجديدة التي اتبعت سياسة السمسرة والكومبرادور ( الوسطاء التجاريين) الذين آلت إليهم ملكية وسائل الانتاج مع سياسة الخصخصة في عصر الرئيس الأسبق مبارك بدءا من ثمانينيات القرن العشرين حتى انتفاضة يناير 2011 الشعبية .
ولنلاحظ أيضا تجربة عرض د. هاني مطاوع لمسرحية ( يامسافر وحدك) عن مسرحية ( إيفرى مان) من القرن الرابع عشر في عرضها لرحلة حساب الانسان بعد موته منفردا دون معين . وما كان عرض ( يامسافر وحدك) إلا ترويجا لثقافة العصور الوسطي الأوروبية ، بالتوازي الموالي لمرحلة صعود تيارات التدين الاسلاماتيكي ( الإخواني والسلفي) في مصر.
هكذا تزامنت ثقافة الريبرتوار المسرحي في مصر مع إعادة نظام يوليو إنتاج الخطاب السياسي لريبرتوار خطابها الديماجوجي ؛ مع تغيير الشعارات بين مرحلة التعريض السياسي الساداتية بمرحلة التعريض السياسي الناصرية بعصر الملكية ، وصولا إلى مرحلة الترويض الإقتصادي والاجتماعي والثقافي في المرحلة غير المباركية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد هجوم إيران على إسرائيل..مقاطع فيديو مزيفة تحصد ملايين ال


.. إسرائيل تتوعد بالردّ على هجوم إيران وطهران تحذّر




.. هل تستطيع إسرائيل استهداف منشآت إيران النووية؟


.. هل تجر #إسرائيل#أميركا إلى #حرب_نووية؟ الخبير العسكري إلياس




.. المستشار | تفاصيل قرار الحج للسوريين بموسم 2024