الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم العقل فى معجزات شفاء المرضى

رمسيس حنا

2016 / 5 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مفهوم "العقل" فى معجزات شفاء المرضى (التى قام بها المسيح)
(رمسيس حنا)

رغم أن بعض النقاد يرون بعض الإختلافات التى تصل الى حد التناقض بين الأناجيل الأربعة فى منظوراتها لشخصية المسيح فإن هذه المنظورات أو زوايا الرؤية فى تفردها و تمايزها و تمييزها و خصوصيتها تتكامل لتقدم شخصية فريدة للمسيح كإله متأنس محب جاء ليخلص و يحرر الإنسان من خطيئته الأصلية. فبحلول المسيح على الأرض نزل الإله من عليائه و من برجه العاجى و إنفك الغموض الذى يحيط به نفسه و تخاطب مع البشر و تعاطف معهم و شعر بألاَمهم و عمل على تخفيفها؛ بل لقد أصبح الإله واحداً من الناس فى مقابل ما صرح به إله التكوين "هوذا الأنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير و الشر" (سفر التكوين أصحاح 3 عدد 22). بمعنى أنه بعد أن أكل اَدم و حواء من الشجرة المحرمة "أنفتحت أعينهما" (سفر التكوين أصحاح 3 عدد 7) و إكتسبا "المعرفة" التى تنحصر فى معرفة الخير و الشر. و الخير و الشر مصطلحان مجردان و متغيران المعنى؛ أى أن الخير و الشر نسبيان يتغير مفهومهما بتغير الزمان و المكان و الأشخاص و المواقف بصفة عامة. و بالتالى لا يوجد تعريف جامع مانع محدد لمعنى الخير و الشر الذين عرفهما اَدم و حواء بعد أكلهما من ثمرة الشجرة المحرمة خاصة و أنه لم يكن هناك من يتعاملا معه غير بعضهما حتى يتسنى لنا إدراك مفهوم الطرفين للخير و الشر من وجهة نظر بشرية أخرى؛ اللهم إلا إذا كان كاتب سفر التكوين يعنى واقعة محددة حكم بها على اَدم و حواء بنتيجتها التى هى معرفة الخير و الشر و تتمثل فى (مخالفة اَدم و حواء) لأمر الأله بالإمتناع عن الأكل من شجرة بعينها و هو أمر سلبى فخالفاه بإتيانهم بفعل موجب و هو الأكل من الشجرة المحرمة فيكون الخير هو عدم الأكل من الشجرة، و الشر هو الأكل منها. أو ربما يقصد كاتب السفر أن الخير هو ستر سوءتى (عورتى) اَدم و حواء أو عدم رؤيتهما لهما و الشر هو كشف سوءة (عورة) الأنسان بصفة عامة و رؤيته لها. أو ربما يكون الخير هو عدم المعرفة (الجهل) و الشر هو المعرفة (العلم). هذه هى المفاهيم الثلاثة للخير و الشر المتعلقة بحادثة واحدة و التى يمكن التوصل اليها من المنظور البشرى. فهل يختلف المنظور الألهى فى مفهوم الخير و الشر عن المفهوم البشرى فى هذه الواقعة المحددة بالذات؟؟ يبدو من هذه الواقعة أن الخير بالنسبة للإله هو طاعته و الشر هو معصيته. و لكن ما هو الشر (الضُر) الذى يمكن ان يصيب الإله من عصيان الإنسان له؟ و ما هو الخير الذى سيعود عليه إذا ما أطاعه الإنسان؟ و طبعاً الجواب سوف يكون: لا هذا و لا ذاك، فالإله فى هذه الواقعة "أكل الإنسان من الشجرة المحرمة" لا يمكن أن يكون مفعولاً به و لذلك لا يمكن أن يتأثر بهذا الحدث من قريب أو بعيد. إذاً لماذا كان رد فعل الإله على هذا الحدث هو الغضب على الإنسان و طرده من الجنة؟ و من ثم حدثت خصومة و مقاطعة من الإله لللإنسان

إن مفهوم الخير و الشر و رد الفعل الغاضب من الإله و عقابه و ثوابه هو مفهوم بشرى أنسانى بحت يتعلق بمصلحة طبقة معينة من الناس. و فى هذه الواقعة بالذات يتعلق الأمر بإقامة قاعدة منشئة لعلاقة إجتماعيية غير سوية بين راع و رعية، بين صاحب عمل و عامل، بين إقطاعى مالك للأرض و فلاح يعمل فيها. فالأول يملك و يتحكم فيأمر و الثانى رعية يعمل و يفلح الأرض فعليه أن يطيع. فالعصيان هو الشر كله و الطاعة هى الخير كله. و عندما تُبنى علاقة على هذا الأساس فلا يعنى هذا سوية العلاقة أو صحتها أو تكاملها ... و لكنها علاقة منشئة للعبودية سوف تؤدى فيما بعد الى الغاء عقل العبد التابع تماماً و إطلاق يد المعبود المتبوع فتكون له الأرض و ما عليها. و كأن المعبود المتبوع المالك ليست له الأرض و ما عليها.

و يبقى السؤال قائماً: هل هذا هو كل ما يريده الإله بالفعل؟ هل هذا هو القصد الحقيقى للإله من وراء نتائج حادثة أكل اَدم و حواء من شجرة المعرفة؟ أم هذا تفسير بشرى لها ربما يكون أسقاط لحقيقة و جوهر المجتمع الذى عاصرته كتابة النص. إن الإجابة على مثل هكذا أسئلة تطلب حضور شخصية ترى بعين الإله و ترى بعين إنسان، شخصية تملك كل شيئ و لا تملك أى شيئ، شخصية لها كل القوة و لها كل الضعف، شخصية تخضع للمنطق و تخضع المنطق لها فتتطابق نتيجة التحليل مع الظاهرة، و بإختصار شديد شخصية جاذبة كالمغناطيس بطرفيه السالب و الموجب و قوة الجذب. هذه الشخصية المغناطيسية ثلاثية الأبعاد (السالب و الموجب و قوة الجذب) قد لا نجدها متمثلة فى أحد غير شخص المسيح فهو الضعيف القوى، و هو أيضاً القوى الضعيف، و هو الفقير الغنى، و هو أيضاً الغنى الفقير، فهو السيد و العبد، و هو أيضاً العبد و السيد؛ و هو المخدوم و الخادم، و هو أيضاً الخادم و المخدوم

فقد جاء المسيح ليخدم و يعلم الجميع دون شروط أو قيود فقط (إعمال العقل) ثم بعد ذلك بحث النتيجة و ردها للعقل و مراجعتها و على أى يكون العقل حراً و لا سلطان عليه إلا العقل. فالمسيح يخدم و يصنع خيراً وهو لم يفرض أو يطلب من أى أحد أن يخدمه أو حتى أن يدافع عنه فى وقت محنته الإنسانية. و ما كان هذا الإله أن يكون إلهاً بتلك العواطف البشرية الإيجابية ما لم يمر هو نفسه كمسيح بهذه التجربة البشرية بظروفها الحسية الجسدية و العقلية و الفكرية و النفسية و البيئية و المعاملاتية التفاعلية البينية. و حسب الأيمان المسيحى فإن هذا لا يعنى أن الإله لا علم له بالإنسان و لكن المقصود هنا أن يعيش الإله بإرادته حياة الإنسان – ليس أى إنسان – بل إنسان من طبقات مهمشة من قاع المجتمع فهو يقول عن نفسه: "لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ" (إنجيل متى أصحاح 8 عدد 20).

و الفلسفة التى تكمن وراء شخصية المسيح هى أن الأله الإبراهيمى خلق الأنسان و إنفصل بل تخلى عنه تماماً و سلمه لسلطة الطبقة الكهنوتية من البشر التى أنتجت إنطباعين (impressions) عامين أحدهما يختص بمفهوم الإنسان (concept) عن نفسه و الإنطباع الثانى يتعلق بمفهوم الإنسان عن الإله. الإنطباع أو المفهوم الأول هو أن الإنسان أفسد طبيعته بمخالفته لوصية الإله و أكله من الشجرة المحرمة؛ و بهذا السلوك الذى يراه الناموسيون الإصوليون سلوكاً منحرفاً و ممثلاً للعصيان و التمرد تغيرت طبيعة الإنسان فأصبح الفساد الجسدى و النفسى و العقلى بصفة عامة مكوناً طبيعياً جينياً (genetic) فى الإنسان و بالتالى فإنه ينتقل بالوراثة الى الأجيال الأخرى، و هذا هو ما يُسمى بالخطيئة الأصلية. أى أن الخطيئة تأصلت فى الإنسان و أصبحت جزء لا يتجزأ من مكوناته. و الإنطباع أو المفهوم الثانى هو ترصد الإله لعقاب الإنسان على عدم مقدرته على تعادلية نفسه و إتزان روحه و توجيه عقله للتغلب على طبيعته الفاسدة و عدم مقدرته على ترجيح و إعلاء و تغليب طبيعته البارة على طبيعته الفاسدة. بمعنى أن الفساد أصبح مكون أساسى (مستحدث) لشخص الإنسان؛ و بالتالى فإن عقاب الإله حتمي لا محالة. و هكذا حكمت طبقة الكهنوت (الأنبياء و رجال الدين) ببرأة الإله من المسئولية كاملة و حملتها للإنسان بمفرده. و كلا الإنطباعين أو المفهومين يدللان على نتيجة واحدة مؤداها هو أن الإله خلق و صنع الإنسان و لكنه فشل فى فهمه و فى تعامله مع هذا الإنسان صنيعته؛ و لكن شكل هذه النتيجة الظاهر و الذى تم زرعه فى العقل الإيمانى هو أن الإنسان هو الذى فشل فى فهمه للإله و فشل فى فهم مقاصد هذا الإله و بالتالى فشل فى تعامله معه؛ و ذلك أن الخطيئة فصلت الإنسان عن الإله أو على الأقل جعلت هناك حاجزاً بينهما و من ثم نسى أو تناسى كل منهما الاَخر: "الى متى يا رب تنساني كل النسيان.الى متى تحجب وجهك عني." (مزمور 13 عدد 1). و النتيجة هى أن الإنسان أصبح حالات متكررة و سلسلة متواصلة من الفشل: "الجميع زاغوا و فسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً، ليس و لا واحد"،( رسالة بولس الرسول الى أهل رومية أصحاح 3 عدد 12). لقد أوجد هذان الإنطباعان أو المفهومان طريقهما لتثبيط عمل المنطقة التى تفرز مادة الدوبامين (dopamine) فى المخ و هو ناقل عصبى (neurotransmitter) مسئول عن التحكم فى الحركة و الإحساس بالأمل و التفاؤل و تنظيم تدفق المعلومات من و الى مناطق المخ المختلفة فيئس الإنسان من إمكانية فهم طبيعة المطلق التى يدّعيها الكهنوت و بالتالى فشل هذا الإنسان النسبى فى فهم نفسه و التعامل معها منفردة و فشل فى فهم نوعه و التعامل معه و بالتالى فشل فى فهم المطلق و التعامل معه بل و فشل فى فهم مفردات الطبيعة و مفردات الوجود بما فى ذلك نفسه و فشل فى كيفية التعامل معهم. و مثل هكذا وجد الإنسان نفسه صيد سهل لشبكة عنكبوتية ينسجها حوله رجال السلطة الدينية لخدمة النخب الإجتماعية من رجال السياسة و الإقتصاد بعد أن تم سجن و تكبيل عقله و حصره فى صورة الإله التى رسمها له رجال الدين من نسج خيالهم فحَّملوا الإنسان بأحمال عسرة لم يلمسوها هم بإحدى أناملهم؛ (ويل لكم أنتم أيها الناموسيون لأنكم تحملون الناس أحمالا عسرة الحمل وأنتم لا تمسون الأحمال بإحدى أصابعكم) (إنجيل لوقا أصحاح 11 عدد 46). فكان لابد لهذا الإله نفسه أن يتخذ صورة هذا النسبى كيما يرد الأنسان (الى صورته و مثاله) بدون أن يفقده حريته الإيجابية بصفة عامة و دون أن يفقده حرية التفكير النابع من حرية عقله الإيجابى بصفة خاصة.

بمعنى أن هناك فلسفة خاصة فى شخصية المسيح تتعلق بأنسنته و إنسانيته و تأليهه و تأنيسه تعبر عن تطلع الإنسان لمعرفة إله يتعامل معه بنسبية ليُشبع حاجته الى الأُلفة (intimacy) و التاَلف (harmony) و التكامل (integrity) مع الإله و يجد منه التعاطف (sympathy and empathy) مع مظاهر ضعفاته فيتشارك الأنسان مع الإله و يتشارك الإله مع الإنسان فيكون الإثنان فى حالة وجودية تفاعلية مستدامة و بالتالى فإن قوة الإله تكمل فى ضعف الإنسان و لا يعد الأنسان يحس بالعار أو الخجل لضعفه بل يكون ضعفه هو مصدر فخره لإمكانية إتحاد و إندماج هذا الضعف فى قوة الإله: "تكفيك نعمتى، قوتى فى الضعف تكمل. فبكل سرور افتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح." (رسالة بولس الرسول الثانية الى أهل كورنثوس أصحاح 12 عدد 9). و ليس الهاً منعزلاً بـ(مطلاقاتهً) التى لا يستطيع العقل البشرى إدراكها و ذلك لكون العقل البشرى نسبى لا يستطيع إدراك "اللامالانهاية" (endlessness). انه من الطبيعى جداً و من المنطقى (logic-al) جداً الا تقوم علاقة سوية بين نسبى و مطلق أو بين ضعيف و متجبر مطلق يُعلن قوته و جبروته على حساب ذل و إذلال الضعيف بإداء حركات طقسية جسدية كالركوع و السجود و تقبيل أيدى اصحاب السلطة الدينية و بالتالى يتم السيطرة عليه معنوياً بكبت ثم إلغاء عقله و تفكيره و من ثم يسهل زرع اى معتقدات فى عقل ذلك الأنسان.

و فى كفاح العقل لفك طلاسم غموض هذا الإله و فى محاولاته لفهمه تبلورت شخصية المسيح الذى جاء ليحرر – و جاء ليعلم الناس كيفية تحرير – العقل الإيجابى فيخلص الإنسان من العقل السلبى المكبل بأغلال المحرمات – و بالتالى – الساقط فى أغلال الخطيئة و العُقد النفسية، و من ثم يتمكن هذا العقل المتحرر من تفهم مقاصد الإله و التفرقة بينها و بين مقاصد الطبقة السلطوية سواءاَ كانت هذه السلطوية كهنوتية أو سياسية. لقد كان عمل المسيح الأساسى هو رد حكم العقل للعقل فلا يكون سلطان على العقل إلا العقل و بذلك يرد العقل البشرى الى المنطق و يرد المنطق للعقل البشرى، فلا عقل بدون منطق و لا منطق بدون عقل. و لهذا كانت بداية إنجيل يوحنا "فى البدء كان الكلمة" (انجيل يوحنا اصحاح 1 عدد 1) و الكلمة هو اللوجوس أو اللوغوس (logos) و باليونانية (λ-;-ό-;-γ-;-ο-;-ς-;-) الذى هو المنطق (logic) و الذى يعنى منطوق العقل الذى يتمثل عمله فى إيجاد أو إكتشاف رابطة / علاقة السببية بين الظواهر و الأحداث و إنتفاء التناقض فى الشيئ الواحد؛ بمعنى اَخر أن المنطق بقواعده هو الذى يبين مدى صحة التفكير فيكون العقل قادراً على تحديد و تعريف و تسمية الأشياء و الإستدلال على علاقتها بمنهجية بحثية و باحثة و ناقدة لمعرفة صور الفكر المتعددة و التعرف على الأخطاء و تصحيحها دون الحد من حرية العقل فى التفكير و ليس بقبول الأمور على ما هى عليه فى صورة إيمان راسخ لا يقبل النقاش أو التساءول. فالمسيح رد للإنسان قدسيته التى سلبها الناموسيون (الأوصوليون) عندما حولوا القدسية من الإنسان و حياته الى أشياء جمادية (كالسبت و الهيكل و الطقوس). فتقديس الإنسان و حياته أهم من تقديس الهيكل و أهم من تقديس السبت و الم من تقديس الطقوس. فلا يوجد أى نبى دعى الى قدسية الإنسان و حياته و عمل من أجل ذلك غير المسيح فقط.

ففى تعاطف المسيح مع الأنسان فى معجزات شفاء امراض هذا الإنسان المهمش و المتروك فى ضياع إستعباد السلطتين الدينية و السياسية له. فالشريعة الموسوية حرمت العمل يوم السبت و لكن استخدم الناموسيون (الأصوليون) هذا التحريم لكى يُحرموا العقل من التفكير فى سببيتة و كان أستدلالهم مغالطة منطقية بقولهم أن الله إستراح يوم "السبت" بعد إنجاز عمله فى عمليات الخلق و الإبداع و كأن الله قد تعب فأضطر الى لأن يأخذ إستراحة لا نهاية لها. و الحقيقة إن فى تمسك الناموسيين (الأصوليين) بيوم السبت ليس تنفيذاً لجوهر و روح الوصية فى الشريعة و لكنه هو تمسكهم بممارسة السلطة على الناس فى تطبيق الشريعة. اما المسيح فقد أعطى مفهوماً جديداً لتقديس الأنسان و ليس السبت. فلم يفهم الناموسيون (الأصوليون) أن تقديس "السبت" هو فى الأصل تقديس الإنسان و حياته بإقامة موعد مع الإله حيث يلتقى الإنسان فكرياً مع خالقه فيحدث بينهما إتصال و تواصل.

ففى إنجيل لوقا أصحاح 6 عدد 1 : 5 ينتقد الناموسيون (الأصوليون) تلاميذ المسيح فى كسرهم وصية تقديس يوم السبت لأن التلاميذ كانوا يقطفون سنابل الحقل و يفركونها بأيديهم و يأكلونها. فكان رد المسيح عليهم بمنطق القياس و الإستدلال بما فعل دأود و جنوده عندما جاعوا فدخلوا الهيكل و أكلوا خبز التقدمة (الذى لا يحل أكله إلا للكهنة فقط). و نحن نتساءال لماذا كانت هذه الخصوصية للكهنة دون سواهم ما لم يرد هولاء الكهنة أن يكونوا طبقة تتمتع بسلطة بأفراز نفسها بمزية لا تتاح لجميع الناس. فلما تجرأ دأود (الملك) رجل السياسة و أخذ و أكل (ما لا يحل له) لم يجد من ينتقده أو يعاقبه على ذلك من الكهنة الذين لم تكن سلطتهم الدينية تضارع السلطة السياسية فى قوتها و سيطرتها فى ذلك الوقت. و هكذا تفتتضح مهادنة السلطه الدينية مع السلطة السياسية بغض النظر عن مشروعية أو قانونية الفعل. و مثل هكذا يبين المسيح مدى نفاق السلطتين أحدهما للأخرى؛ و لكن الناموسيين (الأصوليين) يصرون على توقف العقل و عدم التفكير أو نقد الماضى.

و فى نفس الأصحاح السادس من أنجيل لوقا من العدد 6 : 11 عندما كان المسيح داخل المجمع يعلم فى يوم سبت و كان هناك رجل يده يابسة فدعاه المسيح و أقامه فى الوسط و خاطب الناموسيين (الأصوليين) بسؤاله إياهم: "اسألكم شيئا: هل يحل في السبت فعل الخير او فعل الشر؟ تخليص نفس او اهلاكها؟" و ليس الغرض من السؤال هو الإستفسار أو المشورة أو إختبار معرفتهم و لكن الغرض من السؤال هو العصف الزهنى (brainstorming) الذى يوقظ العقل و يستثيره و يحفزه على التفكير فى إعطاء قيمة للإنسان المهمش و حقه فى العيش بصحة كاملة. و كان الغرض من السؤال أيضاً هو تركيز الضوء و جذب الإنتباه الى قدسية الأنسان و قدسية حقه فى سلامة جسده. و عندما يسلك العقل منحى التفكير المنطقى الإيجابى يتمكن الإنسان من السيطرة على عواطفه السالبة فيوجه تفكيره الى المسلك الإيجابى. و لكن هذا لم يحدث مع الناموسيين (الأصوليين) لأن تحاملهم و شيفونيتهم (prejudice/bigotry/bias/chauvinism) أوقفت إعمال العقل فى سؤال المسيح لهم. فلم يردوا على سؤاله بل ترقبوا ما سوف يفعله ليقيموا عليه الحجة و يحاكموه بتهمة إزدراء الشريعة و إزدراء الدين لأنه كسر حرمة السبت. و لكن المسيح لم يأبه لتفكيرهم الشيفونى المتحامل و خاطب الإنسان الذى يعانى محنة المرض الجسدى و قال له: "مد يدك" و غرض المسيح من أمر الرجل المريض بمد يده هو إظهار رغبة و إيمان و ثقة الرجل بأنه "سيُشفى" إذا ما مد يده للمسيح. و كانت المعجزة فى شفاء الإنسان و تقديسه ... و كان الحقد من الناموسيين (الأوصوليين) يأكل قلوبهم و يعميهم عن الحق لرعبهم من أن يفقدوا مكانتهم و سلطتهم على البشر، فهم لا يهمهم الإنسان بقدر ما يهمهم السيطرة على عقله و تفكيره ليوجهوه الوجهة التى يريدونها؛ فما كان من المسيح ألا أن يصرح لهم بما لا يرغبوا فيه بأن الإنسان هو محور رسالته و تحرير عقله هو مبتغاه فقال لهم: "السبت إنما جُعِل لإجل الإنسان، لا الإنسان لأجل السبت" (إنجيل مرقس أصحاح 2 عدد 27). هذا هو المنطق الصحيح فى أيجاد و إكتشاف العلاقة السببية و إنتفاء التناقض فى الحدث الواحد.

و عندما شفى المسيح مريض بيت حسدا الذى كان طريح الفراش لمدة ثمان و ثلاثين سنة؛ لم يهتم به أحد و يلقيه فى بركة الماء مباشرة بعد تحريك الملاك لمائها. و أن دل هذا إنما يدل على مدى تهميش طبقة الفقراء و المعوزين فى مجتمع إنتفت فيه التضامنية (solidarity). و لكن بؤرة إهتمام المسيح كانت طبقة الفقراء و المهمشين الذين ليس لهم أحد يتضامن معهم فكان تضامن المسيح معهم فأتم شفاء الرجل بكلمته (قم إحمل سريرك و إمش) و كان ذلك يوم سبت. و رأى الناموسيون (الأصوليون) الرجل يحمل سريره و يمش، فلم يثر إنتباههم إسترداد الإنسان لصحته الجسدية و شفاءه بل كان كل همهم هو تقريعه و توبيخه لأنه يحمل سريره يوم سبت. و لم يكن سؤالهم له "من شفاك؟" بل كان سؤالهم "من الذى قال لك إحمل سريرك و إمش؟" و هنا مكمن المغالطة المنطقية فى محاولتهم لجذب الرجل فى دائرة إهتمامهم بالسلطة و هى كونهم "حراس الشريعة و إقامة الحدود"، و لكى يجدوا الحجة على المسيح فى أنه ليس هو فقط الذى يكسر السبت بل إنه يحرض الاَخرين على كسر الناموس. فأخبرهم الرجل فتوجهوا الى المسيح ليقيموا عليه الحد أو على الأقل ليطردوه من المكان لأنه رأوا فى عمله خطراً على سلطتهم فكان جوابه لهم: "أبى يعمل حتى الاَن و أنا أعمل" (إنجيل يوحنا أصحاح 5 عدد 1 : 17)، و بهذا يعلن المسيح لهم أن الإله ليس فى حالة إستراحة أو إسترخاء أو يستمتع بمشاهدة البشر يعانون و يتألمون فى علياء ساديته (sadism).

و مثل هكذا نرى فى حدث تفتيح عينى الأنسان المولود أعمى من بطن أمه و كان ذلك يوم سبت أيضاً: فقد كان المسيح و عمله يوم السبت موضوع إختلاف بين عامة الناس و حتى بين الناموسيين (الأصوليين) أنفسهم فمنهم من حكم فوراً بأن: "هذا الإنسان (المسيح) ليس من الله، لأنه لا يحفظ السبت" (إنجيل يوحنا أصحاح 9 عدد 16) و لكن هناك أخرين بدأت عقولهم تعمل و عمل العقل دائماً يبدأ بالدهشة و السؤال: "كيف يقدر إنسان خاطئ أن يعمل مثل هذه الآيات؟" (إنجيل يوحنا أصحاح 9 عدد 16). و لكن الخوف على ضياع سلطة الناموسيين (الأصوليين) و مكانتهم دفعهم لإجراء تحقيق شمل الإنسان الذى فُتحت عيناه و أبويه كما لو كانت هناك جريمة أُرتكبها المسيح فى حق الإله أو فى حق أحد من البشر لكى يظهروا هم بأنهم مدافعين عن الأله و أوصياء على البشر و على الشريعة و كأن الإله يحتاج لبشر يدافعون عنه. منطق غريب و مغالطة منطقية (logical fallacy) قد تنطلى على الكثيرين، و لكنها لم تنطلى على الإنسان الذى تم له الشفاء عندما سألوه رأيه فى المسيح الذى فتح عينيه فأجابهم بأنه نبي. فوصل بهم تحاملهم الى أن ينكروا حقيقة وجودية الأنسان نفسه أو حقيقة أنه كان أعمى فذهبوا الى والديه و سألوهما ما إذا كان ذلك الشاب إبنهما (إنجيل يوحنا أصحاح 9 عدد 18 و 19)؛ فكان جواب والديه ( نعلم أن هذا ابننا، وأنه ولد أعمى) و لكن خوفهما من الناموسيين الأصوليين جعلهما لا يتحدثان عن كيفية تفتيح عينيه (وأما كيف يبصر الآن فلا نعلم. أو من فتح عينيه فلا نعلم. هو كامل السن. اسألوه فهو يتكلم عن نفسه)، (إنجيل يوحنا أصحاح 9 عدد 20 و 21). فأستدعى الناموسيون (الأصوليون) الإبن الشاب مرة أخرى ليفرضوا عليه ما يرونه هم. فأرادوا أن يدخلوا الشاب من مدخل تفكيرهم المتحامل (biased/prejudiced) الى معتقدهم الخاص مستخدمين حجية فاسدة فقالوا له: "أعط مجدا لله". فهل يقبل الله مجداً من أحد مجبر عليه؟ و لكنها السلطة التى تريد فرض هيمنتها على الاَخرين بأسم الإله لا تتورع أن تتحدث بأسمه لتسيطر على عقل الأنسان و تلوى الحقيقة بل تريد أن تطمسها تماماً فقالوا للشاب: " نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ" (إنجيل يوحنا أصحاح 9 عدد 24) لكى يردد الشاب نفس مقولتهم دون تفكير و دون إمعان فيما يقولون أو فيما يقول و لم يعلموا أن تفتيح عينى الشاب قد سبقه تحرير عقله من سلطتهم فليس لأحد أن يفتش سرائر الاَخرين و يحكم عليهم بأنهم خطاة أو بررة فهذا هو حق الإله و سلطانه فلا يحق لأحد أن يغتصبه لنفسه فكان رد الشاب على كلامهم مثالاً للمنطق الصحيح السليم و بدلاً من أن يجروه لدائرتهم التكفيرية الزمهم الشاب بالدائرة الموضوعية فقال لهم: " أخاطئ هو؟ لست أعلم. إنما أعلم شيئا واحدا: أني كنت أعمى والآن أبصر." هذا الرد المنطقى من هذا الشاب البسيط الذى لم يكن فقيها فى الشريعة و لا الناموس هو محور الأصحاح التاسع من إنجيل يوحنا. فأحس الناموسيون (الأصوليون) بفساد عقولهم و فساد تفكيرهم و بالتالى فساد منطقهم فما كان منهم إلا شتيمة الشاب وسبه (إنجيل يوحنا أصحاح 9 عدد 28 و 34) و لكن منطق الشاب كان أكثر قوة و أكثر إقناعاً و أكثر موضوعية (إنجيل يوحنا أصحاح 9 عدد 30 : 33).

و نقرأ عن معجزة المرأة نازفة الدم فى انجيل متى أصحاح 9 عدد 20 و 21 و فى إنجيل مرقس أصحاح 5 من عدد 25 الى عدد 34 و فى إنجيل لوقا أصحاح 8 من العدد 43 الى 48 و الجميع يجمعون على المرض و مدته إثنتى عشرة سنة و أن المرأة إفتقرت لصرفها كل ما تملك على الذهاب الى الأطباء و الجميع يجمعون على أن إيمان المرأة و ثقتها فى شفائها مرهون بلمس هدب ثوب المسيح. و فى وسط الزحام لمست المرأة النازفة هدب ثوب المسيح فتم لها الشفاء. و الأعجب أن المسيح تجاوب مع إيمان المرأة و أراد إظاهره للجميع حتى يعلم الناس مدى تأثير قوة الإيمان. فسأل: "من لمسنى؟" فكان رد أحد تلاميذه و هو فى الغالب بطرس ينم عن تقبل المسيح حتى للنقد الساخر " يا معلم الجموع يضيقون عليك ويزحمونك وتقول من الذي لمسني " أى أن سؤال المسيح لم يكن ضرورياً فى مثل هذا الظرف ... و لكن المسيح يتكلم عن قناة الأتصال التى فتحتها المرأة النازفة بإيمانها فلما كشفت المرأة عن نفسها للناس و للمسيح قال لها المسيح: " ثقي يا ابنة. ايمانك قد شفاك. اذهبي بسلام." و نحن هنا نتساءل إيمان المرأة بماذا؟ هل هو إيمانها بأن المسيح هو إبن الله؟ لم تكن تعلم المرأة أن المسيح هو إبن الله و لكن إيمانها بالشفاء المشروط بلمس ثوب المسيح هو الذى أتم لها الشفاء. و هذه هى قوة الأيمان الأيجابى التى تجاوب معها المسيح لصنع المعجزة. و هى القوة و الثقة النابعة من عقل الإنسان فى عمل إيجابى يبدو خارقاً للطبيعة.

و فى معجزة شفاء ابنة المرأة الكنعانية التى ورد ذكرها فى إنجيل متى أصحاح 15 من عدد 21 الى 28 كما وردت فى أنجيل مرقس أصحاح 7 من عدد 24 الى عدد 30 يثور الجدل بين النقاد فى كون المسيح عنصرياً (racist/racialist) شيفونياً (chauvinistic) متحاملاً (bigoted) لانه عندما كان المسيح فى تخوم صور و صيدا تقدمت اليه أمرأة و طلبت منه أن يشفى أبنتها. وكانت المراة اممية أى ليست يهودية أو عبرانية و كانت "في جنسها فينيقية سورية". و كان اليهود يعتبرون الأممى نجساً و لا يختلطون أو يتعاملون معهم. فهل كان المسيح يقبل هذا المنحى أو الإتجاه النرجسى المتكبر الأستعلائى فى الفكر اليهودى نحو الاَخرين؟ كان يمكنه أن يلبى أو يرفض طلب تلك المرأة فى شفاء إبنتها دون حوار أو نقاش معها ... و لكنه أراد أن يكشف الداء الفكرى الذى يعتمل فى عقول بعض الناس بإحتكارهم لفكرة الإله. و الدليل على ذلك أن اليهود لا يبشرون باليهودية بين الأمم و لا يقبلون من الأمم الدخول فى ديانتهم. أراد أن يرد المنطق الى العقل و أراد أن يرد العقل الى المنطق. ففى كل معجزة شفاء جسدية يقوم بها المسيح كان يبغى منها تحرير عقل الإنسان أولاً و لكى يتحرر عقل الأنسان كان يقوم بتحريره من الأمراض الجسدية. فلم يقل لها المسيح أنا يهودى و أنت أممية. و لم يقل لها أن الشريعة تحرم التعامل مع الأمميين و لم يقل لها أن الكهنة يحرمون التعامل معكم ... لأنه لا يريد أن يولد كراهية بين الناس و بعضهم حسب جنسهم أو عرقهم ليبنى عليها مجده. بل فضح المعتقد أو الفكر الخاطئ بكشفه على لسانه شخصياً فى صيغتين أحدهما أمرية الغرض منها الإذن و السماح ليعلى من قيمة المرأة التى أمامه: "دعي البنين أولا يشبعون" و الصيغة الأخرى ت تقريرية سالبة الغرض منها كشف التفكير المعيب الأستنكار و الإدانة. و لكن الصيغتين مرتبطتين بمنطق قوى صحيح إذا ما كان المشبه و المشبه به يتساويان فى إحتياجهما. فقال لها " لانه ليس حسنا ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب". و رغم ما فى هذه الصيغة من صدمة بالنسبة للمرأة و لكنها كانت المشرط الذى به أراد المسيح أن يكشف ليس عن ورم فى تفكير المرأة و لكنه أراد به أن يكشف عن فلسفة تصالحية مع الذات و مع الاَخرين و يكشف عن عظمة تفكير المرأة و قوة حجتها فى طلبها كما يظهر إيجابية فهمها العميق لِما خاطبها به المسيح. فالواقع أنه لا فرق بين الأنسان و الحيوان فى الإحتياجات الغريزية (الجوع مثلاً و حتى الشفاء من الأمراض). فقد تجسد المنطق و الحكمة فى رد المرأة عندما قالت: "نعم يا سيد! والكلاب ايضا تحت المائدة تاكل من فتات البنين." ألا تستحق هذه السيدة بردها المنطقى الصحيح و المفعم بالإيمان و الثقة فى النفس و فى شخص المسيح الذى تتواصل معه فكرياً دون كبرياء أو غطرسة أو تعالى أو حساسية ألا تستحق هذه السيدة أن يُلبى طلبها. ألا تستحق مثل هذه السيدة أن تكون تاجاً فوق رأس زوجها؟ إن تفكير هذه السيدة الراقى و ردها الفلسفى قد قابله المسيح بإعلاء شأنها و من أجل منطقها المقنع قال لها المسيح "لاجل هذه الكلمة اذهبي. قد خرج الشيطان من ابنتك" وفى أنجيل متى قال لها: "يا امراة عظيم ايمانك! ليكن لك كما تريدين."

بعد كل ظاهرة تفكير كان يأتى سلوك المسيح الإيجابى لتصحيح الفكر الخاطئ فيتيح للعقل تقييم توجهه و إعادة صياغته من جديد بقناعة ذاتية دون إجبار أو دون توقف العقل. و هكذا كان الإيمان الإيجابى قوة دافعه فى إحياء الأمل و تحقق الشفاء وهذا يكشف الضد فى أن الأيمان بأمور سالبة أو سلبية يُعتبر قوة تدميرية للذات و للاَخرين. و مثل هكذا كانت قدسية الأنسان و قدسية حياته هما المحور الأساسى الذى تدور حوله تعاليم المسيح و معجزاته.
دمتم بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل هو تحليل لشخصية المسيح الإصلاحية ام هناك شئ آخر
سامى لبيب ( 2016 / 5 / 6 - 00:06 )
تحياتى استاذ رمسيس
مقال جيد من حيث التحليل والترابط والبحث فى الجذور ولكن اريد أن أسألك هل هو تحليل لشخصية المسيح الإصلاحية والثورية أم هناك رؤية أخرى


2 - الأستاذ السامى اللبيب 1
Ramsis Hanna ( 2016 / 5 / 7 - 08:56 )
شكراً جزيلاً استاذنا الفيلسوف السامى اللبيب لمرورك و تقييمك للمقال و سؤالك حول نوعية موضوع المقال هل هو تحليل لشخصية المسيح الإصلاحية و الثورية أم هناك رؤية أخرى. و الحقيقة هى اننى أحاول أن احلل الأيمان الأيجابى كعملية عقلية فكرية تتم فى العقل الكائن فى العضو الجسدى -المخ- الذى ينظم و يتحكم فى عمل جميع الأجهزة فى الجسم بما فى ذلك الجهاز المناعى. و لما كان المسيح كإنسان ينحاز الى قدسية الإنسان بصفة عامة و الفقراء و المهمشين بصفة خاصة كما كان يعلى من دور العقل و القكر فأن المقال ينظر الى المسيح من وجهة نظر فلسفية بإعتباره معلم و فيلسوف ككل الفلاسفة الذين يتعاملون مع العقل و الفكر و الكلمة؛ و لكن المسيح يختلف عن كل الفلاسفة فى أنه لم يسكن فى برج عاجى و يبتعد عن الناس، بل بَسَّط فلسفته و نزل بها الى أرض الواقع و بين أن للعقل قوة تلعب دوراً أساسياً فى الصحة الجسدية و النفسية لللإنسان. فحتى عندما كان يختبر أيمان المريض لم يكن يختبره فى عقيدته الدينية و لا فى إيمان المريض بكونه -المسيح أبن الله- بل كان يختبر المريض فى إيمانه بإمكانية تحقق الشفاء و البراء من الداء. (يُتبع)


3 - الأستاذ السامى اللبيب 2
Ramsis Hanna ( 2016 / 5 / 7 - 08:57 )
و هنا يكون المسيح أول من أشار الى إمكانية الشفاء الذاتى بتوجيه عقل المريض الى المنحى الإيجابى نحو إمكانية الشفاء و البراء من الداء، الأمر الذى لم يتناوله أحد من قبله سواءاَ كانوا أنبياء أو فلاسفة. و يتضح ذلك من السؤال الذى كان يوجهه المسيح دائماً لجميع مرضاه: -هل تؤمن أنك تُشفى؟- أو -هل تريد أن تُشفى؟- و هنا ربط المسيح بين الإرادة و الأيمان. فلا إيمان بدون إرادة و لا إرادة بدون إيمان. و لم يسأل المسيح أى مريض -هل تؤمن أن الله قادر أن يشفيك؟- أو -هل تؤمن أنى إبن الله الذى يستطيع أن يشفيك؟- و هو بذلك يريد أن يوجه الإنسان أن العقل وزنة (talent) لا يتاجر فيها الكثيرون (أى لا يُفعِّلها) الناس بالطريقة الأيجابية. فالفرق بين الإنسان الشرير و الإنسان الصالح هو فى التوجه الفكرى و العقلى. و العلماء الأطباء يجرون تجاربهم لدواء جديد على الأنسان رغم ثبوت نجاح الدواء فى التجارب المعملية. فهم يقسمون عينات المرضى البشرية التى تطوع للتجربة الى مجموعات ا ، ب ، ج: فعلى سبيل المثال المجموعة ا تحاط علماً بكل المعلومات اللازمة عن الدواء الفعلى الجديد الذى يأخذونه من حيث كيفية تفاعلاته و فاعليته، (يُتبع)


4 - الأستاذ السامى اللبيب 3
Ramsis Hanna ( 2016 / 5 / 7 - 08:59 )
و المجموعة ب لا تعطى أى معلومات عن الدواء الفعلى نفسه، و المجموعة ج تعطى مجرد مادة غير فعالة تُسمى (placebo) أى (دواء وهمى) على انها الدواء الفعلى الجديد و له نفس المواصفات و الخصائص و هو فى الواقع لا تأثير له أطلاقاً.و يهدف العلماء من ذلك الى الأجابة على سؤال بسيط هو: هل الدواء له نفس المفعول الإيجابى دون ثقة المريض و إيمانه فى الطبيب وفى الدواء الذى يصفه؟ و لا تتخيل النتيجة: فإن معدل الشفاء فى المجموعة ا و المجموعة ج يتقارب الى حد كبير بينما معدل الشفاء فى المجموعة ب يكون هابطاً بكثير عن معدل المجموعتين ا ، ج. فما الذى جعل نسبة الشفاء فى المجموعة ج التى تتعاطى الدواء الوهمى (placebo) مرتفعة؟ إنها قناعة العقل التى تتمثل فى الإيمان و الثقة بالدواء الوهمى (placebo). فالتفكير الإيجابى قوة فى إحداث أمر أيجابى و العكس صحيحح؛ و ألا ما كنا نشاهد ما نراه من تقدم و عظمة فى الحضارة الإنسانية فى جميع مناحى الحياة و العكس صحيح؛ فنحن أيضاً نرى خراب و دمار فى هذه الحضارة؛ و السبب هو التأثير السلبى للدين الذى -ينتهك أنسانيتنا- و هو موضوع كامل لك و ليس لإحد باع فيه مثلك. دمتم بخير.

اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي