الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معاناة إنسان خلق في زمان مضى

فلاح أمين الرهيمي

2016 / 5 / 8
الادب والفن


معاناة إنسان خلق في زمان مضى

أنا إنسان من زمان مضى
رمتني أمي من رحمها .. وضعت يدها على ظهري
وقالت لي : اذهب وفتش عن أهلك ورفاقك
أتيت محلقاً على جناح الحب والشوق
من غابة الذكريات .. أفتش عن أهلي
وعن رفاق دربي الطويل
لأنثر عليهم تراب سجني وغربتي وافتراقي
يوم كنا نمشي حفاة على الحصى
يحمل كل واحد منا الآخر ... نأكل من صحن واحد
وننام على وسادة واحدة
حينما نسير نضع قرص الشمس على جباهنا
نحدو الركب نحو المجد والعلا
لأسألهم عن أفعالنا وشموخنا وصمودنا
فالتفت يميناً وشمالاً .. وشرقاً وغرباً
رأيت بيوتاً وأبواباً كثاراً
منها ما علا أو دنا .. ومنها ما استطال أو استدارا
ورأيت في مكان آخر أطلالاً
كان النور يشع منها جهاراً
فاختلط مع غيوم السماء وغابا
رأيت شيخاً كبيراً .. نوراني الوجه
تغزو وجهه لحية بيضاء كثيفة
يجلس على صخرة في قارعة الطريق
سلمت عليه .. وسألته
أين رحل الالى أهل الأطلال ؟
أين هم الآن أهلنا ورفاقنا النشامى ؟
هل دفنوا تحت الأطلال ؟
أم أصبحوا أشباحاً
تحت كابوس الصمت سكارى
ودّعته ورحلت نحو المدينة
أنظر إلى الوجوه التي تحيط بي
كئيبة عابسة
يعصرها اليأس والإحباط
عيونها تنظر نحوي شزراً وخوفاً
يسمعون كل شيء ... وينظرون لكل شيء
لكنهم لا ينطقون كلاماً
ليس هم الأهل والرفاق .. الذين جئت من أجلهم
الذين كانت تدق لهم أوتار قلبي .. وتصدح حنجرتي
لم يشعر القلب شوقاً إليهم .. ولا حباً وشغفاً بهم
حتى جزعت نفسي من يأسها
وتمنت الرجوع إلى عشها
ولكن ليس باستطاعتها الانفلات
من كابوس سجنها
فناءت بأثقال جزعها وشجونها
فصرخت بأعلى صوتي : أين أنت الآن يا تاريخ ؟
أم أين أنا .. ضاعت أحلامي وأحلام ألمنا
رأيت بدوياً يسير براحلته نحو الصحراء
فقلت له : أيها البدوي
وأنت تسير براحلتك ..
بين شجوى القلب وصحراء الهم
ستسمع ذرات من رمال الصحراء
حملتها الرياح من مدينة الألم والعذاب
ازدحم فيها القهر والحزن واليأس والألم
تصرخ صراخ المستغيثين الضائعين
ترجل عن راحلتك
وضع حفنة من الرمال في جيبك
وحينما تصل إلى المدينة
انثرها في فضاءاتها
ستتحول إلى صراخ وعويل وبكاء
(ربما تجمعنا أقدارنا)
عندما يصحو النيام من غفوتهم
لم تجد من يلتفت إليها .. لأنها أكبر منهم
وستأكلها الأيام .. كما تأكلنا
وستبتلع الرياح كل الأصوات
وتعود بها مرة أخرى إلى الصحراء
فتدفن في وادي النسيان
وستخلو الساحة والمسرح
للمحظوظين ليتصدروا القافلة
من يدري أو يعلم ؟
من سيكون أولئك المحظوظين ؟
ليس سوى المتباكين على إنسانيتنا الزائفة
فأطلق العنان لنفسي .. لتحلق في رحاب الأحلام الضائعة
تسير بي في شوارع المدينة الكئيبة
التي كان لي مع كل شارع وحائط حكاية
يوم كنا نخط على جدرانها شعاراتنا المحشوة
بتحريض الجياع والمحرومين والمظلومين .. إلى الثورة
وأتمتم بحكايات نضبت وانطفأ ضوؤها
وأظل محلقاً في رحاب الأحلام
فأصحو على ما يقوم به
قراصنة القرن الواحد والعشرين
سماسرة الوطن المذبوح والشعب المستباح
من المحترفين على التطبيل والتهريج .. في سوق النخاسة
الذين خطفوا الابتسامة .. من وجوه الأطفال
وجعلوا الدموع تسيل من عيون الأرامل والأيتام
وسرقوا اللقمة من أفواه الجياع
ستبقى الأيام تترى
وتستعرض الأجيال أمام منصة التاريخ
وسينطق حكمه الذي لا يرحم
حيث لا يصح إلا الصحيح
ولا يبقى غير العراق شامخاً
وهو عين الحقيقة ونبض الفؤاد


فلاح أمين الرهيمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نص شعري صميمي أخاذ
ححسين علوان حسين ( 2016 / 5 / 8 - 18:13 )
الرفيق الكبير الأستاذ فلاح أمين الرهيمي المحترم
تحية حارة
بوركت و سلم يراعك على هذا النص الجميل
حبي و تقديري و اعتزازي

اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن