الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صباحي ..... قصة قصيرة

محمد مهاجر

2016 / 5 / 15
الادب والفن


صباحي ..... قصة قصيرة
-
نعم... هذه هي المحاولة السابعة لكتابة رسالة اليها... ومع ذلك فانني مصمم كل التصميم علي ان امضى قدما على الرغم من عدم وجود أي دليل يشير إلى نجاحها... ولأن الكتابة استمرت لساعات طويلة فقد أصاب أعصابي الاعياء والتوتر المفضى الى الشلل التام... وجربت... نعم جربت كل التعابير وحيل الأنشاء لكن فشلت... وهى حيرة فريدة من نوعها... والمحير أكثر هو تصميمي علي ان تكون هذه النسخة هي النسخة الأخيرة... والرقم 7 موجود فى دواخلى ومرتبط في ذهني بسر لا أعرف الان بالضبط كيف استخرج تفاصيله... لكن الاكيد هو ان هذا الرقم... رقم 7... قد اقترن عندى بالحد الذى يضعه الناس عادة كمحك يشير على انجاز العمل

الكتابة ... الكتابة... الكتابة لا فائدة ترجى منها إذا لم تاتى بجديد... والعلاقة االزوجية كذلك... اى علاقة ... حب أو صداقة أو تجارة او ما شابه... والعلاقة لو استسلمت للفتور تكون قد حكمت على نفسها بالنهاية... كذلك العداء لو اصاب عضلاته الفتر وجب عليه أن يتوقف فورا لان السباق في هذه الحالة يصبح بلا جدوى... العناد لا يفيد... نادية كانت عنيدة جدا... جمدت ألة التفكير في راسها ورفضت الإعتذار... وهي المسؤولة عن كل شئ... هي التي وضعت علاقتنا في هذا النفق المظلم... والاصرار على أن تكون المحاولة السابعة هي المحاولة الأخيرة لا يسمى عنادا طالما هو مستند على مبررات منطقية... ولا يحق لاى شخص ان يسأل عن ذلك المنطق... أنا قررت و شرعت فى التنفيذ وكفى... اما منطق العقل المتحجر عند نادية فهو الذى وضع علاقتنا في مازق كبير... اف... التشدد... هو التشدد بعينه... لكن من فينا كان المتشدد ؟
- هل أنت تحبها ؟
- نعم ، بلا شك... وما الغضاضة فى هذا؟
- حسنا... وما هي المشكلة إذن ؟

هنالك أشياء يصعب تبسيطها او شرحها... وانا فى نهاية المطاف لست مطالبا ان اوضح مشاعرى... أول مرة أحدثها صراحة عن حبى، كانت بالقرب من مزرعة على شاطئ النيل فى الخرطوم... كان الوقت عصرا ووهج الشمس قد ألم به الفتور العذب وتمكن منه... جاءت هي وصديقاتها من الريف الغربى لامدرمان وانتظرن هناك... لمحتهن فاستدرت وهرعت صوبهن... ولما وصلت سلمن علي وذهبن فبقيت هى... كانت فى تلك الفترة تخدم في البيوت بما فيها بيتنا... من هنا أتتها الجراة، أعتقد... البنات في ريف امدرمان لا يفعلن هذا عادة... اضافة الى هذا فان اسرتها كانت قد نزحت من بادية كردفان المحافظة بعد ان ضرب الجفاف والتصحر تلك المناطق... ربما كان هنالك إتفاق ما أو تواطؤ بين البنات... لا أدري... امسكت بيدها واقتربت كثيرا جدا منها... كانت تنظر الي وتتبسم... وكلما تفاعلت معها كانت عيناها السوداوان المجنونتان اللذيذان تصبحان أكثر إتساعا وأوفر شهوة... وكان وجهها المليح يبدو مشرقا كله ومفعما بالبشر المنثال... شمس الأصيل كانت جميلة جدا لكنها توارت خجلا لما راتها تخلب لبى... لم تحاول ان تحرر يدها بل ظلت محتفظة بالبسمة نفسها وباهرة الحضور... قلت لها أحبك... وفى تلك اللحظة بالضبط وبسرعة مجنونة حررت يدها من قبضتي ثم هرولت مسرعة... وفي منتصف الدرب استدارت فلوحت لى بيدها ثم انضمت إلى الزمرة... وأنا الأن اجد نفسى استعيد تفاصيل تلك اللحظات ولا أدري ما السبب... هل هو الحب الأعمى أم هو الشيطان الخبيث الذي يسعى الى تبديد الجهد وصرف الانظار عن التفكير المنطقي الرامي إلى حل المشكلة الاساسية... لا ادرى لكن ما اعلمه علم اليقين هو ان هي الا مشكلة ونادية هى المتسبب فيها

تلك هي الحياة، مشاكلها لا تحل بالمعادلات الرياضية أو بالمنطق المجرد... ولكن المباديء والقيم لا يجوز التخلي عنها... حيرة اخرى... نعم هى حيرة اخرى... أنا درست القانون والقانون هو المباديء، ولسوف أظل مخلصا لهذه المباديء والقيم... أنا انسان صاحب راى ولا أشبه العوام الذين لا يجدون الشجاعة على ان يسبحوا عكس التيار... مهنتي عظيمة جدا، انا أحبها واستطعت ان اطور نفسى ولا أسمح بان تذهب مجهوداتي هدرا
- حتى لو أدى التعصب إلى خراب بيتك؟
- هذا فأل سيء يا اخى
- وما هو الفأل الجيد؟

دنياّ!! دنيا عجيبة... نادية ستكون الان حتما مع صديقانها، يحرضنها علي التمسك بموقفها المتصلب... هن خرابات بيوت لا مشورة نافعة ترجى منهن ولا نصيحة تفيد... إضافة إلى ذلك فهن منافقات يضعن الان اقنعة الناصحات والواعظات... هن نفس الصديقات اللائى كن يضايقنني بعبارات الغزل المبتذل حين كن يصادفنني في مكان مهجور او معزول مثل تلك المزعة... أو خلال الدروس الخاصة حين كانت تتخلف عنها نادية... ومع ذلك فاننى لن ابوح لها بهذه المعلومة

لا مدعى ولا متغطرس انا لكن لن أهين نفسى من اجل اى بشر... وتلك الزمرة كذوبة كلها... فبعد زواجنا أصبحن يطوفن بالبيوت ويحدثن الناس بأنني تزوجت من خادمتي وانها مجرد فتاة مخادعة... كذلك كن يقلن بأنني حلبي أهبل مترهل الجسم ضخم الجثة وذو وجه مستطيل ولسان يشبه قالب الطوب الاحمر... والافضل له ان يخفيه حين يضحك... هذه عنصرية قذرة... أنا سوداني أبا عن جد... جدي الأكبر تاجر يونانى جاء الى هنا منذ القدم... وكلمة حلبى تعنى غجرى وتطلق فى السودان على الشخص الابيض او الاحمر للحط من قدره... جدتي لابي سودانية مسلمة من عرب الشمال وأمي نوبية... وحين كنت طفلا كنت أسمع السخرية من الزملاء فى المدرسة حول لكنة امى... كنت أتشاجر معهم وادافع عن العجم... ولماذا اسرتنا بالتحديد؟ فالسودان كله خليط بين عرب وعجم... زوجتي نادية بقارية من غرب السودان وحين تتحدث مع امها فاننى لا أفهم لهجتها لكن لا استهجن ذلك السلوك... كانت تتحدث كثيرا عن جدها... وهو احد امراء المهدية... وتفتخر به غاية الفخر... وعن طريقها احببت المهدى على الرغم من اننى لا افهم الكثير عن دعوته

أمي وصلت... اتمنى ألا تشرع مرة اخرى فى الحديث عن نادية... هي تحبها كثيرا وكانت هى السبب في إثناء ابي عن موقفه المتصلب والمعارض بشدة لفكرة زواجى... وكانت حجته فى ذلك هي أن الناس سيظنون أن السر يكمن فى عيب كبير أو فعل شنيع اقترفناه... لو فتحت الوالدة فمها فلسوف اطلب منها عدم الخوض في الموضوع لانها ستكون منحازة الى جانب نادية بلا شك... الحمد لله ، وضعت مشروب الكركديه الساخن على المنضدة وانسحبت بهدوء... بالهناء والشفاء... كانت تلك هى العبارة الوحيدة التى تركتها ترن رنا لطيفا فى طبلة اذنى... لو كانت اللحظة غير اللحظة لكنت قد طلبت منها أن تمكث طويلا... أحبها كثيرا... إمراة لطيفة جدا، عظيمة وقوية... أحس الان بألم فظيع يكاد يمزق دواخلى... هل امى غاضبة؟ ربما... لكن المؤكد انها ستسامحني لأنها تعلم بدوافعي الحسنة... هى تحب الرجل الصادق صاحب الراي الواضح... كانت تقول لي ان أهم ما يميز والدك هو أنه يتمسك برايه ولو خالفه كل الناس... كان يتفق مع جدى احيانا وفى اوقات اخرى كان يختلف معه خاصة حين اصر الجد على عدم تغيير نوع التجارة... نادية بالمقابل تشبه امى فى اشياء كثيرة لكنها عنيدة مثل ابى... هل هى الان حزينة مثل امى؟

اسبوع مضى على فراقنا... قبلها كنا تشاجرنا طويلا فى المساء... نمت متاخرا لكننى صحوت باكرا فذهبت الى العمل... رجعت والغيظ يكاد يفجر صدرى... دفعت الباب بعنف ووضعت قدمى اليسرى... يقولون انها مفلطحة... وضعتها على فناء الدار وضغطت جيدا على الارض كمن يريد ان يحفر حفرة ليزرع فيها شيئا... نادية كانت لا تحفر لكن كانت تدفن الحفر حين كانت طفلة تساعد والديها في الحقل... شعرت بان اطرافى مثل أسطوانات حديد... تحركت بخطوات بطيئة ثابته ودواخلى مفعمة بالتصميم الاكيد على حسم الامر حسما نهائيا مهما كان حجم التكلفة... ولان القرارات ستكون لها انعكاسات مؤثرة على مستقبلى المهنى والاجتماعى فاننى كنت مشحونا بالعواطف الجياشة رغم التماسك الظاهر... دلفت الى داخل الصالون... كانت تقف عند الدهليز وتنظر الى بلطف... شعرت بانها شاحبة الوجه وحساسة اكثر من ذى قبل... لم التفت اليها... خلعت البدلة الانيقة وقذفت بها لتستقر على طرف الاريكة ثم اتجهت الى غرفة النوم... وفى منتصف الطريق عدلت الخطة فاستدرت ببطء شديد وذهبت الى المطبخ... اخرجت نصف محتويات الثلاجة وكومتها على المناضد... اشعلت البوتجاز وجعلت احدق فى النار المتوهجة ثم شربت الماء الكثير... كان املى ان تنطفئ نار الداخل بسرعة... ترددت نادية كثيراً لكنها دخلت على والقت التحية وهي حذرة... قلت وعليكم السلام... وبسرعة شيطانية حولت بصرى بعيدا عنها... وحين لمحتنى اهم بتجهيز الطعام اسرعت ومدت يد العون... فى تلك الاثناء بدا الضجر يسيطر على فاطفات النار وخرجت... رجعت سريعا ووقفت عند مدخل المطبخ... كنت مصمما على حسم المسالة في نفس الليلة... لكن ما كان يقلقنى هو ان نادية تغيرت فاصبحت الحاجة الى التريث مطلوبة... انسحبت واصبحت اراقبها من بعيد

تركت ما بيدها وابتعدت حتى اقتربت من النافذة فاسندت كوعها عليها ثم ألقت نظرة سطحية على شجيرات وازهار حديقتنا الصغيرة... وحين رأت أن أشعة شمس الغروب قد دثرت الاشجار بثوب من الذهب البديع... اصيبت المتهورة بالغيرة... لم تطق الوقوف فعادت وفتحت الثلاجة واخرجت بعض الاشياء ثم اعادتها مرة أخرى الى مكانها... كررت المحاولة مرة اخرى لكن نفسها لم تطاوعها على الثبات على امر واحد... كانت على قناعة تامة بان من واجبها ان تجهز الطعام لان خبرتى قليلة فى هذا المجال... لكنها امسكت عن الحديث... كانت تربأ بنفسها ان تدنس كرامتها وتقدم على فعل تعلم فى دواخلها بأننى سارفضه لا محالة

الناس يحشرون انوفهم فى كل شئ... شخصان تجمعهما قصة حب عظيمة... تزوجا وعاشا تحت سقف واحد... فما دخل الاخرين فى الذى كان يجرى تحت هذا السقف؟ وما الذى يجنيه هؤلاء البشر لو تمكنوا من الحصول على معلومات تخصنا؟ هى اشياء خاصة وكفى

وكيف يمضي الحب؟ اتساءل وانا اعلم الاجابة... فى ذلك اليوم صمتت وهي تعلم أنه خيار صعب لكنه كان الخيار الأفضل... هي ليست وحدها بل ان الكثير من النساء يفضلن الصمت في مثل تلك الأحوال أملا في إنقاذ الحب... وفي الصمت حكمة... لا ادرى ان كانت نادية تفكر الان مثل ما افكر لكننى اعلم انها لم تك قد احيطت علما بكل الاشياء التى تخص الحياة الزوجية... هي لم تدرك كنه الاشياء تماما... وكل ما كانت تردده هو انها مقتنعة تمام القناعة بانها لم تخطئ... وهذا ما دفعها فى ذلك اليوم على التمسك بالصمت حتى لا تصب الزيت على النار... وتحركت ببطء شديد واطفات نار الموقد فى المطبخ لا النار التى تسكن بداخلها... تاوهت وشهقت مرتين... ثم تلت ذلك باهتين... جلست على الكرسي ووضعت يدها اليسرى على المنضدة الكبيرة وباليد الاخرى كانت تضغط على عينيها المغمضتين... اعتقد انها الان ستقف أمام المراة وستدرك ان البكاء الحنظل والتعب الشديد والارق المقيم توافقت جميعها على ان تمتص الق عينيها الحلوتين الرائعتين الواسعتين... حلوة وجذابة... كنت اقول هذه العبارة بعد أن اضغط على خصرها باصابعى الغليظة... كانت حينها تقفز وتضحك... ولما خرجت من المطبخ احست بانى موجود فى غرفة النوم فدلفت هى نحو الصالون... ولما رجعت لكى اتحدث معها عادت من جديد الى المطبخ... كان قد مضى يوم باكمله وانا صائم عن الحديث... لاول مرة يحدث لى هذا الشيء

تذكرت أننى لم ابدل ملابسى فشرعت فى ذلك... وشعرت بخطواطها وهى تؤوب راجعة الى الغرفة فازداد غضبى... ادركت سخف الافكار التى كانت تدور فى راسى لكننى لم استطع اعتقال البسمة العفوية... كنت اشعر بانها ستعتذر... لا ادرى ان كان بصرها قد امتد الى ما فوق ساقى... وحين رن في أذنى صدى اخر كلمات قالتها فى مساء اليوم السابق شمل الاسى قلبى كله... اسرعت فى ارتداء الملابس ثم ارتميت على السرير... ثبت راسى على يدى المغروزتين على ركبتى واستجديت البكاء لكن الدموع ابت ان تخرج... تركت الباب يتارجح وخطوت مسرعا وانا احرك رجلى بسرعة واقذف بيدى الى الامام والى الخلف... ولجت الى الصالون وارتميت على الكنبة وجعلت احدق فى الصور المعلقة على الجدران والمصابيح والزهور الصناعية والستائر وكل شئ... واحيانا احدق في لا شئ... ذهبت الى النافذة واصبحت اديم النظر الى الفراغ العريض... الفراغ العريض المخيف... فراغ عريض... لا شئ البتة... لا شخوص لا اصوات... رجعت إلى الكنبة... الارجل تتارجح... الارض تتحرك... فرض علينا الصوم وهو كره لنا... صوم عن الكلام المباح وهو جد مؤلم... جمرة لظاها اكثر ايلاما من لهب الجحيم

ازهار الحديقة كذلك صامت عن الكلام، لكنها كانت تغرس ارجلها بثبات فى الطين الاسود الناعم... كان كل منا قد اصابته الغيرة الشديدة لما تاكد له ان الازهارتحب طينها حبا جما... احسب ان نادية تحاول الان ان تستنطق الازهار والاشجار والسحب البعيدة والقطة الرابطة تحت السرير... لعلها تجد منها ما يعينها على فك كل طلاسم المأزق

طال غيابها فتوجهت الى غرفة النوم لكن الباب كان مغلقا من الداخل... كانت لدينا فرصة فى السابق لكسر الجمود لكنها استجابت لسلطان الغضب... ومع مرور الوقت اصبح الأمر اكثر تعقيدا... بذلت جهودا كبيرة لكنها لم تحقق النتائج المرجوة... كان كل منا متشبسا برايه وكانت خيبة املها كبيرة ومؤلمة... لكن عزاوءها كان هو التمسك بخيار الصمت... وهو خيار مضمون لكنه مؤلم... كانت مرتمية على السرير ودافنة راسها في الوسادة... استجدت الدموع وتضرعت اليها لكنها رفضت الخروج من مخبئها... كانت تحس بان ما ستقوله سوف لن يترك الا اثرا محدودا... يقولون اضرب الحديد وهو متوهج... الان تعبت من التفكير نيابة عنها... الذهن خمد... هذا شعور جميل... على الاقل فى هذه اللحظة

طموحة جدا هى ... كانت تعمل بالنهار وتدرس بالمساء... اكملت الثانوية ثم الجامعة واشتغلت فى وظيفة ادارية مرموقة... كثر العذال... هل هو الحسد ام التفريط... كلانا فرط حين كان الحذر هو الواجب... والان تتحرك قبصة يدى الى الامام والفم يحاول أن يخرج العبارة المتوهجة لكن الوهج إنطفأ فجاة والحرف الاول مات... كل الناس خطاؤون، لكن ليس بالضرورة أن نعتذر عن كل خطأ... هكذا يقول لسان حالها فى هذه اللحظة... فى وقت ما كانت تدافع بشدة عن كل افعالى واقوالى وتقول أننى العاشق الاعظم... عندما ذهبت الى قريتها وجدت ان اهلها كلهم كانوا يعرفون اشياء كثيرة عنى على الرغم من اننى لم اك قد التقيت بهم من قبل... فى المساء اكلنا نحن الرجال وتحدثنا كثيرا... كان الرجال فى مكان بعيد عن النساء... اما نادية فلم اك اراها الا لماما... كنت اخر شخص فى المجموعة يخلد الى النوم... كانت الموسيقى الصومالية رائعة وذات ايقاع قوى وراقص... وانهمكت النساء الصوماليات الجميلات فى الرقص وكان رقصهن جذابا ومثيرا... وكان القانون هو الا يرقص الرجل الا مع امراة... ولما كثر على الالحاح من النساء ارسلت فى طلب نادية وجيئ بها... كانت تلبس فستانا ضيقا من الساتان الاحمر وكانت ترقص مثل الصوماليات... تماما مثل الصوماليات حين يقتربن منك فهن راضيات وحين يبتعدن يصبحن نافرات... وعندما سمعت صوت المؤذن كان على ان اسحب الغطاء واظل باقيا فى سريرى حتى الضحى... وهج الشمس اخفى الاثر... وعند الافطار حدثنى القوم انهم خمنوا ما حدث لى وخاضوا فى التكهنات ثم تركوا لى حرية ان احكى لهم كل ما حدث او اكتم ذلك

كانوا يقولون يا صباحي انت شخص كتوم لا يظهر مشاعره السلبية... لكن بعد ذلك اغضبتنى نادية فافتضح امرى امام زملائى... لم يسألونى لكن شعرت بالرغبة التى بدت على وجوههم... نادية كذلك لم تاخذ زمام المبادرة... فى تلك الامسية كانت تخرج من غرفة لتدخل الى اخرى ولا تدرى ماذا تريد... اخيرا ذهبت الى المطبخ وادارت جهاز الموسيقى ثم رقصت بعنف ثم ادارت موسيقى اخرى هادئة وتمايلت وتمايلت... وبعد ان تعبت وضعت جبهتها علي يدها المسنودة على الحائط ثم بكت بشدة... وفجاة توقفت عن البكاء واستدارت فتبسمت... اكتشفت ان وزنها قد زاد... كنت احب رشاقتها وخفة دمها وضحكتها النقية الساحرة... كنت اقول لها قبل الزواج ان سخرية البنات من نحافتها هى نتاج طبيعة للغيرة وستنتهى وصدق حدسى... كن ينعتنها بالنحيفة البلهاء... وهى على النقيض من ذلك كانت ذكية استطاعت ان تحصل على تقدير جيد جدا فى الجامعة... لم احدثها عن رؤية الصوماليات فى المنام... هل هذه خيانة؟ نعم لقد استمتعت بالمشهد لكننى خشيت من المخاطرة... وفى الحقيقة فاننى لم اتعرف على صومالية عن قرب الا مرة واحدة حين اقتربت من تلك الزميلة فى الكلية... كانت جميلة وجذابة وذكية جدا ورقيقة ومهذبة... اعتقد اى صومالى ذكى بالفطرة

سئمت من الوحدة واصبحت احدق فى التلفاز من دون ان اعير البرنامج ادنى اهتمام... التفت فوجدت نادية تنظر الى... بسرعة اشحت ببصرى بعيدا عنها... انطفأت بسمتها بسرعة... بعد لحظات احسست انها اصبحت مشغولة بالتلفاز... كنت اشعر اننى جرحت كرامتها... جرح الحبيب مر ومؤلم جدا... مددت رجلى على الكنبة وغفوت... فتحت عينى فوجدتها تلبس فستان الزفاف وتجلس على الأرض بالقرب منى... مددت يدى فامسكتها... نمت وصحوت مرة اخرى فوجدت ان جثتى الضحمة مكومة فوقها... انسحبت بحذر ثم استدلت الغطاء عليها وابتعدت... وبعد رجوعى وجدتها قد صعدت الى الكنبة وواصلت نومها... انحنيت فقربت فمى من اذنها، كنت اريد أن اهمس لها بكلام كثير لكننى إكتفيت بالاشارة... كانت اثار البكاء ما زالت باقية على خديها... ذهبت وبدلت ملابسى فتركت لها رسالة قصيرة ثم خرجت مغادرا الى بيت ابى

- انت الان تبكى لكن حين غادرت كنت مصمما بشدة على تنفيذ ما عزمت عليه !!!!
- المسالة معقدة... هى اعمق بكثير... وهى لا تشبه مسالة فسخ عقد عملية تجارية

امى دخلت مرة اخرى... اتمنى الا تلاحظ الدموع... ساجففها بعد ان تغادر الشرفة... احمد الله فهى الان مشغولة بالبخور... تدور حولى وفى اركان الغرفة لكى توزع الدخان بالتساوى... انا لا احب الدخان لكنى لا اجرؤ على مخالفتها فى هذه اللحظة... الان اقتربت وامسكت يدى وشرعت تتلو ايات من القران... هذه الخطوة تدعم شكوكى بان الدخان لم ينجح فى طرد الشياطين... وكعادتها اكملت الطقوس بتقبيل جبينى... ستغادر اذن

حين اكتشفت الامر اتفقت مع نادية على خطة ننفذها على مراحل وطلبت منها ان تكتم الامر تماما... نعم هى صبرت حتى اكتمال تنفيذ الخطة لكنها اخطات حين استجابت للضغوط الكثيرة واخبرت صديقاتها بحقيقة ما حدث... وقامت الصديقات بنقل الخبر الى اناس اخرين... وانتشرت الروايات المتعددة للقصة... وكان الناس يضيفون التفاصيل والتوضيحات الكثيرة الى صلب القصة ويفعلون ذلك بحسن نية او بمكر... ولو كنت اخبرت الناس بنفسى لما تركت مجالا للشائعات لكن أخلاقيات المهنة تتطلب منى الا افشي اى معلومات اتفقت مع الاخرين على كتمانها... وكان الناس متلهفين بطبيعتهم لمعرفة اخبار جديدة عن العروسة... طبعا هذا لا يخصهم لكن التكتم... بالطبع... يفتح شهية الناس لاستراق السمع... هذا هو القانون العام ومخالفته تعنى قبول ما يشاع عنك ولو كان كذبا او بهتانا... فكرت كثيرا ووجدت ان النبذ الاجتماعى خير لى من التخلى عن المبادئ

الحياة الزوجية هى حياة مشتركة لا تتحرك وفقا لمبدا واحد هو الحب... يجب ان يكون هنالك اتفاق بين الطرفين... الزوجان ملزمان بان يتحدثا بلسان واحد... ونادية غير مطالبة بان تبرر للاخرين ما حدث... قالت لى انها لم تتعود على ان تكذب... هذا جيد جدا والكذب غير مطلوب... وفى كل الاحوال يمكن للانسان ان يمتنع عن الكلام ويكتفى بذلك... صحيح انها لم تكذب لكنها بسلوكها عرضت مستقبلى المهنى للخطر

لما سمعت النبا انتبهت مباشرة الى ما يجب فعله... كان على ان اتحرك سريعا... زواجنا كان سيصبح فى مهب الريح اذا لم افعل ما فعلت... لا القانون ولا الشرع ولا العرف كان سيسمح بذلك الوضع لذلك قمت بوضع الامور فى نصابها الصحيح

- هل ستكمل كتابة الرسالة؟
- ربما








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما