الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الراديو.. 2/2

ياسين لمقدم

2016 / 5 / 17
الادب والفن


مسرحية من الواقع
الفصل 2/2



************

يُرفع الستار على نفس الديكور...

بينما الكاتبة تقلِّب في هاتفها الجوال على رقمٍ ما وهي تقف وراء مكتبها، رن جرس العيادة، فهبَّت الممرضة إلى فتح الباب. فدخل رجل كهل يلبس وزرة حراس السيارات، ويحمل في يده اليسرى ملفا طبيا، وبيده اليمنى عصاهُ الخشبية التي يتوكأ عليها. الرجل لم يتجاوز عقده الخامس، ولكن العمل المضني والفاقة التي يعيشها عجَّلا به إلى الشيخوخة.
الكاتبة ودون أن ترد على سلامه : هل قمتَ بالتخطيط القلبي الذي أوصاك به الطبيب ؟.
الكهل : يا سيدتي في عيادة الراديوهات طلبوا مني تسديد مبلغ 800 درهم وهذا يفوق طاقتي.
الكاتبة : الطبيب لن يستطيع معرفة أسباب آلامك إلا مع وجود التخطيط القلبي.
الكهل : هل لي أن أقابله لعلي أجد حلا آخر؟.
الكاتبة : بما أنك لم تسجل موعدا مسبقا، فعليك الإنتظار إلى أن ينتهي الطبيب من كشفه على جميع مرضى مواعيد هذا اليوم.
الكهل : إلى متى بالتقريب؟.
الكاتبة وهي تنظر إلى ساعة الحائط التي تشير إلى الحادية عشر صباحا وبضع دقائق : ربما إلى غاية نهاية اليوم...
ترتفع أصوات جماعية من وسط قاعة الإنتظار تثير انتباه الكاتبة والكهل والسيدة المتأنقة : لا مشكلة لدينا إن سمحت للرجل الكهل بمراجعة الطبيب قبلنا.
تبتسم لهم الكاتبة وتدعو الكهل إلى الجلوس...
تقترب المرأة الأنيقة من مكتب الكاتبة التي تعاود البحث في هاتفها عن رقم موظف في المستشفى الجامعي، ثم تضغط على زر الإتصال وهي تبتسم في وجه المرأة المتأنقة.
الكاتبة تتحدث وقد شغلت بوق هاتفها على صوته المرتفع : ألو... السي الحاج كيف هي أحوالك؟
الحاج : أهلا وسهلا بالزِّين... ما سر هذا الغياب الطويل؟؟؟.
الكاتبة : من البيت إلى العمل، ومن العمل إلى البيت، إننا نغرق في الروتين...
الحاج : إني لا أزال على وعدي فقط أنتظر الفرصة المناسبة لأزودك بالأدوية التي طلبتها منك قريبتك...
الكاتبة : آه... كدت أنسى ذلك، الله يثبتنا على الشهادة. تعلم السي الحاج أن ثمن ذلك الدواء يفوق 3000 درهم، وقريبتي تحتاج إلى ست علب لمدة علاج في شهرين...
يقاطعها الحاج : لا عليك، إذن لماذا هذا الإتصال؟ فأنت تعلمين أنك جد عزيزة...
تبتسم الكاتبة وتقول : لي صديقة طلب الطبيب من زوجها إجراء بعض الفحوص الإشعاعية وبعض التحاليل الدقيقة، ولكن ثمنها يتجاوز 8000 درهم.
الحاج : ما نوع الصور الإشعاعية؟
الكاتبة وهي تقرأ في ورقة الكشف التي تسلمتها من السيدة الأنيقة : التصوير الطبي الشعاعي التنظيري، والتصوير المتعدد بالأشعة المقطعية، وتصوير الدماغ بإشعاع البوزيترون.
الحاج : أكي، هذا جيد...
تهمس المرأة المتأنقة في أذن الكاتبة التي تظيف قائلة : من المفترض أن يضم ملف التصوير الإشعاعي تقريرا طبيا وفواتير من أجل التأمين الصحي.
الحاج : أمممم... سأنظر في الأمر، زودي صديقتك برقم جوالي، وقولي لها إني سأنتظرها في الرابعة من عصر يومنا هذا. وأما عن التحاليل الطبية، فإن كانت تفرض على المريض أن يجريها وهو صائم فسأوصي به زميلي الذي يشتغل في المختبر خلال مناوبة الصباح.
الكاتبة بعد أن أملَت على مخَاطَبها أسماء التحاليل الطبية، ومع ابتسامة عريضة : كم سيكلف كل هذا يا سيدي الحاج؟.
يستوي المرضى في مقاعدهم منتظرين بشوق جواب الحاج، بينما أغفى الكهل حارس السيارات في كرسيه.
الحاج : لو كان الأمر بيدي لما طلبت شيئا، ولكن بما أن العملية تحتاج إلى تقرير طبي وإلى تحاليل مختبرية وفواتير، فسيكون المبلغ هو 1000 درهم. سأوزعها بين تقني الراديو والطبيب المختص وأيضا على الطبيب البيولوجي.
الكاتبة تصطنع الذهول : أوووو... سيدي الحاج ماذا تقول ؟. صديقتي تعاني ضائقة مالية وزوجها رجل مريض، أرجوك أن تخفض المبلغ قليلا، وسنرده لك في ساعة الميسرة.
الحاج : من أجلك أنت سأوافق على 800 درهم. وأقسم لك إني سأوزعه على الآخرين ولن أحتفظ بدرهم واحد.
ساد لغظ وهمهمة بين المرضى في قاعة الإنتظار، ولا يُفهم من كلامهم إلا بضع كلمات : سماسرة، لصوص، أولاد الحرام، فساد، خراب، ثورة، عقاب...
رمتهُم الكاتبة بنظرة جاحدة فالتزموا بالصمت...

ـ
ـ
ـ
ستار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير