الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة السجنية، كتابة ضدّ النسيان

مرتضى العبيدي

2016 / 5 / 18
الادب والفن


بعد 14 جانفي 2011، أصدر جمع من قدماء المساجين السياسيين كتبا عديدة تروي تجاربهم في السجن، وكان أغلبها لمساجين حركة الاتجاه الإسلامي، بعضها كان جاهزا وينتظر النشر، وبعضها الآخر كتب بعد رحيل بن علي. ونظمت بالمناسبة العديد من الندوات الفكرية حول هذه الكتابات الجديدة، تطرقت إلى جوانب عديدة من هذه الكتابات، وتناولت بالدرس والتحليل النصوص الجديدة ولكن أيضا النصوص السابقة والتي كانت في معظمها إن لم نقل كلها بأقلام مناضلي من اليسار الذين عرفوا السجون منذ ستينيات القرن الماضي. بحيث أنّه أصبح بالإمكان الحديث عندنا عن مدوّنة سجنية وإن كان حجمها لا يتماشى بعد مع حجم المعاناة التي عاشها معارضو النظام القائم ومع عدد التونسيين الذين عرفوا السجن والتنكيل، والذين ليس بمقدور شخص أو مؤسسة أن تقدّم حتى رقما دقيقا لعددهم خلال فترتي الحكم الدستوري. ففي دراسة حول الموضوع يذكر الباحث العربي شويخة أن عدد المساجين السياسيين في ظل العهد البورقيبي يتراوح بين ألف وألفي سجين. ولا تسأل عن عهد بن علي. والأرقام المتوفرة لا تهمّ سوى المحاكمات الكبرى التي تعرّضت لها مختلف الفصائل. من ذلك ما وثقه الأستاذ عبد الجليل بوقرة حول محاكمات اليسار سنوات 1968 و1974 و 1975 والذين قارب عددهم الـ 400 ( 94 في محاكمة برسبكتيف سنة 1968 ، 202 في محاكمة العامل التونسي سنة 1974 و 101 في محاكمة نفس المنظمة سنة 1975). ومن هنا يكتسي العمل على الذاكرة أهمية خاصة في هذه الفترة بالذات التي يعتبرها البعض فترة انتقال ديمقراطي.

ففي ما يسمى بفترات الانتقال الديمقراطي التي تلي عادة إمّا ثورات أو انتفااضات أو حتى مجرّد موت الطاغية الذي ارتبط اسمه بالقمع والبطش بالمعارضين كثيرا ما تحصل محاولات إعادة بناء الذاكرة، في إطار ما يسمّى بالمصالحة الوطنية وإرساء قواعد ثقة جديدة بين النظام والمواطنين. والأهداف المرسومة لهذا النوع من عمليات حفظ الذاكرة هي:
ـ وصف الأفعال والتجاوزات وتحديد المسؤولين عنها، وتمكين الضحايا من متابعتهم قضائيا وجبر الضرر.
ـ استخلاص الدروس من فضاعات الماضي باستعراض الذكريات المؤلمة وإخراجها من الحيّز الفردي وجعلها جزءا من الذاكرة الجماعية
ـ الكشف أمام العموم عن هذه الممارسات اللاإنسانية للتحسيس بخطورتها وحشد الرفض الجماعي لها والتوقي من العودة إليها في المستقبل. لذلك يتمّ اللجوء في عديد البلدان إلى جلسات طويلة للمصارحة والمكاشفة تضع الضحايا مجددا أمام جلاديهم وتبث على أوسع نطاق في وسائل الإعلام لخلق رأي عام جماعي ضدّ هذه الممارسات.
أمّا الأنظمة الدكتاتورية، حتى وإن رفعت شعار التغيير وتلحفت برداء حقوق الإنسان (مثلما حصل عندنا غداة انقلاب 7 نوفمبر)، فهي لا تسمح بمثل هذا العمل على الذاكرة الجماعية بل تعمل جاهدة على طمسها وتحاول فرض رؤيتها للمصالحة مع الماضي (إمضاء وثيقة المبثاق الوطني كانت بالنسبة لبن علي بمثابة غلق نهائي لهذا الملف). لذلك نجدها تحاصر كل ما من شأنه إثارة هذا الموضوع بشتى الطرق بفرض رقابة شديدة على الفضاء العام ومنع التظاهرات الثقافية والسياسية التي قد تتناوله جزئيا أو كليا، ومنع نشر الكتب أو مصادرتها بعد طبعها، ولا شك أنّ بعضنا يذكر ما حصل مع مسرحية "خمسون" لجليلة بكار وفاضل الجعايبي التي لم يتسنّى عرضها إلا بعد حملة التضامن الواسعة ضد منعها في داخل تونس وخارجها. فبقى هذا العمل على الذاكرة رهين اجتهادات أشخاص أو مؤسسات خاصّة مثل مؤسسة التميمي. وقد نظمت بالفعل العشرات من جلسات الاستماع قابلت فيها الفاعلين السياسيين من شقي الحكم والمعارضة. ودوّنت شهاداتهم الموضوعة اليوم على ذمّة الباحثين.
ومن هنا تكتسي الكتابات السجنية أهميتها للمساهمة في بناء هذه الذاكرة الجماعية ومقاومة النسيان الذي تحاول السلطة فرضه على جانب مهمّ من تاريخ البلاد. وبالفعل فإنه في غياب مثل هذه الكتابات المتعلقة بفترات سابقة، يحقّ لنا أن نتساءل عمّا بقي في ذاكرتنا من المآسي التي عاناها الوطنيون في سجون الاستعمار، أو معارضو بورقيبة من اليوسفيين أو المشاركين في محاولة الانقلاب سنة 1962 رغم كثرة عددهم وهول الممارسات القمعية التي سلطت عليهم لمدّة سنوات طويلة. ولعل القليل القليل الذي كُتب عنهم كان بمبادرة من أوائل المساجين اليساريين الذين التقوهم في برج الرومي بعد محاكمة 1968. ولا بد هنا من ذكر شهادة أحمد بن عثمان الرداوي التي أرسلها من السجن ونشرتها سنة 1979 مجلة "الأزمنة الحديثة" التي كان يديرها الفيلسوف جان بول سارتر. وهي تعدّ من أولى الكتابات السجنية في تونس ما بعد الاستقلال.
ولكن الكتابة السجنية، ورغم أنها تلعب دورا هاما في بناء الذاكرة الجماعية ومقاومة النسيان تطرح عدّة إشكاليات، من بينها ما يتعلق بهوّتها أو بتعريفها.

فما المقصود بالكتابة السجنية أو بأدب السجون كما جاء في عنوان هذا الملتقى؟
ـ فهل هو الأدب الذي يكتبه السجناء داخل السجن فقط مثل "كريستال" لجلبار نقاش
ـ أو حتّى خارجه أي بعد مغادرته مثل "الحبس كذاب والحيّ يروّح" لفتحي بن الحاج يحيى و "عم حمدة العتّال" لمحمد صالح فليس، وذاكرة تأبى المصادرة لـعمّار الزمزمي و "في القلب جمرة" لحميد عبايدية و"برج الرومي" لسمير بن علي وغيرها، أو لعله شرع في كتابة بعض هذه النصوص داخل السجن واكتملت بعد الخروج منه؟
وهنا تطرح مسألة الذاكرة، لأنّ المسافة الزمنية قد تفقد الكتابة حرارتها وعفويتها وتفرض بعض الانتقاء والترتيب. وقد أكد عمار الزمزمي ذلك بصفة صريحة بقوله: "... فإني لا أريد أن أتقيّد بقواعد كتابة السيرة الذاتية. فأنا سأتوخى الانتقاء والإسقاط، لا لتلميع الصور وصنع البطولة وإنما للتركيز على ما أعتقد أنه أكثر أهمية..."
ويضيف في موقع آخر : "سأعوّل بالأساس على ما انطبع في الذاكرة بالرغم من معرفتي المسبقة بأنها تخون بسهولة."
وهو ما أكده الصادق بن مهنّي في شهادته ضمن الندوة التي خصصت لخمسينية منظمة برسبكتيف والتي انتظمت بالمكتبة الوطنية في شهر ديسمبر 2013 إذ اختار لمداخلته العنوان التالي: "الذاكرة ماكرة طبعا، يمكن أن تحسّن أو أن تفسد الأحداث كما تشاء. " وهو محقّ في ذلك، وقد خانته ذاكرته في نفس المداخلة في بعض الجزئيات، إذ عند ذكره لعنوان مسكن عبد الكريم قابوس حيث التقى للمرّة الأولى رفاقا من برسبكتيف ذكر أنه يوجد في 12 نهج توزر، والحقيقة أنّه في رقم 13 من نفس النهج. ومن من شباب برسبكتيف لم يمرّ من ذلك البيت الشهير رغم أنّ ساكنه كان منتميا للحزب الشيوعي التونسي؟ (وعبد الكريم قابوس بصدد كتابة رواية باللغة الفرنسية تحكي بعض أسرار ذلك البيت العجيب اختار لها مؤقتا العنوان التالي: "13 نهج توزر، المحطة النهائية. فلينزل الجميع" « 13 rue de Tozeur. Terminus. Tout le monde descend »
كما اختلطت على الصادق حتى بعض أسماء الرفاق، ففي حديثه عن ذلك المناضل الذي كان كثير التواجد في مشربة رأس الطابية للنقاش حول تاريخ حزب البعث أو حركات اليسار في البلاد العربية قال إنه يدعى "سعد الدين مليكة أو ملوكة" بينما هو "سعد الدين علية" الذي كنّا نلقبه بالأستاذ. (وقد خلط بين اسمي رفيقين: عبدالمجيد بن ملوكة وسعدالدين علية فنحتت ذاكرته منهما اسما جديدا: سعد الدين بن مليكة أو ملوكة" (وكما تلاحظون فإن مليكة هنا اسم طارئ ظهر في فترة لاحقة أي فترة حكم بن علي)
وفي نفس الاتجاه ، ذكر الباحث العربي شويخة في مقال حول "إثارة الذاكرة السياسية في ظل نظام تسلطي " أن قدماء المساجين السياسيين عند الإدلاء بشهاداتهم عن تجاربهم السابقة والمحن التي عانوها في السجون التونسية، تظهر أنّه لا يمكن الحديث عن الماضي النضالي إلا من خلال واقعهم الجديد وظروف عيشهم الحالية: الوضع الاجتماعي، الوضع الأسري، فهم اليوم آباء وحتى أجداد بالنسبة للبعض منهم، وكذلك من خلال الواقع السياسي، ففي تقييمهم للعهد البورقيبي فهم لا يمتنعون عن النظر إليه من خلال مقارنته ولو ضمنيا بعهد بن علي. وكذلك تأثير التغيرات على المستوى العالمي على القناعات وإعادة ترتيب والأولويات ويتساءل الباحث بعدما حاور 15 من قدماء المساجين هل أن ذكريات العذابات في سنوات الجمر يمكن أن تندثر رويدا رويدا وأن تمّحي في النهاية؟ لكنه يخلص للقول أنّ آثارها باقية لا محالة، لكن في الذاكرة الفردية لكل من هؤلاء المناضلين. ويؤكد أنّه لو توفّرت ظروف إخراجها من الحيّز الفردي إلى النقاش الجماعي لأمكن إحياؤها.
لكن "المأساة كما قال الراحل نورالدين بن خذر أنّه كلما تعلق الأمر بالقمع في تونس، فإن الجميع يُصاب بفقدان الذاكرة. فالجميع يقول اليوم: "لم أكن على علم" (والمقصود هنا هم قدماء المسؤولين)، وهذه هي أقصى درجات السخرية. وأنا على قناعة أن هذا الملف سيُفتح، طال الزمان أم قصر. وما سيكشفه سيكون فظيعا بالنسبة لأولئك الذين يعتقدون اليوم أنّهم أفلتوا من العدالة الإنسانية"
ومن بين هؤلاء الكتاب، وقد جاء بالصدفة أو بحكم الأمر الواقع إلى عالم الأدب ، من ستغريه التجربة فلا ينقطع عن الكتابة كما هو الحال في تجربة جيلبار نقاش بعد كريستال أو فتحي بن الحاج يحيى بعد الحبس كذاب الحي يروّح أو محمد صالح فليس بعد عم حمدة العتال. أو حميد عبايدية الذي نشر بعد ثلاثة أجزاء من روايته "في القلب جمرة" ووعد بجزء رابع.
ـ أم هل أن أدب السجون يعني كذلك النص الذي يكتبه الأديب عن السجن حتى وإن لم يعش تجربة السجن؟ والأدب العالمي والعربي يزخر بمثل هذه النصوص. ولعل من أبرزها رائعة عبد الرحمان منيف "شرق المتوسط" في جزئيها الذي أبدع في وصف السجون العربية حتى يكاد التطابق يكون مطلقا بين الكاتب والبطل. وفي تونس قد نذكر على سبيل المثال روايتي إبراهيم درغوثي "القيامة الآن" الصادرة عن دار الحوار بسوريا سنة 1994 ، أو رواية الأزهر الصحراوي "وجهان لجثة واحدة" التي منعت من النشر في تونس لكنها أحرزت الجائزة الكبرى للرواية العربية في مسابقة نُظمت في دولة الإمارات العربية سنة 2007 ونشرت في الإمارات وفي سوريا.
ـ وبين هؤلاء وأولئك، يحتلّ الأدباء الذين عاشوا محنة السجن مكانة خاصة، وهم كثر ويتوزعون على جميع بلدان العالم، نذكر منهم على سبيل المثال من مصر صنع الله إبراهيم، وشريف حتاتة وزوجته نوال السعداوي وفريدة النقاش وجمال الغيطاني ومحمود أمين العالم وأحمد فؤاد نجم وزين العابدين فؤاد وزينب الغزالي، ومن المغرب محمد شكري وعبد اللطيف اللعبي ومن بقية العالم جان جيني، وسولجينتسين، وفاكلاف هافال الخ... وكتابات هؤلاء تختلف بالضرورة عن كتابة السجناء الذين جعل منهم السجن كتابا بالقوة.

إذن يبقى السؤال مطروحا أي ما هو النص الذي يمكننا إدراجه ضمن الكتابة السجنية؟ وتختلف الآراء لدى النقاد في الإجابة على هذا السؤال. فمنهم من هو أميل إلى حصر المجال في نصوص المساجين فقط، وهو بذلك يعطي الأولوية للنص للقيمة التوثيقية للنص ومنهم من يُدرج كل الأدب الذي تعلق بصفة مباشرة أو غير مباشرة بالسجن والمساجين.
ونحن بصدد الحديث عن حدود المدوّنة السجنية، يحقّ لنا أن نطرح سؤالا فرعيا يتعلق هذه المرّة بجنس هذه الكتابة ، إذ كثيرا ما نلاحظ أن الأمر يقتصر لدى البعض على النصوص السردية فقط: فالكتابة السجنية هي إمّا أن تكون رواية أو حكاية أو قصّة، فلا يولى اهتمام خاص بالشعر أو النص المسرحي وغيرهما، بينما نحن نعلم أن كثير الأشعار الخالدة رأت النور في عتمة الأقبية بدءا من أشعار أبي فراس الحمداني والمعتمد ابن عبّاد وصولا إلى أشعار محمود درويش وسميح القاسم ومعين بسيسو وتوفيق زيّاد. يضاف إليها رائعة شاعرنا الراحل محمد الصغير أولاد أحمد "البيان النقابي العام"التي كتبها في فترة اعتقاله مع النقابيين إثر الهجوم على الاتحاد من قبل الشرفاء:
...نقابي
و معترف
و منضبط
و مختلف
و نور الفجر يغمرني
و هذا الليل منصرف
فما الذي يدفع الكتاب والأدباء إلى مثل هذه الكتابة التي أصبحت تشكل لوناً خاصا في عالم الأدب، يطلق عليه اسم أدب السجون ؟ والحال أنّ تجربة السجن وسلب الحرية هي من أقسى المحن التي قد يمر بها بشر، وهو ما يجعل الرغبة في نسيانها أقرب منها إلى تذكرها فما بالك بتخليدها. لذا لا نرى أغلب المساجين يسعون إلى تدوينها أو حتى إلى الحديث عنها. البعض منهم فقط سعى ويسعى إلى ذلك لأسباب متعددة ومنها حسب اعتقادنا مقاومة النسيان. رغم أن للنسيان فضائل كما يقول عبد الرحمن منيف : " لولا النسيان لمات الإنسان لكثرة ما يعرف، لمات من تخمة الهموم والعذاب والأفكار التي تجول في رأسه". فالذاكرة بطبعها انتقائية وجزئية ولا تحتفظ إلا بما تريد الاحتفاظ به، خاصّة وأنّ ظروف الكتابة نفسها وزمنها لهما تأثير على ما نكتب: تغيّر القناعات مثلا، مراجعة الأفكار التي من أجلها سجن الكاتب في السابق، مغادرة المجموعة أو التنظيم الذي سُجن من أجله. كل ذلك من شأنه أن يؤثر في ما يُكتب.
وبالرغم من ذلك أو لعله بسبب ذلك تصبح الكتابة أمرا حيويا للبعض. كتب عمّار العربي الزمزمي في مقدمة كتابه "ذاكرة تأبى المصادرة" ما يلي:
"ولنفترض أن ذاكرتنا الموشومة تنسى، فهل يجوز النسيان؟ إنّ تجربتنا ليست ملكا لذواتنا الفردية فحسب، وإنما هي أيضا وقبل كل شيء ملك للمجموعة. علينا ـ بالعكس ـ أن نتعهّد الذاكرة ونقاوم بوعي كل أشكال المصادرة حتى نضمن عدم العودة إلى ارتكاب نفس الأخطاء. فمن آفات مجتمعنا ـ سلطة ومعارضة ـ "التجاوز" دون توضيح المسائل. اعتدنا أن نطوي صفحات مازالت أسئلتها عالقة تنتظر أجوبة في حين أنّ شعوبا أخرى تقيم متاحف للتذكر حتى تكون كوابيس الأمس خير ضمان لعدم تكرّرها في الحاضر والمستقبل. "

وحضور الذاكرة لافت للانتباه في مختلف أصناف الكتابة لدى قدماء المساجين، ففي مقام آخر، وبمناسبة انعقاد ندوة عن خمسينية منظمة برسبكتيف المشار إليها آنفا، اختار محمد صالح فليس بيتا لمحمود درويش عنوانا لمداخلته "وخوف الغزاة من الذكريات"، وأصرّ على استعمال لفظ "الذكريات" في معظم العناوين الفرعية: بداية الذكريات، بداية الذكريات مكرّر، في خضمّ الذكريات، إمعانا في الذكريات. وفي نفس المناسبة جاءت مداخلة دليلة محفوظ بعنوان: "قول من فعل أو ذكريات متوقّدة"
أمّا في "عم حمدة العتال، فقد كتب محمد صالح فليس ما يلي: " من قال إنّ السجن لا يحفز العواطف ولا يصقل المشاعر ولا يدفع بالمرء إلى تجاوز ذاته وصهر نفسه في اشتعال عاطفي لا ينطفئ؟
ومن بإمكانه أن ينفي عن السجن قدرته الهائلة في تحفيز الذاكرة على التذكّر واختزان صور الأحداث الكبرى والصغرى على حدّ سواء في ذاكرة السجين بحيث يتحوّل أمسه وغده إلى بعديْن متلاحمين يقوّيان في الذات نزعة التفاؤل ويرسمان للمستقبل أبعادا وضاءة ناصعة."
أسئلة عديدة أخرى تستحقّ الطرح في مثل هذه المناسبة، لعل من بينها ما يتعلق بمصير أدب السجون في تونس. فنظرا إلى أنّ الكتابة السجنية ارتبطت بالقمع والاستبداد، وبالمعارضين الذين تزجّ بهم الأنظمة في السجن، فإنّ عديد الندوات التي نظمت للاحتفاء بهذا النوع من الكتابة، طرحت من بين ما طرحت من أسئلة: "هل يندثر أدب السجون كنمط أدبي بعد الثورة؟". وأرى الإجابة قد أتت بعد من الصديق محمد صالح فليس الذي نشر مؤخرا كتابا جديدا بعنوان "سجين في وطني". فهل يعني ذلك أن السجن يأخذ أبعادا أخرى في وضع تونس الراهن وفي الأوضاع المشابهة؟

* نص المداخلة التي ألقيتها بملتقى أدب السجون الملتئم في مدينتي قصيبة المديوني والمنستير (تونس) يومي 7 و 8 ماي 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموسيقي طارق عبدالله ضيف مراسي - الخميس 18 نيسان/ أبريل 202


.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024




.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-


.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم




.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3