الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعريف بكتاب الأقتصاد النقدي للدكتور احمد ابريهي علي

أحمد إبريهي علي

2016 / 5 / 24
الادارة و الاقتصاد


الاقتصاد النقدي
وقائع و نظريات و سياسات
تأليف الدكتور أحمد إبريهي علي
جاء هذا الكتاب حصيلة لمراجعات و أبحاث في موضوعات النظرية النقدية وأسعار الصرف والاحتياطيات الدولية والسياسات التي زاولتها البنوك المركزية. وفق منهج الحوار بين النماذج النظرية والوقائع التي تكشف عنها البيانات، والسياسات المعلنة وما ينتظر منها ونتائجها في الممارسة الفعلية. ويتوجه إلى المشتغلين في النظرية النقدية والمهتمين في الاقتصاد المالي على نطاقه الأوسع. وينطلق من أن المعرفة القائمة يتجاوزها التطورالأقتصادي والمؤسسي ومحاولات التنظير الجديدة بصفة دائمة. ولذلك لا يعدى التخصص الاقتصادي النقدي مهارات البحث في هذا الميدان المعقد والخبرات المتجددة من مواصلة تلك الجهود. ومن المهمات الأساسية للكتاب إدماج عمليات الصيرفة المركزية في قوام التنظير النقدي، ودراسة اسواق واسعار الصرف والأحتياطيات الدولية، إلى جانب الموضوعات المتعارف عليها للنظرية النقدية، لأحتواء الأقتصاد النقدي في منهج شامل ومنسجم.
بدء الكتاب في فصله الأول بعرض الفهم النظري للنقود والتعرف على اليات خلقها، ووظائفها، والطلب عليها و الحوار المدرسي حولها والاختبار الإحصائي لنماذجها النظرية والأطروحات المعتبرة في الوسط الأكاديمي لتفسير السلوك. ودرس الفائدة في نظرية القيمة وتوليد وتزيع الدخل والمستوى الكلي وتفسيرها و تبريرها، و أسعارها. ومراجعة الفرضيات الأساسية في الاقتصاد النقدي عبر الحوار بين الكينزيين و الآخرين.
ويتواصل البحث النظري، في الفصل الثاني، لدراسة التوازن السلعي - النقدي التقليدي و نموذج النقود في دالة المنفعة ومستحدثات الكييزية الجديدة ومدرسة التوقعات العقلانية وموقفها من فاعلية السياسات. وتحليل العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة و النقود، ومنشأ الأضطراب المالي وآراء المدرسة النمساوية فيه. و يراجع مفهوم التوازن الديناميكي غير اليقيني و تفسير التقلبات بالصدمات وعلاقة هذه التصورات النظرية بالتوقعات ذات النظرة الأمامية. ويتكامل مع الفصل السابق و الجزء الأول من الفصل الثالث ضمن النطاق المتعارف عليه أكاديميا للنظرية النقدية، وفي حوار مع الوقائع ذي صلة بالأسئلة التي أثارتها التطورات الأخيرة.
ويولي الفصل الثالث عناية كافية بالميزانية العمومية للبنك المركزي وحساب الأساس النقدي. ويشرح كيفيات انعكاس التوسع النقدي وعمليات السوق المفتوحة والتعقيم في جانبي الموجودات والمطلوبات للميزانية. ثم يدرس التجربة الدولية في استهداف التضخم وتوظيف سعر فائدة البنك المركزي لهذا الغرض، ومضامين تلك السياسة في التشغيل. و تفسير اضطراب الأسواق المالية و ازمات المصارف، ومراجعة دور البنوك المركزية في الاستقرار المالي، ومقترحات التنسيق بين المهام التقليدية للسياسة النقدية ووظيفة الوقاية من الأزمات والتصدي لتكوين الفقاعة. ويعرض، ايضا، مقاربات مغايرة للتيار الرئيسي في النظام المالي – النقدي. ويهتم بالمضامين الإجرائية للسياسات، لفهمها بذاتها، والأبعاد المؤسسية لتعيين الأهداف واختيار الوسائل.
تناول الفصل الرابع البعد النقدي للدين الحكومي وإعادة تمويله مبينا تنقيده وأثره في بنية أسعار الفائدة و السيولة و الاستثمار المالي، و شروط استدامته وهي من العناصر المهمة في الاستقرار. وراجع ازمة الديون السيادية الأخيرة وصلتها بالقطاع المصرفي، والعلاقات المالية الخارجية للدول المدينة وبرامج الإنقاذ.
وعالج الفصل الخامس التوازن في ظل الانفتاح المالي و بذلك تظهر اسعار وأسواق الصرف والاحتياطيات الدولية. ثم التصورات النظرية لفاعلية السياسة النقدية بالعلاقة مع نظام سعر الصرف. و مفهوم الطلب على الاحتياطيات الدولية، وآلية تكوينها لإقامة الصلة بين الأساس النقدي و ميزان المدفوعات، وهي من أهم مرتكزات النظام النقدي في الدول النامية و الناهضة، و لها في الاقتصاد النفطي الدور المهيمن، و ذلك في ضوء دراسة تكوين الاحتياطيات الدولية في التجارب الفعلية، وضغوطات سوق الصرف، وانماط التدخل، والحجم الأمثل للاحتياطيات الدولية و إدارتها.
وقدم الفصل السادس العراق حالة دراسية للاقتصاد النفطي في السيولة والائتمان و بنية الآجال لأسعار الفائدة وتأثير سعر فائدة البنك المركزي عليها. وعلاقة فائض السيولة بإدارة الموازنة والهيمنة النفطية. وتناول سوق الصرف في العراق وسعر الصرف وحركة الاحتياطيات الدولية والتي انعكست فيها خصائص الاقتصاد النفطي.
وقد وضعت مباحث الفصول الستة الكثير من الفرضيات الراسخة في التنظير المتداول إلى المناقشة و الاختبار. فعند النظر إلى العمليات النقدية من داخلها، على سبيل المثال، نجد أن السيطرة على عرض النقد تتطلب استقرار المضاعف النقدي الذي لا تؤيده الوقائع ارتباطا بتغير الحجم النسبي للسيولة الفائضة. وغالبا ما يسمح البنك المركزي لعرض النقد بالتلاؤم الآني مع احتياجات المصارف. والتي لها دور كبير في تكاثر النقود او تقليصها من خلال عمليات الائتمان بالتفاعل مع أوضاع قطاع الأعمال وهذه الوقائع والسياسات تدعم الاعتقاد بأن النقود متغير تابع لعمل النظام الاقتصادي أكثر مما هو محدد مسبقا من البنك المركزي. ولعجز الموازنة العامة دور في خلق النقود مع استجابة البنك المركزي لمتطلبات تمويله حفاظا على أسعار الفائدة ضمن المديات المقبولة.
تثير الفائدة الكثير من المشكلات و التساؤلات الفلسفية و الأخلاقية و الدينية، إضافة على الالتباس الشديد في تفسير منشأ هذا الصنف من الدخل ضمن إطار نظريات القيمة. وعلى المستوى العملي يساعد مفهوم كلفة الفرصة البديلة، متضمنا المخاطرة و الأجل، على تفسير الفائدة ويرسم بنيتها السعرية الأسمية. ويتساوق هذا الفهم مع نظرية تفضيل السيولة التي رجحتها الاختبارات الإحصائية لدالة الطلب على النقود. وتعتمد فاعلية السياسة النقدية، إلى حد كبير، على حساسية النشاط الحقيقي لسعر الفائدة وعلاقة ألأخيرة بحجم الأرصدة النقدية. إلى جانب ذلك يلاحظ التغير الواسع النطاق في سرعة دوران النقود الحقيقية وإلى الحد الذي يتعذر معه الاعتقاد بأن النقود تشكل قيدا على النشاط الاقتصادي وحركة المستوى العام للأسعار، ليس في الأمد القصير وحسب بل حتى عند امتداد فترة التحليل لخمس سنوات.
وأظهرت أبحاث هذا الكتاب بوضوح ضعف العلاقة بين النقود و التضخم و الفائدة، وعموما لم تتأكد علاقة قوية للنقود، وبنمط مستقر، مع متغيرات الاقتصاد الكلي. لقد استلهم ميلتون فريدمان نظرية الحافظة الكينزية وتعريف القيمة الحالية لتدفقات الانتفاع من الثروة في تقديم مفهوم الدخل الدائم، والذي يبقى نظريا صرفا. ويبدو أن الثروة إذا ما أضيفت إلى دوال الاستهلاك والطلب على النقود تسهم في زيادة قدرة النماذج على التفسير.
ولقد أمكن تقدير دالة طلب على النقود بالشروط الإحصائية للكفاءة والاتساق و تحقق شروط التكامل المشترك عند إضافة المتغيرات المتخلفة، وينتظر الفهم الأعمق والأكثر تحديدا طرازا جديدا من التنظير قد تسمح به التقاليد الأكاديمية في المستقبل. وجاءت إضافة منحنى فيليبس تطويرا مهما لنموذج التوازن السلعي النقدي التقليدي، وأيدت التقديرات الإحصائية نموذج فيليبس مع التوقعات التكيفية. ورأينا أن المنهج الكينزي الجديد في دالة التوازن السلعي ينتهي إلى الربط المباشر بين الدخل و الفائدة، ولم يدعم التحليل الإحصائي هذا النموذج إضافة على التحفظ حول أساسه النظري وكيفية الانتفال من المقدمات إلى النتيجة.
وأيد الاختبار الإحصائي النموذج الكينزي التقليدي للتوازن السلعي وأوضح أن ألأنفاق الحكومي له قدرة تفسيرية عالية للطلب الكلي الفعال وبالتالي الدخل الحقيقي، ولم تنخفض فاعليته في تحريك النشاط الاقتصادي خلال السنوات ألأخيرة. ويلاحظ أن مفاهيم الصدمات واستيعابها في الخطأ العشوائي، و الأساس الجزئي للاقتصاد الكلي، والأهمية العالية للتوقعات مشتركات بين مدرسة التوقعات العقلانية و الكينزية الجديدة. وبين التحليل القياسي أن الربط بين سعر الفائدة و فجوتي التضخم والناتج في معادلة السياسة النقدية يتسم بقدر من الواقعية في البلدان المتقدمة. ويمكن للسياسة الاستجابة للصدمات عند تمييز كيفية تأثيرها في المتغيرات الهدفية مع إضافة أدوات أخرى إلى جانب سعر الفائدة. وبصفة عامة تحتاج النماذج النظرية إلى تكييف واجتهاد واسع في تعريف المتغيرات كي تقترب من تمثيل الوقائع وهذا ما بينته ابحاث الكتاب.
لقد أولى هذا الكتاب العناية الكافية لبنية الموجودات في الميزانية العمومية للبنك المركزي إذ أن لعمليات السوق المفتوحة الهادفة للتوسع النقدي صلة وثيقة بحجم الائتمان المحلي في جانب الموجودات. بينما في حالة هيمنة ألأصول الأجنبية تصبح حالة فائض السيولة مزمنة وتكون سياسة التعقيم هي الغالبة. كما يبدو من الضروري مغادرة تقاليد المعادلة الواحدة للسياسة النقدية، والتي تتخذ من سعر فائدة الأمد القصير أداة رئيسية لها، والانفتاح لتجريب العمل مع أكثر من معادلة واحتواء أسعار الفائدة للأمد البعيد و نسبة الاحتياطيات الإلزامية ومتغير تنظيمي يتعلق بكفاية رأس المال... وهكذا. اما الأهداف فهي أصلا متعددة و المشكلة في عدم كفاية الأدوات للوصول إليها، لكن اعتماد سياسة لاستقرار المصارف و أسواق المال مستقلة عن السياسة النقدية ومتسقة معها ممكن نظريا على الأقل .
لقد ارتبط يسر السيولة بميل المصارف لركوب المخاطر وخاصة مع ضعف السلطات الرقابية من جهة الضوابط و الأشراف، والموقف السلبي تجاه رافعة الدين. وعزز استمرار النمو، مع تضخم منخفض في البلدان المتقدمة، الثقة بالتوجه الجديد وصرف الانتباه عن أهمية تقوية أسس الوقاية من الأزمات. ولاحظنا قوة الصلة بين الترويج للاكتفاء بدور السلطة النقدية في السياسة الكلية والتركيز على التضخم و الانفتاح المالي و تعويم العملات الرئيسية في العالم. وأثبتت التجربة أن التضخم المنخفض لا يضمن الاستقرار المالي، وفي نفس الوقت لا تكفي الوسائل النقدية لتحفيز الاقتصاد الكلي. وتستدعي تلك الحقائق الالتفات جديا لتوظيف وسائل أخرى تتضمنها الموازنة المالية العامة للدولة وفي متناول السلطة المالية.
في إجراءات التعقيم يمكن استخدام أدوات الدين الحكومي إلى جانب إصدارات البنك المركزي وتسهيلات الإيداع بفائدة إلا ان الإصلاح البنيوي لإزالة اسباب السيولة الفائضة هو الأفضل، وبخلاف ذلك قد تصل العملية إلى طريق مسدود في كثير من الدول. ونستنتج أفضلية الاقتصار على وسائل الامد القصير دون البعيد في التعقيم. وأصبح من الضروري في عمليات السوق المفتوحة الاعتيادية الانتباه إلى بنية الآجال لسعر الفائدة، وإذا تعاملت البنوك المركزية بسندات دين حكومي، لهذا الغرض بالذات خارج إطار سياسات الإنقاذ، سيكون لها تأثير في تهدئة الأسواق المالية. ويساق هذا المقترح على خلفية الارتباط بين أسعار الأصول وأسعار الفائدة وحركة الائتمان، وبغض النظر عن أصل العلاقة السببية فإن معامل توبين الذي يربط بين اليسر الائتماني و أسعار الفائدة من جهة وأسعار الأسهم و بالتالي الاستثمار من جهة أخرى له مصداقية عالية .
لقد حظيت الأبعاد المؤسسية لعمل البنوك المركزية، بما في ذلك الجمع بين الدور الرقابي والمهمات الاعتيادية، بالكثير من الاهتمام في السنوات الأخيرة مع مبالغة في مفهوم استقلال البنوك المركزية بالسلطة النقدية، والتقليل من شان الهيمنة الممكنة للمالية العامة وخاصة في البلدان النفطية. و كانت العناية في التفريق أو الجمع بين المهمات الرقابية والعمليات النقدية قد طغى على المهم وهو محاولة اكتشاف سبل جديدة لتهذيب سلوك قطاع المال.
و لم يعد الموقف السلبي من تكوين الفقاعة مقنعا لكن وسائل التدخل لم تكن مهيأة وخاصة مراقبة مصادر تمويل الائتمان، بما في ذلك التوليد الذاتي من داخل النظام المصرفي وألأجل القصير، و نسب الموجودات الخطرة واحتمالات إخفاق الشركات الكبرى في تدوير الدين.
تفيد دراسة التجارب ميل البنوك المركزية إلى تنقيد جزء من الدين الحكومي ليكون الباقي متناسبا مع استطاعة المصارف والجهات الخاصة الأخرى على استيعابه. وبينت دراسة مشكلة الدين السيادي أنه من الخطأ الفادح الاعتماد على السوق المالية الدولية لتدوير ديون متزايدة الحجم بل لا بد من التحسب، خاصة، لانعكاس التدفقات الخارجية، فالعلاقة قوية بين العجز عن استدامة الدين العام و الاعتماد على التدفقات الخارجية لتدويره. وفي نفس الوقت يصعب الجزم بحجم الدين المقبول نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي. ولوحظ الارتباط الوثيق بين أوضاع المصارف وفرص تدوير الدين العام بتكاليف معقولة.
لقد راجعنا النظرية المالية لتحديد المستوى العام للأسعار، و توصلنا إلى إقرار العلاقة بين العجز الحكومي وعرض النقد واسعار الفائدة ولهذه كلها صلات بتحديد المستوى العام للأسعار، بصورة أو أخرى، لكن لا تصل العلاقة إلى حد تعيين المستوى العام للأسعار لتحديد قيمة الدين التي تريدها السلطات العامة. كما ناقشنا المبدأ الريكاردي لفاعلية الأنفاق الممول بالقروض، ونرى، ان الفرضية الريكاردية ليست مختبرة وهي صحيحة بقدر أهمية مفهوم الدخل الدائم في تحديد السلوك الاستهلاكي للأسر.
وقد اتضحت الحاجة ماسة للإقرار بالفضاء المشترك للمتغيرات النقدية والمالية العامة وقطاع المال في حركة الاقتصاد الحقيقي. ولذلك يمكن الانتقال من معادلة السياسة النقدية إلى نموذج لسياسة الاقتصاد الكلي والذي يحتوي الأدوات المطلوبة لتهذيب سلوك المصارف والأسواق المالية وإستقراراها، و سياسة المالية العامة والسياسة النقدية بالمعنى المتعارف عليه قبل الأزمة. وهذا التوجه ممكن نظريا، على الأقل، وهو ما يستنتج من مجموع دراسات هذا الكتاب. ولعل مما يدعم هذا المقترح حتى في الأوساط المحافظة ما بينته أزمة الديون السيادية بان الموازنة العامة وبحكم ضخامة الدين الحكومي متدخلة في نطاق عمل السياسة النقدية وسياسة الاستقرار المالي على حد سواء.
يفتقر العراق الى العمق المالي الضروري لفاعلية السياسة النقدية. وترتبط تغيرات اسعار الفائدة على الإقراض بتغيرات أسعار الفائدة على الودائع. ومن جهة أخرى لا زالت الفوائض المصرفية تربك محاولات البنك المركزي للتحكم بالسيولة، والودائع الحكومية هي المصدر الرئيس لتلك الفوائض. ولهذا سوف تتحسن كثيرا امكانية السيطرة على السيولة بعد تأسيس نظام تديره وزارة المالية مع البنك المركزي للتحكم بالودائع سواء من الموازنة أو الشركات العامة والمؤسسات الرسمية ألأخرى المستقلة ماليا. ورغم انخفاض التضخم لكن هذا لا يعني السيطرة عليه، اذ ان نسبة الائتمان المصرفي الى الناتج المحلي الإجمالي منخفضة وكذلك مجموع قيمة ألأصول المالية التي تؤثر بها أدوات البنك المركزي ،مباشرة أو بصورة أخرى. ومع قطاع مالي بهذه الخواص وفي اقتصاد نفطي ، لابد أن تتحمل السلطة المالية أولا و أدارة الاستثمار العام ثانيا مسؤولية السيطرة على التضخم. وذلك باعتماد سياسة توسيع قدرة استيعاب الاقتصاد الوطني للطلب الكلي المتنامي بمعدلات سريعة ارتباطا بمورد النفط وضبط ألأنفاق الحكومي حجما وتركيبا على وفق متطلبات الاستقرار. وترتبط المساعي الناجحة لتنشيط الائتمان المصرفي بتحسين بيئة الأعمال الخاصة في العراق . ويقتضي تقليل المخاطر حسب تقدير المصارف لها استحداث ترتيبات ومؤسسات مالية جديدة لضمان القروض و شراء الديون.
نموذج الاقتصاد الكلي المفتوح هو توسيع لنموذج التوازن السلعي النقدي الكينزي، وبذلك يشمل بجميع التحفظات التي وردت من قبل. كما يقوم على مبدأين هما تعادل أسعار الفائدة وتعادل القوة الشرائية و لم يتأكد انسجامهما مع الوقائع. ولذا يبقى ما يستنتج من التنظيرضنيا إلى حد كبير. وطالما يتحرك المستوى العام للأسعار تصبح العبرة بسعر الصرف الحقيقي وليس النقدي والذي تصعب السيطرة عليه لأن ذلك يقتضي استهداف التضخم وسعر الصرف معا. كما أن سعر الصرف الحقيقي يعكس بالنتيجة السعر النسبي للسلع غير المتاجر بها إلى المتاجر بها دوليا، وفي الاقتصاد النفطي يرتفع السعر النسبي، هذا، لضغط الطلب و المرونة الواطئة للعرض المحلي. والعلاقة بين سعر الصرف ألأسمي و التضخم موجودة، لكن اتجاه السببية ليس قطعيا.
لقد ازدادت الاحتياطيات الدولية في البلدان النامية و الناهضة إلى مستويات تتجاوز الحدود التي تقترحها المعايير المتداولة مثل نسبتها إلى: الاستيرادات، النقود بالمعنى الواسع، الديون قصيرة ألأجل، أقصى عجز متوقع في ميزان المدفوعات، ... و لذلك تفسر بنمط التنمية الذي يقتضي الحفاظ على سعر صرف منخفض للعملة الوطنية في البلدان الآسيوية، وفي البلدان النفطية يضاف عامل القدرة على الاستيعاب. ولاحظنا اختلاف انماط التدخل في سوق الصرف كما تخشى الدول، على الأغلب، التضحية بنسبة كبيرة من الاحتياطيات الدولية للحفاظ على سعر الصرف، فتسمح بتغيره. السيولة والأمان ضوابط أساسية في إدارة الاحتياطيات الدولية، ولا زال العائد له أهمية ثانوية في سياسات الدول تجاه احتياطياتها.
تواجه دول الصادرات الطبيعية المرض الهولندي، ومنها متقدمة مثل أستراليا و كندا، و لم تتبلور بعد استراتيجية ذات قبول واسع للتعامل مع هذه المشكلة. ويبدو واضحا ان السياسة النقدية ضمن النطاق المتعارف عليه لا تكفي لوحدها للوصول إلى نتيجة مرضية. وهناك ارتباط بين استمرار نمو الاحتياطيات الدولية والحاجة إلى سياسة التعقيم. وتفاوتت الدول في البعد المؤسسي لإدارة الاحتياطيات الدولية والتدخل في سوق الصرف، و بشكل عام تكون مشاركة أو هيمنة الحكومة في هذا المجال أكبر مما هي عليه في بقية أنشطة السياسة النقدية.
لقد فسر التحليل النظري و البحث التجريبي نمو الطلب على العملة الأجنبية في العراق بسعر الصرف الحقيقي والدخل. و يرتبط الأخير بإيرادات النفط التي لها الدور الرئيس في تحديد مستوى الناتج المحلي عبر الانفاق الحكومي ودورة الأنفاق. لقد أظهرت الدراسة إمكانية التعارض بين مقتضيات التطابق بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق من جهة و الدور الرقابي للبنك المركزي وضوابط مكافحة غسل الاموال من جهة أخرى. و ينتظر الانسجام بينهما تطوير أنظمة العمل المحاسبي والتدقيق والامتثال وشبكة تبادل المعلومات، إضافة على إحداث تغيير في تنظيم سوق الصرف وأسلوب إيصال العملة الأجنبية من المصدر الحكومي إلى القطاع الخاص. وبين التحليل استقرار سوق الصرف، ولم يتعرض إلى ضغوط بالمعنى الاصطلاحي حتى عام 2014 . وكانت العلاقة بين الكمية والسعر في سوق الصرف واضحة في البيانات اليومية و الشهرية. ولقد ارتفع سعر الصرف الحقيقي للدينار العراقي عن مستواه لعام 2003 إلى مستويات تؤكد المرض الهولندي ومنه صعوبة تنمية القطاع الإنتاجي غير النفطي عبر المبادرة الاستثمارية للقطاع الخاص. ويستوجب هذا الوضع مراجعة السياسة الاقتصادية و إيلاء بنية التكاليف والأسعار الأهمية التي تستحقها. و الحمد لله رب العالمين. الدكتور أحمد إبريهي علي
طبع الكتاب في لبنان، الطبعة الأولى 2015
الناشر دار الكتب . موزعون وناشرون
العراق- كربلاء 00964781110341
البريد الألكتروني [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة


.. تطور كبير فى أسعار الذهب بالسوق المصرية




.. صندوق النقد يحذر... أزمة الشرق الأوسط تربك الاقتصاد في المنط


.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل




.. عقوبات أميركية على شخصيات بارزة وشركات إنتاج الطائرات المسيّ