الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأدب بين الانعزال والمشاركة المجتمعية

سمير الأمير

2016 / 5 / 25
الادب والفن



الأدب بين الانعزال والمشاركة المجتمعية
سمير الأمير

من المحزن فعلا أن يشعر المثقف أن أسئلة الماضى تظل مطروحة بنفس القوة فى حاضر الثقافة ومستقبلها ولا سيما عندنا هنا فى أرض النسيان التى ليست سوى أقاليم مصر المحروسة حيث تخرج القاهرة من تلك الهوة ولكنها للأسف تختار لنفسها هوة أخرى فرغم أنها تنفتح مباشرة على المقولات القادمة لتوها من مقاهى باريس إلا أنها تسقط فى هوة ما بعد الحداثة دون المرور بمرحلتى التنوير والحداثة ، وهنا يمكن الحديث عن عزلتين، العزلة الأولى عزلة الأقاليم التى ترواح مكانها بطرح الأسئلة التى قتلت بحثا من قبيل " الأصالة والمعاصرة " والتراث والتجديد والأدب والمجتمع والشعر العمودى والتفعيلى ثم قصيدة النثر وهل تنتمى للشعر أم لجنس أدبى بين القصة والقصيدة، ناهيك عن قضايا كدور الأدب ووظيفته وإن كان ذلك لا ينفى أن بعض المبدعين يحفظون دريدا و ورولان بارت ( مين دول) ولا يعرفون شيئا عن عبد القاهر الجرجانى على الأقل لينفوا عن أنفسهم تهمة كونهم أدباء إقليميين

العزلة الثانية هى عزلة العاصمة التى ولت وجهها شطر كل غريب وجديد باعتباره موضة ينبغى مسايرتها فغرق كتابها فى موضوعات لا تغادر جلد مبدعيها فكان على المبدعين الحقيقيين من أدباء مصر فى الأقاليم الذين حاصرتهم غاغة المدعين وغياب الإعلام أن يهجروا المدن والقرى الصغيرة نحو ضوء " وسط البلد" الذى يجعل من البوصة عروسة ورغم أن ذلك كان موقفا هروبيا وسلبيا إلا أنه ساهم لحد بعيد فى ضخ بعض دماء الصدق فى عروق الجسد الابداعى لعاصمة مصر بقدر ما ولكن هذا القدر لم يستطع أن يعيد لعاصمة الفكر والثقافة بريقها الذى كان مبهرا فى الأربعينيات والخمسينيات والذى خبى بعد صعود ثقافة البترودولار كرد فعل طبيعى لهزيمة مشروع الوحدة والاستقلال والارتماء فى أحضان الأعداء التاريخيين لأمتنا العربية.

يمكننا أيضا حين نتناول علاقة الأديب بالمجتمع أن نتحدث عن مفهومين مختلفين هما العزلة والانعزال ، الأول فرضته الظروف العامة وسيطرة روح التجارة وانزواء الزراعة والصناعة ثم جاءت العولمة بسلبياتها لتعزل المبدعين الوطنيين باعتبارهم ينتمون لمشروع تمت هزيمته.
والمفهوم الثانى هو مفهوم " الانعزال" وهو يعبر عن قرار للمبدع بهجران قبيلته أو جيله واعتبار نفسه مختلفا عن بقية الخلق وعاجزا أو غير راغب فى الانخراط فى مشاكلهم وقضاياهم وغالبا ما ترى ذلك النوع من الشعراء يسعون لعزلتهم الخاصة بغض النظر عن موقف الناس منهم فهم غير مشغولين الا بأنفسهم وهذا النوع على ندرته يتمتع بثقافة رفيعة وقدرة ابداعية هائلة ، لكنهم أيضا يعيشون فى عتمة الكآبة وينظر لعدم تكيفهم واندماجهم على أنه مرض نفسى.

هناك بالطبع نوع " ثالث" يمكن تسميتهم " مدعى الانعزال" ، وهؤلاء لا يأبهون لقضية ولا يساهمون فى نشاط ، يريدون أن يسعى لهم الناس دون أدنى جهد من جانبهم ، غاضبون من المؤسسة ومن الناس تقطر أشعارهم حزنا ولا تفتح أدنى طاقة فى الجدران السوداء التى تقيمها ، يكثرون من التعامل مع المؤسسات وينتقدون التدجين والدخول فى الحظائر، يريدون أن تسعى إليهم المعارضة باعتبار انحياز ابداعاتهم للفقراء وارتباطها بقضايا الحرية ، ويريدون أن تحتفل بهم الدولة وتمنحهم الجوائز والتكريمات باعتبار أن ابدعاتهم تنويرية وضد الإرهاب وهم فى الحالتين ثابتون على ثُباتهم ، لا يشاركون لا فى الأنشطة المعارضة ولا يتبنون وجهة النظر الدولتية ، فيقولون للمعارضين اذهبوا أنتم وقاتلوا إنا هنا قاعدون ودورنا هو أن نكتب ونبدع، ويقولون للمؤسسات أرأيتم كيف أنّا متعقلون ولا ننخرط فى النشاطات المتهورة ، يسعون لإرضاء الله والشيطان بنفس الدرجة ، هؤلاء هم العدو وعلينا أن نحذرهم فقد ازدحمت بهم الطرقات على ادعاء عزلتهم وضجت الطيور من أصواتهم على ادعاء صمتهم.
المبدعون والمجتمع
هل بإمكان " الذات الشاعرة" أو "المبدعة" بشكل عام أن تحيا منفصلة عن مشاكل المحيط الذى تحيا فيه؟ كيف تكون "الذات مبدعة وشاعرة" وهى تعيش لاهية عما يحدث فى سوريا وليبيا و العراق وفلسطين ؟، كيف تحيا الذات الشاعرة بمعزل عن أخبار حوادث غرق الشباب الباحثين عن الهجرة أو الباحثين عما يقيم الأود وبمعزل عن تراجع الفكر أمام سيطرة دعاة العصور الوسطى الذين يتربصون بكلمة " إبداع" بل يعتبرونها رجسا من عمل الشيطان، أعتقد أننا سنكون بهذا التوصيف أمام "ذات" "متبلدة" و(شعراء )لا يشعرون... وأن هؤلاء الذين اختاروا عزلتهم ينبغى تجاهلهم تماما لسبب منطقى جدا وهو كونهم مدلسين ولا شأن لهم بالابداع إلا من حيث كونه حيثية للحصول على تقدير لا يستحقونه...
لذلك فإن الحديث عن علاقة الأدباء والمبدعين بالمجتمع أولى بالاهتمام من الحديث عن علاقة " النصوص" بالمجتمع ، وكما يقول نجيب سرور " منين اجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه ؟ " الناس كتير والكلام أكتر بس اللى يتلوه يشوفوا اللى حسن شافه، والروح عزيزة يا روح ما بعدك روح ... لزومه إيه الكلام والطور عليه نافه؟"

أو أن نهتم بدراسة الأبعاد الاجتماعية للرؤى ولينابيع الابداع التى أطلقت تلك النصوص، وقد كررت فى غير ندوة وفى غير مقال أن كل النصوص لا قيمة لها مالم تثبت علاقتها بالنص العام للحياة على هذا الكوكب ، ثم النص العام للحياة فى هذا الوطن ، من هنا فقط يمكن أن نميز بين كتّاب وكتبة وبين مبدعين ومزيفين وبين صادقين وكذّبه،

كيف يمكن إذن أن يكون "فؤاد حداد" شاعرا و"مخيمرشلبى" شاعرا، والأخير طبعا لا وجود له كشخص ولكنه موزع بين كثيرين يثيرون الضجيج ويصدعوننا بقصائد تشبه الشعر فى سمته الخارجى لكنها لا تلمس للقصيدة جوهرا ولا تشعل فى السامع قلقا .. قصائد تشبه القصائد تتحدث عن الوطن والفقراء بينما هى مزيفة وكاذبة ، فمفبركها تأثر بالغاغة حتى طن مع الطانين فثار ثوريا بينما لم نشهد له فى كل حياته موقفا منحازا لقيمة نبيلة فى عمله أو فى شارعه الذى يسكن فيه، وقصائد عشق تشبه القصائد تعيد على مسامعنا ما حفظناه حتى صار دارجا ومبتذلا.
***

قراءة فى بعض دواويين العامية فى ضوء قضية الوظيفة الاجتماعية للشعر

ربما يكون اختيار المبدع للعامية تسليما أوليا برغبته فى التواصل مع جموع الناس عبر وسيط وسيط لغوى يفهمونه ويتفاعلون معه فى حياتهم اليومية، و الابداع العامى هنا يصبح أكثر صعوبة من الابداع باللغة التى لا يعرفها سوى المتعلمين ، بتعبير أكثر شيوعا فإن المبدع هنا " يبيع ماء فى حارة السقايين" ولذا فعليه دائما أن يعى أنه لا أحد سيلتفت إلى ابداعه مالم يتميز بالدهشة النابعة من جدة وأصالة ابداعه، وهذا هو السبب فى انتشار المربعات الحكيمة والمواويل فهى وإن كانت تستخدم لغة الناس إلا أنها تلفت انتباههم بصياغاتها الممتعة والتى تغذى خيالهم وتثير شهيتهم للاستماع للمزيد ، من هنا فإن شاعر يمتشق بحر الشعر ويكرر كلاما وصورا معتادة كمن ينفخ فى "قربة مخرومة" ينصرف الناس عنه أو يدعون الاستماع له وربما يصفقون بحكم المجاملة ولكن لا شيء يعلق بوجدانهم من جعجعته غير المقنعة والتى لا تشفى تعطشهم لمتعة الفن الحقيقية،
قرأت بالفعل كل الدواويين التى لدى قراءة كاملة ولكن لأن المجال لا يتسع لدراسة كل الدواوين تفصيليا ،فسوف أتفاعل مع قصيدة أو اثنتين لكل شاعر تكونان دليلا على العلاقة بالمجتمع و تمثلان قدرته الابداعية،
فى البداية ينبغى أن نضع السمات العامة للبيئة الاجتماعية والاقتصادية فى مركز السنبلاوين نصب أعيينا لكى نحدد غن كانت القصائد قد تفاعلت مع مكونات هذا المجتمع أم انها " افتعلت" مجتمعا متوهما وادعت التفاعل معه أى أنها لم تتجاوز ذهنية كاتبها وتصوراته أو قل توهماته ان شئت الدقة،
المجتمع هنا عبارة عن مدينة محاطة بالقرى شأنه شأن كل المجتمعات المحلية فى ريف مصر ، ربما تتميز مدينة السنبلاوين عن المدن القريبة وهى "ديرب نجم وأولاد صقر وكفر صقر بمحافظة الشرقية بأن بها ورش حدادة لتصنيع " مقاطير" الجرارات و" فناطيز" المياه وبعض الآلات الزراعية، وبالتالى فإن حركة التجارة فى هذه المدينة ربما تكون اكثر ازدهارا عن غيرها ، سيصبح من قبيل الادعاء إن حاولنا أن نميز بين القرى والمناطق الريفية حول تلك المدينة وغيرها من مدن شرق الدلتا فالبيئات الريفية واحدة ومن ثم فإن طبيعة العلاقات الاجتماعية وعلاقات الانتاج لن تختلف كثير ومن ثم فإن انعكاستها فى الأدب بوجه عام لابد وأن تكون متشابهة إلى حد بعيد باعتبار أن الابداع هو" بناء فوقى " يعبر عن تلك "البنى التحتية" ولعل " ملحمة السراسوة" التى كتبها الروائى أحمد صبرى أبو الفتوح تكون مفيدة هنا إن أردنا أن نقف على تاريخ نشأة بعض العزب والقرى الصغيرة وطبيعة الصراع حول الأرض بين الفلاحين والبدو وهى ملحمة ضخمة وعمل كبير وتقف دليلا على مدى عمق علاقة كاتبها بالقرى وبالعائلات فى منطقة السنبلاوين وعلاقة ذلك بتاريخ الملكية الزراعية وبمشروع محمد على وبالتاريخ العام للوطن بأسره من خلال رصد مجريات ما حدث لعائلة أحمد السرسى وأبنائه وكذا نشأة ما يمكن أن نسميه البرجوازية الريفية وليس الاقطاع الريفى لأن للاقطاع شروط وسمات وقصة أخرى ، وربما يتساءل سائل وما علاقة كل ذلك بالابداع الشعرى بشكل خاص وبالابداع بشكل عام والإجابة تكمن فى كون الأنثروبولجيا أصدق من التاريخ الرسمى وفى كون الابداع المعنى بالتواصل مع المجتمع المحلى والمجتمع المصرى بعموميته يجب أن يجعل المصادر الروائية والحواديت هدفا له من أجل معرفة الناس الذى يستهدف أن يتواصل معهم.
تطبيق
سيكون أمامنا هنا أن نقرأ بعض القصائد لشعراء ينتمون لتلك المنطقة فى ضوء كل ما سبق لنحدد إلى أى مدى ينغمس الشاعر فى قضايا مجتمعه المحلى ومجتمعه القومى ثم العربى ، وقبل أن نشرع فى تناول كل شاعر سأقرر مقدما أن التفاعلات مع المجتمع المحلى كانت قليلة وتكاد تكون غير موجودة بالمرة فى بعض الدواوين، وكان جل اهتمام الشعراء منصبا على القضايا الكبرى للمجتمع العربى فى العراق وفلسطين ومصر .

ديوان " تكعيبة" للشاعر محمد أبو المعاطى
يوفر علينا محمد أبو المعاطى عناء البحث عن الينابيع التى استقى منها رؤيته الشعرية فيكتب مقدمة لديوانه وهى مسألة لا تحدث كثيرا ولكنها تشى برغبته فى تقديم شعره على خلفية أنه أحد مثقفى هذا الوطن وأنه مهموم مثلهم بهموم الشارع وهو يرى أن الثقافة بشكل عام وفى القلب منها الأدب هو صرخة رفض ضد الظلم والطغيان ، كما يحدد بوضوح أن المبدعين والشعراء فى قلب الثورات والاحتجاجات الاجتماعية و" أبو المعاطى" يعبر عن نفسه دون الانشغال كثيرا بالنتائج فهو يخاطب كلمته قائلا:-

انتى فى الآخر ورق|
تحصريه يطلع ديوان|
تنشريه يصبح زهق|

وهو يشخص بلاده كحبيبة كما يفعل معظم الشعراء فيقول فى قصيدة " التكعيبة:-
إنتى ساكنة جوه قلبى وجوه عينى|
فتشى جوه الليالى تعرفينى-
وإن كان " التخييل" هنا جميلا إلا أن تكرار كلمة " جوه" ثلاث مرات جعل الإيقاع يعلو على حساب الصورة، والجديد فى هذه القصيدة أن الحبيبة كدال لم يسبق المدلول ولكنه بدأ بالحديث صراحة عن الوطن ثم رمز له بعد ذلك بالحبيبة وهو أمر غريب بالنسبة لى على الأقل فمعظم الشعراء يأجلون مفاتيح رموزهم للنهاية لكى يفعل التخييل أفاعيله فى بناء الصورة فى عقل المتلقى ثم تأتى المفاجأة فى النهاية .
لكن الأمر يختلف فى قصيدة " أكيد راجع" فالوطن هو "الصابر على الموعود "
لا حظ هنا استخدام وعاء الصورة التقليدى " الصابر على المكتوب" لكن إحلال الموعود محل المكتوب يعطى الصورة جمالا يتفق مع الروح الوطنية للشاعر الراغب دائما فى أن يتحقق "الأمل المنشود"، هذا الوطن سيعود حتما لنا لأنه يسمع نداء محبيه الذين ينتظرون عودته ، إن أجمل ما فى هذه القصيدة هو التأكيد على أنه لا وطن بدون وعد وأمل ولا تحقق بدون وعى هذا الوطن بنداء الشعراء والحالمين عليه ، هذا الوعى يصبح شرطا ضروريا فبه " سيدوس الوطن فوق الخداع والغش" وستنمحى المسافات بين الوطن وعشاقه ،
ومن القصائد المثيرة للجدل أيضا قصيدة " 30 يونيه" تلك الثورة التى ألهمت الشاعر وجعلته يحلم بأنه يطير محلقا فى سماء الحرية :-
يومها طرت ف كل حته جوه روحى-
كلمة منه وكلمة منى-
راح يزقزق- روحت اغنى-
لكننا سنفيق على ما يكسر هذا الحلم حين ينهى " أبو المعاطى" قصيدته:-
راح حادفنى لفووووق فى ثانية-
واتلاقيتنى ف دنيا تانية-
قولت خير.... إيه يا طير؟
قالى " فوق أنا شهر يونيه"-
ربما قصد الشاعر أن يذكرنا بشهر يونيه من العام 1967 !!!
فى قصيدة" عرفت الناس" ستدهشنا معالجة الشاعر لموضوع " تاريخ كفاح البشر" فطبقا لتناوله تصبح التماثيل فى الميادين حية تنزف دماء وتتحول قصيدته لرحلة وعى تجعلنا ندرك أن هناك صنوفا من البشر يحيون فى وطن واحد فهناك " "ناس" وهناك حراس و وهناك "ناس" مجرد " خشب مسنود" و ناس " تفكر" وناس " تكفر بسبب قلة تفكيرها -
وتفكيرها فى كام ورطة -
وتكفيرها مالهوش حدود-
كما أن هناك بشر وهناك أفاعى فى أجساد بشر، والقصيدة فى مجملها رحلة وعى لا تأبه لغنائية الرؤي التاريخية للوطن وإنما تحلل متناقضاته ليدرك الشاعر والقارىء أن الصراع هو حتما بين من يرغبون فى جعل الوطن مشروعا للعيش وللسعادة المشتركة " بتعبير رفاعه الطهطاوى" وهؤلاء المختبئين فى شقوقه كالثعابين.
من المؤكد أن الشاعر محمد أبو المعاطى لديه عالم حقيقى وقضايا مهمة ، ومن ثم جاء الشعر تعبيرا عن رؤى وأحلام وتطلعات هى فى مجملها مايناضل من أجله كل المثقفين ، و ديوان التكعيبة فى مجمله يعبر عن ابداع حقيقى يتواصل مع المجتمع عبر المعرفة بجماليات التعبيرات التى يتدوالها الناس، ولم تقلل من قيمته بعض مفردات لم يعد لا الشعراء ولا الناس يستخدمونها لأنها تنتمى لمرحلة سابقة ومنها " الهجر" و " الجوى" و"الهيام" فى قصيدة عشق وقصيدة "سطر كامل" و " لو رايدنى"

*****

ديوان " عمك شنطح" للشاعر السعيد حافظ
هل يمكن أن نتساءل إن كانت القصيدة الزجلية منعزلة عن مجتمعها أم مرتبطة به؟ بالقطع ... هو سؤال خارج المنطق وخارج الموضوع فالزجل نشأ مرتبطا بالحياة العامة والخاصة لمبدعيه الذين انغمسوا فى المشاكل الاجتماعية حتى جعلت منهم لسان حالها وصار الزجالون "جرائدا للمعارضة " يستمع إليهم البسطاء ويجدون فيهم ممثلين لهم ، فيتلقفون أزجالهم ويتداولونها ، وقد لمع هذا الفن منذ " أبى عبد الله خلف بن محمد الغبارى" زجال " آل قلاوون" وحينها كان الزجل يقدم النصيحة للحكام فقربوا إليهم الزجالين ويقال أنه مر على مصر زمن كاد الزجل ينسخ الشعر الفصيح. ... المهم أنه نظرا لشيوع أوزانه وبساطة بناء صوره وكذلك لكونه أسبق من شعر العامية ، بل ربما كانت العامية تطورا له ولاسيما مع ابداع العظيمين " بديع خيرى وبيرم التونسى"، كل هذا جعل من مهمة الزجالين الآن مهمة بالغة الصعوبة فالمطلوب هنا أن يكون الزجال شعبيا وعميقا وبسيطا ومبدعا ومدهشا كبيرم التونسى وتلاميذه " أبى بثينه وكامل حسنى" وغيرهم.

يختار " السعيد حافظ " لديوانه عنوان " عمك شنطح" ليذكرنا " بغنوة الأطفال الشعبية : عمك شنطح- جالك ينطح تديلو إيه؟.. فالزجل الحديث لم يعد يرعاه السلطان قلاوون كما حدث مع" الغبارى" الزجل الحديث يختار لنفسه مهمة نطح التخلف ونقد الواقع والتمرد على الظلم والسخرية من الظالم،
يقول الشاعر فى قصيدته الأولى:- عمك شنطح جالك ينطح-
ينهب أرضك تقعد ليه-
جاى بيقبح ناوى يدبح-
يهتك عرضك تعمل إيه؟
الزجل هنا يتجاوز الشكوى والسخرية ليستنهض فى الناس فعل المقاومة ويحملهم مسؤلية الدفاع عن أرضهم وعرضهم ، ولن يختلف الأمر كثيرا فى قصيدة " ياولاد بلدنا" التى يقول مطلعها :- اصحوا فوقوا وامسكوا طوق النجاة-
انزعوا الخوف اللى ماللى قلبكم-
عيب نلاقى كل واحد فى اتجاه
غير أن القصيدة تتحول لهتاف فى نهايتها على وزن " هبوا ياقوم" فتطالب القصيدة بأن يهدم الناس " سجن الكلام" ويمسكوا " أمر الزمام" وهى تعبيرات صوتية جاء بها الإيقاع ومن ثم لم يكن غريبا أن تنتهى القصيدة ب:- نفسى يرجع مجدكم - يعلى من أرضه لسماه- وعلينا أن نعترف أن مفردات " كالمجد" والمرؤة والشهامة تتتحول لمفردات غنائية لا تجاوز الحناجر مالم ترتبط بالوعى الحقيقى لقضية الإنسان على الأرض ولا يتسع المجال هنا للحديث عن " أمجاد تاريخية" كانت فى حقيقتها وبالا على الإنسان فى تلك البقعة البائسة، ليس لكونها لم تكن أمجادا ( لا سمح الله) ولكن لكون السلطان المنتصر فى معظم الأحيان قد تجاهل الإنسان ( الغلبان)
وهذا ما يأخذنا لقصيدة "عراقى " وهى مكتوبة لتؤكد على نصر فى القصيدة " لم يحدث مطلقا فى الواقع" :- تضرب أمريكى حبه-
بريطانى بيستخبى-
ومعاك كل الأحبه-
ما كنت ف يوم جبان-
وفى نهاية القصيدة سيقدم لنا الشاعر إدانة أخلاقية للمعتدى عوضا عن النصر المتوهم الذى تبدأ به القصيدة .
لكن " السعيد حافظ" سيفاجئنا برؤية مختلفة فى قصيدته " ولا يمسح دموعك" فهى تعاتب الناس وتحملهم مسؤلية ما هم فيه من هزيمة وهوان فلنتأمل معا روعة التعبير القادم من عمق وملاحة المواويل الشعبية فى مطلع القصيدة:-
احجب شعاع القمر والضى عن عينى-
اقفل بيبان الهوى اوعاك تصحينى-
ولما يصحى العرب ويفوقوا من نومهم
ممكن اشم الهوى وتعالى صحينى-
فالحياة مرفوضة طالما ظل المستعمر يحتل الأرض وكونى أصحو وحدى لن يفيد وعلينا جميعا أن نصحو صحوة عربية عامة ،
هذا الوعى العميق يتناقض مع كونه يريد أن يذهب لفلسطين من أجل حرق ( الكفار)
ياريتنى طوبة تروح فى ايدين فلسطينى
تمسكنى ايد البطل يحدفنى يرمينى
انزل اشعلل نار احرقلى كام كافر-

الشاعر هنا وقع فى مشروع العدو لخداع العالم فهم يصدرون للعالم أن العرب يحاربونهم لكونهم يهودا وليس لكونهم معتدين ومحتلين
غير أنه يعود للمستوى الراقى لبداية القصيدة فى المقطعين الآخيرين ففى نهاية المقطع الثالث يقول: عودوا يعود عزكم قوموا اهدموا التمثال- وفى نهاية المقطع الأخير يقولك- نفسى أشوف دمعكم يغسل أياديكم-
" السعيد حافظ" من ظرفاء الدقهلية الذين كتبوا نقدا اجتماعيا ساخرا عبر قصائدهم الزجلية وهو معلم لغة انجليزية غير تقليدى ، إذ له جهد كبير فى مسرحة المناهج ، من هنا فنستطيع أن نقرر أنه أديب فاعل مرتبط بمجتمعة وبتطويره ودفعه قدما من أجل غد أفضل وهو الدور الذى يضطلع به كل المثقفين الفاعلين فى مجتمعاتنا المحلية ومجتمعنا الكبير.

*****
" لحظة وقوفى قدامى " ديوان الشاعر " رانيه متولى بلاط"

يعجبنى جدا "عنوان الديوان" فهو فى تقديرى يتفق مع كون الشعر رحلة لاكتشاف الذات واكتشاف العالم من خلالها، يقول الشاعر فى قصيدة " صعب نعيش فى براح الحلم" :- نايمين بنغمس جوعنا بعيشنا الحاف-
ونام فى البرد بربع لحاف-
انما راضين
ولا عمر الرفض ما شق جدار الصمت-
ولا عمرنا قومنا - ولا عمرنا مره رفضنا -
ان احنا نصلى وراك
المعنى هنا واضح وهو أن الشاعر يحمل المظلومين المسئولية عن الحالة التى أوصلوا أنفسهم إليها بإذعانهم لظالميهم وهى دعوة مبطنة للتمرد وللرفض وبدونهما لن يكون بمقدورنا أن نتحرر من أسر الواقع لنحلق فى براح الحلم وهى قصيدة جيدة ومحكمة لولا بعض الاضطراب فى الصياغات مثل ولا عمر الرفض ما شق جدار الصمت – ف ( لا) التى تسبق الجملة للنفى __ ثم ( ما) التى تنفى شق- توحى بأن الإيقاع الخارجى أوقع الشاعر فى اضطراب المعنى فالجملة تستقيم إن كتبت ( وعمر الرفض ما شق جدار الصمت ) أو و(لا شق الرفض جدار الصمت) لكى يتسق المعنى مع ما جاء بعد ذلك .ولكن القصيدة فى مجملها رحلة وعى وفهم وإدراك لوظيفة الشاعر فى عالم يحتاج لإعادة صياغة تخلصه من القبح المتمثل فى غياب العدل وفى الجهل وأيضا فى قبول الناس لواقع ينبغى التمرد عليه.
فى قصيدة " لحظة وقوفى قدامى" يواجه الشاعر فجيعة وجوده المرتبط بخيباته وباختيارته هو يتحسر على وقوفه بينما يشاهد الآخرين ينطلقون ويتحققون،
ويبدو أن شاعرنا كشعراء كثيرين مولعين بجعل الشعر والحزن صنوين ، سنجد ذلك فى قصائد " لساك بتحلم" و" جوه بوحك الف موت" و " رحيل" وهى عناوين توحى باليأس ويبدو أن الحزن بضاعة رائجة حتى فى أغانينا الشعبية ويحتاج الأمر لدراسات نفسية واجتماعية تحلل احتفاء المصريين " أصحاب النكتة والدم الخفيف" بالحزن وهنا أتذكر " سمير عبد الباقى " وهو يقول " والحزن له فى بلدنا قصة طويلة حزينه- يحكيها لو ألف مرة للريف وأهل المدينة"
فى القصيدة الأخيرة سنجد " ثورة" لأنه فى نهاية الديوان قرر الشاعر أن يخرجنا من كل تلك الدوائر القاتمة ، يقول "رانيه" :-
يا بكره الجاى ما تخافش-
تعالى وخطى فوق رمشى-
راسملك سكة من دمى-
على ميدان الأمل الاخضر-
تعالى وهاتلى ضى الشمس-
عشان نمحى ضلام الأمس-
وهو ما يؤكد على أن جوهر ما يصبو إليه الشاعر هو أن يتواصل مع مجتمعه وان يؤثر فيه ، بل ويدفعه للخروج من الحالة السوداوية إلى آفاق جديدة من الأمل والتحقق.

******

خريف الهوى ديوان الشاعر مصطفى أغا
ربما يصح هنا أن نتذكر مقولة العبقرى صلاح جاهين " كلام على لسانى جانى لابد أقوله لحد" ، لكن علينا أيضا ألا نغفل مقولة- "العبقرى أيضا"- نجيب سرور " الناس كتير والكلام أكتر بس اللى يتلوه يشوفوا اللى حسن شافه" ،أي أن الكلام لا يصبح له ضرورة بعيدا عن تجربة قائله ، والتجربة هنا لا تعنى مجرد المرور بالخبرة فصاحب الديوان مر بخبرة الحرب فكان من جنودنا الذين انتصروا فى اكتوبر العظيم ، لكننا لن نجد حضورا قويا لتلك الحرب ولن نجد أيضا علامات مفصلية تشير الى ارتباط ماكتبه بأحداث كبرى ، وإن كنا لا نعدم بعض القصائد التى تتحدث عن الوحدة الوطنية أوحذاء " منتظر الزيدى" أو " جورج بوش"، ومن هنا ليس من حقنا أن نمارى فى مرور الشاعر بالخبرة، ولكن علينا أن نتفق أن المرور بالخبرة ليس كافيا وإنما الوعى بها هو ما يمكن أن ينتج ابداعا يضمن تورط القراء أو السامعين فى العوالم التى يخلقها المبدع، فالشاعر يتساءل فى قصيدة " ندر" قائلا:-

يا مصر ليه عدوينك بيفرقوكى شتات؟
وليه بيقسوا عليكى ويفرقوا الاخوات؟
وهى أسئلة لايمكن أن تورطنا فى البحث عن إجابات، فما دور العدو إذن أن لم يكن تشتيت الأوطان وبث الفرقة بين الإخوة والمواطنين ، بينما لو أستبدلت كلمة "عدوينك" ب "ولادك" لأصبح السؤال معبرا عن موقف كارثى ومثيرا لاستنكارنا و"تأنيب" ضمائرنا.
فى قصيدة أخرى عن " أحمد فؤاد نجم" يقول " مصطفى أغا":
طول عمرى عايش مطاطى-
وراضى وللجميع خدام-
وبعدت عن كل واطى
ولا يوم صاحبت اللئام-
وهو ما يعنى أن الشاعر لم يكن واعيا بأن الإنحناء للجميع ينطوى على تناقض مع تصريحه بأنه " ابتعد عن كل واطى" فلابد أن يكون من بين " الجميع" من هو "لئيم ومن هو " واطى". . على أية حال لقد تقبل " الشاعر" عذرنا وعذر القراء مسبقا حين كتب فى مقدمته أنه لم يكلف أحدا ثمنا لديوانه حتى يلومه على إصداره ، وأنه إن لم يعجب القارىء فهو يطلب منه الصفح والغفران على إهدار وقته الثمين" وهى مقدمة إنسانية ورقيقة ربما كانت أكثر دلالة على تواضع كاتبها وأدبه الجم من كل كلام آخر.
****




شجر العطش ديوان الشاعرة "سلوى صلاح"

سأحيل القارىء هنا لما كتبه الدكتور يسرى العزب عن الديوان وهو منشور كدراسة نقدية ومقدمة للديوان ، وللنقاد فيما يعشقون من أنواع الشعر مذاهب ، ومن هنا فلن نعيد على الناس ما اكتشفه من سبقنا للقراءة و ربما أكون ظالما إن طالعت ديوان " شجر العطش" على خلفية عدم تحيزى للقصائد التى تسيطر عليها مفردات الأغانى العاطفية مثل قصيدة " لما تحس" وهذا ليس حكما بالقيمة فما لا يروق لك قد يروق لغيرك لذا لا أحسب أن على الشاعر أن يأبه كثيرا لإشادة الناقد أو إدانته ، ومن هنا يمكننى القول أن الشاعرة وهى تكتب كلاما مثل:-

غمض عينك -
راح تلقانى فاتحة دراعى- وباستناك
لما تحس بشوقك ليا- أو محتاج لحظة حنية-
فإننا ندرك أن مفرداتها وثيقة الصلة بتصورات الحب السائدة عند معظم من يكتبون الأغانى العاطفية ، وهذه إشكالية كبرى لا تخص الشاعرة وحدها وإنما تخص شعراء كثيرين بل ربما أيضا تخص الذائقة العامة برمتها ، فالناس تستمع لكل الأغانى المعبرة عن عالم متوهم ويطربون لإيقاعاتها ربما دون أن يتمكنوا من تخيله.
لدينا هنا مفردات مثل " مهجته" كما فى قصيدة " أنا منك" ، فسلوى تقول:-
كان كل قصده يفهمه-
إنه الوحيد فى دنيته-
وانه حيسعد مهجته -
ولدينا " هجرك" فى قصيدة " اسمعنى" فالشاعرة تقول:-
لأ اسمعنى- ما تسيبش العند يضيعنى- فوق الوصف إن اتخيل هجرك ليّا- ، وهى بالقطع تعبيرات جميلة لن يستعصى على أحد فهمها فكلنا نطرب حين تغنى أم كلثوم " هجرك ليّا أثر فيّا واتغيرت شوية شوية.. اتغيرت ومش بإدية" ولكنى أعتقد أن كلمة " هجر" لم تعد معبرة عن تعقيدات العلاقة بين رجل وامرأة ، وربما أصبح التوصيف مرفوضا من النساء أنفسهن ..

بالنسبة لى سأنحاز لقصيدة مثل قصيدة " بتخيلك" التى تقول فيها :-
با تخيلك-
ف خدود شباب الحسن-
جاى لى من بعيد-
واتخيلك ف عيونى ضحكة-
شايلة بسمة ألف عيد-
واتخيلك-
فى شفايفى وردة -
موردة عمرى الحزين-
واتخيلك بين الضلوع-
جوه الدموع المجروحين-
وهى قصيدة بالغة الجمال وتقدم لنا رؤية راقية لعلاقة ربما تكون علاقة رجل بامرأة أو وطن بامرأة فى لغة متدفقة ورشيقة ودالة ، وإن كانت كلمة " مهجتى" فى السطر قبل الأخير قد أعادتنى إلى ما لم أعد أعرفه.

علي سبيل التوصية- دعوة لدعم المبدعين الصادقين


بين قسوة الحياة و هواية/غواية الكتابة يسعى المبدعون الشباب للتواصل مع جمهور شغلته ظروف الحياة وإيقاعها المتسارع عن الاهتمام بالأدب، لكنهم مع كل ذلك يصنعون من إبداعاتهم بديلا للإحباط الذى يدفع كثيرا من شبابنا إلى الجلوس على المقاهى اصطيادا لبهجة مؤقتة أو لنكتة تنتقم لهم من أشخاص يرون أنهم تسببوا فى ضياع مستقبلهم، من هنا وجب على جرائدنا ومجلاتنا الثقافية والأدبية أن تحترم نبلهم وصدق إبداعاتهم وأن تسعى لتغيير الفكرة الشائعة بأنِ العلاقات الشخصية هى السبيل إلى الشهرة، فتفتح أحضانها لاستقبال نزف وجدانهم مدام حقيقيا وأصيلاً، وإذ تفعل ذلك فإن تلك الجرائد والمجلات- فى تقديرى- ستحقق لهم ليس فقط مجرد النشر ولكن أيضا التواصل مع جمهور عريض سوف يثق عندئذ فى أن تلك الصحف والمجلات لا تقدم له إلا كل ما هو جيد وأصيل ومن ثم فإنى أتمنى على الأصدقاء محررى الصفحات الأدبية فى صحفنا أن يكون معيارا النشر هما الجدة والأصالة، بغض النظر عن شهرة الأسماء، لأن بعض الشباب قد احترفوا النشر فى صفحات الأدب وصارت أسماؤهم لامعة على الرغم من أنه لا يعلق بالذاكرة أى شىء مما يكتبون، أى أن أسماءهم أصبحت أشهر من إبداعاتهم ، بينما بقى مبدعون وكتاب حقيقيون خارج دائرة الاهتمام، فهل نطمع فى أن تنأى إصدارات وزارة الثقافة بنفسها عن الاستسلام لهذا التقسيم البغيض الذى يصنف الكتاب المصرين إلى أدباء أقاليم و أدباء عاصمة؟ ,ان تنأى بنفسها عن تشكيل لجان قراءة من أساتذة جامعة فقط لأنهم أساتذة جامعة وهل يصبح من الضرورى فى هذا السياق أن أناشد المشرفين على تحرير الصفحات الأدبية ألا ينشروا- بجانب أسماء هؤلاء المبدعين – أسماء المحافظات والقرى، ليس تقليلاً من شأن الأقاليم ولكن تعميما لرؤيتنا للإبداع وللمبدعين فى مصر كلها، بمدنها وقراها واحتفاء بالمبدع مهما كان مغمورا بنشر اسمه فقط إلى جانب عمله، كما تفعل الصحف والمجلات مع الكتاب المشهورين بالفعل.
للمزيد
1-التكعيبة- محمد بو المعاطى-2014
2-شجر العطش- سلوى صلاح-2010
3-خريف الهوى-دار الإسلام-2015
4-عمك شنطح- 2007
5-لحظة وقوفى قدامى- مخطوط








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا