الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضة الاسلامية التونسية، تراجع ام مناورة!؟

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2016 / 5 / 29
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


عقدت حركة النهضة الاسلامية التونسية مؤتمرها العاشر يوم 20 / 5 / 2016. الشعار الرئيسي للمؤتمر كان (الفصل بين السياسي والدعوي)، وهو الشعار الذي تلقته التنظيمات الاسلامية السائرة في ركب الموديل الاخواني للاسلام السياسي بحالة من "الصدمة"، ذلك بان الشعار يعتبر خطوة غير مسبوقة في اوساط تلك التيارات الاسلامية التي تدخل ميدان العمل السياسي تحت شعار(مرجعية "وطنية" تنهل من "قيم الاسلام").. فُسّر هذا الشعار من قبل اخوات حركة النهضة من التنظيمات الاسلامية على أساس كونه يوحي بفصل الدين عن الدولة! ما يعني تبني شعار العلمانيين وبالتالي انحراف تلك الحركة عن مبادئها! وهنا تكمن "الكارثة" وتُوّلد لدى سائر تلك المنظمات الاسلامية اسئلة يصعب الاجابة عليها، كيف ولماذا؟ مالتداعيات التي ترافق ذلك التحول؟ ما مدى تأثيره على باقي المنظمات؟ وهلم جراً.
تأسست هذه الحركة عام 1972 واعلنت عن نفسها في حزيران عام 1981 وكانت مطاردة من قبل النظام التونسي آنذاك، الى أن انتصرت الثورة التونسية في كانون الاول عام 2012 فعاد مسؤلوها الى تونس وفي مقدمتهم راشد الغنوشي المسؤول الاول، دخلت الانتخابات بعد سقوط النظام فحازت على الاكثرية وشكلت حكومة، مدنية الشكل اسلامية المحتوى، اثناء تلك الفترة نشطت التنظيمات الاسلامية الاخرى ومارست هوايتها التاريخية في اغتيال خصومها من اليساريين، وكان مخططها بناء دولة اسلامية على نمط "الاعتدال"، الا أن سقوط الاخوان في مصر بعد تجربة حكم فاشلة ولّدت مظاهرات مليونية ضد حكمهم فسقطوا وسقطت على اثرها الموديلات المشابهة ومنها موديل حركة النهضة التونسية.
تونس نقطة انطلاق "الربيع العربي" تتمتع بموقع خاص بين الدول العربية، فقد نجح الربيع العربي "الى حدما" في ذلك البلد، بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي، شُرّع فيها دستور وتنعم الان بنوع من الاستقرار .خصوصية تونس تكمن في كونها بلد تتمتع فيه المرأة ببعض حقوقها الاساسية الواردة في الدستور الحالي، وكذلك في الدستور السابق منذ الخمسينات من القرن الماضي في عهد رئيسها آنذاك الحبيب بورقيبة، ومن خصوصياتها الاخرى التي تميّزها عن باقي الدول العربية وجود حركة نقابية عمالية واسعة ذات جذور تاريخية لها باعها ودورها في الأوضاع السياسية للبلد، الاتحاد العام التونسي للشغل، ولحد الآن يتمتع هذا الاتحاد بموقع متميز في الحياة السياسية، لليسار دور هام في رسم ملامح السلطة رغم عدم تمكنه لحد الآن من الاستحواذ بها. الجيش مؤسسة مستقلة الى حد كبير وبعيدة عن السياسة عكس ما هو عليه الحال في البلدان المجاورة، أضف الى ذلك احتكاكها شبه الدائم مع أوروبا وبالأخص المستعمر القديم فرنسا جعل من المجتمع اكثر انفتاحا وتمدنا قياسا بالبلدان العربية الاخرى .
مجمل هذه الاوضاع الداخلية في تونس والدور المفضوح للاسلام السياسي لا على صعيد المنطقة فحسب، بل وعلى صعيد العالم، دفع بهذه الحركة الى مراجعة سياساتها مدركة بان الشكل الاسلامي للسياسة لم يعد مقبولا، فبادرت الى تغيير الشكل والابقاء على المضمون خلف الشعار الخجول "الفصل بين السياسي والدعوي"، هذا الشعار ليس سوى تراجع أولا ومناورة سياسية الهدف منها الحفاظ على المكتسبات الحالية للحركة، والتهيؤ لمرحلة اخرى ينشط فيها موديل آخر للاسلام السياسي فتخرج من عباءة "علمانيتها" المزيفة، وتُظهر وجهها الحقيقي ثانية وهو ما لا ينطلي على يسارٍ واعٍ ومجتمع متمدن كالمجتمع التونسي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بل تراجع ومناورة
عبد القادر أنيس ( 2016 / 5 / 30 - 10:38 )
ورد في العنوان: تراجع ام مناورة!؟ بعلامة استفهام. الراجح أننا لسنا في حاجة إلى الاستفهام. فهو تراجع ومناورة في الوقت نفسه للأسباب التي ذُكِرَت في المقالة وأسباب جوهرية أخرى يجب التنويه بها :
وجود نخبة تونسية عالية المستوى نازلت وبدون هوادة الفكر الديني وأطروحات الإسلام السياسي، ونقلت المعركة إلى ساحة الدين التي يبرع فيها الإسلاميون. كشفت هذه النخبة للناس حقيقة الدين وخلفيات الإسلام السياسي. كانت شجاعة في كشف المستور واللامفكر فيه والممنوع من التداول، عكس النخب الجبانة في البلدان العربية الأخرى التي قدمت تنازلات كثيرة مضرة من قبيل أن مشكلتنا ليست في الدين بل في فهمه أو في تطبيقه.
أيضا لا بد أن ننوّه بالدور الهام جدا للمرأة التونسية التي لولاها لما انهزم الإسلاميون، أو على الأقل لحصدوا الأغلبية الساحقة كما جرى في بلدان عربية أخرى.
لابد أن أن ننوه أيضا بدور بورقيبة الهازم الأول للإسلاميين بفضل منظومة التعليم العصرية التي وضعها، وبفضل سياسة تحديد النسل التي أفضت في النهاية إلى توزان الأعمار، خلافا لطغيان عنصر الشباب في البلدان الأخرى، وهو عنصر خطير يدفع دائما نحو المغامرة.
خالص تحياتي

اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان