الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راشد الغنوشى يتخلى عن الحاكمية لله

شريف مانجستو

2016 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بدا للجميع أن الشيخ - راشد الغنوشى لجأ لخيار التعايش على أُسس ديمقراطية ، بدلاً من التوجه مباشرةً نحو الراديكالية . فالراديكالية دائماً تأخذ البلاد إلى ويلات الجحيم الحتمى . لقد أعلنها بجلاء أن الفصل بين الدعوة والدولة أمرُُ إلزامى ، فهكذا تصريح أحدث زلزال فكرى داخل أوساط تيار الإسلام السياسى فى الشرق الأوسط ، وخصوصاً أصحاب الانتماء لجماعة الإخوان المُسلمين . فالشيخ - راشد الغنوشى معروف بانتمائه الفكرى لجماعة الإخوان المُسلمين ، وأنه يُمثل تيار الإصلاح داخل الفكر الإسلامى ، وله دور تصالحى بين الديمقراطية و الإسلام ، حيث طرح تصورات خاصة بمبدأ الشورى أثناء العهد النبوى والعهد الراشدى ، وفى عهد الرئيس -بورقيبة قام الشيخ -راشد الغنوشى بتوجيه اللوم اللاذع له ، بسبب تغاضيه عن مبدأ الشورى لصالح توجهات ماركسية قادمة من بلاد تطل على البحر الأسود . وذهب إلى المنفى فى أواخر الثمانينيات بعد صراعه المرير مع السُلطة العلمانية ، وذهب إلى السودان ( تلك الدولة التى عقدت الصُلح بين المؤسسة العسكرية والإسلام السياسى ) ومنها إلى بريطانيا ، حيث استقر فى إحدى ضواحى لندن العاصمة .وبدأ الرجل فى طرح أفكاره التنويرية بخصوص الإسلام والديمقراطية ، وكان له دور فاعل فى القضية الفلسطينية ، حيث استخدم الخطاب التصعيدى الذى يُخاطب الوجدان الدينى لدى القوم ، فكان يذهب إلى قضية تحرير القدس من منظور محدود ، حيث كان يرى أنه لا يوجد إلا حركة حماس فى المشهد ، وبهذا الطرح يكون قد أصبح فى حالة تماهى مُبينة مع طرح جماعة الإخوان المُسلمين . حيث يرتكز هذا الطرح على فكرة الحاكمية لله ولو بأدوات غربية ، و تحرير القُدس من أيدى اليهود . وفى أعقاب ثورة تونس الخضراء ضد حُكم الرئيس -بن على عاد الشيخ -راشد الغنوشى وكان عوداً حميداً للتيارات الإسلامية بكل درجاتها فى تونس ، ولكن هذه العودة رسخت تخوف لدى التيارات العلمانية داخل تونس ، وتصوّر البعض أن عودته تتشابه فى المُطلق مع عودة الإمام الخومينى إبّان ثورة الشعب الإيران ضد الطاغية - محمد رضا بهلوى .وبدأ راشد الغنوشى فى ترتيب البيت داخل ( حركة النهضة ) حتى وصلت إلى الحُكم وفقاً لاتفاق جمع كُل الأطياف السياسية فى تونس. وكان من الطبيعى أن تقوم جماعة الإخوان المُسلمين على سبيل الترويج السياسى لوسطيتها الأيديولوجية ، بالدعاية الجادة للشيخ -راشد الغنوشى ، وتقديمه على أنه الوجه المتسامح للجماعة فى مواجهة أشباح التطرف و أشباح الاستبداد . ولكن بعد سقوط جماعة الإخوان المُسلمين فى مصر، نتيجة الرفض الشعبى لطرحها الإقصائى ولخطابها الطائفى الممجوج ، وجدنا الشيخ -راشد الغنوشى فى وضع انسحابى وكأنه يخشى السقوط المُدوّى كالذى حدث لجماعة الإخوان المُسلمين فى مصر ، وبدأ فى التراجع عن فكرة الهيمنة والسيطرة على مفاصل الدولة ، وهذا يؤكد أننا أمام رجُل لديه قدر من الفهم والتخطيط الاستراتيجى ، فهو بهكذا تصرف أنقذ ( حركة النهضة ) من أى محاولات انقلابية عليها ( شعبية -عسكرية) .وبعد وصول حركة نداء تونس إلى سُدة الحُكم بدى له أن الديمقراطية تستلزم من الجميع أن يتخلى عن مشروعات طوباوية غير واقعية . فغالباً الخطوات التى يتخذها المرء للخلف قد تقوده إلى الأمام يوماً ما . ففى سياق التشوّه الحاصل لفكرة الحُكم باسم الإله فى مُحيط الشرق الأوسط ، وفى ظل ابتذال هكذا مفهوم ، وجد الشيخ -راشد الغنوشى نفسه فى حالة من الضيق والغضب . فبدأ يستعيد أفكاره التويرية التى تتعايش مع الأفكار العلمانية ، وقام بالتصريح بأن السياسة يجب أن تكون فى واد والدعوة فى وادٍ آخر . وبهذا الإسلوب تكون قد انتهت المظلومية الدينية لدى التيار الإسلامى فى تونس ،وبالتالى تكون جماعة الإخوان المُسلمين فى حيرة من أمرها بسبب هذا التناول الفُجائى لقضية الخلافة والحاكمية ، من قِبل أحد المُفكرين الذين كانوا دائماً فى الطليعة الإسلامية . فالحاكمية لله تعيشُ فقط فى عقول التيارات الراديكالية دينياً ، لأنها ترى الحق من منظورها كأنه عين اليقين . فهل بعد تلك الصفعة المُدوّية تعود باقى التيارات الدينية إلى الواقع ؟..أرجوا ذلك بالتأكيد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة جديدة من برنامج السودان الآن


.. أطباق شعبية جزائرية ترتبط بقصص الثورة ومقاومة الاستعمار الفر




.. الخارجية الإيرانية: أي هجوم إسرائيلي جديد سيواجه برد إيراني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي حانين وطير حرفا جنوبي لبنان




.. إسرائيل وإيران لم تنتهيا بعد. فماذا تحمل الجولة التالية؟