الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة الإنكار

أمينة النقاش

2016 / 6 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ضد التيار: سياسة الإنكار

عنصر المفاجأة الذي غلب علي ردود الأفعال حول كارثة المنيا، ينطوي علي دلالة سلبية يخشي كثيرون من المجازفة بالاعتراف بها، وهي الانكار. إنكار أن هذا السلوك المنحط الإرهابي الذي جري في قرية الكرم تجاه مواطنين مسيحيين، يحدث شبيه له كل يوم في انحاء متفرقة، من المدن والقري المصرية، ولا يقتصر علي “أبو قرقاص” وحدها، ولولا قوة المواقع الإعلامية التي يديروها مسيحيون، والتي كشفت عن هذه الواقعة، لظلت مخفية كما أراد لها المسئولون عن الأمن والسلطات التنفيذية في محافظة المنيا. إنكار أن القوي السلفية المتطرفة تعشش في مفاصل المؤسسات الحكومية، وهي قوي متعصبة تمارس العنف اللفظي والبدني، وتستمتع بممارسته ضد غير المسلمين والنساء، فيما يعرفه خبراء الطب النفسي بلوثة العصاب الذهني الذي يجمع بين التعصب الديني والبارانويا.

حالة إنكار، أن الدستور المصري الذي اقرته جموع غفيرة من المصريين، يحظر إقامة أحزاب دينية، فيما السلطات المختصة تسمح للنور والقوي السلفية بالعمل في المساجد والمدارس والزوايا ودور التنشئة، التي تربي عقول الصغار علي التوحش في التفكير والسلوك، بحشوها بأن غير المسلمين كفرة، وأن حرق دور العبادة الخاصة بهم فرض، وأن مآلهم جهنم لا محالة!

إنكار أن التعليم الديني الذي يجري التوسع فيه، ولا تتم السيطرة علي مناهجه، هو الذي يفرز ثقافة الكراهية والتكفير، لأنه يلقن التشدد بقراءته الحرفية للنص الديني، التي لا تسفر سوي عن تخريج جحافل من المتطرفين تؤجج الفتن الطائفية في الزوايا وخطب المساجد، وداخل المدارس والجامعات وفي المجال العام.

إنكار أن السلوك الاجتماعي والأخلاقي المصري، قد انحط في معظمه خلال السنوات الخمس التي أعقبت ثورة يناير، بعدما أشيع أن الكذب والتطاول وعدم احترام الغير، والغرور وإنكار الحقائق، هي صفات يمكن أن تقترن بالعمل الثوري المعارض مع أن الثورة التي هي قرينة للتغيير نحو الأفضل، تبشر دائمًا بالقيم الجميلة والسامية التي تكفل صحة المجتمعات وقوتها.

إنكار أن ترك قضية تجديد الخطاب الديني للتصالح مع قيم العصر، وقيم الثقافة الديمقراطية، في أيدي المؤسسة الدينية، هو حرث في البحر، لأنه لم يعد خافيًا أن تتشبث هذه المؤسسة بفكرها المحافظ الذي يمنح قوي التطرف والتكفير والإرهاب غطاء لأعمالها غير الدينية وغير الإنسانية وغير العقلانية. وعلينا في هذا السياق، ألا ننسى أن “الأزهر” علي سبيل المثال رفض إدراج “داعش” ضمن المنظمات الإرهابية والتكفيرية، برغم تدميرها لمعالم حضارية في العراق وسوريا واليمن، وسبيها للنساء، فضلاً عن ممارستها الوحشية بالرجم والجلد وقطع الرؤوس والذبح والحرق باسم الديني.

لم يكن هناك مفاجأة في حادث المنيا المأساوي، وقد لا يكون هذا الحادث هو الأخير، ما لم تتوقف سياسة الإنكار، التي تحفل بالتبرير، والتنصل من المسئولية، والصمت علي مخالفات دستورية وقانونية، والبحث عن شماعات نعلق عليها الأخطاء والخطايا. فضعف الأخلاق والشهامة أسباب واردة، لكنها تعمل ضمن سياق آخر متكامل، هو الفتنة الطائفية الكامنة في الجحور والصدور، تنتظر شرارة إشعالها من القوي الدينية المتطرفة التي تمرح في بلادي ليل نهار عبر الفضاء الإعلامي والصحفي، وفي الزوايا والشوارع والحواري والطرقات تبشر بالنار لغير المسلمين، وبالجنة لدعاواها التدميرية وفتاواها الفاسدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي


.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل




.. بحجة الأعياد اليهودية.. الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي لمدة


.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر




.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري