الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتبٌ، كتب...

ياسين لمقدم

2016 / 6 / 4
الادب والفن


قصة قصيرة
الجزء 1



ضاق البيت على الزوجة والأولاد بسبب تراكم الكتب والمجلات التي يجلبها الزوج بشكل شبه يومي. كتب أدبية، روايات عربية وعالمية، دواوين القدماء والمحدثين، دوريات وفصليات تعْنى بالفكر والثقافة. كتب تراثية، نُسخ مصوَّرة لبعض المراجع النادرة.
مر على زواجه عِقدٌ من الزمن، يتذكر الآن أنه عندما تسلم مفاتيح شقته الجديدة، كان أول شيء ينقله إليها هي كتبه القديمة التي راكما في بيت أهله على مدار عشرين سنة. احتاج إلى الإستعانة بشاحنة صغيرة وسواعد بعض الأقرباء لنقل الصناديق الكارتونية الكثيرة الممتلئة بالكتب. راكمها في زاويةٍ إلى أن صنع له النجار خرانة في كل غرفة.
وزع كتبه على الخزانات الثلاث ولكنها لم تكن كافية لهذا الكمِّ الهائل من الكتب، فوضع بعضها فوق الثلاجة وعلى جانبي التيلفزيون وفي خزانة الحمام.
وكان دائما يحذِّر ضيوفه من التعثر في أسفاره المتراكمة على كل شبر من أرضية البيت، أو أن يبعثرها أطفالهم الصغار الذين يرافقونهم. يعشق كتبه ويحن عليها، يكره أن يعيرها إلى أي كان لسبب واحد، هو تخوفه من أن يصيبها التلف وتتمزق أوراقها بفعل لا مبالاة المستعير.
فكَّر في يوم ما أن يُثبِّتَ له النجار على جدران الغرف رفوفا خشبية كرفوف المكتبات، وبذلك تتيسَّر له عملية ترتيب كتبه، وتسهل عليه طريق العودة إلى ما يشاء منها. لكن الزوجة رفضت ذلك بإلحاح، واعبرته ارهاصات جنونٍ، وهددت بمغادرة البيت.
في يوم ما، ذكَّرته الزوجة أن عود الأولاد بدأ يشتد، وصار لزاما عليهما تخصيص غرفة للطفلين وثانية للبنت. فأيقظ هذا الإكراه إحساسا غريبا لدى الزوج. إحساسٌ شديد بالقلق ومشوب بالشفقة على كتبه التي صارت مُضايقة بأجساد أطفاله الآخذة في النمو السريع. فكَّر في دواخله، كانت الكتب أولا ثم جاءت الزوجة والأولاد ثانيا...

يتبع...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-