الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطأ في - الديمقراطية - لا بد الآن من تداركه .

عبد اللطيف بن سالم

2016 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


خطأ في " الديمقراطية " لابد الآن من تداركه.
(تعقيبا على ما جاء في برنامج " لمن يجرؤ فقط " لسمير الوافي في شهر ماي من هذه السنة 2016)
مع مرور الزمن و تغيّر الظروف الطبيعية و الاجتماعية كثيرٌ من المفاهيم تصير منتهية الصُّلُوحية مثلها مثل أية بضاعة أخرى إذا تقادم عهدها و لم تعد صالحة كما أن الكثير من الكلمات ما يتغيّر معناها أو تنحرف عن معناها الأصلي و تنزلق في معنى آخر أو تصبح مصطلحا لمفهوم جديد . " الإرهاب " مثلا لم يعد اليوم يعني التخويف فقط كما كان شأنه في السابق بقدر ما صار يعني القتل مباشرة ولا غرابة في أننا صرنا الآن نبحث له عن معنى ما نتفق عليه معا بعد أن صار له أكثر من معنى منذ زمن . أمّا " الديمقراطية " فيختلف معناها هي أيضا باختلاف مجالات استعمالها فهي في السياسة تعني حكم الشعب لنفسه بنفسه عن طريق نوّابه و حُكّامه الذين لا يخرجون عن إرادته و ذلك بواسطة القوانين و المؤسسات الملتزمة بها ، وفي الأخلاق تعني " الديمقراطية " ضرورة احترام تلك القوانين و المؤسسات واحترام مجموعة القيم الإنسانية المتفق عليها في الداخل و الخارج و الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان عامة و حقوق الأطفال و حقوق النساء بالخصوص ،لكن يبدو أن هناك خطأ في بعض مفاهيم الديمقراطية لا بد الآن من تداركه و إلا سقطنا في الفوضى و الغوغائية المبتذلة و ما نجح فيها لا الحاكم و لا المحكوم و لصارت وبالا علينا إذا لم نغيّر فهمنا لها و نتدارك هذا الخطأ . هذا من جهة و من جهة أخرى يبدو أننا لم نٌدرك بعد مفهوم السلطة في النظام الديمقراطي كما ينبغي وهي التي قد صارت بيد الشعب و ليست الحكومة إلا منفذه لإرادته وما إرادته إلا مدعومة بدستور بلاده و قوانينها المنبثقة عنه على مر الزمن و الصادرة عن ضمير الشعب ممثلا في نخبه النيرة و ليس للجُهلاء و الأغبياء المتعصبين و الغوغائيين شأن في تكوينه ، فكيف إذن ترفضُ بعض الجهات في الدولة اليوم تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء في بعض قضايا الفساد خصوصا إذا ما كان الأمر يتعلق باسترجاع حقوق تعود إلى الدولة نفسها و ما يعود الآن إلى الدولة فهو من الحقوق العامة أي هو حق للشعب ذاته لأن الدولة ذاتها ملك له في النظام الديمقراطي و ليس العكس بصحيح .
نعم لقد وُضعت تشريعات جديدة لمقاومة الفساد كما علمنا و هذا مهم وجيد لكن ما أهمية هذه التشريعات إذا لم تكن مشفوعة بإرادة سياسية حازمة و حاسمة لتفعيلها و تنفيذها في الوقت المناسب ؟
هذا إذن ما يجعلنا- ضرورة - نعود الآن إلى تعريف الخطأ القديم في بعض المفاهيم القديمة في الديمقراطية والذي تجب علينا الآن مراجعته و العمل على تداركه وإلا سقطنا في الفوضى و الغوغائية من جديد .
كثيرا ما نتفا خر بأن هذا النظام أو ذاك في الحكم قد جاء عن طريق انتخابات ديمقراطية ،شعبية و شفافة ومستوفية لكل الشروط الضرورية المطلوبة ولكن كثيرا ما يكمن هنا الخطأ الكبير الذي نقع فيه غالبا دونما ندري و الذي يجب التنبّه إليه قي المستقبل حتى لا نقع فيه مرة أخرى . إن الذين ينتخبون (أو يصوتون ) و يسمحون بانتصاب هذا النظام أو ذاك ليسوا دائما في المستوى المطلوب من الوعي و الشعور بالمسؤولية لاعتمادهم في هذه الانتخابات التشريعية أو الرئاسية بل قد يكونون في أغلبهم من المهمّشين اللا أدريين والجهلة و المساكين و الأغبياء والغوغائيين وبعضهم من المُعطلين عن العمل مثلُهم كمثل الغريق الذي ينتظر النجدة من أي أحد و هؤلاء من الذين يسهل التغرير بهم و التحايل عليهم و استعمالهم باسم الدين أو باسم أية إيديولوجية أخرى في خدمة غيرهم أوفي خدمة المصالح التي تخصهم . وهذا ما وقع بالفعل في الانتخابات الأولى بتونس ما بعد الثورة إذ كان الناس ينتظرون تحقيق أمل كبير في الانفراج عن طريق من انتخبوهم فكان ذلك الأمل مثل سراب كان يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا و كان خدعة و خيانة و إغارة على أملاك الدولة و نهبا و سلبا بطرق غير شرعية وغير قانونية كما كان يحدث ذلك في الجاهلية مع وجود الفارق طبعا . و ما اكتفوا بذلك بل عوّضوا لأنفسهم بطرق ملتوية أيضا عما لاقوه من ظلم و من عنت كما كانوا يدعون وما عوّضوا لأحد غيرهم رغم أن الظلم في النظام السابق لم يكن مسلطا عليهم وحدهم بل كان مسلطا على ااشعب التونسي بأكمله فبماذا عوضوا له ؟ بالخراب والدمار والعجز والفشل ؟ وفتح الأبواب لكلاب الإرهاب لقتله والتنكيل به ؟ وانتهى الأمر بتونس إلى الغرق بالفعل لولا نداء من بعيد و استمعنا إلى النداء و استجبنا إلى فحوى النداء طمعا في النجاة من الغرق و لكن بماذا استجاب لنا النداء؟ بأن عمل على تأكيد ما أصابنا والتهم الخبزة الحاضرة مع بقية الأعداء متذرعا بأنه فعل كل ذلك من أجل حقن الدماء وعدم الانتقال بتونس إلى وضع أسوئ من الذي كان وتناسانا ولم يحقق بعد شيئا من أهدافنا وآمالنا و لا نزال غرقى كما بدأنا لذا لابد من مراجعة مفهوم معنى الديمقراطية ذاك الذي كان خطأ كبيرا والذي كان قائما على الاعتقاد في أن الحق هو ما اتفقت حوله الأغلبية إذا كانت هذه الأغلبية هي من هذا النوع من البشر المغلوبين على أمرهم و المغرّر بهم باسم الدين مرة و باسم الإنقاذ مرة أو باسم العودة بنا إلى الخلافة الرشيدة في مرة أخرى مفترضة و قد تكون الانتخابات القادمة هي التي يفوز فيها الدواعش إذا ما انسدّت الآفاق تماما أمام شبابنا غدا . أين يكمن الحل إذن ؟ لا بد أن نضع في المستقبل شروطا لعضوية الناخب يجب عليه التقيد بها أو يُرفض من المشاركة كما نفعل ذلك مع المترشحين للانتخابات التشريعية أو الرئاسية : تحديد العمر – وتحديد المستوى الثقافي ( بالخصوص )- السلامة العقلية – الاستقلالية الذاتية وغيرها من الشروط التي نتفق عليها وإذا كنا لا نستطيع التقيد بهذه الشروط والالتزام بها نلجأ إذن إلى اعتماد النخب الفكرية المتواجدة عادة في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والصحية والتربوية وغيرها من المجالات إلى جانب النخب السياسية الفاعلة في البلاد ونرفض كل ما عدا ذلك من المواطنين .وليس في ذلك إقصاء لأحد وإنما هو في صالح كل أحد. المهم أن نضع شروطا لكل من الناخب والمترشح معا تعفينا من الوقوع مجددا في مثل ذلك الخطأ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات