الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسلمون يصومون ولكن لا يصلّون

فوزي بن يونس بن حديد

2016 / 6 / 8
كتابات ساخرة


لماذا يفرّق المسلمون بين الصلاة والصيام وكلاهما فرض وواجب؟ ولماذا يحتفلون بقدوم شهر رمضان بشتى أنواع الاحتفالات ولا يقيمون للصلاة وزنا؟ فعندما يحلّ شهر رمضان يتغيّر وجه الحياة في العالم الإسلامي، وتتجه الأنظار إلى المساجد وكيف تغصّ بالمصلين في جميع الصلوات، وما إن ينتصف أو يشرف على نهايته حتى يفرّ هؤلاء ويعودون إلى ما كانوا عليه، كل شيء يتغيّر في رمضان، العادات والتقاليد، الدوام، النوم، العبادة، الأكل والشرب، صنوف الطعام والحلويات، الزيارات والتواصل بين الأرحام، مساعدة الفقراء والمحتاجين والمساكين، الكل يقدّم خدمة والكل مستعدّ للصّبر في مواجهة الجوع والعطش ومقاومة جميع الشهوات.
وبينما يحاول البعض حبس نفسه عن الشهوات في نهار وليل رمضان، ويتحرّى الحلال، يرتع آخرون في الشهر الكريم كيفما يحلو لهم، ويتهكّمون على الشرع بأن يصوموا نهار رمضان ويفعلون ما يحلو لهم في ليله منتهكين بذلك حرمته، ويأتون جميع المعاصي، كالسهر في المقاهي واللعب بالأوراق وإتيان المنكرات من شرب السجائر والاستماع إلى اللهو والمجون في الأماكن المشبوهة ولا يقيمون وزنا لروح الشهر الكريم الذي يفتح الباب من جديد لمن أراد أن يتوب وأن يؤوب إلى الله، حتى يكفّر عنه سيئاته في أيام معدودات كما نص عليها القرآن.
لكن هذا لا يستمر، فبعد الأيام المعدودات يتحول الإنسان كما كان وربما أسوأ مما كان، لم يتعلم من المدرسة الرمضانية شيئا، ولم يستفد من النفحات والبركات إلا قليلا، لم يكن يدري أنه في مدرسة يختبر فيها إيمانه، ولأن إيمانه لم يكن صادقا، صام من أجل فلان وفلان، ومن أجل ألا يستهزأ به أو يحتقر، لم يصم إيمانا واحتسابا، لم يعمّر قلبه بالإيمان، ولأن قلبه متشبث بالدنيا أكثر، فإنه لا يقوى على التحمل سوى أيام قليلة فقط، والله غفور رحيم، كلا إنها كلمة هو قائلها والله يتولى الأمور ولا يرضى السخرية والاستهزاء في العبادة، فهي إما أن يعمّها الإخلاص وإما أن يدمّرها الرياء والعبث بأحكام الله سبحانه وتعالى.
مسلمون يصومون ولكن لا يصلّون، هم كثير في مجتمعاتنا الإسلامية التي تهتم بالصيام أكثر من اهتمامها بالصلاة، وكلاهما شعيرتان يتقرب بهما العبد لمولاه، وإن كانت الصلاة أوجب وأوكد وأوطن في النفس لانها شعيرة يومية، بل تتكرر خمس مرات في اليوم، وهي الشعيرة الوحيدة التي يجب أن يؤديها الإنسان ولو كان على فراش الموت، لا يقطعها أبدا في كل حالاته بينما الشعائر الأخرى ومنها الصوم يمكن أن تسقط لسبب أو لآخر، فلماذا انعكست الآية عند المسلمين؟ ولِمَ يسمّون أنفسهم مسلمين وهم لا يؤدّون أهم شعيرة في الإسلام ويغفلون عنها في سائر الأيام، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس بين العبد وبين الكفر إلا تركه تركه الصلاة" وقد أوصى بها سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام وهو يعالج سكرات الموت: الصلاة.. الصلاة.
كيف يقبل الله عز وجل صوم مسلم لا يؤدي فريضة الصلاة، سيبقى صومه معلّقا حتى يؤدّي الصلاة، وأول سؤال يعرضه يوم القيامة، ماذا فعلت بصلاتك؟، فهي أم الأعمال، إن صلحت صلح العمل كله، وإن فسدت فسد العمل كله، والصلاة ليست مجرد ركعات وسجدات، بل هي علاقة تعبدية شعائرية روحية بين العبد وربه، يستسلم فيها العبد لأمر الله خمس مرات في اليوم، يشبع بها روحه وجسده، ويفيض عقله حكمة ودراية، ويشع قلبه إيمانا واحتسابا، تلك الروح الصافية النقية التي تستقبل شهر رمضان وهي في أتمّ استعداد، وخنوع وخضوع واستسلام لرب الأرض والسماوات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة