الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامام الخميني والتشيع العراقي

سلمان رشيد محمد الهلالي

2016 / 6 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الامام الخميني والتشيع العراقي ....

يصادف في اليوم الثالث من شهر حزيران الذكرى السنويه لوفاة الامام الخميني مفجر الثوره الاسلاميه والشيعيه والايرانيه على حد سواء.... ويطرح كثيرون تساؤلا حول تاثير هذه الثوره عام 1979على التشيع العراقي اجتماعيا وثقافيا وسياسيا ..... في الواقع ان هذا الموضوع يحتاج الى دراسات مفصله بعيده عن منهج التقديس الذي يقوم به الاسلاميون الاصوليون والتدنيس الذي يقوم به القومويون والبعثيون والعلمانيون بصوره عامه .
التشيع العراقي على مدى تاريخه هو بنيه عاطفيه – ثقافيه غير معقلنه , ترتكز على اسس من الطقوس الاجتراريه التكراريه التي تفتقد للمعنى والتاصيل الفكري والتضامن الايجابي والحقيقي بين افراد المجتمع , عدا الرساله الاتيه للاخر (نحن هنا .... مازلنا موجودين) .... والشيعه على مدى تاريخهم الحديث والمعاصر كانوا يعيشون على هامش الاحداث السياسيه التي تخص السلطه ونظام الحكم , فهم جنود وسلاح الحكومه تسوقهم حيثما تريد , سواء اكان في الحروب ام في الصراعات او في الانقلابات ام في الثورات , وليس لهم منها مغنم سوى الدماء والارواح والارامل واليتامى , فيما تكون المكاسب والمغانم والسلطه للاخرين , الذين تلقفوها جيلا من بعد جيل . وكما ذكرت سابقا في مقالتي في موقع الحوار المتمدن (المجتمع العراقي بين الشروكيه والانكشاريه) (وهى باربعة اقسام) ان الشيعه في العراق سابقا لم يكونوا شيعه ابدا (بل كانوا شيعه في طور التكوين) وهذا لايرجع الى حداثة عهد القبائل في الجنوب بالتشيع كما ذكر ذالك بطاطو وعلي الوردي واسحق النقاش ,(من ان كثير من القبائل العربيه في جنوب العراق قد تشيعت في القرون الاخيره ), بل يرجع الى قوة الاختراق العلماني والايديولوجي للنسيج الشيعي الاجتماعي والسياسي في القرن العشرين , لاسيما بعد تاسيس الدوله العراقيه عام 1921 , فالشيعة في العراق هم عابري الهويه باستمرار , اي (قوميون وماركسيون واسلاميون وليبراليون وطنيون ) اولا ثم (ساعديون وركابيون ومالكيون وفتلاويون وربيعيون ومياحيون وعباديون وموسويون ) ثانيا (او العكس عند بعض الافراد , اذ تكون الهويه العشائريه تسبق الهويه العلمانيه او السياسيه والايديولوجيه ) , بمعنى ان ايديولوجيتهم سابقه على شيعيتهم , وعشيرتهم سابقه ايضا على شيعيتهم , فيما نجد ان الاخرين والشركاء في الوطن -- وعلى مدى تاريخهم -- هويتهم المذهبيه السنيه والكورديه تسبق ايديولوجيتهم ومذهبهم السياسي . والسبب ببساطه هو ان الاغلبيه لايمكن لها ان تسلك سلوكا طائفيا لان الاخر سيكون على الدوام من بين صفوفها , فالشيعه في العراق هم مجتمع متعدد الاراء والتوجهات والمنطلقات وليسوا طائفه او هويه صلدة او متراصه .
بعد الثوره الايرانيه حصل انبعاث فاعل في الهويه الشيعيه , من حيث اعادة بلورتها وتركيبها على اسس جديده , من النمط الشيعي العاطفي – الثقافي الى النمط الشيعي الثوري المحارب , فبعد ان كانت الهويه الشيعيه في العراق تنتج المثقفون والكتاب والمنظرون والشهداء والمغنون والملحنون والادباء والمفكرون فقط , امثال (علي الوردي وفالح عبد الجبار ومحمد باقر الصدر وعزيز السيد جاسم وطالب القره غولي ونازك الملائكه وحسين نعمه وعبد الخالق الركابي والجواهري وعلي الشرقي وداخل حسن وسلام عادل وفؤاد الركابي وجعفر ابو التمن وعبد الرحمن مجيد الربيعي ومظفر النواب ومحمد مهدي كبه ومحمد جواد اموري وطه باقر وغيرهم) اصبحت تنتج افراد محاربون ضد الاستبداد والارهاب من قبيل ( هادي العامري وابو مهدي المهندس وقيس الخزعلي ابو درع وسيد حمزه الموسوي وابو سجاد العكيلي وكاظم الجابري وعبد العزيز الحكيم وكريم ماهود وابو عزرائيل وغيرهم ) , ويبدو ان الامام الخميني قد بعث الروح الثوريه في الهويه الشيعيه العراقيه المتكلسه منذ الف عام .... الا ان هنالك من يرفض هذه الروحيه الثوريه ويقول (ان مصلحة الشيعه العيش على هامش الاحداث بدون سلطه او دوله لان تلك الروحيه جلبت لنا الاعداء والارهاب والتامر العربي السني الطائفي)... وفاتهم ان العيش على هامش الاحداث لم يجعلهم في مأمن من الحروب والصرعات والاعدامات والتسفيرات وغيرها من الاعمال التي اخذت منهم مئات الالاف من القتلى والشهداء والمفقودين , وسبق ان ذكر (هيغل) قاعدته الشهيره التي تقارب هذا الواقع (ان كل وعي ينشد موت الوعي الاخر) , بمعنى ان كل عقل او هويه يهدف في الاخير او ينشد القضاء والهيمنه على العقل او الهويه الاخرى .لذا اصبح المجتمع الشيعي في العراق امام خيارين من الموت : الموت تحت الاستبداد , ام الموت تحت الارهاب , وحتما قد تزامن الخيار الثاني بعد 2003 مع جوانب من الحريه والكرامه والتعدديه السياسيه والديمقراطيه التي لايمكن التفريط بها حتى لو سالت انهارا من الدماء , ولكن هذا الامر يستلزم الخروج من النمط الشيعي العاطفي – الثقافي الاول , الى النمط الشيعي المحارب الثاني , فالحقوق تؤخذ ولاتعطى . الا ان هذا النمط الثاني المحارب في حاجة الى المثقف الشيعي التنويري الذي سيأخذ على عاتقه تنوير المجتمع وعقلنته واصلاحه والارتقاء به الى قيم الحداثه والعصرنه ............








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س