الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تعنى مناورات روسية إسرائيلية فى المتوسط

محمود جابر

2016 / 6 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا تعنى مناورات روسية إسرائيلية فى المتوسط
كشف موقع قناة "روسيا اليوم" أن روسيا وإسرائيل تعتزمان إجراء مناورات عسكرية في البحر الأبيض المتوسط، وتحديداً قبالة السواحل السورية واللبنانية وفلسطين المحتلة، حيث ستنطلق القوات الروسية في هذه المناورات من قواعدها في سوريا الأمر الذي اعتبر حدثاً تاريخياً.
وفي تفاصيل الاتفاق، التي نقلها "روسيا اليوم" عن موقع "ديبكا" الإسرائيلي، فإن موسكو وتل أبيب اتفقتا كخطوة أولى على إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين القوات البحرية والجوية الإسرائيلية والروسية في البحر المتوسط هذا الصيف، وستنطلق الطائرات الحربية الروسية المشاركة من قاعدة حميميم في سوريا وستبحر السفن الحربية من قواعدها في طرطوس واللاذقية، في سابقة تاريخية.
وقال الموقع أن هذه المناورات ستكون خطوة أولى على طريق توسيع العلاقات وتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، ونقل الموقع عن مصادر استخباراتية وعسكرية بأن قرار تطوير العلاقات العسكرية الإسرائيلية مع موسكو يعتبر تاريخياً لأنه ينص على نهاية العلاقة "الحصرية" بين الجيش الإسرائيلي والأمريكي.
وأشار الموقع إلى مشاركة نظام الأسد بالمناورات، واعتبر انطلاق الطائرات والسفن الروسية للمشاركة في مناورات عسكرية مع إسرائيل من سواحل وأراضٍ تابعة لبلد عربي، سوريا، حدثاً تاريخياً وذو دلالة.
وبحسب ديبكا فالاتفاق بين الطرفين الروسي والإسرائيلي تم أثناء زيارة رئيس الحكومة الاسرائيلية "نتنياهو" الأخيرة إلى موسكو، 7يونيه/ حزيران الجاري، حيث شارك في اجتماعاته مع بوتين كل من رئيس فرع الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، هيرتزي هالفي، ورئيس الموساد، يوسي كوهين.

هل تحمى روسيا إسرائيل:

يضيف الموقع أن هذا الاتفاق ارتبط بالسماح لشركات الغاز الروسية بالتنافس على عقود تطوير حقول الغاز البحرية الإسرائيلية لا سيما حقلي "لفيتان" و"تمار"، حيث قال نتنياهو أثناء زيارته لموسكو "أبوابنا مفتوحة الآن لجميع الشركات ومن جميع البلدان التي لديها خبرة في تطوير حقول الغاز، بما في ذلك روسيا بالطبع". وكان بوتين حاول مراراً الحصول على موطئ قدم للشركات الروسية في حقول الغاز الإسرائيلية، لاسيما لشركة الطاقة الروسية العملاقة "غاز بروم".
وبحسب ديبكا فإن بوتين، ولإقناع نتنياهو بالسماح لشركاته بالمشاركة في تطوير وتشغيل حقول الغاز الإسرائيلية، قال له إن وجود القوات البحرية والجوية الروسية في المنطقة من شأنه ضمان أمن حقول الغاز الإسرائيلية ومنع أي استهداف لها من (إيران أو"حزب الله" أو سوريا).
وتشير مصادر عسكرية لديبكا إلى أن زيادة التعاون بين القوات البحرية للبلدين يمكن أن تكون بمثابة أساس للتعاون الإقليمي والاقتصادي وللدفاع عن أي بنى تحتية مستقبلية لشركة "غاز بروم" في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وعلى المدى الطويل فالجمع بين السفن الحربية الروسية الضخمة والإسرائيلية الصغيرة وسريعة الحركة ستوفر دفاع فعال لحقول الطاقة ولواحقها، طرق الشحن، منصات الحفر، أنابيب الغاز وكابلات الألياف البصرية تحت البحر، في المتوسط لاسيما في مناطق قبرص، اليونان، تركيا وإسرائيل.
وهذا يعنى أن لموقف الروسى متوجه فى الأساس إلى مصر التى خصت شركات أوروبية فى الاكتشافات البحرية للغاز ولم تلجأ إلى روسية، وهذا الموقف أشبه بما حدث فى سورية مع الشركات الفرنسية قبل عام 2004.
وهذا بدوره يمكن أن يخلق أزمة – إن لم تكن فعلا هناك أزمة حقيقية- بين البلدين مصر وروسية والتى تمثلت فى عدم عودة السياحة الروسية لمصر إلى الآن دون سبب واضح ورغم أن حادثة الطائرة المصرية لم يكن لمصر اى دخل فيها .
عبرت زيارة نتنياهو الأخيرة لروسيا عن عمق العلاقة المتنامية والمتطورة بين إسرائيل وروسيا، والحقيقة أن ما بين البلدين أكثر من تفاهم، وأقل من تحالف، ونقطة التلاقي الكبرى في سورية على مصالح مشتركة وإستراتيجية تتقاطع عند بقاء نظام الأسد، وتدمير البلد ومقومات مناعته المختلفة، جاءت كتتويج لمسيرة الدفء في العلاقات خلال العقد الأخير.
وهنا لا باس من التذكير بنقاش دار بين بوتين وإيهود باراك منذ سنوات حول رغبة روسيا ببيع مزيد من الأسلحة للنظام السوري وتحفظ تل أبيب على ذلك خشية أن يؤدي إلى كسر أو النيل من توازن القوى الذي يميل لمصلحتها حيث عمد الرئيس الروسي إلى طمأنة الإسرائيليين وعلى طريقته، قائلاً لنسخته الإسرائيلية الأخرى أي باراك: "ستظلوا أنتم الأقوى والمتفوقين، وما نعطيه لسوريا أسلحة دفاعية قد تمنعكم فقط من التحليق فوق غرفة نوم الأسد".
سبب آخر للتلاقي بين البلدين تمثل برغبة بوتين في جعل روسيا دولة عظمى، ولاعب دولي مهم وشريك في رسم السياسات، وحلّ النزاعات. وعملت تل أبيب كي لا يرتد الأمر سلباً عليها، وكي لا تستعيد موسكو صداقاتها مع أعداء أو خصوم تل أبيب المفترضين. وهنا مثلت حرب لبنان ثم حرب جورجيا نقطة مفصلية بين الطرفين، أدت إلى مزيد من التنسيق والتفاهم بينهما، وبينما كفّت إسرائيل عن تزويد الجيش الجورجي بأسلحة نوعية أو تحويله إلى خطر على المصالح والتطلعات الروسية. بذلت موسكو جهوداً إضافية لمنع النظام السوري من إرسال أسلحة نوعية روسية إلى حزب الله، وتفهّم بل وغض الطرف عن كيفية دفاع إسرائيل عن أمنها، بما في ذلك شن الغارات ضد قوافل السلاح المتجهة من دمشق إلى بيروت. كما تضمن التفاهم آنذاك تأخير أو عدم تزويد موسكو للنظام السوري بصواريخ أس أس 300، وحتى للنظام الإيراني نفسه، الذي تستخدمه إسرائيل كفزاعة كما لحجب الانتباه عن احتلالها لفلسطين.
الثورات العربية مثلت عامل تقارب إضافي بين البلدين، وطبعاً على قاعدة العداء لها. فموسكو التى ترى أنها مؤامرة غربية ستمتد فيما بعد إلى جمهوريات آسيا الوسطى الحليفة لموسكو التي تحكمها أنظمة شبيهة بأنظمة العربية، بينما فهمت تل أبيب أن الثورات ستخلق سيرورة تؤدي في النهاية إلى قيام دول ستطوى صفحة الأنظمة التي كانت تحتفظ له بعداء بالغ.
بناء على ما سبق انعكست تلك المواقف والمصالح السياسية والمتينة تجاه سوريا ووضعت إسرائيل خطوط حمر أساسياً، تتعلق بمنع فتح جبهة الجولان ضدها، ومنع إيصال أسلحة نوعية كاسرة للتوازن إلى حزب الله مع منع تسرب أسلحة غير تقليدية إلى جهات معادية لها.
أما روسيا فاعتبرت دائماً أن بقاء النظام يمثل مصلحة إستراتيجية حيوية لها، وهكذا كانت القضية السورية عامل آخر لتمتين التفاهم ولتنسيق بين البلدين، خاصة مع الانكفاء الأمريكي عن المنطقة، ورغبة موسكو في استغلال الفرصة لملء الفراغ واستعادة دورها كقوة عظمى عالمية.
ثمة بعد تاريخي ونفسي مهم ساهم أيضاً في تمتين التفاهم بين موسكو وتل أبيب يتمثل بالحلف الأقلوي المذهبي الإقليمي - ذراعه العسكري الحشد الشعبي الممتد بطول وعرض المنطقة - الذي تقوده طهران والذي تدعمه موسكو، وتعتمد عليه كأداة من أجل تأمين مصالحها وعودتها إلى لعب دور إقليمي، ودولي مهم ومؤثر.
إسرائيل التي تصرفت دائماً كأقلية، وروّجت على الدوام لفكرة تحالف الأقليات في مواجهة الأكثرية العربية المسلمة، من الطبيعي أن تجد نفسها إلى جانب الحلف الأقلوي أي إلى جانب موسكو وحشدها الشعبي المدعوم أيضاً من الولايات المتحدة.
التدخل الروسي لسورية لم يؤد إلى التشويش أو النيل من وتيرة التنسيق والتفاهم بين البلدين، بل على العكس تم تشكيل لجان عسكرية عليا مشتركة لضمان عدم تضارب المصالح أو عدم حدوث أي اصطدام أو اشتباك غير مخطط - راهن بوتين رئيس الأركان الإسرائيلي على زجاجة فودكا إذا أخفت موسكو أي شيء عن تل أبيب - ورغم السيطرة الروسية على الأجواء السورية كقوة احتلال، إلا أن تل أبيب احتفظت بحرية الحركة لطائراتها وصواريخها بحرية العمل ضد كل ما تراه تهديداً لأمنها سواء أكان ذلك سمير القنطار، أو قوافل السلاح التي عجز النظام عن حمايتها ، أو حتى ميل طهران التي تتحكم هي الأخرى بالنظام، ومفاصلها الأمنية المهمة في إرسال مزيد من الأسلحة لحزب الله لتقوية كذراع طولى على ساحل البحر المتوسط وللضغط على اسرائيل.
زيارة نتنياهو الأخيرة والاحتفال تل أبيب بمرور 25 سنة على العلاقات بين البلدين، مثلت مناسبة لإظهار الحميمية والعواطف وعمق، التفاهم، ولتنسيق بين البلدين، وانهالت الهدايا من طرف واحد طبعاً. بوتين أعاد الدبابة الإسرائيلية التي أسرتها المقاومة الفلسطينية وجنود الشعب السوري الأبطال، فى العام 1982، وأضاف عليها ملايين من أموال التقاعد للمهاجرين الروس لإسرائيل، وهو ما وصفه الوزير الإسرائيلي زئيف الكين بالاتفاق التاريخي الذي ما كان ليحصل لولا تدخل بوتين الشخصي في ظل الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي تعانيها روسيا، لا أموال لتقاعد القرم، ولكن للإسرائيليين ممكن.
بوتين بدا وكأنه يتبنى بشكل ما معادلة الطريق إلى واشنطن تمر بتل أبيب، إن لم يكن إلى البيت الأبيض. فالكونغرس والرئيس الروسي الذي يعتمد على مجموعة من رجال الأعمال اليهود المتنفذين يعتقد أيضاً أن لإسرائيل نفوذ وتأثير قوي ليس فقط في أمريكا، وإنما في أوروبا أيضاً من أجل تخفيف حدة العداء المتصاعد ضد موسكو والتأثير على المزاج المعادي لها، كما على وتيرة العقوبات المتصاعدة ضدها.
رغم دعوات ليبرمان وبعض اليمينيين المتطرفين للقطيعة مع أمريكا والغرب، والاستعاضة بالتحالف مع موسكو التي لا تتشدق بحقوق الإنسان، ولا تملك رأي عام حرّ، ولا تتبنى مقاربة عن ضرورة حل القضية الفلسطينية باعتبارها الأساس لمشاكل المنطقة، ورغم نفاق وتزلّف القيادة الروسية لتل أبيب الذي وصل إلى حد دعوة اليهود للاستيطان في جزيرة القرم – في تحديث غبي ومتغطرس لوعد بلفور – إلا أن المزاج الإسرائيلي اليميني القومي، والعقل الإسرائيلي الغربي يعي أن ثمة مصالح إسرائيلية موضوعية ينبغي الحفاظ عليها بالتنسيق والتفاهم، لكن دون الوصول إلى درجة التحالف مع الدولة المستنزفة المتراجعة اقتصادياً والممتدة فقط نتيجة الانكفاء الأمريكي أو التحولات الإستراتيجية فى العالم والتى تتمثل فى التوجه الامريكى نحو الصين ومحاولة أوربا العودة الى لعب الدور الأول بدلا من كونها تابعا لامريكا كل هذا من شانه ان يعيد الاصطفاف والتمركز فى المنطقة ولكن ماذا عن موقف مصر من هذا التقارب والى أين تتجه مصر كإستراتيجية جديدة؟!!

وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران