الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصف حلم

سمر المحمود

2016 / 6 / 17
كتابات ساخرة


نصف حلم

في مسلسل يعرض حاليا على إحدى الشاشات العربية، يضيع خاتم البطلة الألماسي (لا أقوى على تخمين ثمنه) فيقوم البطل الوسيم ،والشهم أيضا ، بشراء آخر خفية عنها ويضعه على حافة السرير مدعيا أنه وجده بالصدفة، كل هذا حتى لا يرى الحزن في عينيها الجميلتين .. أجل من سيصدق؟ إلا كاتب/ة السيناريو الحالم/ة ، ومتابعيه الخياليين الذين أنا واحدة منهم ، بتراجيدية عاطفية خيالية موشاه بترف باذخ، في هذا الشهر الفضيل حيث لا أعرف كيف أعاجل الوقت مع الازدحام والحر الشديدين في الأسواق والطرقات حتى الأرصفة ، محفزة خطواتي متجاوزة المارة بذراعي المثقلتين بالأكياس والحاسبة الصغيرة في رأسي: بندورة، خيار ، كوسا وعدس وو. المبلغ المتبقي ألف ليرة .. حسنا يكفي لشراء علبة الزيت، محدقة في ساعتي متجاوزة الأرقام : ستفوتني ردة فعل البطلة حين تكتشف كذبه الحلو

لأكتشف كذلك بيني وبين نفسي أن زحمة المسلسلات تسبب لي الاضطراب مع صراخ الأطفال وتذمر زوجي الدائم بسؤاله المتكرر: ماذا ستعدين على الإفطار اليوم؟

وعلى عجالة بينما أُعِد الطعام ، أنهي سندويشات صغيرة لصغاري ، فأنا منهكة حتى الثمالة بمتابعة شاشتي، الثياب الأنيقة ، البوتكس.. الشفط .. النفخ، السيارات الباهظة والمنازل الفخمة مع قصص حب لم أسمع بها في حارتنا الصغيرة ولا في جارتها الكبيرة وحتى جارة جارتها
كم هائل من الدهشة بكبسة زر تهاجم بيتنا ... وأكثر ما يصيبني بالامتعاض الطلبات التي تتهافت علي مع توقيت عرضه، حيث يقف الممثل الوسيم الشهم بكل تواضع يلبسها الخاتم قائلا بلهجته السورية المحببة : مو بس يضيع خاتم .. يضيع مية خاتم وما شوف الحزن بعيونك ..

- متى يجهز الإفطار؟ .. يناديني زوجي بصوت مكبوح جائع ، مقاطعا استرسالي

- العدس يغلي على الغاز. أجيبه بشكل آلي فحواسي منشغلة بالبحث عن الحزن الذي هرب من عينيها ولم يتجرأ على الاقتراب ويبدو أنه ترك الشاشة كلها ليقطن بيننا في منزلنا ومدينتنا وشوارعنا في وجوه الباعة المتجولين في البندورة تحت حر الشمس والبطيخ في صناديقه المغلقة، في وجه الجارة العروس التي لم تلبس فستانها الأبيض لأن الجنازات كثيرة في البلاد فجاء بها عريسها على صهوة فقره .

شوربة العد س تغلي والساعة السابعة بتوقيت دمشق، أسكب بعضها في الزبدية الزجاجية ذات اللون الأخضر، مفكرة في ذاك الحزن اللعين، ليبدو أنني أجفلتها هي الأخرى ، لتهوي من يدي متكسرة على أرض المطبخ

- حسنا يا إلهي سأنشغل الآن بالتنظيف وستفوتني مشاهدة البطلة الزاهدة تلبس الخاتم بنظرة فرحة، فرح عادي لا يتناسب وضخامة الحدث

لكن صراخ زوجي يتعالى بما لا يتناسب وسخافة ما حدث ، منتقضا كملسوع:

- يا إلهي .. لقد حَطمتِ لتوك هدية أمي .. ويتابع مولولا: الذكرى الوحيدة المتبقية من جهاز الوالدة ..ثم يصمت قليلا فاغرا فمه ، ليدمدم بعصبية بشيء ما بينما عيناه تتفحصان بفجيعة شظايا الزجاج السابحة في العدس

يبدو أن الحزن جاء متطفلا على ضياع طبختي ليجعلني أفكر بخيبة: لو أن زوجي يطبطب على كتفي قائلا: - اشتريت لك تحسبا .. خاتم ألماسي ..

عذراً .. طقم جديد من الصحون ( أفضلها زرقاء ) ..

مو بس يتكسر طقم صحون أمي .. تتكسر صحون البيت كلها وما شوف الحزن بعيونك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي


.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و




.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من


.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا




.. كل يوم - -الجول بمليون دولار- .. تفاصيل وقف القيد بالزمالك .