الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلمات لكن من دون التزامات

ماهر الشريف

2016 / 6 / 18
القضية الفلسطينية


تقرير عن مؤتمر باريس ومبادرة "السلام" الفرنسية:

كلمات لكن من دون التزامات



افتتح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم الجمعة في 3 حزيران الجاري في باريس المؤتمر الخاص بالصراع العربي-الإسرائيلي الذي جمع 29 مشاركاً من بينهم وزراء خارجية مصر، والأردن والسعودية، وممثلو اللجنة الرباعية الخاصة بالشرق الأوسط (الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)، والأمين العام لجامعة الدول العربية. وقد اختلف هذا المؤتمر عن غيره من المؤتمرات التي عقدت في السنوات الماضية لمناقشة الملف نفسه في كونه لم يدعَ إليه ممثلون عن الفلسطينيين والإسرائيليين.




**الموقف الفرنسي عشية انعقاد المؤتمر


خلال الزيارة التي قام بها إلى إسرائيل في 24 أيار الفائت، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، في مقابلة أجرتها معه إذاعة أوروبا الأولى من القدس: "أن الإسرائيليين يعلمون أن عليهم التفاوض مع البلدان العربية، مع مصر والأردن، وغداً مع العربية السعودية"، معتبراً "أن المؤتمر الدولي [في باريس ] سيكون مفيداً لأنه سيخلق غداً شروط إطار يتفاوض فيه الفلسطينيون والإسرائيليون مباشرة"، ومؤكداً "أن قوة فرنسا تكمن في قدرتها على التحدث مع الجميع ولديها علاقات جيدة مع كل الأطراف". وأضاف فالس أن استمرار الوضع القائم هو "قنبلة موقوتة، ولأننا أصدقاء لإسرائيل وللفلسطينيين، نعمل من أجل السلام...ولا نفعل ذلك من وراء ظهر الإسرائيليين والفلسطينيين، وإنما نفعله مع إرادة استئناف مفاوضات متوازنة بينهما بغية الوصول إلى إقامة دولتين".
أما وزير الخارجية الفرنسي جان-مارك أيرو، الذي زار إسرائيل قبل مانويل فالس، فقد صرّح بما يلي:"نحن في مواجهة أزمة مقلقة للغاية، فالوضع على الأرض يتدهور كل يوم...إن هذا المؤتمر الذي يشارك فيه أعضاء اللجنة الرباعية وعدد من الشركاء الأوروبيين والعرب سيكون مناسبة لتعبئة المجتمع الدولي في صالح حل الدولتين، وتحديد الوسائل التي تساعد الإسرائيليين والفلسطينيين على إيجاد طريق السلام".




**الموقف الإسرائيلي عشية انعقاد المؤتمر


بيد أن الحكومة الإسرائيلية ظلت على موقفها المعارض عقد هذا المؤتمر، معتبرة أن المبادرة الفرنسية "تبعد أفق السلام"، وتشجع الفلسطينيين على الاستمرار في رفض العودة إلى المفاوضات الثنائية المباشرة. وكانت وسائل إعلام اليمين القومي والديني الحاكم في إسرائيل قد ادعّت أن الحكومة الفرنسية تتخذ مواقف "منحازة" للفلسطينيين، متذرعة بتصويت فرنسا على قرار تبنته منظمة الأونيسكو في منتصف شهر نيسان/أبريل الفائت، حول "فلسطين المحتلة" يهدف إلى "الحفاظ على التراث الشعبي الفلسطيني والطابع المميز للقدس الشرقية"، وهو القرار الذي أدانه بنيامين نتنياهو لأنه "يتجاهل الصلة التاريخية الفريدة بين اليهودية وجبل الهيكل"، على حد زعمه.
وخلال زيارة رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس إلى إسرائيل، اقترح بنيامين نتنياهو اجتماعاً ثنائياً في باريس يجمعه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأعرب عن تأييده عقد مؤتمر سلام مع جيران إسرائيل "السنة المعتدلين"، الذين "يشعرون بالمخاطر التي تشعر بها إسرائيل"، والذين "لهم المصالح نفسها على المدى البعيد"، ويرون "خطر إيران وخطر تنظيم داعش".




**الموقف الفلسطيني عشية انعقاد المؤتمر


قبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر باريس، أشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في الكلمة التي ألقاها أمام مجلس جامعة الدول العربية المنعقد في القاهرة يوم السبت في 28 أيار الفائت، إلى أن مرجعية مؤتمر باريس للسلام "ستكون قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة، وكذلك المبادرة العربية للسلام وخطة خارطة الطريق والاتفاقيات الموقعة"، وشدّد على ضرورة "أن يخرج المؤتمر بمفهوم أن المفاوضات لها سقف زمني، والتطبيق أيضا له سقف زمني وأن يكون هناك آلية لمتابعة كل ذلك". وأضاف أن الوقت قد حان "لحشد الإرادة العربية والدولية لينال شعبنا حريته، وأن يكون هنالك حل عادل ومتفق عليه للاجئين، وإقامة دولة فلسطين مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967"، على أن تكون القدس الشرقية "التي احتلت عام 1967 بكاملها هي عاصمة دولة فلسطين". وأوضح الرئيس الفلسطيني: "نحن اعترفنا سابقا بدولة إسرائيل لكن لن نقبل بمصطلح الدولة اليهودية ولن نعترف به". وأكد أنه حال تحقيق السلام مع إسرائيل، فإنه وفقاً للمبادرة العربية، "يمكن للدول العربية والإسلامية أن تطبع علاقاتها مع إسرائيل، وليس العكس، مشدداً على أن البداية هي أن تقبل إسرائيل بالمبادرة ثم يمكن للدول العربية أن تطبع علاقاتها معهم".




**توقعات "متشائمة" حول فرص نجاح المؤتمر


لم يتوقع معظم المحللين والمراقبين أن يسفر مؤتمر باريس عن نتائج ملموسة، وأن تكون حظوظ نجاحه كبيرة. ففي تعليقه يوم 30 أيار على انعقاد المؤتمر، قدّر باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس، بعد أن رحب بالمبادرة الفرنسية "التي ترفض أن تترك في نقطة ميتة الملف الإسرائيلي-الفلسطيني"، أن الهدف الأول للمؤتمر هو "تحضير الأرضية المناسبة، من خلال وعود بتقديم دعم مالي وضمانات أمنية، لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين"، معتبراً أن حظوظ نجاح هذا المؤتمر "تبقى ضئيلة.
فالواقع القاسي هو أن نتنياهو أكد صراحة للوزير جان –مارك أيرو ولمانويل فالس، اللذين قاما بزيارة إسرائيل، أنه يعارض المبادرة الفرنسية، ويقترح بدلاً منها مفاوضات مباشرة". ورأى بونيفاس في هذا الموقف الإسرائيلي " وسيلة للحيلولة دون التقدم، آخذين في الحسبان الخلل في موازين القوى. فالحكومة الإسرائيلية تعتقد أن الوقت يمضي لصالحها، وأن الفلسطينيين سيعتادون الاحتلال وأن مواصلة الاستيطان يسمح بقضم الأراضي الفلسطينية، بما يجعل حل الدولتين مستحيلاً".
وتابع: " والواقع أن فرنسا و"المجتمع الدولي" ليسا على استعداد لتدفيع إسرائيل ثمن رفضها هذا. فلماذا إذن ستغيّر موقفها المتعنت هذا طالما لا تعاني من أي نتائج سلبية له؟ فنتنياهو لا يتخوف من القوى الكبرى، وتخوفه الوحيد هو من تحركات الرأي العام وبخاصة من حركة "المقاطعة ، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" التي تتسع. أما الفلسطينيون، المنقسمون على أنفسهم سياسياً وجغرافياً، فيبدو أنهم عاجزون حيال هذا الواقع. ويستمر الإسرائيليون، سنة بعد أخرى، في تطبيق المبدأ الذي طرحه رئيس الوزراء السابق يتسحاق شامير في مطلع التسعينيات، والقائل: نحن على استعداد للتفاوض كل الوقت اللازم، حتى لا يبقى هناك شيء نتفاوض عليه".




** هولاند في افتتاح مؤتمر باريس


"لقد أردت أن تأخذ فرنسا المبادرة" هذا ما صرّح به الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، لدى افتتاحه مؤتمر باريس؛ "وهذه المبادرة ليس لها سوى هدف واحد هو السلام في الشرق الأوسط"، وتابع قائلاً: "لا يمكننا أن نحل محل الطرفين المعنيين. تهدف مبادرتنا إلى تقديم ضمانات لهما بأن السلام سيكون راسخاً ودائماً وخاضعاً لرقابة دولية، وتطمينهما كي يسيرا على طريق التفاوض"، وأضاف: "ويعود إلى الطرفين، إلى الإسرائيليين والفلسطينيين، وإليهما وحدهما، تبني خيار السلام الشجاع. فنحن لا يمكننا أن نحل محل الطرفين المعنيين".
وحذر الرئيس الفرنسي من" أن الرابحين الوحيدين من الوضع القائم هم المتطرفون على الجانبين"، وأضاف: " إن البعض يتحجج بالفوضى المنتشرة في المنطقة كي يتجاهل المسألة الفلسطينية-الإسرائيلية معتبراً أن هذا النزاع قد غدا هامشياً وهو، إلى حد ما، تحت السيطرة. لكنني أعتقد بخلاف ذلك أن هذه التغيرات تجعل تسوية النزاع أكثر إلحاحاً، وأن هذه الانقلابات الإقليمية تخلق التزامات جديدة على المجتمع الدولي ومن أجل التوصل إلى سلام".




** الأمين العام للأمم المتحدة


في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر باريس، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين " إلى خلق شروط العودة إلى مفاوضات سلام ذات مصداقية"، وقال: "نحن كلنا متفقون على أن حل الدولتين هو الخيار القابل للحياة من أجل سلام دائم، لكننا نلاحظ أن حل الدولتين هذا بات في خطر"؛ ومن هنا " يتوجب على زعماء إسرائيل وفلسطين، بدعم المجتمع الدولي، التراجع عن شفا الهاوية والسعي بجدية من أجل خلق الشروط التي تسمح باستئناف مفاوضات ذات مصداقية " . ورأى أن مؤتمر باريس "يسمح بالتأكيد على أن المجتمع الدولي مصمم على الاستمرار في إعطاء أولوية لهذا الملف وعلى تنسيق الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى السلام"، معتبراً أن العقبات التي تعترض السلام تتمثّل "في الإرهاب والعنف، وفي النشاطات الاستيطانية وفي الافتقاد إلى الوحدة بين غزة والضفة الغربية".
وتابع بان كي مون قائلاً: "إن نشاطات الاستيطان غير شرعية بحسب القانون الدولي ويجب أن تتوقف سياسة توسيع المستوطنات هذه، وإضفاء مشروعية على المواقع المتقدمة وتدمير البنى الفلسطينية. فهذه الأعمال تثير أسئلة مشروعة حول مدى التزام إسرائيل بحل الدولتين والتزاماتها كقوة احتلال"، كما يتوجب على الزعماء الفلسطينيين "محاربة العنف والتحريض على العنف بلا هوادة، وبخاصة عبر إدانة كل أعمال الإرهاب إدانة واضحة... كما ينبغي عليهم توحيد كل الفلسطينيين تحت حكم سلطة فلسطينية واحدة، شرعية وديمقراطية، انسجاماً مع مبادئ منظمة التحرير الفلسطينية". وأبلغ المشاركين في المؤتمر أنه يعتزم زيارة إسرائيل وفلسطين في نهاية هذا الشهر.




**مبادرة السلام العربية


كانت مبادرة السلام العربية التي تبنتها القمة العربية التي انعقدت في بيروت سنة 2002، بناء على اقتراح من الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، في مركز نقاشات المؤتمر. فقد أشار وزير الخارجية الفرنسي جان-مارك أيرو إلى أن هذه المبادرة " قد ذكرت كثيراً خلال النقاشات...وأعتقد أن رئيس وزراء إسرائيل قد أيدها البارحة"، في إشارة إلى تصريح أدلى به بنيامين نتنياهو في 31 أيار الفائت، وذكر فيه: "نحن مستعدون أن نتفاوض مع الدول العربية لإدخال تعديلات على هذه المبادرة كي تعكس التغيرات الهائلة التي جرت في منطقتنا منذ عام 2002، وتحافظ على الهدف المقبول: إقامة دولتين لشعبين". أما وزير خارجية السعودية عادل الجبير، فقد أكد أن مبادرة السلام العربية "لا تزال على طاولة البحث"، وهي تمثل "أفضل إمكانية للتوصل إلى سلام" بين إسرائيل وجيرانها العرب، معتبراً أنه " يتوجب على الإسرائيليين معرفة ما يريدون". لكن الوزير الجبير رفض في حديثه للصحافيين إدخال تعديلات على بنود هذه المبادرة.




**البيان المشترك الصادر عن المؤتمر


أعاد البيان المشترك الذي صدر عن مؤتمر باريس التذكير "بأن الوضع القائم لا يمكن استمراره"، وشدّد على "أن حل الدولتين المتفاوض عليه هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى سلام دائم بين إسرائيل وفلسطين يعيشان جنباً إلى جنب في سلم وأمن". وعبر المشاركون في المؤتمر عن" قلقهم من الأفعال الجارية على الأرض، وبوجه خاص من أعمال العنف المستمرة والنشاطات الاستيطانية الجارية، التي تضع في موضع الخطر آفاق حل الدولتين". وأكدوا "ضرورة التزام الطرفين الحقيقي، بالسياسات والأفعال، بحل الدولتين بغية استعادة الثقة بينهما وخلق الشروط التي تسمح بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ سنة 1967 وحل كل قضايا الوضع الدائم عبر المفاوضات المباشرة على قاعدتي قراري 242 و 338، مع التذكير أيضاً بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والتأكيد على أهمية وضع مبادرة السلام العربية لعام 2002 موضع التطبيق". كما ناقش المشاركون الوسائل التي يمكن للمجتمع الدولي عبرها أن يساعد على تقدم آفاق السلام، "بما في ذلك تقديم حوافز مهمة للطرفين لصنع السلام"، وجددوا التأكيد على "الدور الأساسي للجنة الرباعية والأطراف الإقليمية المعنية الرئيسية"، ورحبوا "باستعداد البلدان المعنية للمساهمة في هذا الجهد"، كما حيوا "استعداد فرنسا لتنسيق هذا الجهد، وإمكانية عقد مؤتمر دولي قبل نهاية هذا العام".




*نتائج مؤتمر باريس: كلمات لكن من دون التزامات


قبل الحديث عن "النتائج" المحدودة التي أسفر عنها مؤتمر باريس لا بد من العودة إلى أصل "مبادرة السلام" الفرنسية.
فقد كان وزير الخارجية الفرنسي الأسبق لوران فابيوس قد أشار في لقاء مع جمعية الصحافة الأنغلو-أميركية، عقد في باريس في 16 نيسان 2015، إلى ضرورة " وضع معايير لمفاوضات ذات مصداقية كي نتجنب العودة إلى نقطة الصفر بعد عقود من التفاوض، ولا بد من أن نقدم جدولاً زمنياً للمفاوضات". ثم أعلن في 1 أيار 2015 ، أن بلاده " ستطلق خلال الأسابيع القادمة مبادرة تقوم على أساس التوجه إلى مجلس الأمن بطلب إصدار قرار من شأنه أن يحرك العملية السياسية ويدفع بعملية السلام قدماً"،على أن تقوم فرنسا "بتحركات لتحضير عقد مؤتمر دولي يجمع حول طرفي الصراع شركاءهما الرئيسيين - من الأمريكيين والأوربيين والعرب - وذلك بهدف الحفاظ على حل الدولتين وتأمين نجاحه"، كما ذكر الوزير فابيوس نفسه في تصريح أدلى به في 29 كانون الثاني 2016.
ويلاحظ أن مؤتمر باريس لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى مسألة وضع معايير لمفاوضات ذات مصداقية، ولا إلى الجدول الزمني لانتهاء المفاوضات، ولم يتعهد المشاركون فيه بأي التزام، ذلك أن الفرنسيين، الذين كانوا حريصين على مشاركة جون كيري في المؤتمر، سايروا الموقف الأميركي المعروف، والذي ترك بصماته، كما يعتقد كثيرون، على البيان الختامي للمؤتمر، الذي صدر "من دون نكهة". وكان الوزير الأميركي قد عبّر، قبل مشاركته في المؤتمر عن حذر شديد إزاء نتائجه ، وقال: "سنرى. علينا أن ننتظر ونرى ماذا سيكون محتوى النقاشات". وعليه، فقد اكتفى مؤتمر باريس بطرح فكرة عقد مؤتمر دولي في نهاية هذا العام، يشارك فيه الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، كما تعهد وزير الخارجية الفرنسي بتقديم "حوافز" إليهما لتشجيعهما على العودة إلى المفاوضات الثنائية المباشرة. وبخصوص هذه النقطة الأخيرة، أشار جان-مارك أيرو إلى أن حكومته ستعمل "قبل نهاية الشهر" على تشكيل لجان عمل مهمتها "التوصل إلى حزمة شاملة من الحوافز وتقديمها للإسرائيليين والفلسطينيين"، خلال المؤتمر الدولي المتوقع عقده قبل نهاية العام، وأضاف:"فنحن نلتزم في المجال الاقتصادي، وفي مجال التعاون وفي مجال الأمن الإقليمي وفي مجال تعزيز قدرات الدولة الفلسطينية المستقبلية"، وسنبيّن "الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي سيجنيها الطرفان من المصالحة".
ولعله يحسب لمؤتمر باريس، الذي لم يستغرق أكثر من ساعات معدودات، أنه أعاد طرح الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني على أجندة المجتمع الدولي، وذلك بعد أن تراجع هذا الصراع إلى مرتبة ثانوية وسط الفوضى العامة التي تسود المنطقة، ولم يعد يشكّل أولوية بالنسبة للأميركيين الذين باتوا يركزون على قضايا أخرى في الشرق الأوسط.




**تقويم موضوعي لمؤتمر باريس


في مقال نشره يوم الاثنين في 6 حزيران الجاري في موقع "أوريان 21" الالكتروني، كتب الباحث والصحافي الفرنسي آلان غريش، رئيس تحرير شهرية "لوموند ديبلوماتيك" الأسبق، ورئيس تحرير هذا الموقع حالياً، مقالاً يقوّم فيه، بموضوعية، مؤتمر باريس والنتائج التي أسفر عنها. فبعد أن أعاد التذكير بشروط السلام التي أجمع عليها المجتمع الدولي، وهي "الانسحاب من كل الأراضي المحتلة في حزيران 1967؛ دولة فلسطينية والقدس عاصمة لدولتين؛ حل "عادل" لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين"، كتب غريش أنه : "إذا كان المجتمع الدولي وفرنسا منسجمين مع فكرة الدولتين، لكانا أدركا منذ وقت طويل أن الوسيلة الوحيدة لدفع إسرائيل إلى التفاوض وتقديم تنازلات هو من خلال ممارسة الضغط على حكومتها التي يسيطر عليها أقصى اليمين، كما بيّن ضم أفيغدور ليبرمان إليها بصفته وزيراً للأمن". ثم علّق على كلام الرئيس الفرنسي، لدى افتتاح المؤتمر، بقوله: "إن الدبلوماسية الفرنسية، إذ تتجاهل المسؤول [عن إخفاق عملية السلام]، وتدعو للعودة إلى شكل المفاوضات الثنائية –وهو موقف بنيامين نتنياهو- تعود إلى فكرة تبسيطية مفادها أن النزاع يدور بين طرفين متعادلين في السلطة والحقوق، وأن الاثنين يتطلعان إلى السلام، ويجب حملهما على أن يكونا عقلانيين... بيد أن الواقع ليس على هذا النحو؛ فإسرائيل تواصل سياسة الاستيطان الذي لا تحده قيود في الضفة الغربية، وتستمر في تهويد القدس، وظهر انسحابها من غزة عام 2005 على حقيقته، بمعنى استمرار الاحتلال بشكل آخر: فالسجانون، وبدلاً من أن يكونوا داخل السجن، وقفوا على أبوابه...". ويخلص إلى أنه: "إذا كانت باريس تريد ضمان تقدم "عملية السلام"، فيتوجب عليها الاعتراف بأن الحكومة الإسرائيلية هي العقبة على هذه الطريق، وينبغي بالتالي إجبارها على تقديم تنازلات".
ويتساءل: "فهل الضغوط ممكنة [على الحكومة الإسرائيلية]؟"، ويجيب: "بكل تأكيد، وهي تشمل مروحة واسعة جداً تمتد من الامتناع عن استيراد منتجات المستوطنات اللاشرعية إلى فرض عقوبات تجارية –لنتذكر أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لإسرائيل- مروراً برفض تمويل الأبحاث العسكرية في الجامعات. إن فرنسا، التي تعلن باستمرار احترامها للقانون الدولي، يمكنها تفعيل فتوى سنة 2004 لمحكمة العدل الدولية التي قضت بأن بناء الجدار في فلسطين هو عمل غير شرعي.
كما يمكنها أن تتساءل عن حالة مزدوجي الجنسية الذين يؤدون الخدمة العسكرية في الأراضي المحتلة: فقد جاء حادث مقتل فلسطيني هامد على يد جندي فرنسي- إسرائيلي في 24 آذار الفائت ليذكرنا بأن مواطنين يمتلكون جوازات فرنسية يساهمون في عمليات تعتبرها فرنسا لا شرعية... ويمكن لكل هذه الأفعال أن تحظى بدعم المجتمع المدني، المعبأ في حركة "المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات"، الديمقراطية والسلمية، وهي الحركة التي تسعى السلطات الفرنسية، مع ذلك، إلى حظرها، لتؤكد، في الواقع، رفضها ممارسة أي ضغط على حكومة أقصى اليمين الإسرائيلي، وتثير بذلك أكثر من الشكوك حول رغبتها بالتوصل إلى حل في الشرق الأوسط".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات