الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تستطيع يسارية فعل ما عجز عنه الحزب والنقابة

الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)

2016 / 6 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


استطاعت حسحول "الديمقراطية التشاركية"
استطاعت حسناء أبو زيد ما عجز عنه الحزب والنقابة

ذ. الكبير الداديسي
في الوقت الذي يعيش فيه اليسار وضعا لا يحسد عليه بالعالم العربي ، ويعاني في المغرب من التشتت والتراجع استطاعت الاتحادية حسناء أبو زيد ليلة الجمعة 17 ماي 2016 أن تجمع كل أطياف المشهد السياسي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار في لقاء بأسفي نظمته النقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل واحتضنه النادي الثقافي الاجتماعي لرجال ونساء التعليم ، وصفقوا جميعا للمستوى الراقي في إدارتها للقاء الذي كان حول :( الديمقراطية التشاركية في مغرب ما بعد دستور 2011 ) .
جاء اللقاء في إطار الأنشطة التي دأبت النقابة على تنظيمها تنفيذا لبرنامجها الإشعاعي ، فبعد أقل من شهر على تنظيم لقاء بنفس القاعة أطره الكاتب العام للنقابة عبد العزيز إيوي، كان لقاء اليوم الذي افتتحه الكاتب العام الإقليمي (للنوت فدش ) خالد نجاحي بكلمة رحب فيها بكل الهيآت الحاضرة ، مبرزا تداخل النقابي والسياسي ، وأهمية استضافة إطار نقابي لفاعلة سياسية لها وزنها على الصعيد الوطني ، قبل أن يقدم بورتريه عن الضيفة حسناء أبو زيد ...
في مداخلتها وبلغتها الرصينة الفصيحة والبليغة عبرت السيدة حسناء أبو زيد عن فرحتها بأول زيارة لها لمدينة آسفي ، وشعورها بالفخر للمشاركة مع نقابة حول موضوع (الديمقراطية التشاركية) والمفروض أن تكون النقابة شريكا أساسيا في تدبير الشأن العام في مرحلة تشهد إجهازا على المكتسبات ، وتدبيرا انفراديا مما فرض التساؤل حول : واقع هذه الديمقراطية وقد مر نصف عقد على إقرارها دستوريا؟
بعد التقديم انطلقت الأستاذة حسناء في تعريف مفهوم الديمقراطية التشاركية ، وسياق طرحه بالمغرب كبديل عن الديمقراطية التمثيلية أو النيابية .. واستشراف المشرع بطرحه للمفهوم في أسمى وثيقة (دستور 2011) المستقبلَ و التحول من ديمقراطية الصناديق إلى ديمقراطية المشاريع ، بدسترة (الديمقراطية التشاركية ) أعطي الحق للمواطن في اقتراح مشاريع قوانين وجعله مشاركا في التشريع ، التدبير والمراقبة ...
لكن الواقع السياسي في المغرب - حسب أبو زيد - أسفر عن طيف لا يتعامل مع (الديمقراطية التشاركية ) بنفس المعنى ، وأعطى حكومة تعيش حالة انفصام بين القول والفعل حكومة ترفع شعار التشارك وعند التنفيذ والتقرير تتخذ مواقف انفرادية وأحيانا عكس ما تم التحاور بشأنه :
ففي التصريح الحكومي كان التنصيص واضحا على تبني (الديمقراطية التشاركية ) وكانت البداية مموهة بفتح عدة حوارات وطنية رصدت لها أموال وصرف من أجلها وقت وجهد .. لكن اليوم بعد مرور نصف عقد يمكن التساؤل عن الحصيلة وعن جدوى دسترة الديمقراطية التشاركية لا يمكن العمل بها لتسترسل في تقديم الأمثلة على سكيزوفرينية الأغلبية:
ففي الحوار الوطني حول المجتمع المدني و بعد كل ما بذل، اتضح أن الحكومة كان لها سوء فهم للمجتمع المدني ، فعند إعدادها للاستراتيجية الوطنية للمجتمع المدني ، لم تعتبر هذا المجتمع شريكا وإنما نظرت إليه كقطاع حكومي عليه تنفيذ برنامجها الحكومي، وأغرقت لجن الحوار بالوزراء والفعاليات النقابية والسياسية المحسوبة على الأغلبية وإبعاد كل الجمعيات الحداثية والحقوقية التي لها تاريخ ووزن على الصعيد الوطني ... فكانت المخرجات بعد هدر مليار سنتيم و عمل سنتين مخيبة للآمال وترسيم يوم وطني للمجتمع المدني ومشاريع قوانين لا تأخذ بعين الاعتبار المشاريع المطروحة في جلسات الحوار.
وكذلك كان الشأن على المستوى القطاعي إذ رفعت عدد من الوزارات شعار: الديموقراطية التشاركية تفعيلا لبنود الدستور وعلى أرض الواقع بعد أن تلقت وزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية أزيد من 80 مذكرة من الجمعيات والخبراء ، وبعد عدة مشاورات ولقاءات قدمت الوزارة مشروع قانون لا أثر فيه للمذكرات ولا لما دار في جلسات الحوار...
وكان الوضع أشد غرابة في وزارة تقنية - كوزارة الصحة - رأي الشركاء فيها ضروري وحاسم إذ قدمت الحكومة مشاريع قوانين كل الشركاء يرفضونها ومررت قانونا عبارة عن توصية للمنظمة العالمية للتجارة التي توصي (بأحقية كل شخص يملك مالا أن يفتح مصحة) و هي ليس توصية للمنظمة العالمية للصحة في نية مبيتة لضرب القطاع والدليل استباق عدد من الوزراء القرار بشراء عدد من العيادات كانت مهدد ة بالإفلاس ، وتقديم أزيد من 60 أستاذ طبيب جامعي لاستقالاتهم فكان القرار الانفرادي أكبر ضربة للقطاع ضيع على الجامعة والبحث العلمي أساتذة مكونين خرجوا ولا زالوا قادرين على تخريج الأطر التي تحتاجها الدولة، وضاع القطاع العمومي والمغاربة في خبرات أطباء لهم تجربتهم دون أن تبالي الحكومة بالحركات الاحتجاجية التي نظمها الشركاء بالقطاع أو خارجه.
وعلى نفس النهج الانفرادي سارت وزارة العدل والحريات بعد سلسلة من اللقاءات الحوارية بدعوى التشاركية أخرجت قوانين يرفضها كل الشركاء (محامون، قضاة، عدول، موثقين، محررون..)
وعلى نفس الهدي تم تمرير قانون المقاصة في قرار انفرادي استهدف تقليص مساهمة الدولة في صندوق المقاصة من 52 مليار إلى 19 مليار وبالتالي حرمان المواطنين مما كانوا يستفيدون منه خاصة وأن الوضع بقي على ما كان عليه بل زاد استفحالا بازدياد الإقبال على الاستدانة، وقد يكون كارثيا إذ ارتفعت أثمان المحروقات في السوق العالمية ، فكان القرار بعيدا عن الديموقراطية التشاركية ما دام اتخذ رغم معارضة كل الشركاء (جمعيات حماية المستهلك، المعارضة ، النقابات...)
وكذلك كان مسار الحوار حول إعداد التراب الوطني،والتعليم ,الطاقة والرياضة ..
لتستنتج أبو زيد أن تهميش الشركاء يكرس فقد ثقة المواطن في المؤسسات وأنتج وضعا غير مفهوم يدفع المواطن البسيط رأسا للتصويت على من لا يدافع عنه متسائلة : ما الذي يدفع المغربي للتصويت على حزب لم يضح بشيء... يقول عفا الله عما سلف. يعلن رفع يد الدولة عن التعليم والصحة والتشغيل .ويستهدف ضرب كل المكاسب... في المقابل يعاقب هذا المواطن أحزاب ترفع قضايا كبرى، وضحت بالكثير من أجل المغرب والمغاربة وتتبنى عدالة اجتماعية ، ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وفصل زواج السلطة والمال ...
وكان النقاش هو الآخر راقيا اختلفت فيه الآراء حول الوضع السياسي بالمغرب والمسؤول عن غياب الديمقراطية التشاركية ، والتساؤل عن أسباب ضعف المعارضة ، وعزوف الطبقة الوسطى (المستهدفة ) عن المشهد السياسي . وسلبية الإنسان المغربي المعاصر في مواجهة القرارات التي تتخذ ضد مكاسبه ... اختلفت فيه الآراء باختلاف التنظيمات و الإطارات التي تعاقبت على منصة النقاش .. في إجماع حول تقدير كاريزم السيدة حسناء أبو زيد التي كانت كلمتها الختامية حزبية بامتياز مفتخرة بخيارات الاتحاد الاشتراكي حتى وإن كانت خاطئة على الأقل لأن له خيارات ، و النكوص والعزوف لن يؤدي إلا إلى نجاح من لا خيار لهم، وفي أحسن الأحوال نجاح من ينتظرون أن يُختار لهم ، أو نجاح أصحاب المال الحرام أو المال المدنس كالذي يقدم مساعدة لمعاق ويجر أسرته بكاملها لتصوت عليه.

فيدو حصري بتنسيق مع صوت آسفي https://www.youtube.com/watch?v=ylPTGBW1474&feature=youtu.be








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا