الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معاني أسماءنا المكتوبة على جبين نيويورك

مزوار محمد سعيد

2016 / 6 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الغيرة ركيزة إنسانية يحملها الفرد بداخله، لكن كل حيرتي من أفراد ينكرون وجودها فيهم، فيتسلحون بمنطق بعيد عنهم، يتخذون من بهتان خرافات الرجولة وحكايات العزم الأنثوي ستارا يخفون به غيرتهم، أليس للغيرة هذه الحق في البزوغ؟ أليس لها واجب الظهور بدل بقائها في الداخل لتتحوّل إلـى حسد بالغ السواد؟
من هناك، من قصة يوسف عليه السلام، من ذاك الجمال الذي بلغه ذاك الفتى كما يُروى عنه، من إكباره ومن أخلاقه، من ما خلّفه من تصادم بين جوانب وضفاف الروح الإنسانية، حيث يغلي الشغف في مسار واضح للغاية، لتستوعب الحياة البشرية طاقتها في علياء الصخب البشري، حيث يصبح للكلّ حال متعال جدا، متداول بشكل يسير في وجه علاقته بما هو حوله، حيث تتراكم الأنانية لتتصلب بشكل متسارع وقابل للإشتعال في أيّ وقت. عندما توفيت تلك الفتاة البريطانية الشهيرة على يد مجاهيل كثيرة، وقع الخبر على نفسي بشكل سيّء، خاصة لمّا علمتُ بأنها أم لطفليْن، بلغت غيرتي من موتها درجة لم أتحمّلها، فرحتُ أبحثُ في نفسي عن قاعدة جماهيرية تتخذ من علاقاتي الكثيرة بشعاب وجداني منافذ، لتغدوا غيرتي بكامل جلالتها بارزة أمامي، غيرة عليها أو منها، لم تنفعن هذه التحليلات كثيرا، فالضحية وقعت على طريقة الروايات في شارع مظلم ليلا، كانت تدافع عن البقاء ضمن عراقة أرحب، وعن طبقة تجتهد في توفير الثروة الجماعية بشكل متفان، ولها آراء عظيمة من شابة في مثل سنّها. لم أجد أمامي سوى بضع كلمات على جداري "التويتري"، حيث عبّرتُ عن حزني العميق من فعل كهذا، فعل قتل صوت بمجلس العموم وبصمت يشبه كثيرا ما وقع لتلك الشابة البريطانية بباريس في يوم ما، الأولى سقطت بالقرب من أحبائها، والثانية وإن ما سقطت على طريق الغرباء إلا أنها رحلت بصحبة حبيبها، رحيل عن الحياة، غيرتي من هذا الممات، لأنّه يمثل بالنسبة لي حياة جديدة بولادة ثانية. لم أرى أحدا في حياتي يغار من الأموات، اللهم بعض الراغبين في مقدسات الميتافيزيقا، لم يعد هناك معنى محدد للموت، لم يعد أحد يغار مثلي من ذاك أو تلك التي اكتفت من الحياة، وأدارت قبلتها باتجاه الرحيل، فما أحلاه من رحيل، طوبى لمن حمل أمتعة أيامه وهمّ مسافرا بين ثنايا متاهاته العليـا. تعميدات الغرام العرقي تحمل البشر على فهم مستحقاتهم الثمينة، أن يدور الفلك الإنساني ضمن تعزير مستمر لذاته هي قمة الأنفة العاقلة لما يحتويه من صبر، الغيرة تكسره، الغيرة تكسر هذا الصبر بشكل كامل، فتتعالى أصوات عديدة تتعاضد في صورة مشمسة لتلقين الأفراد ما لهم من منازل ضمن القصد العتيد لكافة موجات التعريفات المضاعفة، في كل واحدة منها شيء قليل من مسالك الحياة، من مسارات تحمل بذور الأزل، لتعتمد على قريحة الجانب المعتم من حياة البشر، قصد تكوّن جانب خاص يتمرّد على ذوق الاتجاه العام، لما رُسِم لذاك الفرد بعيدا عن رغباته. تنتهي غيرتي من الأموات لأنهم رحلوا عنا، لم يتمكنوا من رؤية بؤسنا ومعاناتنا، حملوا ما كانوا قد جاؤوا من أجله إلى هذه الحياة، اكتفوا من العيش، ورحلوا حاملين تذاكر الذهاب بلا إياب، فلم أسمع أبدا أنّ هناك من عاد منهم، وهنا مكمن ذروة غيرتي منهم أيضا، عندما تعيش بين وسط أنديجاني لا يفهمك، حتى أقرب البشر إليك يظلمك، يوهمك بصور لستَ أنت من كوّنها عن ذاته، صور تتلاعب بمشاعرك، فهنا حتما سأغار إلى حد الجنون والمجون معا.
([email protected])








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن