الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الليبرالية الجديدة توسع دائرة ضحايا الرأسمال 2

سعيد مضيه

2016 / 6 / 19
ملف 1 ايار - ماي يوم العمال العالمي 2016 - التطور والتغييرات في بنية الطبقة العاملة وأساليب النضال في ظل النظام الرأسمالي والعولمة


الليبرالية الجديدة توسع دائرة ضحايا الرأسمال
الحلقة الثانية- أعباء التسلح وخدعة مقاومة الإرهاب
تسدر الامبريالية الأميركية في فرض هيمنتها الكونية بشتى السبل ، ولو زجت العالم في أتون حرب نووية. أميركا ، تقودها الليبرالية الجديدة، وقوتها الدافعة المحافظون الجدد، لا تقبل لعدوى التطور المستقل ، أي بعيدا عن سيطرة احتكاراتها عابرة الجنسية، أن تستقر ولو ببلد واحد. ولا تقبل لبلد ان يعادلها من حيث قدرات التسلح، وتحث الخطى كي تتفوق في مضمار المنافسة في التجارة الخارجية. الحرب على الإرهاب ذريعة الامبريالية ومبررها لفرض إرادتها على شعوب العالم كافة من خلال مخطط القرن الأميركي الذي وضعه المحافظون الجدد.
لاحظ نوعام تشومسكي ان "عمليات اغتيال مواطني دول اجنبية بواسطة طائرات بدون طيار، والتي فاقت أرقام ضحاياها أرقام كل عمليات الإرهاب ، ربما تجيّش قوى بجانب منظمات الإرهاب وبسرعة اكثر مما تقتل من إرهابيين. فلا غرابة ان يعتبر الرأي العام العالمي الولايات المتحدة الأميركية أعظم خطر على السلام".
فتحت الليبرالية الجديدة قناة التسلح لإثراء الاحتكارات. فبعد انتهاء الحرب الباردة أصر المحافظون الجدد على مواصلة التسلح بوتائر أسرع مما سبق كي ترغم جميع الأطراف على التسليم بالهيمنة الأميركية وتجريم التطور المستقل ودولة الرفاه. كان ذلك قبل تفجيرات نيويورك التي انتظرها المحافظون على احر من الجمر. خلال أقل من عقد فاقت ميزانية اميركا العسكرية مثيلاتها في أقوى عشر دول تليها مجتمعة. بات التسلح وعسكرة الحياة الاجتماعية أحد منافذ العولمة الاقتصادية وتغلغل الاحتكارات عابرة الجنسية في اقتصادات الدول الأخرى، وافتراسها وتركها كعصف مأكول، ثم الخروج بالأرباح الاحتكارية. ابتكرت الدبلوماسية الأميركية نهج مكافحة الإرهاب أثناء رئاسة ريغان في عقد الثمانينات . وانتهزت فرصة تفجيرات نيويورك 11أيلول 2001 لفرض حق العدوان على أي بلد ترى فيه مصدرا للإرهاب.
بصدد إسقاطات نشاط التسلح الأميركي على المجتمع الأميركي التقط الكاتب الأميركي روبرتس من تقرير البنك المركزي في الولايات المتحدة، أن52 بالمائة من الاميركيين لا يوفر واحدهم 400 دولار إلا من خلال بيع مقتنياته الخاصة او الاقتراض. وعزا الكاتب ضعف قدرة الادخار في مقال نشره في 9 آذار الماضي، إلى تعاظم تكاليف " الحرب على الإرهاب" في القرن الحادي والعشرين ، حيث أضيفت آلاف مليارات الدولارات على جباية الضرائب لتصب في خزائن التجمع الصناعي – العسكري - الأمني تحت ستار مواجهة المخاطر الأجنبية. طوال المدة عمل النظام المالي يدا بيد مع صناع السياسة ملحقا بالشعب الأميركي أضرارا تفوق ما قد ينزله الإرهابيون من أضرار.
ابتدع الليبراليون الجدد بدعة "استثنائية" أميركا( وكل من ترضى عنه الدبلوماسية الأميركية) لتبرير انتهاك القانون الدولي الإنساني وممارسة دور شرطة العالم. السياسة الأميركية لا تتردد في التدخل الفظ في شئون كل بلد لتطويعه وفق مشيئة الاحتكارات الأميركية. ومثال ذلك حملاتها المتجنية على نظام الأرجنتين التقدمي حتى سقط ، ثم حملتها على البرازيل حتى ضمنت إفلاته من قبضة اليسار وشروع الحكام اليمينيين الجدد تقليص برامج الخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والثقافة وإطلاق اليد لبرامج التصحيح الاقتصادي. والآن تشن حملات إعلامية واقتصادية وسياسية ضد نظام فنزويلا التقدمي. ويقبع نفس المصير على منعطف قريب لدول اخرى مثل بوليفيا والأكوادور وتشيلي ينتظرها نفس الهجوم الضاري . في هذا الهجوم يشارك إعلام محلي وقوى اقتصادية تمارس عمدا التخريب وصنع الأزمات الاجتماعية . فالتحولات التقدمية التي جرت في بلدان اميركا اللاتينية أبقت على الأنشطة الاقتصادية والإعلامية الخاصة. هي ليست قوى قومية ولا مجرد رجعية ؛ إنما هي طغم مالية واقتصادية وإعلامية مندمجة عضويا بالاحتكارات عابرة القارات. وتطالب اميركا من قوى اليمين في كل بلد أن تنفصل تماما عن ما تدعوه القيم "المتخشبة" للانتماء الوطني وتدخل في التنميط الدولي حسب المثال الأميركي كقوة جديدة بازغة على مسرح الحضارة الرأسمالية الجديدة، كما يزعمون.
مهدت الليبرالية الجديدة ل "اممية" امن طراز فريد بترويج قيم العنف والقسوة ومثال رأسمالية الكازينو، حيث لا تضامن ولا تعاطف مع من يتخلف في منافسة السوق، المنظم الأعظم للاقتصاد، او كل ضحايا خطط "التصحيح الاقتصادي" والنهب الضاري للعمال ولشعوب البلدان المنضوية تحت إيديولوجيا السوق. يجري تقليص الديمقراطية امام سطوة أصحاب المليارات على الهيئات المنتخبة وارتباطهم العضوي بماكنة الدولة. قوى النهب والهبش والحروب المعلنة وغير المعلنة ، مثل ضربات الطائرات الأميركية بدون طيار في عشرات البلدان، ترهق الشعوب وتنشر الإرهاب
إنها الدينامية الذاتية للتجمع الصناعي العسكري- الأمني، التي حذر من أخطارها المهلكة على المجتمع الاميركي وعلى العالم كله الرئيس الأميركي الأسبق ، جنرال آيزنهاور. يتجسد في الواقع الاقتصادي والسياسي الدوليين، دينامية تتالي أجيال منظومات التسلح التي يفترض على كل من يتسلح من اميركا ويتعامل مع التجمع اقتناء منظومات التسلح الجديدة والإذعان للأسعار الاحتكارية المفروضة. وهذا ما ادركه الجنرال رئيس الجمهورية وهو يلقي خطاب الوداع لدى انتهاء فترة رئاسته.

بجانب أسلوب العنف وإسقاطاته على الأميركيين تدخل المنتجات الأميركية ميدان التنافس في التجارة الدولية عبر تخفيض كلف الإنتاج من خلال تخفيض اجور الشغيلة. خلص البروفيسور ألان نصر، أستاذ الاقتصاد السياسي والفلسفة بكلية الدولة إفرجين، إلى أن العمال الأميركيين ينحدرون إلى مستوى أقنان البلدان الفقيرة المعتمد قتصادها على التصدير. ونقل الخبير الاقتصادي خطة الليبرالية الجديدة في ميدان التجارة الدولية – مغانم للرأسمال ومغارم على العمال- نقل عن خطاب ألقاه الرئيس اوباما امام اجتماع بنك الاستيراد والتصدير عام 2010، أشارفيه إلى أن الحقبة الراهنة تشهد تنافسا شديدا على التصدير ، وان تخفيض الأجور يشكل العامل الرئيس لتخفيض تكلفة الإنتاج، ورفع القدرة التنافسية للصادرات الأميركية.
وكذلك وزير الدفاع الأميركي يسترشد باعتبارات الليبرالية الجديدة. تحدث بتفصيل اوضح من رئيسه في العام الماضي، فقال ان التنافس سوف يحتدم على أسيا والباسيفيكي ، حيث ستستوعب نصف سكان العالم بحلول العام 2050. استخلص أن اكثر من نصف الطبقة الوسطى في العالم وما يلازمها من قدرة استهلاكية، سوف توجد في تلك المنطقة. وبدهي انه والرئيس اوباما يؤكدان أن البيزنيس سوف يدخل في المنافسة على هذه السوق.
يبقى الطلب على الإيديولوجيا لتحويل سياسات الليبرالية الجديدة إلى قيم موجهة ومعايير ترشد قناعات الجمهور. والتحالف متين بين التجمع الصناعي –العسكري -الأمني والميديا . يقال في أميركا "اليد التي توقع على الشيكات لا تعضها الميديا". تسخَّر الميديا لنشر قيم العنف والقسوة ومعاييرهما الملائمة للاحتكارات. في الولايات المتحدة لا يتقدم على لوبي البندقية سوى اللوبي اليهودي. وبسبب ضغوط جمعية البندقية فشلت الجهود المتواترة للحد من اقتناء السلاح وحمله في الولايات المتحدة ، التي لا يتفوق عليها بلد في العالم من حيث نسبة الأسلحة بأيدي المدنيين. الميديا تصنّع الجهل والتضليل وتؤجج الكراهية والعنصرية وتشوه الحقائق والوقائع. الاستثنائية الأميركية تدخل مكونا رئيسا في الثقافة السياسية ومناهج التدريس. وحيث بات الانترنت أحد اشكال التربية والتثقيف، ووسيلة اتصالات اجتماعية، فقد غدا احد قنوات الصراع من أجل القوة والتمثيل وتحديد المستقبل .
تشن الليبرالية والأصولية الدينية، كما لاحظ غيروكس، الهجوم الضاري على التعليم لتفريغه من كل ما يدمج الأجيال بقضايا مجتمعهم وقضايا الإنسانية وتجريد الشباب من مواهب التفكير النقدي، ووسائل المعرفة والتبصر والتحاور . ركز الليبراليون الجدد الجهود على إعطاب الوعي الاجتماعي لدرجة تشويه إنسانية البشر. يجد الليبراليون الجدد في الذاكرة الجمعية وفي قيم الخدمة الاجتماعية أعداء ألداء. وكذلك الذاكرة الجماعية كفكر نقدي ، يجري تقويضها في مناهج التدريس، أو الحط من قيمتها على أقل تقدير. وبتأثير الليبراليين الجدد في مجال التعليم والمجالس المنتخبة يجري باضطراد إعادة كتابة المناهج الدراسية لإفراغها من التفكير النقدي او مناقشة القضايا العامة والقضايا الإنسانية . فالتعليم ، في نظر الليبراليين الجدد، ينبغي أن يقتصر على التدريب المهني ورفع الكفاءة الإنتاجية.
تكافح الليبرالية الجديدة كالوباء مناهج مثل الفلسفة والفنون والعلوم الإنسانية وتاريخ الثقافة الإنسانية والمنطق والتفكير النقدي وصنع القرارات بحافز اخلاقي وكل مضامين لا تباع ولا تشترى في عالم البيزنس. الكليات الجامعية الأميركية تقلص بصورة متعمدة، او حتى تقتل أقسام الفلسفة والعلوم الإنسانية في التعليم العالي، وذلك لسببين رئيسين: تعليم من هذا النمط لا عائد ماليا يقدمه لعالم البيزنس، كما ان التفكير النقدي وكل من المعارف الغزيرة تشكل خطرا على هيمنة الشركات الكبري.
يشير الدكتور روبرت ابيلي، أستاذ الفلسفة في ديابو فالي كوليدج، بولاية كاليفورنيا ومؤلف كتاب " تشريح الخداع: تحليل منطقي واخلاقي لقرار غزو العراق"، إلى الفلسفة التي ترى في التعليم، خاصة في مستوى كليات المجتمع، إعداد الطلبة لشغل وظائف في عالم العمل لدى التخرج، بدلا من الانشغال بدورات لا تباع او تشترى في عالم البيزنس، مثل الفلسفة والفنون والعلوم والتاريخ والثقافة الإنسانية والمنطق والتفكير النقدي. يلاحظ في نهج الليبراليين الجدد تعمد إلغاء وشطب برامج توسع آفاق الطلبة وتعلمهم كيف يتأملون بصورة عقلانية ويحللون مجتمعهم والاتجاهات الفاعلة داخله. وفي احد خطابات اوباما دعا إلى تحويل الكليات الجامعية إلى مراكز للتدريب المهني. وعزا تدهور التعليم الأميركي إلى ضيق أفق سياسيين ومدراء كليات لا يرون سوى تدفق النقود، فيسمحون بتجريف مؤسسات التعليم وموتها عن طريق تسخيرها لخدمة الرأسمال.
يتبع لطفا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية