الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثليون جنسياً في مصر المعاصرة

طارق المهدوي

2016 / 6 / 23
حقوق مثليي الجنس


المثليون جنسياً في مصر المعاصرة

المثلية الجنسية هي ذلك الخلل الكيميائي اللا إرادي داخل بعض الأجساد البشرية الذي يدفع المصابين به من رجال ونساء نحو ميول موجبة أو سالبة تجاه الجنس المماثل كبديل لميول كل جنس الغريزية تجاه الجنس الآخر، مما يترتب عليه حتماً اختلالات متعددة في شبكة السلوكيات الاجتماعية الخاصة بالمثليين نظراً لاضطرارهم إلى ممارسة حياتهم الجنسية والغرامية والعاطفية عبر أشكال وقنوات مختلفة عما هو سائد ومألوف في أوساط الأشخاص الأسوياء المحيطين بهم، رغم حرص المثليين الافتراضي على إبقاء ممارساتهم المذكورة ضمن إطار من السرية والخصوصية الشديدين داخل نطاقاتهم الضيقة والمغلقة، إلا أن المثليين جنسياً في مصر المعاصرة الذين يتراوح عددهم بين خمسة وعشرة ملايين تبعاً لاختلاف الأدوات الإحصائية التي يستخدمها الباحثون، قد تجاوزوا هذا الحرص الافتراضي تحت خليط من الصعوبات والإغراءات التي فرضتها ظروفهم الذاتية الخاصة مع الظروف الموضوعية العامة المحيطة بهم، فشكلوا فيما بينهم جماعات منظمة شبه علنية تسعى ليس فقط إلى الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم في مواجهة الآخرين ولكن أيضاً إلى تمرير مصالحهم المتبادلة على حساب أولئك الآخرين، سواء بالاتصال مع مؤسسات الدولة والمجتمع والسوق والعلاقات الخارجية واختراقها والضغط عليها أو باستخدام مناورات وألاعيب السياسة الحركية المباشرة على أصعدة التنظيم والدعاية والعمل الجماهيري، ليتحولوا بذلك من وضعية الأشخاص المستقلين الأحرار إلى وضعية التكتل الجماعي المنافس للجماعات الأخرى حيناً والمتعالي عليها أحياناً بشكل استفزازي جالب لردود فعل عدائية ضد وجودهم ونشاطهم المنظم، الذي يتناقض بوضوح مع أبسط قواعد الليبرالية وحقوق الإنسان باعتبارها تشكل فيما بينها شبكة كاملة متكاملة غير قابلة للتجزئة الانتقائية، حيث تدعو هذه القواعد من جهة إلى عدم مضايقة أو اضطهاد أو إلحاق الضرر بالمثليين كأشخاص من قبل المحيطين بهم على خلفية ميولهم وممارساتهم المثلية، بصرف النظر عن الموقف الأخلاقي السائد والمألوف لدى المحيطين بهم تجاههم وبصرف النظر عن موقف المثليين أنفسهم تجاه ميولهم وممارساتهم المثلية، سواء كانوا يعانون منها فيسعون لتغييرها أو كانوا يرضخون لها فيتقبلونها على مضض كأمر واقع أو كانوا يفخرون ويتباهون بها، كما تدعو هذه القواعد أيضاً بنفس القدر في الوقت ذاته من الجهة الأخرى إلى عدم مجاملة أو مكافأة أو جلب المنافع للمثليين كأشخاص من قبل المحيطين بهم على خلفية ميولهم وممارساتهم المثلية، مع ضرورة امتناع المثليين أنفسهم عن الشللية والمحاباة والانحياز لبعضهم على حساب الأشخاص الأسوياء الآخرين المحيطين بهم وبالتالي امتناعهم عن تكتلهم المنظم المعادي للآخرين على خلفية ميولهم وممارساتهم المثلية، فهل يتخلص المثليون جنسياً في مصر المعاصرة من انتقائيتهم الملحوظة تجاه قواعد الليبرالية وحقوق الانسان ويحاولون الانفتاح على المحيطين بهم والاتصال بهمومهم الوطنية والديمقراطية والاجتماعية، أم يظلون كما هم جزيرة انعزالية متعالية وسط عدة جزر منعزلة متكارهة فتلتهمهم الفاشيات الدينية والعسكرية والقومية مع غيرهم من ضحاياها؟
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف


.. بعد فض اعتصام تضامني مع غزة.. الطلاب يعيدون نصب خيامهم بجامع




.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د