الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادارة مشاريع الري بالعراق واثرها على الشحه المائيه

عبد الكريم حسن سلومي

2016 / 6 / 26
الصناعة والزراعة


إدارة مشاريع الري في العراق وأثرها على الشحه المائيه
ان عملية الاداره الناجحه لمشاريع الري تتظمن عمليات تخطيط وتنظيم وصرف مبالغ لأغراض التشغيل والصيانه لمنظومات معقده من منشأت وشبكات ري وبزل لغرض ايصال المياه للأراضي الزراعيه ومع المعرفه الدقيقه لحجم ونوعية المياه المستخدمه والتي سوف تستخدم طوال موسم الزراعه لذلك كان واجب الادارات الناجحه ان تعد الحسابات الخاصه بالاحتياجات المائيه للمشروع الاروائي وكيفية توزيعها مع وضع برامج لصيانة المشروع بعد المباشره بالتشغيل مع العمل على تقليل الخسائر الماليه والضائعات المائيه اثناء النقل وخلال عمليات السقي والحد من انتشار النباتات والادغال المضره بشبكات الري كما ان التشكيل والهيكل الاداري لأي مشروع يعتبر من العوامل الضروريه للاداره الناجحه مع الاهميه بأن يكون لدى الاداره الصلاحيات الماليه والعدد الكاف من الوسائل والاجهزه والمعدات والكوادر الفنيه المختصه لادارة المشروع الذي قد تصل اطوال شبكته الى الاف الكيلومترات ومساحته مئات الألاف من الدوانم ولايفوتنا ان نؤكد على ان من اكثر المشاكل التي تجعل مشاريع الري فاشله هي التجاوزات التي يقوم بها الفلاح على المشروع بسبب جهله وعدم كفاءته وتعوده على الاتكاليه التي تعود عليها من جراء ممارسته للزراعه الديميه منذ القدم مع عدم محاسبته من قبل ادارات المشاريع مما يؤثر ذلك على كفاءة المشروع وبالتالي هدر للمياه كبير وفشل المشروع بعد تشغيله بفتره قصيره ولتكون بعض المشاريع بالنهايه فاشله وغير اقتصاديه اذا ماقورنت بقيمة الثروه المائيه التي تهدر من جراء ذلك
ان عامل النجاح لأي مشروع اروائي يعتمد على اسلوب التشغيل والصيانه الجيده والادامه الناجحه للمشروع الذي يتطلب انجازه وادامته صرف مبالغ كبيره كما ان عملية الري لمناطق واسعه لايقصد فيها توزيع المياه للفلاحين فقط بل توزيع المياه بشبكه معقده من المنشأت والقنوات التي تؤدي بالنهايه الى دور كبير في الانتاج الغذائي المهم لكل بلد وعلى العموم فأن المياه تجهز للحقول بري العراق بعدة طرق منها

1-طريقة الري السيحي:- تعتبر هذه الطريقه من اقدم وارخص الطرق التي عرفها الانسان منذ فجر التاريخ وهي اليوم تعتبر الاوسع انتشارا في العراق و تعتمد بنجاحها على كفاءة الفلاح بأدارته لحقله وتقليله للضائعات المائيه عن طريق خدمة ارضه بصوره جيده وصحيحه وهذه الطريقه لها القابليه على غسل الاملاح في التربه وخاصة عندما يكون الماء الارضي بعيدا عن سطح التربه وهي لاتحتاج لايدي عامله كثيره او فنيه ويمكن استخدامها في الاراضي المستويه وقليلة الانحدار وفي زراعة كافة المحاصيل والاشجار الا ان لهذه الطريقه سلبيات كثيره منها انها لاتناسب الاراضي التي يرتفع فيها الماء الارضي ولاتصلح للترب الجبسيه ولا في الاراضي المنحدره لانها تؤدي لانجراف التربه وفيها تكثر الضائعات المائيه من جراء النقل والتبخر والتسرب العميق مع ان الاراضي المستخدمه فيها هذه الطريقه تحتاج لخدمه كبيره خاصة التعديل والتسويه مما يزيد من الكلفه وهي تستخدم بالعراق بعدة انواع
2-الري تحت السطح:-وهذه الطريقه غير مستخدمه بالعراق الا في مجالات البحوث العلميه
3- الري بالواسطه:-وهو استخدام واسطه لنقل المياه للحقول كالمضخات ومحطات الري بالرش والتنقيط وغيرها من وسائل نقل المياه لحقول الفلاحين
لم يحضى موضوع سوء ادارة مشاريع الري وأوجه الهدر المائي فيها بالعراق بالاهتمام كما حظيت الاسباب الاخرى لشحة المياه والسبب في ذلك يعود من وجهة نظرنا الى ابعاد الحقائق عن اوجه القصور من قبل الجهات المسؤوله عن ادارة تلك المشاريع وما مدى مسؤوليتها في ضياع ثروة العراق المائيه .
ان الجهات المسؤوله عن ادارة المشاريع الاروائيه والسيطره على واردات العراق المائيه لم تضع خطط منهجيه استراتيجيه صائبه يتم تنفيذها بالتتابع بل ان خطط ومنهاج الوزاره المسؤوله عن ادارة موارد المياه كانت مختلفه وغير ثابته وتتعرض لكثير من التغيرات لاسباب عديده مما ادى ذلك للانعكاس سلبا على ادارة المشاريع وخاصة في السنوات الاخيره ومن بعد سنة 1990 مما ادى ذلك لضياع كثير من الموارد المائيه .

ففي الواقع ان مشاريع الري المنفذه في العراق سواء أكانت القديم منها او الحديث لم تبلغ درجة النجاح المتوخاة منها وفقا لما خطط له وتم اعداده ممن دراسات جدوى اقتصاديه, واذا ماقمنا بتدقيق ودراسة هذه المسأله نجد ان الاسباب الرئيسيه لذلك ناتجه من
اولا؛- من عوامل اداريه وهذه تكاد تكون ظاهره طبيعيه لأغلب مشاريع العراق الاروائيه وخاصة الحديثه منها ولو دقننا بصوره جديه لوجدنا ان السبب اداري بالدرجه الاولى مع كون اغلب دراسات الجدوى الاقتصاديه للمشاريع كانت جيده ولكن للاسف لم يتم تطبيقها لأسباب عديده مما ادى ذلك لفقد الكثير من المشاريع لاهدافها التي حددتها تلك الدراسات علما ان الادارات الناجحه للمشاريع من واجبها الاستمرار في تحسين وتطوير المشاريع وخاصة القديمه منها ومن الممكن ملاحظة نتائج الإدارات ومدى نجاحها من مشاهدة انتشار ظاهرة التملح ونمو القصب والبردي والاعشاب والادغال والنباتات المائيه والمستنقعات والترسبات والتجاوزات في اغلب مشاريع العراق اليوم وكذلك من الممكن ملاحظة كون خطط التنميه في البلاد كانت تخصص مبالغ كبيره لانجاز هذه المشاريع ولكن واقع الحال بين لنا انه بعد انجازها تهمل ادارتها وصيانتها وخطط ادامة تشغيلها وكأن كل شيء انتهى بأنجاز المشروع فقط لذلك نرى اليوم مشاريع قد انتهت بسرعه واصبحت غير ذات جدوى.
ثانيا؛-عوامل فنيه
ان الجانب الفني والتقني لانشاء البنى التحتيه لبعض مشاريع الري(الحديثه) في العراق كان على درجه عاليه من الدقه والكفاءه التنفيذيه للمشاريع بينما اغلبها(القديم منها) لايواكب التطور الحديث والمتتبع لمشاريع الري في العراق سيجد ان اسلوب التنفيذ الفني لمشاريع الري في العراق على الاغلب يعتمد طريقة الري السيحي والتي من سمتها الأساسيه هي تنفيذ شبكات الري بأستخدام القنوات المفتوحه بنوعيها الترابي والمبطن والتي تعتبر من اكثر وسائل نقل المياه خسارة للمياه عن طريق التسرب (النزيز) والتبخر السطحي والترسبات ونموا الادغال والنباتات المائيه التي تكلف مبالغ كبيره لأجل صيانتها وتحتاج لجهود كبيره للتشغيل والمراقبه اضافة لخسارة كميات كبيره من الاراضي لتنفيذ شبكات الري والبزل وحتى على مستوى تنفيذ المنشأت الضخمه وذات الكلف العاليه حيث لازال مثلا يتم الاعتماد على البوابات المنزلقه التي تحتاج الى مبالغ للصيانه وتتعرض بصوره كبيره للتجاوزات وعلى العموم يعتبر العامل الفني من العوامل التي تؤدي اليوم لعدم كفاءة المشاريع وفشلها فالكثير من المشاريع تم تنفيذها ليس وفقا لتصاميمها التي اعدت وفق الدراسات في الجدوى الاقتصاديه بل تغيرت لاسباب عديده لذلك حدثت مشاكل في هذه المشاريع واضرار من جراء عدم تنفيذ الجدوى ودراساتها وكذلك في اغلب مشاريع العراق اليوم يتم الاعتماد على اسلوب التخمين لكميات المياه للمشاريع وهي بالمعنى الصحيح عباره عن تقديرات شخصيه لاتمت للعلم بعلاقه حيث ان من ابسط امور التشغيل الصحيح لمشاريع الري هو ان يتم تحديد المقنن المائي لكل محصول مزروع ضمن اراضي المشروع لغرض تجنب المشاكل الناتجه من مياه الري الزائده والتي تؤدي لزيادة مناسيب المياه الارضيه التي بدورها تؤدي لاضرار كبيره للاراضي والنبات وعلى الرغم من الكثير من التوصيات العلميه والتوجيهات لسبل الري الناجح الا ان كثيرا مايحدث ضائعات مائيه كبيره من جراء استخدام طرق ري غير كفوءه كالري السيحي المعمول به بالعراق ولهذه الضائعات عدة اشكال منها ضائعات ممكن التحكم بها والسيطره عليها وتقليلها مثل ضائعات النقل والتسرب والتبخر وضائعات لايمكن التحكم بها وتشمل ضائعات التبخر من الحقل اثناء السقي وعمليات النتح التي يجريها النبات حيث ان اغلب القنوات التي تنقل المياه من مصادرها الاولى هي قنوات ترابيه تزداد بها الضائعات
اما اساليب توزيع المياه في ري العراق فجميعها تعتمد على
اولاً : تجهيز المياه الدائمي :
وهو اعطاء المياه لشبكات الري بصوره دائميه عن طريق استمرار الجريان للمياه بصوره دائميه في القنوات ولكن تتم المراشنه(المناوبه) على مستوى القنوات الحقليه والمنافذ الحقليه ولهذه الطريقه بعض الفوائد والسلبيات
ثانياً : تجهيز المياه بالمراشنه (المناوبه)
وبهذه الطريقه يتم اعطاء المياه للقنوات في المشاريع لفترات معينه وقطعها لفترات اخرى وتسمى هذه الطريقه بالمراشنه ونجدها اليوم مطبقه في اغلب مشاريع العراق بسبب شحة المياه التي يمر بها العراق ويتم تحديد فترة الفتح والغلق للقنوات بموجب ضوابط وحسابات وقد تكون المناوبات على انواع منها الثنائيه والثلاثيه ويتم تحديد فترات الري وفق حسابات دقيقه من خلال الكشف على واقع الاراضي ومعرفة مدى حاجتها للمياه ومعرفة نوعية التربه والنبات مع ملاحظة معامل كفاءة الري .
ثالثاً : نظام تجهيز المياه الحر:- وهو مامعناه استخدام المياه بطريقة حره من قبل المزارع (ري بالواسطه او ان الفلاح هو يمتلك المصدر المائي)مثل الابار والعيون والينابيع والكهاريز وغيرها من مصادر المياه حيت تتم ادارة المياه من قبل المزارع نفسه حيث يتولى الفلاح بنفسه تجهيز مزرعته بالماء حسب حاجته ويتم بهذا الاسلوب استخدام واسطه لنقل الماء من المصدر الى المزرعه وقد اعتبرت هذه الطريقه على مر التاريخ من انجح الطرق الاقتصاديه للمياه حيث تكون كميات المياه المجهزه للنبات مقاربه تماما لحاجته الفعليه للمياه بسبب كون مصدر الطاقه المستخدم لواسطة نقل المياه يكلف مبالغ لتشغيله مما يحتم ذلك على الفلاح غلق مصدر الطاقه حال انتهاء عملية الري بصوره جيده.
ان اغلب شبكات الري المتواجده في مشاريع الري في العراق كانت مصممه على اساس التشغيل والجريان المستمر للمياه 24 ساعه يوميا وخاصة في فترات الاحتياج القصوى للمياه حيث يتم اعطاء حصه مائيه للقنوات المغذيه ليتم ايصالها للوحدات الاروائيه (حقول الفلاحين) عن طريق المناوبه بين الحقول على ان يتم سقي الحقول حسب الدور ووفق جداول المراشنه المعده ويكون السقي ليلا ونهارا اي 24 ساعه يوميا حيث تكون حصة الفلاح محسوبه وفق مقدار المساحه المزروعه ونوع المحصول وحسب مامخطط له في الكثافه والدورات الزراعيه لذلك فأن تشغيل شبكات الري في العراق يعتبر غير كفوء بسبب عدم قيام الفلاحين بأخذ حصص مائيه هي محسوبه ضمن حصصهم المائيه في اغلب الاوقات (حصص ليليه)لذلك تهدر كميات المياه ليلا في اغلب المشاريع لكونهم عمليا لايمارسون السقي الليلي وكذلك بسبب انتشار التجاوزات الكبيره على المشاريع مثل انشاء بحيرات الاسماك وقلة الصيانه حيث انتشار النباتات المائيه مثل الشمبلان وزهرة النيل والقصب والبردي وهو مانشاهده في اغلب مشاريع العراق اليوم
ان تشغيل المشاريع يجب ان يكون وفق برامج معده لايجوز للفلاح التجاوز عليها وان من اهم واجبات كوادر التشغيل هو مراقبة مدى تقيد الفلاحين بتنفيذ هذه البرامج والسقي في فترات الليل والتي تعتبر من اهم الفترات للري بكفاءه عاليه علما ان جميع منشأت المنافذ الحقليه للمشاريع غير مجهزه بمقايس لتصريف المياه ,ولكن على العموم ففي حالات كثيره وبسبب ظروف الشحه المائيه اليوم في العراق فأن اغلب المشاريع الاروائيه قد تحولت لطريقة المناوبه لكون المياه المتوفره قد تصل لأقل من التصاريف التصميميه للمشاريع وقنواته وهي تصل لأقل من 50% من تصاريف المشاريع لذلك يتم غلق بعض القنوات لفترات محدده وتفتح في فترات اخرى ولكن يصاحب هذه العمليه (عملية الفتح والغلق) بصوره فجائيه حدوث انهيارات لجوانب القنوات وخاصة الترابيه وحتى المبطنه تكون عرضة في فترة الغلق لأضرار وتجاوزات مع حدوث مشاكل اجتماعيه وتجاوزات على الحصص المائيه نتيجة لاستخدام هذه الطريقه وهو مايحدث فعلا اليوم وذلك نتيجة لتخوف الفلاحين من عدم حصولهم على حصتهم في فترات الغلق وتأثر محاصيلهم مما يضطره للتجاوز للحصول على المياه لسقي مزروعاته .
ان مياه الري غالبا مايتم نقلها لمسافات طويله بأستخدام شبكه من القنوات الاروائيه وخاصة في المناطق الجافه وشبه الجافه والصحراويه وشبه الصحراويه لحين وصول المياه لمزرعة الفلاح وان هذا النقل للمياه يسبب مشاكل كثيره وخاصة منها التسرب من القنوات للاراضي المجاوره والذي يؤدي هذا التسرب الى تملح وتغدق الاراضي وقد تكون كميات هذاالتسرب (النزيز) مساويه تقريبا لثلث كمية المياه المنقوله في القنوات مع فواقد التبخر والتشغيل حيث ان الفقد في القنوات الناقله يشمل على (النزيز + التبخر + فواقد النقل و التشغيل) ولغرض حساب كمية النزيز في قنوات الري نحتاج لمعلومات دقيقه مبنيه على معلومات تأتي من سجلات محطات الرصد للمياه في كل اجزاء المشروع ويتم على ضوء ذلك حساب كميات النزيز وكل هذه الامور لاتطبق بمشاريع الري اليوم
لذلك كله ومن واقع فترة عمليه في مجال الري لابد من القول وبكل صدق ان اساليب ادارة مشاريع الري في العراق تعتبر غير كفوءه وهي من العوامل التي تزيد من شحة المياه وتأثيرها وتتطلب مراجعه شامله والتحول لطرق ري حديثه بقرارات حاسمه على مستوى عال وتطبيق فوري لها لكي يتجاوز العراق محنة الشحه المائيه ولكي لاتستخدم ضده ورقة المياه كوسيلة لتهديد استقلاله وعدم توفير غذاء لشعبه واعتماده على الاستيراد من دول الجوار وهو مايحدث اليوم فعلا.

المهندس
عبد الكريم حسن سلومي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الصين يحمل تحذيرات لبكين؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. زيارة سابعة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى الشرق الأوسط




.. حرب حزب الله وإسرائيل.. اغتيالات وتوسيع جبهات | #ملف_اليوم


.. الاستخبارات الأوكرانية تعلن استهداف حقلي نفط روسيين بطائرات




.. تزايد المؤشرات السياسية والعسكرية على اقتراب عملية عسكرية إس