الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخصخصة وتداعياتها على الإقتصاد الوطني العراقي

صبحي مبارك مال الله

2016 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


الخصخصة وتداعياتها على الإقتصاد الوطني العراقي
تناول العديد من الدارسين والباحثين وخبراء الإقتصاد موضوعة الخصخصة بإهتمام كبير ، فُنشرت المقالات والدراسات حول هذا الموضوع الإقتصادي المهم ،بعد إن دخلت الخصخصة في حيز التنفيذ في الدول التي كانت تطبق نظام القطاع العام في إدارة الدولة والذي يتميز بالتخطيط العلمي المركزي،حيث طُبقَ هذا النظام في الدول النامية وفي الدول الأشتراكية السابقة وفي مقدمتها الأتحاد السوفياتي سابقاً ولكن بعد أن طبقت الخصخصة كانت النتائج سلبية وغير مُجدية وممكن أن نوضح الموقف من وجهة نظر سياسية وإقتصادية ، فماهي الأسباب التي تدعوا البلدان إلى اللجوء إلى هذا النهج ؟ ومن هو المستفيد الأول وهل تخدم خصخصة المشاريع الكبرى أبناء الشعب ؟ هل ستنهي حالة البطالة وإرتفاع مستوى الفقر وتدهور الخدمات ؟ وهل سَتُفتَح آفاق التطورالإقتصادي أمام تلك البلدان ؟ كثير من التساؤلات تحتاج إلى إجابة . الخصخصة تعني كمصطلح إقتصادي و فلسفة إقتصادية بأنها ذات إستراتيجية نحو تحويل عدد كبير من القطاعات الإقتصادية والخدمات الإجتماعية من القطاع العام إلى القطاع الخاص(كما جاء في الموسوعة الحرة ). وإذا ركزنا على وضع العراق في زمن الخصخصة سوف نجد أن تطبيق الخصخصة في العراق بدأ في عقد الثمانينات والتسعينات في عهد النظام الدكتاتوري السابق حيث صارت الخصخصة في العراق (من أهم مفردات الإصلاح الإقتصادي تزامناً مع العولمة والإستثمار الأجنبي والشفافية وحوكمة الشركات)د.ممتازجبار البياتي مقال في جريدة الجريدة ، فإن البداية كانت في عام 1987 م عندما أقدمت الدولة على خصخصة عدد من الشركات التابعة للقطاع العام، ثم تراجعت عن قرارها لاحقاً عندما ألغت عملية البيع لبعض منها (نفس المصدر)وكان سبب الخصخصة العجزالمالي ، وإنخفاض أسعار النفط والحرب العراقية الأيرانية التي حملّت البلاد الكثير من التعقيدات الإقتصادية والأوضاع الإجتماعية المتدهورة ونزف للقوى العاملة الإنتاجية في الحرب ، وبذلك أضطر النظام السابق إلى رفع القيود عن القطاع الخاص ومزاولة نشاطاته الإقتصادية ، وكذلك تحويل ملكية عدد من المؤسسات العامة إلى القطاع الخاص دون تخطيط ودون فهم لعملية الخصخصة التي كان يراها النظام وبشكل ساذج بعرض شركات القطاع العام في السوق والمشتري عادة من أزلام أو موالين للنظام .
ولهذا يذكرالأستاذ عبد الكريم أبوهات في مقال الخصخصة في الإقتصاد العراقي ، بأن مفهوم السلطة للخصخصة قد ترتب عليه : إن عملياتها جرت دون دراسات تحليلية لظاهرات الإقتصاد العراقي ومشكلاته وحاجته الفعلية وإن غالبية ماتمّ خصخصته لم يكن مبرراً من الناحية الإقتصادية والمالية ولم يخضع لأسس إقتصادية وإن المشروعات التي بيعت للقطاع الخاص تمّ بيعها بأدنى من كلفتها الحقيقية إلى جهات عائلية وقرابية .
لقد شكل الدور العالمي بعد إحتلال العراق ، رافعة ضغط للمضي بإتجاه الخصخصة وتفكيك اصول القطاع العام وبيعها ، على أساس الإصلاح ، والعمل على تخريب المشاريع الكبرى ، حيث كانت شروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لغرض توفير القروض ، هو العمل على إنهاء دور الدولة والقطاع العام والتحول نحو القطاع الخاص لفتح طريق نمو الرأسمالية وسياسة السوق بشكل واضح ، كما إن الدول الإحتكارية لها دور في الضغط المباشروالذي تأتى من سياسة العولمة المتوحشة التي تتفق مع هذا السياق وهو الإقتصاد الحرالعالمي ، فيكون العراق مسلوب الإرادة الوطنية حيث تفتح الأبواب أمام إستغلال الشركات العالمية لأن الخصخصة يستفيد منها المستثمر الأجنبي والعربي وأخيراً يأتي دور العراقي .
وكما يذكر الخبراء الإقتصاديين فإن إقتصاد السوق وفق الليبرالية الجديدة تقضي بتجريد الدولة من دورها الإقتصادي في عملية التخطيط والرقابة والتوجيه وتحول النشاط الإقتصادي من القطاع العام إلى القطاع الخاص وتعزيز دور القطاع الخاص في إدارة وأمتلاك وسائل الإنتاج (الدكتور عودت ناجي الحمداني ) مقال الخصخصة سياسة مدمرة للإقتصاد الوطني .
وقد باشرت الحكومة العراقية بالتوجه نحو خصخصة المشاريع الكبرى ذات الأهمية التي تمس حياة المواطن ومنها بيع بعض مشاريع وزارة الكهرباء إلى شركات محلية وأجنبية فبعد مرور12عام وصرف مبالغ بقيمة أكثر من 40 مليار دولار أمريكي لغرض إعادة هيكلة مشاريع الكهرباء ، تتجه الوزارة إلى خصخصة قطاع توزيع الطاقة الكهربائية (سلام زيدان) مقال الخصخصة في العراق :محاصصة الموارد مذهبياً .
كما حذر الخبير الإقتصادي عبد الرحمن المشهداني من اللجوء إلى الخصخصة في الوقت الراهن ، وذكر إن السياسيين يعملون منذُ عشرة أعوام على الخصخصة لأنهم طامعون في الأراضي التي إقيمت عليها المصانع والمؤسسات الحكومية وهدفهم ليس إنقاذ الصناعة أو الكهرباء وكمثال على ذلك أفشلوا مؤسسة الجلود التي كانت المنتج المتميز في المنطقة بهدف السيطرة على أراضيها . يقول الخبير الإقتصادي سجاد عواد إن الحل يكمن في إصلاح القطاع العام والقضاء على الفساد المالي والإداري لأن الخصخصة ستؤدي إلى الإحتكار وسيتضررالمواطن بشكل أساسي .
ونعود إلى سؤالنا ماهي الأسباب التي تدعو البلدان إلى اللجوء للخصخصة ؟ من أهم الأسباب التي تدعوالبلدان لهذا النهج ، هومحاولة التخلص من القطاع العام الذي يتميز بتقديم الخدمات لأبناء الشعب بصورة متساوية وبتخطيط علمي بسبب خسارة المشاريع نتيجة الفساد المالي والإداري ، وعدم الإيفاء بمتطلبات المشروع وبسبب الدخول في حروب طويلة كما حدث في العراق وإيقاف عجلة الإقتصاد ،و عدم حماية المنتج الوطني ، عدم وضع الحلول الصحيحة لمشاكل هذه المشاريع وعدم صيانتها أو تجديدها وإستهداف القطاع العام من قبل المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي كشروط لعملية الإقتراض وفسح المجال للإحتكارات العالمية لفتح أسواق جديدة معظمها إستهلاكية . إن المستفيد الأول من الخصخصة هي الطبقة السياسية الفاسدة التي تمثل البرجوازية الطفيلية التي تفكر في مصالحها ومكاسبها فتقوم بشراء تلك المشاريع تحت واجهات أخرى . أن الشعب سوف يتضرر من عمليات الخصخصة فالذي يشتري المشروع مثلاً الكهرباء سوف يقوم بالإستغناء عن أعداد كبيرة من العمال والموظفين ، وسوف يقوم بوضع تسعيرات مضاعفة كما حصل في مشاريع الكهرباء الخاصة في كوردستان ، فالسلع ستكون مرتفعة الأسعار عموماً دون رقابة حكومية ، فعندما يتم خصخصة كافة المشاريع (النفط والغاز ، الكهرباء ، السكك، المشاريع الزراعية ، صناعة الجلود والملابس وغيرها من الصناعات الزراعية والمنتجات الصناعية ومنه الإلكترونية )سوف تزداد البطالة بنسب عالية . وسيظهر الفارق الطبقي بشكل واضح من ناحية المعيشة والسكن والصحة،وأذا توسع التعليم بإتجاه الخصخصة ففرص التعليم سوف تقل أمام الطلبة المنحدرين من العوائل الفقيرة وكذلك إحتكار مجال الصحة بمافيها صناعة الأدوية. والسؤال الآخر هل ستفتح الخصخصة آفاق التطور الإقتصادي ؟ عندما يتوجه البلد إلى الخصخصة فسوف يرتبط بالإحتكارات العالمية ، التي تعمل للسيطرة على ثروات البلاد الغنية بالثروات المعدنية ، كما سيرتبط البلد بدوامة السوق العالمية وأزماتها المالية والإقتصادية، إن النظام الرأسمالي لايفكر بمصالح الشعب ولايوفر الخدمات بل يغلق منافذ التقدم . إن النظام السياسي وفلسفته وشكله وبنائه له دور كبير ، فحكومة محاصصة طائفية لاتنجح في إدارة البلاد . فالإستثمار مهم وفق شروط أذا كان يهدف إلى معالجة مشاكل المشاريع الصناعية والزراعية ويضيف أصول جديدة ووحدات إقتصادية جديدة وبالتالي سيكون ذلك في خدمة الشعب عندما يتم التحكم في شروط تكون في صالح القطاع العام . إن العراق يعتمد في إقتصاده على إنتاج النفط فهو إقتصاد ريعي أساساً وأذا لم يُقلل الإعتماد على إنتاج النفط فأن الموازنة والوضع الإقتصادي سيكون في مهب الريح ، فالتوجه نحو تحديث القاعدة الإنتاجية وإعادة هيكلة الإقتصاد العراقي وتأهيل المشاريع مع إزالة الحلقات الزائدة ومكافحة الفساد والتخريب الإقتصادي وحماية المنتج الوطني ، كل هذه العوامل ستعيد نهضة القطاع العام من جديد لخدمة الشعب بعد تنقية مؤسسات الدولة من المفسدين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س