الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام الأصولي كنموذج في تعامل الغرب مع المسلمين.. عرض كتاب (2/2)

محمد عبعوب

2016 / 7 / 1
الادب والفن


يقدم المفكر الأمريكي من أصل فلسطيني د. إدوارد سعيد في خمس فصول من كتاب "الاسلام الاصولي في وسائل الإعلام الغربية" والتي تشكل الجزء الأكبر من الكتاب الذي يشاركه في تأليفه المفكر الامريكي د. برنارد لويس، رؤيته حول تاريخ علاقة العالم الإسلامي بالغرب ، وصورة الإسلام كدين وحضارة في وسائل الإعلام الغربية، ونظرية المعرفة والقوة ، وسياسات مراكز البحوث الغربية في تحليل الإسلام ..

ففي الفصل المتعلق بصورة الاسلام كدين وثقافة يعيشها المسلمون والتي تعمل وسائل الاعلام الغربية على ترسيخها في وعي المتلقي، يتناول المؤلف دور الصورة وطريقة عرضها وزمانها والسياق الذي تعرض فيه في رسم صورة مشوهة للمسلم والاسلام، ويورد عديد المشاهد الدعائية المباشرة وغير المباشرة التي تعرضها وسائل الاعلام الغربية لشخصيات تاريخية جدلية مسلمة في التاريخ الحديث والمعاصر وربطها من خلال العرض بقضايا مهمة تسيطر على وعي المتلقي وتشكل انشغالاته مثل أزمة الطاقة او ظاهرة الارهاب، ترسخ في ذهنه القناعات المشوهة سالفة الذكر عن الاسلام والمسلمين.

وفي سياق تقصيه لظاهرة الرُّهاب المسيطرة على العقل الغربي تجاه الإسلام وتراه كثقافة تحث على العدوان والكراهية، يرجع المؤلف بروز هذه الظاهرة الى بدايات القرن الثامن عشر وظهور ما يعرف بظاهرة الاستشراق بين المفكرين الاوروبيين الذين اهتموا بدراسة الشرق ليس من باب البحث عن المعرفة ولكن باب خدمة مخططات وأهداف توسعية كانت في تلك الفترة في طور الاعداد لظاهرة الاستعمار التي تكاملت فصولها مع بدايات القرن العشرين باحتلال العالم الاسلامي، مشيرا إلى أن هذا النمط من التفكير المختزل الذي يرتكز على جغرافيا خيالية ليس لها جذور على ارض الواقع، لا زال يؤثر على مسارات الفكر والاعلام في الغرب ويشكل خلفية لمواقف الإنسان في الغرب ورؤيته للإسلام والمسلمين حتى اليوم.

وبعد استعراض دقيق لما أنتجته مراكز البحوث والجامعات من دراسات وبحوث تفتقر للموضوعية والحياد العلمي، ممولة من قبل شركات وبيوت مال وأحزاب مناوئة للاسلام والثقافة الاسلامية، يشير د. سعيد الى ان كل هذه الحملة تستهدف تدعيم الصورة الذاتية الغربية وتعزيز الهيمنة الغربية في الشرق وتوكيد قيمة "اسرائيل" كنموذج فارق للديمقراطية والتقدم يجب دعمه في هذا الشرق الغارق في كراهية وعدوانية لا سبيل لصدها إلا بالسيطرة عليه . وفيما يتعلق بصورة الاسلام في وسائل الإعلام الغربية يتخذ المؤلف من زاوية تناول هذه الأجهزة لأزمتين محوريتين برزتا سبعينات القرن الماضي، وهما أزمة الطاقة العالمية عقب حرب 73، وأزمة الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية بطهران عقب الثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه رضا بهلوي، يتخذهما كنقطة انطلاق يكشف من خلالها سقطات مريعة للإعلام الغربي في تناوله للأزمتين وربطهما المخل بالأمانة والمهنية التي يتبجح بها هذا الإعلام ، بالإسلام والثقافة الإسلامية وترسخ صورة مزوره زاخرة بالمغالطات عنهما في وعي المتلقي الغربي، لخدمة أهداف سياسية .

ويخلص المؤلف في ختام تحليله لهذه العلاقة وما يقف وراءها من مواجهات غير متناسبة لطرفي الصراع في الشرق، تفتقر للموضوعية والحجة والحق، الى القول: "إن الحقيقة هي أن تغييرا يجري في الإسلام تماما كما هو يجري في الغرب، وتختلف الأنماط والسرعات ، ولكن بعض القلق والشك والأخطار يتماثل ويتشابه . ويوفر الإسلام والغرب بوصفهما من هتافات الأنصار ورص الصفوف، التحريض أكثر من التبصر والبصيرة. ويمكن القول أن يحول الإسلام والغرب ، بوصفهما ردود أفعال متساوية ومتعارضة لعدم التوافق مع الوقائع المستجدة، التحليل إلى مناظرات جدلية ساذجة والخبرة إلى أضغاث أوهام. لكن احترام التفاصيل الملموسة للخبرة الإنسانية والفهم النابع من النظر الى الآخر بتعاطف رؤوف والمعرفة المكتسبة والمنتشرة عبر الأمانة الخلقية والفكرية، كل هذه هي بالتأكيد أهداف أفضل حاليا وإن لم تكن أسهل من المواجهة والعداء الاختزالي، وإن نحن استطعنا خلال ذلك ان نتخلص من كلا الكراهية المترسبة والتعميمات المهينة الكامنة في دفعات على غرار (المسلم – الفارسي – التركي- العربي –الغربي) يكون إنجازنا قد أرضى" .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كراهية
عبد العزيز سيد علي ( 2016 / 7 / 1 - 22:18 )
من الذي بدأ بالعدوان والكراهية؟ اليس اسلامك بنصوص مقدسة تقنن الكراهية والعدوان ضد من يسميهم باهل الكتاب...ثم يشن الحرب ضد الإمبراطورية البيزنطية وإقتلاع مصر والشام منها ثم احتلال اورشليم وفرض الشروط العمرية ومنع المسيحيين الاوربيين من زيارة الأماكن المقدسة في بيت المقدس الامر الذي قاد الى ما يعرف بالحروب الصليبية


2 - إن للظالم صدرا يشتكي من غير علّة
شاكر شكور ( 2016 / 7 / 2 - 03:29 )
لا اعتقد بأن هناك مصلحة للغرب بتقديم صورة مشوهة للمسلم والاسلام ، بدليل إننا نرى معظم رؤوساء الدول الغربية يقومون بتبرئة الدين الإسلامي عندما تحدث عملية ارهاب في بلدانهم ولا ينسبون تلك الأعمال الى الإسلام المتطرف ، ان من يشوه الإسلام هم شيوخه وأبناءه وكلنا نعلم ما حدث في رأس السنة الماضية في مدينة كولونيا الألمانية ، كانت الحادثة بمثابة غزوة اسلامية للتحرش بالنساء انكشف خلالها التربية الأخلاقية التي يتربى عليها المسلم (طبعا لا اقصد المثقفين من المسلمين) ، أما شيوخ الإسلام وعلى رأسهم الحويني فلا يزالون يدعون الى الجهاد ضد الكفار وأخذ السبايا وإعادة فتح سوق النخاسة وهناك مسيرات موثقة لمجموعات إسلامية تعيش في الغرب تدعو لغزو اوربا وتطبيق الشريعة الإسلامية فالمسلم ينتمي الى دينه اكثر مما ينتمي لوطنه الجديد ، ان تعامل الغرب مع المسلمين يا استاذ عبعوب تستطيع قياسه من خلال قبول الغرب لملايين المهاجرين المسلمين وأستضافة البعض منهم في بيوت المواطنين والكنائس ، واخيرا اقول لا خير بمن يأكل من الصحن ويبصق به ، تحياتي للجميع


3 - عرض رؤية وليس حكم
محمد عبعوب ( 2016 / 7 / 3 - 14:09 )
الى السيد المحترم شاكر.. و الى كل قارئ لهذا العرض
الكتاب ليس لي أي اسهمام في وضعه.. ما قدمته لا يزيد عن كونه فهم بسيط لما قدمه المؤلفان من تتبع وتحليل للغة وتوجهات وأهداف تناول ظاهرة الاسلام الأصولي في مؤسسات صناعة الراي من وسائل اعلام ومراكز بحوث ودراسات في الغرب.. وهذا لا يعني أنني ابرئ المسلمين اليوم من سلبيات ظاهرة الاسلام السياسي او اقلل من قيم الغرب في تعاملهم مع المسلمين.. ما يلحقه المسلمون اليوم بالاسلام كدين وثقافة وحضارة هو أشد وطأة مما يطاله من الغرب والعالم غير الاسلامي، فممارسات المسلمين اليوم تتعارض مع قيم الاسلام فضلا عن تعارضها وقيم الحضارة الانسانية السائدة.. ما أراه من خلال قراءتي لهذا الكتاب هو أنه يجب علينا ألا نسلم تسليما كاملا بكل ما تدفع به وسائل الاعلام الغربية ومراكز البحوث حول الاسلام بل يجب ان نراعي وندقق في بواعث هذه الاحكام ومنطلقاتها..
قراءة الكتاب تنير الكثير من الزوايا المهملة في في مساحة ما ينتجه الغرب من كتابات حول الاسلام.. ننصح بقراءة الكتاب رغم قدمه الا انه يضيف الكثير .. وشكرا لكل عابر لهذا الفضاء المحترم الحوار المتمدن يثري الحوار بلغة

اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا