الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد موحد وقيادة يعقوبية نجفية

محمود جابر

2016 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية






قال تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آل عمران 103.
ما أجمل فرحة العيد عند المسلم، وفرحة العيد هى فرحة طاعة؛ لقول النبى الأكرم صلوات الله عليه وعلى آله ... "للمسلم فرحتان"، واحدة منهما هى فرحة قضاء الركن الواجب عليه المفروض من الله تعالى ...


ولكن فرحة هذا العام المبارك يمكن أن نسميها "حدثا" ويمكن أن نسميها " أفراح"ويمكن أن نسميها " عطاء" ويمكن أن نعتبرها " منحة " ربانية .

فالحدث الذى لا تخطئه عين هو توحد المسلمين فى رؤية هلال شهر شوال وإقامة صلاة العيد فى كل عواصم العالم الإسلامي جميعا، وإذا كانت الفرحة فى كل عموم عالمنا الإسلامي لها طابع " الفرحة" و"الحدث"، فإنها فى العراق تكاد تكون " نصر من الله وفتح".. النصر كان على الشيطان الذى مزق أهل العراق بين سنة وسنة وشيعة وشيعة وشيعة وسنة، حتى فى رؤية هلال العيد!!
ولكن هذا العيد المبارك كان ذو طابع موحد، ومع هذا فإن العمليات الإرهابية التى تكاد تعصف بالعراق فأراد الله تعالى أن يرد كيد المجرمين فى نحورهم وان تكون إرادته فوق العالمين وان يوحد كل الشعب العراق الذى ظل لسنوات لا يصوم معا ولا يفطر معا، وعيد الفطر جعل المسلمين يصلوا العيد معا... ولم يكن غريبا على رمز روحى ودينى بقامة سماحة المرجع محمد اليعقوبى – دام ظله- أن يلتقط المنحة الربانية والعطاء الإلهي بعد إجرام المجرمين فى الكرادة وغيرها أن يؤدى شكر النعمة ويقيم صلاة العيد وان يفتتح خطبته بقول المولى عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) فاطر /5-6.
فوعد الله حق لعباده المؤمنين والمظلومين الذين يتآمر عليهم كل متجبر كفار؛وعد الله بالتوحد فى مشاعر فرح مختلطة بدموع، يغطيها غلالة فتنة بين المسلمين، المرجع اليعقوبى يقول للمسلمين جميعا أن من يكيد للناس وللمؤمنين هو الشيطان اللعين، وأن على المؤمنين أن يتحابوا، لا أن يتحاربوا، إنما الحرب على هذا العدو الذى يدعوا حزبه لغوايتكم وحرفكم عن الجادة والصراط السوي إلى ساحات القتال والاقتتال والحرب الأهلية .
والسؤال: ترى هل وعينا تلك الدروس؟ درس العيد الموحد ودرس تلاوة سماحة المرجع – دام ظله ؟!!
الدروس والعطايا فى هذا العيد كثيرة، وكان من كثرها وجوبا على القامات الروحية الكبرى أن تخرج إلى ساحات الصلاة والخطبة بنفسها، وفى النجف كان هذا واجبا وجوبيا، على من منحة الله عطايا الفتح والعلم والمعرفة والقيادة،وهذه ثقة الناس فيما تقلد سنام الأمر بعد الولى المقدس الشهيد السعيد السيد محمد محمد صادق الصدر " رضوان الله عليه" ليبعث رسالته بنفسه ويبعث رسالة النجف إلى العالمين أن النجف ليس عقيما وأن العراق شامخا، وأننا نقدر نعمة الله وهانحن نؤدى شكرها بأن نذهب إلى مصلى الناس نأمهم ونخطب فيهم ونعلن أننا حاملى علم الأكرمين المطهرين المعصومين من أرض مدينة العلم من النجف كانت تلك رسالة "اليعقوبى" .
فى مواجهة الفتنة الحادثة فى العراق والتى يقودها جيوش من التكفيريين والساسة الفاسدين، وغيرهم الكثير، هذه الفتنة لا يراد بها قتل الناس فى العراق ولكن هناك أكثر من هدف وأكثر من عدو وأكثر من جهة ولكل جهة هدفها ومنهم :
الأولى: جهة تعمل على تعطيل انبعاث النور الربانية والعجل الالهى، وهؤلاء يدركون أن العراق وكما يقول سماحة المرجع " قاعدة الإمام المهدى" فهم يريدون أن لا تقوم للعراق قائمة، قائمة بالتاريخ الضارب فى عمر الزمان والذى له ارتباط بتفسير العديد من الحوادث التاريخية الذى سيعلمنا آياها كما يقول القرآن(ولا ينبئك مثل خبير) فاطر 14.
هؤلاء يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، والله تعالى متم نوره ولو كرهوا وكسرت أعناقهم .
الثاني: اليهود وأعوانهم الذين لهم ثأر تأريخى مع العراق وشعبه منذ السبى البابلى وهم لم ينسوا هذه الحقبة ويريدون أن تدفع العراق هذا الثمن من أمنها وأموالها ورجالها ونسائها ومستقبلها، وهناك بحث طويل فى هذا الصدد للعلامة المحقق عباس الزيدى ضمنه فى كتابه " التاريخ المستباح" أوصيكم بمطالعته لأهميته فى هذا الصدد ولمن أراد التوسع.
الثالث: أصحاب الحقد الدفين الذين كانوا قدما مع اليهود ودعموهم فى الأسر وبعده، وهم يحقدون على العراق لما حباها الله من تاريخ ومكانه فى الماضى والحاضر والمستقبل وينطبق عليهم قول الله تعالى (يَحْسُدُونَ النَّاسَ على مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) النساء54.
هذه الأمور جميعا وغيرها استوعبها ووعيها سماحة المرجع اليعقوبى ولهذا قال للجموع " أما سلاح الإنسان في هذه المواجهة الشرسة والمعقدة والمفتوحة على الجميع الاتجاهات فانه أولا بعد التوكل على الله تعالى وطلب العصمة والتسديد والتأييد ففي دعاء نهار شهر رمضان (اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاَعِذْني فيهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ وَهَمْزِهِ وَلَمْزِهِ وَنُفْثِهِ وَنُفْخِهِ وَوَسْوَسَتِهِ وَتَثْبيطِهِ وَبَطْشِه وَكَيْدِهِ وَمَكْرِهِ وَحبائِلِهِ وَخُدَعِهِ وَاَمانِيِّهِ وَغُرُورِهِ وَفِتْنَتِهِ وَشَرَكِهِ وَاَحْزَابِهِ وَاَتْباعِهِ واَشْياعِهِ وَاَوْلِيائِهِ وَشُرَكائِهِ وَجَميعِ مَكائِدِهِ).
هؤلاء الأعداء المجتمعين على العراق وعلى المسلمين، وإن لم تتوحد غرف عملياتهم الإجرامية إلا أن سلوكهم وجرمهم فى مواجهتنا جميعا جهدا موحدا، وهم جميعا ينطبق عليهم الدرس الثاني الذى أرد سماحته أن يعلمنا إياه حينما تلى وشرح قول الله تعالى فى الخطبة الثانية (قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) الأنفال/36.
فالإشارة لمعركة بدر كانت إشارة دقيقة وفى مكانها، ففى بدر كان المسلمون فى مرمى سهام العدو الكثير العدد والعتاد، القوى الشكيمة المتمكن من ساحة المعركة الإعلامية والمادية والعسكرية والمخابراتية، والمسلمين كانوا قله فى العدد والعتاد أثخن جراحهم الهجرة والهجر والحصار والتشويه والفتنة.
وهنا يقول سماحته "فالأموال التي بخلوا بها ولم ينفقوها في طاعة الله تعالى لم ينتفعوا بها فقد انفقوها في الصد عن سبيل الله تعالى سواءاً بالحرب على المؤمنين أو بمنع إقامة شريعة الله تعالى او بإبعاد الناس عن الدين ونحو ذلك من أشكال الصد عن سبيل الله تعالى فكانت عليهم حَسْرَةً في الدنيا لأنهم صرفوها في مضرتهم وجلب العار لهم أو تركوها لذريتهم ولم تنفعهم إذ غُلبوا وهزموا ثم الحسرة الأكبر والعاقبة الأفظع في الآخرة حيث يساقون إلى جهنم بكل إهانة وتعذيب".
إن الأموال التى أنفقت على أبواق الشر والفتنة وعلى السيارات المفخخة وعلى المجموعات الإرهابية وعلى سرقة التاريخ وعلى إضعاف المسلمين وشق صفهم؛ كانت هباء حينما تنزل غيث واحد من السماء هذا الغيث كان بوحدة مشعر الصوم والعيد. وهنا كانت هذه النفقه حسرة عليهم لأنهم وقفوا أمام غيث هلال شوال عاجزين .
ولكن فى المقابل على المؤمنين أن يدركوا ويلتفتوا إلى مقصد القرآن العظيم بعمق ووعى بشكل عام، وان يدققوا النظر فى تلك الآية بشكل خاصة وهى تدعوا كل مؤمن بان يعطي فى الطاعة طوعا لله، وإلا فإنه سوف ينفق أزيد من ذلك راغماً في معصية الله تعالى فتجتمع عليه الحسرة والعقوبة لكن هذه الحسرة لا قيمة لها ولا ثمرة فيها لأنها جاءت في غير وقت العمل والتدارك.
إن الحقيقة القرآنية لا تختص بالكافرين، فقد يبخل المتدين الذي يصلي ويصوم لكنه لا يدفع الحقوق الشرعية فيبتلى بصرف ماله في أمور عبثية أو لهوية أو كمالية أو ربما محرمة فتكون الحسرة عليه مضاعفة لتقصيره في أداء الواجب عليه من جهة ولإنفاق المال في ما يوجب له حسرة وعقوبة بالنار من جهة أخرى عن الصادق (عليه السلام) قال: ما من رجل يمنع درهماً في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه، وما من رجل يمنع حقاً في ماله إلا طوّقه الله به حية من نار يوم القيامة)، وعنه (عليه السلام): (من منع حقاً لله عز وجل أنفق في باطل مثليه)..
الشاهد والخلاصة أن علينا أن نشكر الله على نعمته بتوحيد مشعر الهلال وأن ندرك أن النجف لن يموت ابدأ. وان فى العراق مرجعا يعرف قيمة العلم الشرعى ويعلم قيمة أن يكون مرجعا فى النجف بكل ما تحمل الكلمة من معنى ودلالات، ومن هنا خرج على الناس إماما للصلاة وللخطبة وللأمور تعرفونها، ولكن وجب على كل المخلصين أن يدفعوا ويخلصوا فى الطاعة قبل أن يبتلوا – نسال الله العافية – ويدفعوا أنفسهم فى المعصية، والطاعة هنا طاعة من يطيع الله ويقف عند حدود الله ويحمل رسالة آل البيت إلى الناس جميعا علما وعملا وقيادة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات