الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية الاسلامية الموريتانية السيد محمد ولد عبد العزيز

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2016 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية الاسلامية الموريتانية السيد محمد ولد عبد العزيز
في البدء تحية طيبة .
لقد قررت ان ارفع لكم هذه الرسالة المفتوحة ، وعبر الموقع الالكتروني العربي المتميز " الحوار المتمدن " لأثير انتباهكم الى مجموعة مغالطات موقفية ، بخصوص النزاع حول قضية الصحراء الغربية الذي عمر الى الآن لما يفوق عن اربعين سنة ، منذ ان طرح النزاع اول مرة على انظار مجلس الامن منذ 1975 ، وعلى انظار الجمعية العامة منذ 1963 .
إذا عدنا الى بداية النزاع ، سنجد ان موريتانيا كدولة ، كانت لها مواقف مختلفة من قضية الصحراء ، بسبب اختلاف الانظمة السياسية التي كانت تتعاقب على الحكم ، مرة بالانقلابات العسكرية ، ومرة بواسطة الانتخابات الرئاسية كما حصل معكم مؤخرا .
وفي كل مرحلة من هذه المراحل كانت السياسية الموريتانية مرة مع الشعب المغربي ، ومرة ضده مع النظام الجزائري كما بدأ يتراءى اليوم بشكل اكثر وضوح .
لقد كانت موريتانيا محط مطالب مغربية في ستينات القرن الماضي ، والكل يعلم علم اليقين دور الاستعمار الفرنسي في خلق الكيان الموريتاني ، كما دوره في اقتطاع الصحراء الشرقية التي تحتلها الجزائر اليوم . ورغم نضال الشعب المغربي في سبيل تحرره من قبضة الاستعمار بأشكاله المختلفة ، ودوره في الدفاع عن استكمال تحرر ترابه من خلال مواصلة جيش التحرير المغربي لنضاله بالجنوب المغربي ، فان النظام المغربي الذي عارض في البداية انفصال القطر الموريتاني ، عاد وبشكل غير مفهوم ، ليعترف بهذا الانفصال الذي توالت الاعترافات به من قبل الدول الاستعمارية ، وعلى رأسها الدول الدائمة العضوية بمجلس الامن الدولي ، وهو نفس الاعتراف غير المفهوم بجزائرية الصحراء الشرقية رغم خوض حرب بشأنها في سنة 1963 عرفت بحرب الرمال ، هذا دون ان ننسى المواقف المتضاربة للنظام المغربي منذ 1963 ، والتي تراوحت بين اعتماد حل الاستفتاء وتقرير المصير لنزاع الصحراء ، ومن اعلى اروقة الامم المتحدة ، وبين وصفه الصحراء بالاسبانية ومرة بالمغربية ، ومرة يعتبر ان المغرب في صحراءه والصحراء في مغربها ، ومرة يقبل المزاوجة بحل الحكم الذاتي المتبوع بالاستفتاء في اتفاق الاطار الذي اعده جميس بيكير ، ومرة يرفض كل الحلول المقدمة ، ويركز فقط على حل الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به .
لقد انفصلت موريتانيا عن المغرب ، واعترف بها النظام الملكي وليس الشعب ، ورغم ذلك ظلت بمواقف قادتها المختلفة ، جزءا من الصراع الدائر بالمنطقة . فلاهي مرة مع الشعب المغربي ومرة ضده ، ولا هي مع حكام الجزائر مرة ، ومرة ضدهم . لقد بلغت هذه الوضعية قصويتها عند ابرام معاهد مدريد الثلاثية في سنة 1975 التي تعاملت مع القضية الصحراوية كغنيمة ، وليس كحق تاريخي ، وحق جغرافي ، وتعاملت مع الصحراويين كسبايا وليس كمواطنين . وبمقتضى اتفاقية مدريد ، ستقسم الصحراء الغربية بين وادي الذهب الذي آل الى موريتانيا ، والساقية الحمراء التي آلت الى المغرب . اما دولة الاحتلال الاسباني فقد اعترفت لها اتفاقية السبي بنصيب من التركة في كل المواد الاولية من معادن مختلفة ، وفوسفاط ، وصيد حر في البحار الصحراوية . لكن السؤال : هل افلحت اتفاقية مدريد في وضع حد للنزاع المشتعل بالمنطقة ؟ الجواب هو النفي ، وقد انتهت هذه المرحلة بانسحاب موريتانيا من وادي الذهب في سنة 1979 بفعل ضربات الجبهة ، وبشبه اعتراف موريتاني بالجمهورية الصحراوية في بداية ثمانينات القرن الماضي . لكن رغم هذا الشبه الاعتراف الموريتاني المفروض من النظام الجزائري ، لم يجرأ اي نظام على فتح سفارة للجمهورية الصحراوية بنواكشوط ، مثلما هو الحال في الدول العربية التي رغم اختلاف بعض انظمتها السياسية مع النظام المغربي ، فإنها لم تطعن من الخلف الشعب المغربي الذي يعتبر قضية الصحراء قضيته ، اكثر منها قضية نظام يستعملها لإثبات وجوده ليس إلاّ .
الآن بإرسالكم لوفد رفيع المستوى لحضور ما يسمى ب " المؤتمر الاستثنائي " لجبهة البوليساريو ، وهو في الحقيقة مؤتمر جزائري ، تكونون قد كشفتم وبالواضح ، عن نوع علاقاتكم المتخندقة الى جانب النظام الجزائري ، وهذا ليس بسبب الدفاع عن المشروعية الدولية التي لا يزال مجلس الامن والجمعية العامة بصدد البحث عن كيفية تطبيقها ، بل بسبب اختزالكم لنزاعكم مع النظام ، لنزاع مع الشعب المغربي . ان قضية الصحراء هي قضية شعب ، وليست قضية نظام يبيع فيها ويشتري ، ومن ثم فان عدائكم لمغربية الصحراء ، لا ولن يكون موقفا معاديا للنظام ، بل هو موقف مضر بالمصالح العليا للشعب المغربي الذي دافع عن الصحراء ، كما سبق ان دافع عن موريتانيا ، وعن الصحراء الشرقية .
فماذا يعني الشروع في اتخاذ الخطوات غير المحسوبة لفتح سفارة للجمهورية الصحراوية بنواكشوط ؟ . وهل فكرتم جيدا في مدا استقامت وتجاوب قراركم المقبل مع الشرعية الدولية التي تعكسها قرارات الجمعية العامة ، وكل قرارات مجلس الامن ، منذ 1975 ، وحتى القرار الاخير 2285 ؟
لو رجعنا سيدي الرئيس الى الاصل الذي هو الامم المتحدة ، والمؤسسات الدولية ، من الاتحاد الاوربي ، الى البرلمان الاوربي ، الى قرارات محكمة العدل الاوربية ، الى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 16 اكتوبر 1975 ، فإننا لا نجد ما يدعو الى الاعتراف بكيان لم تعترف به الامم المتحدة كدولة ، وتتعامل معه فقط كطرف رئيسي في النزاع . فهل الامم المتحدة من الجمعية العامة الى مجلس الامن ، هما من انشئ الجمهورية الصحراوية ؟ هل انشاء الجمهورية ، تم بموجب استفتاء وتقرير مصير الصحراويين ، الذين رغم ان القانون الدولي والأمم المتحدة تعترف لهم بهذا الحق ، فهو لا يزال معلقا لأسباب خارج عن طاقة مجلس الامن اكثر منها اسباب من تدبير اطراف النزاع الرئيسيين ؟
ألا يعتبر قرار فتحكم لسفارة للجمهورية الصحراوية مخالفا لكل توصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 1963 ، ولكل قرارات مجلس الامن منذ 1975 ؟
كيف تزاوجون بين موقفكم الرامي لفتح سفارة لدولة لم تنشئها الامم المتحدة ، وأنشأتها الجزائر وليبيا معمر القدافي إبّان الحرب الباردة التي كانت تخاض بالوكالة في الاطراف والمحيطات ، وبين قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن التي لا تزال الى الآن تنصص على الاستفتاء وتقرير المصير ؟ فلو كان استفتاء الجماهير المغربية في الصحراء هو من افضى الى الاستقلال ، وأفضى الى تأسيس الجمهورية الصحراوية ، لكان قراركم سيكون قرارا حكيما ومسئولا ، و قرارا يستجيب للشرعية الدولية ، و لكان اعترافكم من عدمه بالجمهورية الصحراوية يدخل ضمن اعمال السيادة التي تتمتع الدولة الموريتانية المستقلة . لكن ما يحصل اليوم على ارض الواقع يترجم مواقف شخصية ، وليس حتى قناعات سياسية قبل القناعات القانونية . ان ما تقومون به اليوم من استباق للأمم المتحدة في معالجة نزاع الصحراء الغربية ، هو تخندق بالمجان في صف اعداء الشعب المغربي ، كما ان ما تقومون به اليوم وبدون سبب ، هو طعن من الخلف للشعب ، وليس للنظام الذي أبان عن استعداده من خلال مواقفه المتضاربة والمتناقضة ، للتنازل عن الصحراء التي اضحت تهدده في وجوده اكثر من اي وقت مضى . وحسب قناعات النظام ، فإذا كانت الصحراء في كفة ووجوده في اخرى ، فانه سيضحي بالصحراء مقالب بقاءه .
ان اختزالكم لصراعكم مع النظام الملكي في شخص الشعب المغربي ، هو ظلم لهذا الشعب ، وظلم للتاريخ وللجغرافيا . ومرة اخرى ان قضية الصحراء هي قضية شعب استرجع ترابه ، وليست قضية نظام مفترس جاثم على صدر الشعب الذي افقره وجعله مسخرة وأضحوكة لشعوب العالم . فإذا كانت الامم المتحدة لم تحسم بعد في مستقبل نزاع الصحراء ، وإذا كانت كل توصيات الجمعية العامة وقرارات مجلس الامن ، ودعوات الاتحاد الاوربي والبرلمان الاوربي ، تدعو فقط الى الاستفتاء وتقرير المصير ، ولا تعترف بشيء يسمى الجمهورية الصحراوية ، فلماذا تسابقون كل هذه الهيئات في الاعتراف بشيء لا تعترف به المجموعة الدولية . اليس ما تقومون به اليوم يا سيادة الرئيس هو مخالف للشرعية الدولية التي تعتقدون انكم بتصرفكم هذا هو خدمة لها ؟ فإذا كانت الامم المتحدة والمؤسسات الدولية لا تعترف بشيء يسمى بالجمهورية الصحراوية ، وتركز في كل قراراتها على حل الاستفتاء وتقرير مصير سكان الصحراء ليحددوا طبقا لإرادتهم الخالصة الوضع القانوني الدولي للإقليم ، فكيف ستفسرون للشعب المغربي قراراتكم الشاردة عن المجتمع الدولي الذي لا يزال الى الآن يشتغل على تحديد المصير النهائي للأراضي المتنازع عليها منذ 1975 ؟ اليس موقفكم بالانتقال الى تفاريتي حيث تم عقد المؤتمر ( الاستثنائي ) الجزائري ، هو ضرب وطعن من الخلف للشعب المغربي ولوحدة اراضيه وترابه ؟ بل كيف يا سيادة الرئيس ان تفسروا للشعب المغربي ومن خلال حضوركم تراب تفاريتي اعترافكم المسبق بالجمهورية الصحراوية ، وهو ما يعني اعتباركم التواجد العسكري المغربي بالصحراء بمثابة احتلال ؟ هل حصل هذا التصرف الخطير وغير المفهوم بفعل جرعات مدّكُم بها الامين العام للأمم المتحدة حين زار المنطقة ، وارتمى في حضن اطروحات منحازة ، وهو الذي كان عليه كأمين عام ان يحافظ على نفس المسافة من اطراف النزاع ، طالما ان الصحراويين لم يستفتوا بعد ، ولم يقرروا مصيرهم بأيديهم كما تنصص على لك القرارات الاممية ؟
فباسم الدم المغربي الموريتاني الذي سال في الصحراء حتى خروجكم منها في سنة 1979 ، ندعوكم يا سيادة الرئيس ، لا الى الاعتراف العلني بمغربية الصحراء ، بل اننا ندعوكم الى التزام موقف الحياد من النزاع المفتعل بالمنطقة ، فلا تكونوا مع مغربية الصحراء ولا تكونوا ضدها ، بل كونوا مع الشرعية الدولية التي لا تزال تجاهد في ايجاد حل يحدد المصير النهائي للإقليم .
ان حل نزاع الصحراء قد دخل عده العكسي بعد خمسة وعشرين سنة من الانتظارية ، منذ التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار سنة 1991 التي انشأت بعثة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " المينورسو " . ورغم رد فعل النظام المغربي من تصرفات بانكيمون اللاّحيادية والمنحازة ، حين طرد الفريق السياسي المكلف بتنظيم الاستفتاء ، فان آخر الاخبار الواردة من نيويورك تفيد برضوخ النظام الملكي لقرار مجلس الامن 2285 ، الذي من اهم بنوده ، تحديد اجل لعودة المينورسو ، كما كان عليه الوضع قبل زيارة بانكيمون الى المنطقة .
ان ركوع النظام الملكي للقرار 2285 ، ليس له من معنى غير قبول النظام بالاستفتاء طبقا للمسطرة الاممية . وإلاّ إذا كان النظام يرفض تقرير المصير ، فان قبوله بالعودة اللاّمشروطة لفريق اممي مهمته فقط تنظيم الاستفتاء ، هو دليل ساطع على تخبطه وارتباكه في تدبير ملف بالقرارات الارتجالية والعشوائية ، وخوفه مما قد تسفر عنه الايام القادمة من قرارات اممية تصب فقط في حل الاستفتاء .
ان نزاع الصحراء الغربية لن يدوم ابد الدهر ، لان مفتاحه بيد الدول الاستعمارية التي تتصرف باسم مجلس الامن ، والجمعية العامة ، والمؤسسات الدولية ، اي حق يراد به باطل ، ومن ثم فالمخطط التدميري اضحى واضحا ، لأنه تكملة لمشروع تفتيت الدولة القومية الواحدية في الشرق الاوسط .
نعم ان المغرب معرض للتهديد في وحدته ، لكن الجزائر وموريتانيا بدورهما معرضتان للتهديد في وحدتهما . المخطط جاهز ويجري تنفيذه على مراحل وبخطوات جد محسوبة . والمؤسف له ان سايكس بيكو الحالي ينفذ بادي ابناء المنطقة لا بأيدي الاستعمار الفرنسي الانجليزي .
امام هذا الخطر الامبريالي المحدق بوحدة الشعوب ، والمهدد بتفكيك التراب والأوطان ، وباسم الدم المغربي الموريتاني الذي سال على ارض الصحراء حتى انسحابكم منها في سنة 1979 ، ندعوكم سيدي الرئيس لا الى دعم مغربية الصحراء ، بل ندعوكم الى التزام الحياد في نزاع لا يزال بيد مجلس الامن والجمعية العامة ، وان تتمسكوا فقط بالشرعية الدولية التي تعكسها كل القرارات الاممية الصادرة منذ سنة 1963 والى آخر قرار لمجلس الامن ( 2285 ) . فلا تصبوا الزيت في النار لان اي قرار خارج الشرعية الدولية سيكون بمثابة اعلان حرب على الشعب المغربي ، وليس على النظام الذي لا يهمه من الصحراء غير ديمومة بقاءه .
وتقبلوا سيدي الرئيس المحترم فائق الاحترام والتقدير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل