الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتصار للديمقراطية ام الانعطاف نحو الاستبداد

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2016 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


انتصار للديمقراطية ام الانعطاف نحو الاستبداد
د. جاسم الصفار
موسكو 16/07/2016
أخبار الانقلاب العسكري في تركيا، نهاية يوم الجمعة 15/07/2016 ، كانت مفاجأة من الحجم الثقيل لأي متابع سياسي. ومنذ مساء الجمعة وحتى صباح السبت تصدرت الاحداث في تركيا جميع نشرات الاخبار في كل انحاء العالم، وجعلت من انقرة وإسطنبول، بصورة خاصة، محط اهتمام وترقب يندر فيه الحياد.
فبعد البيانات الأولى التي أعلنها الانقلابيون، والمظاهر المسلحة التي رافقتها في شوارع إسطنبول وانقرة، كان الانطباع السائد، هو ان اننا امام انقلاب عسكري جيد التنظيم وحسن الاعداد. خاصة بعد ما أعلنه الانقلابيون من اعتقال لرئيس الجمهورية رجب طيب اوردغان ولرئيس الوزراء الديريما، والذي تبين فيما بعد عدم صحته، فالرئيس في ذلك الحين كان في منتجع للراحة، ومنه كان يرسل بواسطة التلفون النقال الى محطات التلفزيون المحلية خطبه الى الشعب التركي والقوات المسلحة الموالية له.
كما أن وزير الدفاع التركي ورئيس اركان الجيش، تمكنا من نشر تصريحات تدين محاولة الانقلاب واصفين اياها تمردا على الشرعية. ولكن ذلك لم يمنع الانقلابيين من اعتقال رئيس اركان الجيش التركي فيما بعد، واستعراض القوة بإطلاق النار في الهواء في منطقة المجمع الحكومي ومحاصرة مبنى البرلمان ومطار اتاتورك في إسطنبول إضافة الى اغلاق جسر البوسفور المؤدي الى إسطنبول.
وقبل ان يحل صباح السبت 16/07/2016 كان الوضع قد تغير في غير صالح الانقلابيين، وتمكنت القيادة الشرعية للبلاد من استعادة المبادرة ومسك زمام الأمور. وعزى معظم المراقبين هذا التغير السريع لأسباب عدة، منها الاستجابة الشعبية المميزة لنداء الرئيس التركي بالخروج الى الشارع لمواجهة المتمردين، إضافة الى ادانة البرلمان التركي لمحاولة الانقلاب، كما ان الجزء الأكبر من الجيش، وقف الى جانب الشرعية، ولم يؤيد محاولة الانقلاب. فالمروحية التي قصفت محطة الاتصالات في انقرة، سرعان ما اسقطتها طائرة حربية تركية، ولم يتجاوز النشاط العسكري للانقلابيين حتى فجر اليوم، المخطط الذي بدأ به الانقلاب.
على ان السبب الرئيس لفشل محاولة الانقلاب، بتقدير معظم المحللين السياسيين والعسكريين، يكمن في مخطط الانقلاب نفسه، والذي اعتمد أسلوبا تقليديا عقيما، بقطع الجسور ومحاصرة المطارات والاستيلاء على محطة التلفزيون الحكومي، مع وجود العديد من المحطات الأخرى. بينما أهمل الانقلابيون عامل النجاح الأهم، وهو عزل واعتقال رموز السلطة القائمة لكيلا يتركوا فرصة لوحدة صف مؤيدي النظام. فلم يعتقل من رموز النظام غير رئيس اركان الجيش التركي، الذي سرعان ما أطلق سراحه.
وأشارت الانباء الى صدامات عنيفة بين القوات المسلحة الموالية للنظام وتلك التي قامت بمحاولة الانقلاب، استخدمت فيها مختلف الأسلحة الثقيلة والخفيفة. فقد اعلنت وكالة رويترز للأنباء، نقلا عن وكالة انباء الاناضول التركية، منذ فجر يوم السبت، عن سقوط 90 قتيلا وجرح 1154 من الجيش، بشقيه. كما اشارت الى سقوط ضحايا من بين المدنيين.
وكما أعلنت وكالة انباء تاس الروسية نقلا عن قناة س.ن.ن التركية، أن على رأس المتمردين، المدعي العام العسكري مع 46 من كبار ضباط الجيش. وفي الصباح أعلن عن اعتقال 1563 من المشاركين في محاولة الانقلاب بينهم جنود وضباط في الجيش التركي ثم تضاعف هذا الرقم بحلول الظهيرة. كما صرح رئيس الوزراء بينالي الديريما عن القضاء على أحد جنرالات الجيش إضافة الى عزل 34 جنرالا وضابطا من مناصبهم.
تجدر الإشارة الى ان الرئيس التركي رجب طيب اوردوغان، حاول طيلة ليلة الجمعة على السبت، الاستفادة من الحدث لتعزيز مكانته كرئيس قوي لتركيا من جهة، ولضرب خصومه في الصف الإسلامي التركي من جهة أخرى. فهو يدعو الجماهير العزل، من منتجعه، في خطب نارية بثتها قنوات تلفزيون تركية، الى الخروج الى الشوارع لمواجهة متمردين مدججين بالسلاح، من اجل "مبايعته" كرئيسا شرعيا لتركيا مع علمه بأن أغلب الجيش كان الى جانبه، وأن لا ضرورة بالتالي للمخاطرة بأرواح جماهير عزل.
ومن الجهة الثانية، كان الرئيس التركي رجب طيب اوردوغان، يطلق في خطبه اتهاما لا أساس له، باعتراف أنصاره، لرجل الدين التركي المتفتح على المدنية، فتح الله كولن، على انه من يقف وراء محاولة الانقلاب. مع أن كولن كان قد أعلن من مكان اقامته في الولايات المتحدة الامريكية، ادانته لمحاولة الانقلاب منذ بدايتها.
وأخيرا فماذا بعد محاولة الانقلاب؟ ان تركيا قد أضحت امام منعطف خطير، يفتح شهية رئيسها الطموح، لتوسيع صلاحياته وتقليص مساحة الديمقراطية في البلاد وتحجيم معارضيه والتمادي في العنف مع المتمردين الاكراد ونشر أجواء الحذر والخوف في صفوف الجيش الذي سيتعرض قريبا لعملية تطهير كبرى تمس كل من يشك بولائه للرئيس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي