الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل تركيا الى أين؟ نحو الديكتاتورية!

شاهين خليل نصّار

2016 / 7 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لا يهمني إن كنت مؤيدا لمحاولة الانقلاب في تركيا أم لا، ما يهمني هو مستقبل تركيا!

هذا البلد، شئنا أم أبينا يبقى بلدا مركزيا في الشرق الاوسط. إقليميا فهو إحدى القوى الاقتصادية الأولى في الشرق الأوسط الى جانب ايران والسعودية، ولت أحصي دول كبرى أخرى منتجة للنفط ولها أهميتها الاقليمية لأسباب معلومة ومعروفة للجميع، الحرب ثم الحرب ثم الحرب التي تنهش بأجسادها وباقتصادها منذ زمن بعيد، ولأسباب معلومة أيضا. ولا عواصم اقتصادية كالامارات التي باتت تابعة على الأقل سياسيا الى السعودية ضمن مجلس التعاون الخليجي!

لتركيا تاريخ حافل من الانقلابات العسكرية. ليس جديدا على أحد أن يحاول الجيش أن يستعيد السيطرة في كل مرة يشعر أن الساسة والزعماء المدنيين في البلاد يحاولون القضاء على المؤسسة العسكرية ويقودون البلاد نحو الهلاك الاقتصادي والسياسي!

هذه المحاولة دون شك شبيهة جدا بما حدث قبل عقدين تقريبا، عندما انقلب العسكر على الرئيس الإسلامي المنتخب نجم الدين أربكان، وأطاح به ليعيد الحكم العسكري وتم حلّ حزبه الإسلامي، وهو الحزب الذي بنى على أساسه رجب طيب إردوغان قاعدته السياسية لحزب التنمية والعدالة وساعده على الصعود الى القمة وتبوأ السلطة عام 2003 عقب الانتصار الكاسح بالانتخابات.

الشعب التركي لا يزال يترنح على أعتاب الامبراطورية العثمانية، ويحلم بعض أطيافه بعودة الامبراطورية، إنه شعب متدين جدا بفعل الدولة العثمانية التي حكمت تركيا أكثر من 600 عام وأقامت الامبراطورية والخلافة. لكن التاريخ لن يكرر نفسه هذه المرة، ولن يجعل من إردوغان خليفة المسلمين كما يحلو للبعض من الحركات الاسلامية السياسية في الأقطاب العربية.

فلا مصلحة للدول العربية وعلى رأسها دول الخليج من عودة الامبراطورية العثمانية.

إردوغان يستغل المحاولة الانقلابية لتصفية الحسابات

عدد القتلى في هذه المحاولة الفاشلة بلغ أكثر من 290 شخصا، معظمهم جنود وأكثر من 1400 جريح، وتم اعتقال الآلاف من الجنود والمدنيين (أكثر من 6000، بينهم أكثر من 4000 جندي ورجال القضاء، وبينهم خمسة برتبة جنرال – لواء). وبعد يومين على الحادثة تتكشف التفاصيل أكثر فأكثر. فيتضح أنه كان بوسع الطائرات إسقاط الطائرة التي فرّ بها إردوغان من تركيا، الى أين؟ لا نعلم! لكنهم لم يفعلوا ذلك ما يزيد التساؤلات أكثر من الاجابات. وما يزيد الطين بلة هو اعتقال مستشار اردوغان العسكري العقيد علي يازجي، مساعد الرئيس السابق عبدالله غولن – اسماعيل غونوسار، اضافة الى قائد قاعدة انجريليك التركية التي تخدم الطائرات الأمريكية والناتو (حلف شمال الأطلسي) بكير اركان فان، والرأس المدبر لمحاولة الانقلاب بحسب الصحافة المحلية المستشار القانوني لرئيس الأركان التركية، العقيد محرم كوسا.

من بيين المعتقلين في تركيا قسم كبير من الضباط الوطنيين الذين تهمهم مصلحة الوطن، إنهم ضباط برتب منخفضة ومتوسطة، وبعض القيادات الكبرى. لا شك أن اردوغان يستغل هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة لأجل تصفية الحسابات! فها هو يُقيل ويعتقل جميع من لا يمتون له بالولاء في الجيش، او هناك شك بأنهم كانوا على علاقة ولو بسيطة بالجنود الانقلابيين.

بحسب وزير العدل التركي بكير بوزداج تمت إقالة 2745 قاضيا من جهاز القضاء التركي، بينهم قاضيان في محكمة العدل العليا بأنقرة. لا شك أن من بين الذين تمت إقالتهم هم أولئك القضاة الذين انتقدوا توجه إردوغان المنافي للديمقراطية! انتقدوه لمقاضاته كل صحافي يتجرأ على انتقاده ولو كان أبسط انتقاد، انتقدوه لمحاكمة وسجن الصحافيين رئيس تحرير صحيفة “جمهورييت” جان دوندار ومدير مكتبها في أنقرة اردم غول، الذين قاما بنشر فيديو يفضح السلطات التركية التي قامت بإدخال أسلحة لما أقنته باسم “المعارضة السورية” قرب حلب، هذا عدا عن أن تقارير صحافية أظهرت أن أكثر من 90% من النفط المسروق والمنهوب من سوريا والعراق يجد طريقه الى تركيا، التي تستقبله بصدر رحب وبسعر بخس!

وليس هذا فحسب بل إن الديمقراطية التي يتشدق بها الإسلاميون في تركيا ليست كذلك بالفعل، فمن بواشر هذه الديمقراطية في السنوات الأخيرة استهداف الصحافة بشكل كبير. ومنها اعتقالات في صفوف الصحافيين العاملين في صحيفة “زمان” وتلفزيون مقرب من الداعية الإسلامي فتح الله غولن عام 2014.

وفي أعقاب المحاولة الانقلابية أفادت الصحافة المحلية أن تركيا أغلقت 13 موقعا معارضا بينهم روتهابر، كارسي دايلي، ميدياسكوب، كان ارزينكان، اي بي سي دايلي وغيرها.

منذ سنين والعالم يحذر من تدهور القيم الديمقراطية في تركيا تحت حكم إردوغان. وفي أعقاب الانتخابات في شهر آب/ أغسطس العام الماضي، حين فاز اردوغان بالرئاسة خلفا لغولن ذاته الذي يتهمه وحركته “حزمة” بالوقوف وراء الانقلاب، لكنه نفى الأمر نفيا قاطعا، أول ما حاول فعله إردوغان كان محاولة تغيير نظام الحكم في تركيا الى نظام رئاسي، ما يتيح له الإمساك بمقاليد السلطة، ويتيح له الترشح لمنصب الرئيس أكثر من مرتين (علما أنه قد تولى رئاسة الحكومة مرتين ولا يسمح الدستور التركي بأكثر من ذلك).

رفضت المعارضة التركية المحاولة الانقلابية. ولعل هذا خطأها.

كل ما فعله إردوغان منذ صعوده الى الحكم هو محاولة التمسك بالسلطة مرة تلو الأخرى بطرق شتى! يحاول تحويل النظام الديمقراطي الى دكتاتوري! وهذا هو السبب الرئيسي وراء المحاولة الانقلابية هذه، قيادة العسكر الأتراك لم تعد تحتمل ذلك. النخبة التركية الديمقراطية لم تعد تطيق السلطان اردوغان!

الغليان في أوساط النخب التركية وبشكل خاص تلك الموالية للغرب منها ملّت من اردوغان ومحاولاته اللا متناهية لزيادة صلاحياته وتركيزها بين يديه…

والآن هل نطلب الديمقراطية لتركيا ولا نطلب بها للشعوب العربية؟ نعم نطلبها، نطلبها في دمشق، وفي الرياض وفي الحجاز وفي دبي وفي البحرين وفي الكويت وفي بغداد وفي صنعاء وعدن وفي طرابلس وفي بيروت وفي القاهرة والصعيد وفي كل الأقطاب العربية… ولكل من سيدعي إنك تنادي بالديمقراطية لتركيا وترفضها لسوريا، فردي بكل بساطة “ارفعوا ايديكم عن سوريا، اتركوا سوريا بحالها، وبعد ذلك دعونا نتحدث عن الديمقراطية هناك”!

يافا – 17-7-2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة