الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل اصبح النظام المغربي معزولا دوليا ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2016 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



من خلال الرجوع الى مختلف التطورات التي عرفها ملف الصحراء الغربية منذ بدأه في سنة 1975 ، ومن خلال المستجدات الحاصلة مؤخرا منذ زيارة بانكيمون للمنطقة ، والتصريحات التي فاه بها ، وأخطرها اعتبار التواجد المغربي بمثابة احتلال يستوجب انهاءه . نطرح السؤال الاساس : هل اضحى النظام في المغرب معزولا دوليا ؟
الجواب يتطلب الرجوع الى مواقف الاطراف الدولية من النزاع ، ويتطلب الاحاطة بالقرارات الاممية التي اصدرتها الجمعية العامة ، وأصدرها مجلس الامن الى حين القرار الاخير 2285 .
1 ) العالم الحر : من خلال الرجوع الى مختلف مواقف النظام الحر ( العالم الغربي امريكا وأوربة ) فإننا نجد تأكيدا فقط على حل الاستفتاء وتقرير المصير طبقا لما نصت عليه الشرعية الدولية ، ومن ثم فان العالم الحر لا يعير ادنى اهتمام لمقترح النظام حول الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به .
ان الاتحاد الاوربي ، والبرلمان الاوربي ، والقضاء الاوربي من خلال قرار حكم محكمة العدل الاوربية ، يؤكدون على تشبثهم بالحل الأممي ، ويجددون الثقة في المبعوث الشخصي للامين العام السيد كريستوفر رووس . اي يؤكدون على حل الاستفتاء وتقرير المصير ، مع العلم ان الاوربيين والأمريكيين واثقون من ان تنظيم الاستفتاء بالصحراء سيؤدي الى الانفصال بنسب قد تتجاوز 99 في المائة ، ورغم معرفتهم المسبقة بان الانفصال بعد اربعين سنة من التواجد بالصحراء ، يعني النهاية الحتمية للنظام .
هنا لا بد من التذكير من ان كل العواصم الاوربية ، بها ممثل لجبهة البوليساريو ، وبها مكاتب للجبهة كتمثيليات اعلامية وسياسية ، كما ان للجبهة ممثلية ومندوب رسمي بالعاصمة واشنطن ، وممثل بنيويورك بالأمم المتحدة . ان هذا يعني ان العالم الحر يعترف بالجبهة كممثل شرعي وحيد للشعب الصحراوي كما اكدت ذلك مؤخرا مجموعة 24 التابعة للأمم المتحدة .
ان هذا الموقف يعني ، ان العالم الحر في واد والنظام المغربي في آخر ورغم التطور الذي كاد ان يقلب الوضع بعد تفجيرات الدارالبيضاء في 16 مايو 2003 ، وتفجيرات مدريد في 11 مارس 2004 ، حيث سبق للرئيس الامريكي جورج بوش الابن ان صرح بعد هذه التفجيرات ، بأنه لن يفرض شيئا على المغرب في نزاع الصحراء ، إلاّ ان الامور تغيرت بما خدم ويخدم مصالح البوليساريو ، وليس اطروحة النظام الفاشلة حول نزاع الصحراء .
2 ) الامم المتحدة : منذ ان طرح نزاع الصحراء على انظار الامم المتحدة في سنة 1963 ، وهي تصوت لصالح الاستفتاء وتقرير المصير . وهنا يجدر التذكير بالقرار 1514 الذي يعتبر الصحراء اراضي تخضع لتصفية الاستعمار ، وبالقرار 34/37 الذي يعتبر جبهة البوليساريو ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الصحراوي وهو الاعتراف الذي اكدته مؤخرا مجموعة 24 التابعة للأمم المتحدة ، هذا دون ان ننسى كل القرارات التي خرجت بها الجمعية العامة بناء على توصيات اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، والتي تدعو فقط الى الاستفتاء وتقرير المصير .
اما عن القرارات التي إتخذها مجلس الامن منذ 1975 حين اشتعلت الحرب بالمنقطة فكلها تنص فقط على الاستفتاء وتقرير المصير ، ودون اعطاء اهمية لحل الحكم الذاتي المقترح من قبل النظام .
لقد وصلت الازمة بين الامانة العامة للأمم المتحدة ، وبين النظام المغربي قصويتها ، حين زار بانكيمون المنطقة ، وأدلى بتصريحات منحازة للجبهة ، حين اعتبر التواجد المغربي بمثابة احتلال يتعين وضع حد له باللجوء الى الشرعية الدولية . وقد بلغت الازمة حدّتها حين طرد النظام المغربي الفريق السياسي للمينورسو المكلف بتنظيم الاستفتاء ، كاحتجاج على تصريحات الامين العام ، واعتبر النظام قرار الابعاد قرارا سياديا لا رجعة فيه . لكن بعد صدور القرار 2285 عن مجلس الامن ، والداعي الى وجوب العودة اللاّمشروطة والأكيدة للفريق السياسي المكلف بتنظيم الاستفتاء ، وخوفا من احتمال العقوبات خرّ النظام وخضع لقرار مجلس الامن بعودة الفريق السياسي لمباشرة اعماله كما كان عليه الحال قبل الطرد .
إذن . من خلال هذه المعاينة الكاشفة ، يتبين ان الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال تصويتها بالإجماع على توصية اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، وكل قرارات مجلس الامن ، هي مع الاستفتاء وتقرير المصير الذي يخدم بدرجة اولى جبهة البوليساريو والجزائر ، ولا يخدم في شيء اطروحة النظام حول الصحراء . اي بما فيها حل الحكم الذاتي المرفوض دوليا وإقليميا .
3 ) الاتحاد الافريقي : المغرب كان من الدول الاساسية التي انشأت منظمة الوحدة الافريقية في سنة 1961 ، لكنه سيغادرها في سنة 1984 بعد ان قبلت بعضوية الجمهورية الصحراوية لاعتبارات سياسية وإيديولوجية تعود الى الحرب الباردة . ان الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، كان خطأ استراتيجيا للمنظمة ، لان الذي انشأ الجمهورية كانت الجزائر وليبيا ، ولم ينشئها الصحراويون الذين يعترف لهم مجلس الامن والجمعية العامة بهذا الحق . وقد لعب دولار البترول الجزائري الذي كان سخيا دورا في هذه السابقة الخارجة عن الاعراف والقوانين الدولية .
الجديد الآن وبعد هذا الغياب الذي دام لأكثر من اثنتي وثلاثين سنة ، يقرر النظام مجددا العودة الى الاتحاد الافريقي الذي خلف منظمة الوحدة الافريقية التي تم انشائها في ستينات القرن الماضي . فهل تعتبر الرسالة الملكية الى القمة السابعة والعشرين بكيكالي ( رواندا ) طلبا بالعودة كما سارت على ذلك صحف النظام المختلفة ؟
لا تعتبر الرسالة الملكية الموجهة الى القمة طلبا بالعودة ، بل هي مجرد ارتسامات وخواطر لنوع العلاقة التي ستربط بين النظام وبين الاتحاد الافريقي . من السهل الخروج من اية منظمة ، لكن من الصعب الرجوع اليها ، لان الرجوع يخضع لمسطرة معروفة توجد بالقانون الاساسي للاتحاد الافريقي .
فهل تقدم النظام بطلب مكتوب يعبر فيه عن ارادته في العودة ؟ لا شيء حصل من هذا القبيل . ومن جهة اخرى فهل استرجاع النظام لمقعده الفارغ ، هذا إذا قبلت به الدول الاعضاء بعد ان يكون قد استجاب لشروطها ، ومنها الاعتراف الرسمي بالجمهورية الصحراوية ، يكون قد حقق كسبا في صراعه مع الجزائر ومع جبهة البولساريو التي يطالب بطردها من الاتحاد وهو الذي لا يزال خارجه ؟
وهل الدول الافريقية التي تعترف بالجمهورية الصحراوية سترضخ لطلب النظام الوافد الجديد ، وهي التي عاصرت وواكبت الجمهورية الصحراوية بالاتحاد لما يفوق اثنتا وثلاثين سنة خلت ؟
ثم هل إذا قبل الاتحاد بعودة النظام الى حظيرته ودون طرد الجمهورية الصحراوية ، هل يكون النظام الذي جلس بمقعد الى جانب مقعد الجمهورية الصحراوية بمن يعترف بها الى جانب اعترافات الدول الاعضاء بها كذلك ؟
لكن لنتساءل . هل يفكر النظام في حالة قبول عضويته مجددا الى جانب عضوية الجمهورية الصحراوية ، بإحداث شرخ في صفوف الاتحاد ليصبح اتحادين . اتحاد مع النظام واتحاد مع الجزائر البوليساريو وضد النظام . وان نجح في هذا المخطط سيفرض على المجتمع الدولي ، ومنه الامم المتحدة ، ومجلس الامن التعامل مع اتحادين لا التعامل مع اتحاد واحد ، ومن ثم ينجح النظام في خلط الاوراق وتعطيل اي حل لا يخدم اطروحة النظام من نزاع الصحراء ؟
وإذا كان كل شيء ممكن لحسم الصراع ، فهل الاتحاد الافريقي سيقبل بعودة النظام إذا كان اساس هذه العودة هو شق الاتحاد الى اتحادين ؟
وإن نحن تمعنّا في خطوات النظام الاخيرة ، وكلها اهانات للمغرب وللمغاربة ، ومن بينها الرضوخ والركوع لقرار مجلس الامن 2285 بعودة المينورسو بدون شروط ، وهو الفريق الذي مهمته تتحدد فقط في تنظيم الاستفتاء ، وإن نحن اضفنا رسائل الاستعطاف التي حملها اعوان النظام الى الرئيس الجزائري المشلول ، والى الرئيس الموريتاني الذي رفض استقبال اعوان النظام حين احالهم الى وزير الخارجية ، و إن نحن علمنا انه وبالموازاة مع قراءة الرسالة الملكية الى القمة ، وقف كل رؤساء الدول الافريقية بالاتحاد الافريقي دقيقة صمت على روح رئيس الجمهورية الصحراوية المرحوم محمد عبدالعزيز ، وتأكيد مفوضية الاتحاد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير ، والمساندة المطلقة للجمهورية الصحراوية ، وترحيب كل دول الاتحاد الافريقي بالرئيس الجديد للجمهورية الصحراوية ، وإن نحن علمنا ان المؤتمر لم يعر الرسالة الملكية ادنى اهتمام او اعتبار حين لم تحظى بمناقشة الاعضاء بدعوى انها لم تكن ضمن جدول الاعمال ، وإن علمنا بالانحياز التام لموريتانيا لأطروحة جبهة البوليساريو ، وهي التي اوفدت وفدا هاما لحضور اشغال مؤتمر الجبهة الاستثنائي بتفاريتي المغربية ، والتي تعلنها البوليساريو ارضا لجمهوريتها ، وهذا ليس له من تفسير غير اعتراف موريتانيا بالجمهورية الصحراوية ، وإقدام هذه على رفع العلم الموريتاني بالكويرة في تحد للنظام المغربي ... لخ لا يسعنا الى القول بان النظام المغربي معزول دوليا ، بل حتى عربيا عندما تنشر القنوات العربية خريطة المغرب وخيط يتيم يفصل عنها الصحراء .
لقد فشل النظام فشلا دريعا في ملف الصحراء التي اصبحت قاب قوسين من الانفصال ، وبسبب مواقفه الارتجالية والعشوائية وبسبب سياسته ( الاستراتيجية – ولو طارت معزة ) اضحى معزولا أمميا ، كما اضحى معزولا داخليا بسبب الفساد المستشري على نطاق واسع ، وبسبب الازمة الاقتصادية والاجتماعية المستفحلة . ورغم انه نجح نسبيا في تنصيب مجرمين على رأس الاجهزة الامنية ومنحهم كل السلطات في الاعتداء على الناس والجماعات ، وتعويم الوضع بما يخدم مصالح هؤلاء ، وعلى رأسهم صديق الملك الحميم ومستشاره الخاص الوحيد المدعو فؤاد الهمة ، والمدعو الشرقي ضريس ، والمدعو عبداللطيف الحموشي ، والمدعو نور الدين بن ابراهيم .... لخ ، فان تلاحم العزلة الدولية مع العزلة الداخلية ، ستعجل بتغييرات اساسية تضرب كل مفاصل الدولة . فهل إذا ذهبت الصحراء وهي ذاهبة و ذهابها دخل مرحلة العد العكسي ، سيتمكن النظام مرة اخرى من الافلات ؟
ان كل السلالات التي حكمت المغرب جاءت من الصحراء ، وسقطت كذلك من الصحراء . انّ ما يتواجد تحت الكثبان الرملية سيشجع الشعب على النزول الى الشارع ، والجيش هذه المرة لن يجرأ على اطلاق رصاصة واحدة ، وإن فعلها ستكون المحكمة الجنائية الدولية ، مجلس الامن والأمم المتحدة .
النظام معزول وعزلته فاقت كل الحدود .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE