الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحديات الدولة الوطنية أمام مشاريع إقليمية ودولية

مروان صباح

2016 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تحديات الدولة الوطنية أمام مشاريع إقليمية ودولية

مروان صباح / من والواضح ، أن واشنطن لها اليد الأطول ، في محاولة انقلاب الجيش التركي ، الأخيرة ، على حزب العدالة والتنمية ، ممثل الديمقراطية التركية ، المترنحة بالأصل ، وهنا ، يستوقف المرء ، هذا التورط ، لماذا تسعى الإدارة الأمريكية ، الآن ، قبل رحيلها ، إعادة الاستبداد إلى كامل المنطقة ، وهل شعرت الولايات المتحدة ، أن التعامل مع الديمقراطيات ، خارج حدودها ، يحد من استكمال مشاريعها ، خصوصاً ، في وجود الثقل الروسي ، وقد يكون أحد عناوين الكبيرة ، الذي مدًّ الاستخبارات التركية بمعلومة الانقلاب ، وأحدثت المعولة ، انقلاب في سياسة الرئيس أردوغان الخارجية ، يعني كما يبدو ، المعولة سبقت المصالحة الروسية التركية ، وبالطبع ، هذه التجربة الفاشلة ، التى تبحث منذ الآن عن فرصة أخرى تعالج الفشل وتعيد هيبة واشنطن ، حيث ، بعثرها الروسي ، إذا صحت ، معلومة أنه المزود بتفاصيل الانقلاب ، هنا أولاً ، لا بد من الايضاح دون ابطاء ، بأن الدولة الوطنية الحديثة ، على الأخص ، بعد مرور زمن كافي ، من ممارسة الهوية المستقلة ، كالنشيد الوطني وغيره ، أن تعيد النظر بفكرة الدولة ، وقد لا يبالغ المرء ، عندما يجزم بأن القتال الذي يدور في مربع العراق الشام ، ليس سوى ، فكرتين لا علاقة لهما بالدول الوطنية ، وهنا أيضاً ، لا يجد المرء ، صعوبة في تفكيك أهداف الفكرة التى قامت عليها دولة داعش ، فالتنظيم ، بالأصل ، يستقطب المنتسبين على أساس قيام وتوسيع دولة الخلافة التى لا يحدها جغرافيا ولا يعيقها عرق ، فداعش أو الجماعات المسلحة ، أعلنوا عن مشاريعهم بكل صراحة ووضوح ، إسقاط ، الدول الوطنية ومقاتلة إيران والخلاص من الهيمنة الأمريكية ، وبالتالي ، اتوماتيكياً ، إسقاط الدولة العبرية في فلسطين ، وفي الجانب الأخر ، وقد لا يكون الاختلاف كبير في الظاهر ، فالمشروع الإيراني ينحصر أيضاً ، في مقاتلة الجماعات الإرهابية ، التى تتبنى الفكر الوهابي ، أي يعني فقهياً ، محاربة مذهب الإمام احمد بن حنبل ، وهنا ، يعود بنا التاريخ إلى ذاك الخلاف ، الذي وقع بين ابن حنبل والمأمون ، حيث ، تبنى الأخير ، أفكار المعتزلة ، وهذا ، يحتاج إلى مقال خاص سنأتي عليه بشرح أوسع لاحقاً ، بالطبع ، مقاتلة الفكر الوهابي ، ينقسم إلى شقين ، الأول . قد ذكرناه للتو ، أما الجانب الأخر ، هو إسقاط ، دولة المذهب وإسقاط الدول المحيطة التى تنطوي تحت مجلس التعاون ، وأيضاً ، في الظاهر ، يسعى المشروع إلى محو إسرائيل عن الخارطة وكف هيمنة الشيطان الأكبر ، الولايات المتحدة الأمريكية ، عن المنطقة .

هذا صحيح بالطبع ، ما أسلفناه يُعتبر جزء من الحقيقة ، ليس أكثر ، فالولايات المتحدة ، تعتبر المرحلة القادمة ليس سوى هدنة بينها وبين حزب العدالة والتنمية ، وأي طراز من المحاولات الأخرى ، القادمة ، تعتبر ، أجزاء أخريات ، تندرج في المعادلة الكبرى التى تلتزم بها واشنطن بحماية إسرائيل وتأمين تفوقها ، فإسرائيل ، المستفيدة الأكبر ، ولها المصلحة العليا في تمدد هذين العدوين ، بصراحة ، تعلم تل ابيب جيداً قدرات الطرفين ، بل ، لديها معرفة بقدرات جميع الدول الفاشلة أو تلك المستباحة ، لكن ، أيضاً تعلم ، أن السيطرة على الجغرافيا ، كامل الجغرافيا ، يحتاج إلى صراع بين الطرفين في المنطقة ، وهنا ، لم يكن غائب عن إدارة العالم ، الجديدة ، انتشار الفكر الوهابي في الخليج خاصة ، والعالم الاسلامي عموماً ، تماماً كما هو الحال ، في إيران والعالم الشيعي عموماً ، انتشار ولاية الفقيه ، أي الإمامة ، التى لا تعترف بجغرافيا ، وتعتبر الانتماء ، يُسقط الحدود والهوية ، وهذا يفسر بشكل حاسم ، الأسباب الحقيقية ، وراء قرار الحرب على نظام البعث في العراق ، عندما شهدت الحدود بين العرب والإيرانيين ، نوع من الاستقرار ، بات المشروع الكولونيالي الأوسع ، يتراجع ، فكان لا بد ، من تنشيط الحدود عبر احتلاله ، الذي سمح ، لاحقاً ، للذراع الإيراني ، التمدد في العراق ومحيطه ، فبات العراق نموذج للصراع الطائفي ، وأيضاً ، ساحة للتناقضات والتقلبات بين المتصارعين ، سياسياً وعسكرياً ، وقد تكون هذه الوقائع ، بقدر ما هي حاضرة لدى الإسرائيليين والأمريكيين ، فهي ، غائبة لدى الأتراك ، حيث ، ينظر الأتراك ، لمسألة ، انيهار الوطن العربي ، بقياس الأرباحهم الاقتصادية ، الآنية ، وهذا ببساطة يفسر ، حركة الرئيس اردوغان السطحية في إعادة ترتيب السياسة الخارجية التركية ، مع دول لديها أطماع ، أولاً ، في جغرافية تحيط بتركيا ، مبدئياً ، ومن ثم تسعى للوصول إلى اسطنبول اليوم ، القسطنطينية البارحة ، فاليوم ، لم يعد الأمن القومي العربي مهدد ، بل هو في قلب العاصفة ، ومصيره مجهول ، أما ما يجري ، الآن ، يهدد الأمن القومي التركي بشكل مباشر ، لهذا ، إعادة ترتيب العلاقات الدبلوماسية وسلسلة الاعتذارات ، تفيد تركيا تكتيكياً ، وهنا لا شك ، أن اردوغان المنتصر ، يريد من هذا التحرك ، تجنيب تركيا الويلات ووقف مشروع تقسيم بلاده ، لكنه ، يبقى فعل ، في حقيقة واقعه ، لا يغير من استراتيجيات الدول ، مثل روسيا الاتحادية أو اسرائيل أو امريكا ، بل ، كل ما في الأمر ، يحول السيد ارودغان من رجل امتلك مشروع التصدي للمشاريع الروسية والإيرانية والإسرائيلية ، إلى تاجر شاطر في سوق عثمان بيك بإسطنبول ، لا أكثر ، وهنا للتذكير فقط ، فالاقتصاد ، لم يكن في التاريخ حامي الدولة ، بل ، الذي يحافظ على الاقتصاد ، قدرات الدولة الدفاعية والهجومية معاً ، لهذا ، من الخطاء الكبير ، حتى لو للحظة ، أن يظن الرئيس اردوغان ، عندما وقف في مربع المعارضة السورية ، كان يدافع عن قتل الأطفال الأبرياء ، أبداً ، فتركيا كانت تدافع عن أمنها القومي ، وليس شيء أخر ، ومازالت .

رغم الحملة الإعلامية الكبيرة التى تعمل على تغطية انتصارات حكومة العبادي في العراق وأقل شئناً مع حكومة الأسد في سوريا ، مازال المرء ، قادر على اختراق التضليل الحاصل ، فالمسألة أكبر من جيش العبادي والأسدي ، بل ، حسب تقارير حلفاء الطرفين ، يعتبران لا وجود لهما فعلياً ، إلا أن ، ما يعنينا الآن ، هو ما يجري في العراق ، لأنه ، يشكل أساس التغير القادم ، وهنا اتحد من هذه الزاوية ، العبادي ذاته ، أن يعلن قوائم أسماء الذين يقاتلون في صفوف ما يسمى بالحشد الشعبي ، أو أن يتم إدراجهم في مرتبات ما تبقى من الدولة العراقية ، لأن ، الحقيقة تختلف عما يروج لها ، فالحقيقة تقول ، أن أغلبية مقاتلين الحشد الشعبي ، إيرانيون ، وهذا الواقع ، يطيح بنظريات الساسة العراقيين أو ما يدعيه العبادي ، رئيس وزراء المنطقة الخضراء ، حول الوطنية العراقية ، لاحظ هنا ، من جانب آخر للمسالة الإقليمية ، إيران على استعداد تام بالمشاركة في القتال وعلى جهوزية دائمة في تحريك الحرس الثوري من أجل حسم المعارك في مناطق يغلب عليها الطابع السني ، لكن ، غير مستعدة أبداً ، في مساعدة العراق كي يستقر وطنياً ، ويكون جامع وصاهر لجميع المكونات ، وهذا ، كان أهم أسباب رفضها للسيد اياد علاوي ، بأن يتولى حكومة بغداد ، رغم فوزه بالانتخابات ومن زاوية أخر ، أنه شيعي .

الحقيقة هكذا ، شيعة العراق والعالم على موعد مع أهداف الثورة الإيرانية ، والثورة الإيرانية على موعد مع الإدارة الأمريكية القادمة ، لاستكمال الأجندة ، وفي الجانب الآخر ، بفترة قصيرة ، تحولت روسيا إلى شريك كامل في المنطقة ، تستوعب مصر ، والآن تركيا ، وتتفهم ، علاقتهما التاريخية مع واشنطن ، وتتقبل ، مواقف تركيا اتجاه نظام الأسدي ، لكن ، يبقى السؤال ، كيف يمكن لتركيا ، أن تواجه جملة تحديات باتت على خط التماس مع حدودها ، مشروع إيراني توسعي ينافسها على الجغرافيا العربية ، وآخر إسرائيلي ، يهددها داخل حدودها ، من خلال دعم الأحزاب الكردية المسلحة ، لمشروع الانفصال ، وأما ، خلاصة الحال ، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، كما يبدو ، تشير تحركات الجيش التركي ، إلى تغير جذري دائم ، وليس علاجي مؤقت ، وهذا يعني ، أن الجيش ذاهب إلى تغيير في عقيدته الوطنية ، لكي ، تتناسب مع التدخلات القادمة خارج جغرافيته ، وقد تشهد الأيام القادمة ، أيضاً ، مزيد من الدعم العسكري لمجموعات مسلحة في سوريا وأخرى سيتم باعتقادي تشكيلها في العراق ، وظيفتها تأمين الموصل ، حيث ، ينطلق مجلس الأمن القومي وحزب العدالة والتنمية من قواعد ، فرضتها أجندت دولية وإقليمية ، كانت السبب في تغيير سياسات تركيا ، وقد يكون أهم أسباب التغيرات ، السريعة ، التى يشهدها المراقب ، هناك ليس هنا ، في أمريكا ، من سيكون الرئيس القادم ، فتركيا تواجه بمفردها قوتين إقليميتين تمتلكان ، سلاح نووي ، ويتمددون في المنطقة بشكل واضح ، في الوقت ذاته ، تفتقد تركيا إلى السلاح النووي وخسرت الاخوان المسلمين ، كقوة وقاعدة داعمة لها ، وهذا يفسر على الأقل ، حجم الترحيب الإقليمي من قبل إيران وإسرائيل وأيضاً دولي روسي ، بفشل الانقلاب ، الترحيب يتطلع إلى مستوى ، قبول ، الرجل الأقوى في تركيا ، دون منازع ، لمشروع تقسيم الوطن العربي ورفع الدعم عن حلفائه العرب ، مقابل ذلك ، ترحيب متأخر وخجول من النظام العربي ، وعلى وجه الخصوص ، مصر ، بل ، قد يصح ما قاله لي صديق تركي ، أن الاستخبارات التركية لديها معلومات عن تورط بعض الجهات العربية ، داعمة للانقلاب ، هنا ، لا بد أن يدرك العرب جيداً ، إذا خسروا تركيا ، سيخسرون ما تبقى لهم من حضور في الإقليم ، لأنها ، ستبدأ مرحلة تقسيم الجغرافيا العربية لصالح الدول ، تصنف بالمحورية ، والمحورية التى اقصد ، لها اعتبارات وقياسات دولية محددة ، وهنا أؤكد ، أن من يتوهم ، بأن الانقلاب في سياسات التركية ، اتجاه الأمريكي والأوروبي سيصب في صالح نظام الأسد ، العربي ، فهو بالفعل واهم ، لكن بالتأكيد ، هي بشرة فيها الكثير لحلفاء الأسد ، الإقليمين والدوليين ، وكارثة على المملكة العربية السعودية وحلفائها ، وبالطبع ، لكل عربي على اختلاف خندقه .
والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي