الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين العودة والانضمام وشرط الطرد ، النظام المغربي يجري جرية الديك المدبوح

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2016 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


بين العودة والانضمام وشرط الطرد ، النظام المغربي يجري جرية الديك المذبوح
هل تعتبر الرسالة الملكية الموجهة الى القمة السابعة والعشرين للاتحاد الافريقي المنعقدة بكيغالي عاصمة رواندة ، دعوة صائبة لل ( عودة ) الى حظيرة الاسرة الافريقية ؟ قبل الاجابة يجب الاشارة الى ان الرسالة الملكية هذه حين تم تسليمها الى الرئيس تشادي ادريس ديبي ، احتفظ بها هذا في درج مكتبه ، ولم يسلمها الى الرؤساء المجتمعين . لذا فهي لم تحظى باهتمام يذكر، ولا اعطوها اعتبارا بحجم النظام الذي وجهت باسمه . وقد نفهم من هكذا تصرف ، رفض الاتحاد الافريقي للرسالة الملكية بالشروط التي كتبت بها ، ومن ثم رفض ( العودة ) .
لكن هل الامر يتعلق حقا بعودة الى حظيرة منظمة لم يساهم النظام في تأسيسها ؟
الكل يعلم ان المغرب هو من اسس لمنظمة الوحدة الافريقية في سنة 1961 ، مع نكروما ، وجمال عبدالناصر ، وسيكوتوري ، وزعماء افارقة لهم ارتباط بفترة النضال ضد الكلونيال المباشر . لكن انسحاب النظام من المنظمة التي لم تعد موجودة ، جعل من علاقة النظام بالاتحاد الافريقي الذي حل محل المنظمة علاقة ليست بالطبيعية . ان النظام لم يساهم في انشاء الاتحاد الافريقي الذي لعبت الجزائر وليبيا معمر القدافي دورا في انشاءه ، لقطع الطريق عن اية عودة محتملة للنظام الى حظيرة المنظمة ، ومن ثم يكون الوضع القانوني والسياسي الذي كان يحكم علاقة النظام بمنظمة الوحدة الافريقية ، ليس نفسه الوضع الجديد الذي اصبح يفرض نفسه بعد انشاء الاتحاد الافريقي . فلو كانت منظمة الوحدة الافريقية لا تزال قائمة ، لكان لدعوة النظام بالرجوع الى الحظيرة ، حجج وحقوق تخضع لمسطرة غير المسطرة المحددة لكل علاقة بين الاتحاد وبين اية دولة تريد الانضمام اليه . لذا فالرسالة الملكية بالعودة ، تبقى خارج السياق المفروض على اية دولة لا تنتمي الى الاتحاد ، وتريد ان تصبح عضوا فيه . ان الامر يتعلق بانضمام الى هيئة جديدة ، ولا يتعلق بالعودة الى منظمة غير موجودة و قوانينها الاساسية لا علاقة لها بقوانين الاتحاد .
واذا كانت الرسالة الملكية الى الاتحاد الافريقي في عمقها تبقى مجرد ارتسامات ، وتصورات ، وأحاسيس ، لما يجب ان تصبح عليها العلاقة بين النظام وبين الاتحاد الافريقي عندما يصبح النظام عضوا فيه ، فان مسطرة المعمول بها طبقا للقانون الاساسي للاتحاد بالنسبة للدول الخارجة عنه ، تقتضي تقديم طلب بالانضمام وليس بالعودة ، لان النظام لم يخرج من الاتحاد الافريقي ، بل خرج من منظمة الوحدة الافريقية التي لم تعد موجودة اصلا . ففرق شاسع بين طلب العودة الى منظمة ، وطلب الانضمام اليها ، لان العودة تقتضي استمرار نفس الكيان في الوجود الذي كانت الدولة تنتمي اليه ، والانضمام يعني ان علاقة الدولة التي تريد الانضمام الى المنظمة ، هي منظمة جديدة لم تكن الدولة الراغبة في الانضمام يوما عضوا فيها .
لذا فان وضع النظام المغربي من الاتحاد الافريقي هو وضع اي نظام خارج الاتحاد ويريد الانضمام اليه ، لأنه لم يشارك في تأسيسه ، ولا في تحرير قانونه الاساسي ، ولا في فرض شروط الانضمام اليه . فيتعين على النظام في هذه الحالة ان يتقدن بطلب كتابي الى الدوائر المسئولة ، التي تكون ملزمة بتحريك مسطرة الانضمام كما ينص عليها القانون الاساسي . وهذا ما لم يفعله النظام ، وحين اراد التجاوز معتقدا ان الحسن الثاني لا زال على قيد الحياة ، أصيب برفض الافارقة الذين تشبثوا بالقانون واحترام المسطرة . اي بلياقة و لباقة ، رفضوا الرسالة الملكية ، حين رفضوا شرط النظام -- بما سماه ( عودة ) -- القاضي بطرد الجمهورية الصحراوية التي شاركت في تأسيس الاتحاد الافريقي ، وهي عضو فعال به منذ سبعة وعشرين سنة .
فهل الدعوة الملكية الى رؤساء القادة الافارقة بكيغالي بربط ( العودة ) التي رفضها الافارقة ، بشرط طرد دولة عضو في الاتحاد ، هي دعوة سليمة وصحيحة ، وتتماشى مع التقاليد الدبلوماسية الرزينة ، ام انها كانت مجرد صيحة في واد لم تحرك حتى بال العصافير ، فأحرى ان تحرك القادة الذين اهملوها ولم يتجاوبوا معها ، وظل محتفظا بها في درج مكتب ادريس ديبي ؟
هنا يجب ان نميز بين حالتين مختلفتين :
--- الحالة الاولى وهي ان يكون الاتحاد الافريقي هو من وجه طلب انضمام النظام المغربي الى حظيرة الاتحاد . في هذه الحالة ، وحيث ان المبادرة جاءت من قبل الرؤساء ، فان تضمين الرسالة الملكية لشرط طرد الجمهورية الصحراوية مقابل الانضمام وليس العودة ، تكون لها حجية ومصداقية ، بل تكون لها قوة . لان الكرة في ملعب الاتحاد ، وليست في ملعب النظام . وهنا فالاتحاد الافريقي سيكون مخيرا بين ، قبول انضمام عضو جديد ، وبين طرد عضو قديم ، بل في هذه الحالة ، وبما ان الاقتراح هو افريقي – افريقي ، فان الاتحاد الذي توجه صوب النظام ، وليس العكس ، قد يضحي بطرد العضو المؤسس ( الجمهورية الصحراوية ) ، مقابل قبول عضو جديد ( النظام ) لم يشارك في تأسيس الاتحاد . وهنا فالمكانة التي سيحتلها النظام المغربي في حظيرة الاتحاد الافريقي ، ستكون اكثر قوة وصلابة ، مما كان عليه الحال عندما كان عضوا في منظمة الوحدة الافريقية التي ساهم في تأسيسها . كما ستكون هذه الحالة لطمة للجزائر وسياستها التجزيئية بالمنطقة ، وستكون النهاية لحلم الجمهورية الصحراوية .
--- الحالة الثانية ، وهي ان يكون صاحب المبادرة ب ( العودة ) الانضمام ، هو النظام ، وليس الاتحاد الافريقي . هنا فان اشتراط النظام ( للعودة ) التي لم يرغب فيها احد من الافارقة بطرد الجمهورية الصحراوية العضو الكامل العضوية بالاتحاد والمؤسسة له ، لن تكون له قيمة ، ولا قوة ، ويكون موقفا طائشا غير مسئول ، لأنه يتعارض بالمطلق مع القانون الاساسي للاتحاد الذي يعتبر النظام غريبا عنه ، وخارجه ، وتعتبر الجمهورية الصحراوية طرفا اساسيا فاعلا فيه . ومن جهة اخرى تكون العملية بمجملها ، مجرد مسرحية فاشلة من النظام للعب على الوقت ، اعتقادا منه انه سيربك الاتحاد ، وربما اعتقاده الجازم ، انه من خلال مبادرته هذه الفريدة ، سيؤثر على قرارات القمة التي جاءت كلها مؤيدة للجمهورية الصحراوية ، ولطمة قوية في وجه النظام .
لقد كان جواب الاتحاد على مبادرة النظام التي ربما كان الهدف المتوخى منها ، احداث شرخ في الاتحاد ، ليصبح اتحادين ، واحد يمثل النظام وأصدقاءه ، والثاني يمثل النظام الجزائري وأتباعه لخط الاوراق ، والرجوع بالقضية الى الصفر ، صاعقة في اختياراتها ودلالاتها . ونورد بعض الامثلة الدالة على فشل النظام في هذه المسرحية الفاشلة ، والتي ستكون لها تبعات سلبية على الوضع النهائي لمغربية الصحراء .
1 ) بعد ان تسلم رئيس تشاد ادريس ديبي الرسالة الملكية ، وبعد قراءتها وإدراك مدلولها ، احتفظ بها في اسفل درج مكتبه ولم يقدمها الى الرؤساء للاضطلاع عليها .
2 ) ترتب عن هذا التصرف ، ان القادة الافارقة ، لم يعيروا الرسالة الملكية ادنى اهتمام ولا اعتبار ، ومن ثم لم تدرج في جدول اعمال القمة التي ركزت فقط على حقوق الصحراويين .
3) الرسالة الملكية لن تحظى بالقراءة ولا بالاهتمام ليس فقط في مؤتمر كيغالي ، بل لن تدرج للتدارس في المؤتمر المقبل للاتحاد الافريقي .
4 ) لم يحظر اعوان الملك اشغال المؤتمر ، لان النظام ليس عضوا في الاتحاد .
5 ) التركيز على دعم الافارقة للجمهورية الصحراوية من خلال :
ا – الوقوف جميعا دقيقة صمت على روح زعيم البوليساريو محمد عبدالعزيز .
ب – التأكيد على الاستفتاء وتقرير المصير، ودون اعارة اية اشارة الى خيار النظام للحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به .
ج – توجيه نداء لمجلس الامن والأمم المتحدة ، بتحديد موعد زمني محدد لتنظيم الاستفتاء .
د – الدعوة للحفاظ على الثروات الصحراوية .
ه – التأكيد بالتعجيل بتطبيق قرار مجلس الامن 2285 ، القاضي بالعودة اللاّمشروطة للفريق السياسي للمينورسو الذي تتلخص مهمته فقط في تنظيم الاستفتاء .
و – ادانة وضع حقوق الانسان بالمناطق المتنازع عليها
ر --- تهنئة رؤساء الدول الافارقة لاختيار الرئيس الجديد للجمهورية الصحراوية ولجبهة البوليساريو .
ز --- استقبال الرؤساء ، استقبال مجاملة ، واستقبال عمل للرئيس الجديد للجمهورية الصحراوية . ... الخ
ان ما حصل بالمؤتمر السابع والعشرين للاتحاد الافريقي ، رغم انه كان ضربة للملك ولأعوانه الذين سلمهم مصير المغرب المنكوب ، ومصير المغاربة المهانين ، واستعمال اجهزة الدولة في الاعتداء على الناس ظلما ، والبراعة في نشر الفساد وتوليف وتطبيع الشعب للتعايش معه ، هو اهانة وإذلال للمغرب الذي لم يعد شامخا كما كان عليه الحال عبر التاريخ . فمن المسئول عن هذا الوضع . ومن حقنا ان نطرح السؤال : من يحكم اليوم بالمغرب ؟ من يلحق به الذل والإهانة ؟ من يدمره ؟ ومن يضبع ويخذر شبابه بمهرجانات ( الموسيقى ) المختلفة ، بالنْدير واشْطيح والرْديح عبر جميع القنوات ، وعلى رأسها القناة الثانية ؟ من اغرق شبابه حتى اصبح يتقاتل من اجل فرق عنصرية تكره المغرب والمغاربة ( بارسا – ريال مدريد ) ؟ من يقف وراء تشجيع وتدعيم الجريمة وإغماض العين عن بيع الحشيش والمخدرات والقرقوبي ؟
انه صديق الملك الحميم ومستشاره فؤاد الهمة ، والوزير المنتدب في الداخلية المدعو الشرقي ضريس ، والمدير العام للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، والمديرية العامة للأمن الوطني المدعو عبداللطيف الحموشي ، انه الوالي مستشار الشرقي ضريس في الاعمال الخسيسة بمديرية الشؤون الداخلية بوزارة الداخلية المدعو نور الدين بن ابراهيم ... انهم مجموعة مجرمين يتصرفون باسم الملك الذي هو رئيسهم الفعلي دستوريا وقانونيا .
هؤلاء ومنهم كثر لا يزالون يشتغلون بمختلف مواقع الدولة من اتباع وأبناء ادريس البصري ، هم المسئولون عن الفشل الذي راكمه ملف الصحراء ، و الفشل الذي راكمه الملف الاقتصادي والملف الاجتماعي . وبما ان الملك هو رئيسهم ، فهو المسئول الاول جنائيا ومدنيا . انها بطانته التي اختارها فنعم الاختيار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ