الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في أسباب انتصارات - داعش - وهزيمة مصر يونيو 1967

رضي السمّاك

2016 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة في أسباب انتصارات " داعش " وهزيمة مصر يونيو 1967
رضي السماك
لا يمكن حصر اسباب نجاحات تنظيم " داعش " العسكرية فقط في السيطرة على مساحات واسعة من سوريا والعراق خلال الأربع سنوات الماضية بالدعم المتعدد الاشكال مالياً وعسكرياً ولوجستياً ، وحتى سياسياً وإعلامياً ودينياً فقط والذي حظي به التنظيم من أطراف عربية وأقليمية ، وعلى رأسها تركيا وأميركا وبعض الدول الخليجية إذ من المقطوع به ثمة "عقيدة قتالية" تلعب دوراً مهماً في تلك الانتصارات التي حققتها ، انعكست في ذلك " الاستبسال " ، بغض النظر عن الطابع الانحرافي الارهابي لتلك العقيدة . بل وثمة أيضاً قدراً من الحواضن الشعبية تلقاها التنظيم في المدن والمناطق التي وقعت تحت سيطرته في كلا البلدبن . ولما كان من الثابت من العلوم العسكرية في وتجارب الحروب في تاريخنا الحديث ان حسم المعارك فيما بين الجيوش النظامية أسهل من حسمها فيما بينها وبين رجال العصابات ، وبخاصة تلك التي تتلقى حواضن شعبية عريضة واسعة وحقيقية ، فانه يمكن القول في حدود معينة ان " داعش " كان ومازال يخوض شكلاً من أشكال حرب العصابات ، وهذه هي بالضبط المعضلة التي ما برح الجيشان السوري والعراقي يواجهانها على الارض ، فضلاً عن التحالف الدولي ، وعلى رأسه الولايات المتحدة من الجو، ناهيك عن روسيا .
ولعل نموذج ملحمة المقاومة المسلحة الشعبية التي خاضها الشعب الفيتنامي هو من اشهر نماذح حروب العصابات الشعبية الناجحة حيث استنزفت قوات الاحتلال الاميركي لبلاده وأرغمته على الانسحاب المُذل على جناح السرعة في خريف العام 1975 .
كما تُعد تجربة المقاومة الشعبية السرية المصرية في مدن القناة خلال العدوان الثلاثي على مصر في خريف العام 1956 في مدن القناة ، والتي شاركت فيها القوى الوطنية ، ولا سيما الشيوعيون ، من النماذج العربية الرائدة والتجارب القيّمة لما اكتسبته من خبرات في العمليات القتالية ضد قوات الاحتلال الانجليزي قبل الجلاء 1954 . وكان الرئيس المصري جمال عبد الناصر أصدر قراراً بتشكيل المقاومة الشعبية السرية في مدن القناة وأسند لبعض الضباط مهام قيادة فرقها وتشكيلاتها بقيادة البكباشي عبد الفتاح أبو الفضل ، لكن هذه التجربة سرعان اُسدل الستار عليها بعد الحرب بدلاً من الاستفادة منها وتطويرها وجعلها سلاح احتياط جاهزاً للتفعيل في أي وقت . ومع ان عبد الناصر كان في حالة حرب غير معلنة مع اسرائيل بكل أشكالها السياسية والإعلامية والاقتصادية ، إلا أنه لم يضع في حسبانه البتة ، ولو من باب فرضية الاحتمالات ، ان تقدم أسرائيل مرة اخرى على شن حرب عدوانية تمكنها من احتلال أراض مصرية ، دع عنك أراضي البلدان العربية الاخرى ، وهذا ما حدث بالضبط قبل نحو نصف قرن وتحديداً في حرب يونيو / حزيران 1967 ، حيث احتلت اسرائيل كامل شبه جزيرة سيناء وبضمنها الضفة الشرقية للقناة بمدنها كافة . وحينها طُرح خيار فتح المجال للتطوع في المقاومة الشعبية ، لكن الوقت كان متأخر جداً بعدما أحكمت قوات الاحتلال سيطرتها على هذه المنطقة وقطعت كل خيوط الإمدادات والاتصالات تقريبا في حين كانت القيادتان السياسية والعسكرية تعيشان في حالة يُرثى لها من الإرباك السياسي والعسكري تحت تأثير هول الصدمة الكارثية العنيفة لحجم الهزيمة ، عدا عن ذلك فإن تكوين خلايا وقواعد للمقاومة بين خلال الفترة من حرب 1956إلى حرب 1967 يتطلب تفاهماً بين القيادتين السياسية والعسكرية ، وهذ غير متحقق على أرض الواقع بسبب الصراع المكتوم بين الصديقين الحميمين عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر ، ناهيك عن هواجس الأول من أي تشكيلات عسكرية غير نظامية قد تخرج عن سيطرة النظام عليها في أي ظرف غير متوقع وتؤدي إلى ازاحته من الحكم او منافسته في السلطة .
وهكذا فلولا كل تلك الاعتبارات لكان بإمكان عبد الناصر ،كقائد سياسي وعسكري، أن يعمل مسبقاً على إعداد وتمهيد الارضيات اللازمة لانطلاقة المقاومة الشعبية بحواضنها الشعبية في كل مدن ومناطق سيناء والقناة لاستنزاف قوات الاحتلال الاسرائيلي أشد استنزافاً بعد الاحتلال ، ولربما جاء سيناريو ما أسماه بإزالة آثار العدوان قبل رحيله غير الإزالة التي جرت على يد خلفه انور السادات في حرب اكتوبر 1973 المعروف بمراهنته على الاميركان بلا حدود ، حيث لم تتمخض الحرب سوى عن تحرير جزء بسيط من شبه جزيرة سيناء لسوء إدارته لها واعتبارها مجرد "حرب تحريك " لا " حرب تحرير " ، ناهيك عن نواياه المبيتة مسبقاً في التعويل على أمريكا بعدئذ حيث رفع شعار ان 99٪ من اوراق الحل هي بيد الولايات المتحدة ، وان حرب اكتوبر هي آخر الحروب ، وهذا ما أفضي به بعد مرور خمس سنوات فقط على حرب اكتوبر إلى الاستسلام الكامل للشروط الاسرائيلية برعاية امريكية في كامب دافيد 1978 ومن ثم إخراج بلاده من حلبة الصراع العربي - الاسرائيلي وارتهانها منذئذ إلى الضغوط الاميركية الاسرائيلية إلى يومنا هذا !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر