الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاجر الوسيط وخراب البلد

عدنان جواد

2016 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


التاجر الوسيط وخراب البلد
تم تقسيم طبقات التجار إلى ثلاثة طبقات ، الأولى هي طبقة التجار القدماء والذين ينشطون داخليا ويتاجرون بالمواد المختلفة الزراعية والصناعية والحرفية، وهؤلاء لابد من وجودهم في المجتمع لكي تستمر عجلة الاقتصاد، والطبقة الثانية وتسمى الحديثة والذين يتاجرون بالعملة النقدية والأوراق والسندات والأسهم وغيرها، أما الطبقة الثالثة وهم التجار الوسطاء والذين ينشطون اثناء الحروب وتغيير الأنظمة بالتجارة بين الدول والذين يكون دورهم في بعض الأحيان مكان الدول والحكومات نفسها.
طال العراق خراب ودمار لم يتوقف عند الدمار المادي بل تجاوزه إلى ما هو بشري، بعد أن فقد إنسان هذا البلد الخراب في مواطنته، بعد الظلم والتجهيل والتجويع وأخيرا عدم الأمان، استطاع النظام السابق المفاوضات والمساومات مع الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة، التي استطاع اختراقها وما فضائح الرشاوى وكوبونات النفط لم تعد خافية، فأصبحت الرشوة متفشية من أعلى سلطة مع العالم الخارجي ، ومن المواطن مع الموظف في الداخل، ويعلم الجميع عندما تنتشر الرشوة في بلد يفقد كل مقومات الدولة المحترمة.
وبعد هلاك ذلك النظام تأمل الناس خيرا، لكن الحكام الجدد ليس أفضل حالا، فقد تحول البلد إلى فوضى سياسية واقتصادية واجتماعية وغياب لجميع القيم الأخلاقية والقانونية، فالبنى التحتية دمرت وفي جميع القطاعات واغلب المراقبين قيموا الدمار بأنه أعاد العراق إلى زمن الستينات.
اعتمد العراق على التجارة الخارجية وعلى التاجر الوسيط وهو أما خليفة للراشي السابق أو من السارقين الجدد، والذي لايفكر إلا بنفسه ومصالحه، وهو يمثل الشر المطلق، وكما يقول الدكتور علي شريعتي الشر المطلق هو عندما يستغل من يؤتمن على المصلحة العامة لمصلحة شخصية، والخير المطلق عندما يقوم إنسان عادي لايستطيع انجاز ما مطلوب منه تجاه عائلته ونفسه فيفكر بالمصلحة العامة قبل نفسه، (مضمون القول وليس بالنص)، وهذا واقع الحال فتجار اليوم قد قضوا على الزراعة بجلبهم المزروعات من الدول المجاورة والبعيدة ، فترك الفلاح أرضه وهجرها بعد أن أصبح عمله غيرمنتج وغير ناجح ولا فائدة من الزراعة لان محصوله الذي تعب عليه وينتظر الربح ببيعه لايجني غير الخسارة، بينما التاجر الوسيط يربح أرباحا خياليه ، لأنه يأتي بمواد رخيصة الثمن ومن منا شيء غير رصينة والبعض منها منتهي الصلاحية، وطبعا هذا التاجر هو أما صاحب قرار أو تابع لصاحب القراراو نسيب صاحب القرار(صاحب القرار يمتلك سلطة)، ولا توجد رقابة ولا تقييس ولا سيطرة نوعية ، وحتى وان وجدت فهي ضعيفة ولا تستطيع الوقوف بوجه حيتان كبيرة ومخيفة، والصناعة حالها ليس بأحسن من حال الزراعة، فالمنتج المحلي لم يعد له وجود بعد أن غزى المنتج الصيني وغيره السوق العراقية فبات صاحب المعمل والمصنع مخيرا بين بيع مصنعه او جعله مخزنا للتاجر الوسيط، اما معامل الدولة ومصانعها فأصبحت تدفع رواتب موظفيها بدون إنتاج، فالعجلة الصناعية توقفت ، والمخطط القادم هو جعل التعليم بيد التاجر الوسيط بدل الحكومة وبانت بوادره ملموسة وواضحة بكثرة المدارس الأهلية ومن يؤسسها ومن يدعمها وطرح الموضوع في البرلمان مؤخرا ما هو الا دليل على صدق الكلام.
اما الخير المطلق هؤلاء المضحين بأنفسهم من اجل الوطن والناس وهم يتركون عوائلهم من دون معيل، وسر بقائنا بصدق هؤلاء الذين سرق حقوقهم التاجر الوسيط وسيده .
فالأمر يتطلب وقفة شعبية ومن جميع الطبقات وفئات الشعب ضد الاستعمار الجديد، الذي دمر الدولة بكل مؤسساتها وان خراب البلد ودماره ببقاء هولاء ، فلا زراعة ولا صناعة ولا تطور ولا خدمات ولا تعيين بوجود هذه المافيات المنتفعة من السلطة والمال الحرام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام