الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكر و مدارس الفلسفة الإسلامية

مهدي جعفر

2016 / 7 / 25
الادب والفن


تغص كتب التاريخ التي تتحدث عن الفلسفة ، و دور الأوروبيين في ظهورها و تطورها ، خصوصا في المرحلة القدسية حيث ظهرت الفلسفة في القرن 6 ق.م ببلاد اليونان على أنقاض التفكير الأسطوري ، و من بعد طور الأوروبيون هذا الفكر العقلاني الجديد في المرحلة الحديثة ( من القرن 17 الى القرن 19 ) التي عرفت بروز فطاحلة التفلسف و في مقدمتهم رينيه ديكارت ، كما تميزت هذه الحقبة بولادة بعض العلوم بعدما خرجت من رحم الفلسفة بعد مخاض استغرق من الزمن كثيرا من الوقت ، حيث تميز من علماء المرحلة أربعة رجال يمليهم علينا التاريخ كآباء للعلم الحديث و هم : نيكولا كوبرنيكوس البولندي - غاليلو غاليلي الإيطالي - جوهان سكيبلر الألماني - و تيكو براها الدانيماركي ، الذي متح من معينهم كل العباقرة الذين سيأتون بعدهم و في طليعتهم اسحاق نيوتن ، لكن أي دور لعبه المسلمين في تقدم قاطرة العلم و الفلسفة ؟
الجواب عن هذا السؤال يوزع المسلمين بين متغطرس يعتقد أن العلم كلية يبدأ مع المسلمين فقط ، و آخر جاهل كل الجهل بما قدمه أسلافه للبشرية سواء قل أم كثر ، و هذا ما يؤكد على أن الأمة الإسلامية أمة تحتضر أمة تموت للأسف أمة امتلئت بكل أسباب الغياب لأنها تجهل تاريخها ، لذلك تحتطب في كل حبل و تركب أميال نفسها لأنها ضيعت خارطة الطريق و مرآة المستقبل و هي " التاريخ و الحضارة " ، و ذلك لفهم الحاضر و للتخطيط للمستقبل علينا مطالعة الماضي و إلا سنمضي كأمة بدون هوية حرامية غير شرعية لا تريد الحضارة أن تعترف بها ، لذلك يقول الشاعر اليوناني " سيمانديس" عن انتصار الأغارقة على مملكة إسبارطة "" هزمناهم ليس حينما غزوناهم لكن حينما أنسيناهم تاريخهم و حضارتهم "" ، و لك أن تقارن بين شهرة الحضارة الإغريقية قياسا على حضارة اسبارطة المنسية ، لذلك لكي لا نسقط في هذا المطب وجب إشهار موروثنا الحضاري و التاريخي و الثقافي و العلمي و ما صح من تراثنا الديني المسالم لا الداعشي .
فأي أمة إلا و لها أمجاد و حضارة غير أن هذه الأخيرة تعرف ولادة و ازدهار ثم انهيار و اظمحلال وفق مخطوطة ابن خلدون للعمران و الحضارة ، لذلك عرف المسلمون حضارة مزدهرة عرفت للعالم الشخصية الإسلامية المبدعة و الخلاقة ، حيث مهدت عوامل عديدة لظهور الفلسفة و الفكر الإسلامي خصوصا في عهد الخلافة العباسية التي شيد أركانها " أبو مسلم الخرساني " بعد قضائه على آخر خليفة أموي و هو "مروان ابن محمد" الملقب "بالحمار" ، حتى وصل الحكم إلى " عبد الله المؤمون " الذي لاحظ أن الفكر الإسلامي يقتصر على نسق العلوم الشرعية كعلوم الحديث و البيان و القرآت السبع للقرآن و يفتقر لنسق العلوم الطبيعية ، لذلك سيكلف مترجما مجتهدا اسمه " اسحاق ابن حنين " لترجمة التراث اليوناني و الآرامي و السرياني و الفارسي و غيره من حضارات المنطقة ، حيث تم تأسيس" بيت الحكمة " و عليه أتيحت للمسلمين فرصة الإلتقاء مع حضارات و علوم جديدة لم تكن سائدة من قبل ، ذلك أنهم انقطعوا للقراءة و التعلم و هكذا بزغ فجر تليد في ساحة الفكر الإسلامي فانطلقت الحضارة ، كل هذه العوامل ساعدة على ظهور فلاسفة أفداد ماتوا و لم تمت فضائلهم و كتاباتهم ، و في مقدمتهم " أبو يوسف ابن اسحاق الكندي " الذي حاول التوفيق بين الشريعة و الفلسفة و اعتبر أن كليهما يهدفان لتحقيق سعادة العبد في الدنيا و الآخرة فظلا عن تعريفنا بربنا بشكل عقلاني أكثر من سائد الماضي ، حيث دافع الكندي عن حق التفلسف في رسالته لأمير المؤمنين المعتصم قائلا " هي أعلى الصناعات الإنسانية منزلة و أشرفها مرتبة ، و أرقاها هي الفلسفة الأولى " أي علم اللاهوت thiologie , أي أن الكندي من خلال الرسالة حاول التوفيق بين الفلسفة و الغوام الحكمة انطلاقا مما توصل إليه من خلال قراءته للإرث اليوناني و تقديمه وفق رؤية عقلية إسلامية مزجت بين الدوق العرفاني و مبادئ الحكمة ، و هو نفس الدور الذي قام به علامة المغرب "ابن رشد " الشارح الأكبر لتنظيرات المعلم الأول أريسطو اليوناني ، حيث قال أن " الحكمة هي النظر في الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان ، و أن المعرفة هي تناسق الغاية مع العقل ، و أن فعل الفلسفة ليس شيءا غير أكثر من النظر في الموجودات و اعتبارها بالعقل من جهة دلالتها على الصانع " ، لكن هذا لا يعني أن الفلسفة الإسلامية عالجت فقط علاقة حب الحكمة بالدين في ارتباطها مع الخالق و مخلوقه العاقل ، لا فقد توزعتها مدارس أشهرها ( المدرسة المشائية ) التي تعبر و تترجم طريقة التدريس التي تميزت بها أكاديمية أريسطو و أشهر المشائين المسلمين هم الشيخ الرئيس ابن سينا و الفرابي و الكندي و كذا ابن رشد ، كما توجد " المدرسة الإشراقية " و مؤسسها " سوفما وردي المقتول " و هي مزيج من باكورة فلسفات غلب عليها الدوق العرفاني و الأفلاطونية المحدثة صحبة التالوث المقدس { الله - النفس - العقل } ... فظلا عن " المدرسة المتعالية او الجوهرية " و هي خلاصة لفكر الفيلسوف الإيراني العظيم " مولا صدر الدين الشيرازي " المشهور بمولا صدر و المتوفى 1050ھ ، القرن 11 الميلادي ، و هو تلميذ لجهبذ الفكر الحكيم و الفلسفة الإرانية " ميير داماد " ... كما تجدر الإشارة إلى أن آخر فيلسوف معاصر هو الكبير العراقي " محمد باقر الصدر " الشيعي المذهب المقتول على يد عصابات المجرم الهالك صدام حسين ، حيث اعترف بكتابات باقر الصدر عالميا حيث كان داهية في الإقتصاد إلى جانب الفلسفة ، لذلك في فاتح سنة 2015 ثم نصب تمثال نصفي له في جامعة موسكو الدولية للإقتصاد ، و كشف الغطاء يومها عن هذا التمثال رئيس روسيا " فلادمير بوتن " بحضور وزير الخارجية العراقي ... أما الفيلسوف المسلم الوحيد الذي لا زال حيا يرزق و يعترف به الغرب و لا يعرفه أحد من المسلمين لضحالتهم المعرفية للأسف ، هو الإيراني البروفيسور " سيد حسين نصر " الذي يعود نسبه لسبط الرسول صلى الله عليه و سلم الحسين ابن علي ابن ابي طالب . و يدرس حاليا في أرقى الجامعات الأمريكية .
فهؤلاء هم أشهر و أبرز المفكرين و الفلاسفة المسلمين ، و هذه هي أشهر مدارس الفكر الإسلامي ، الذي أجد عيبا يبلغ عنان السماء في جهلها من طرف من يدعون الثقافة بين المسلمين و هم يجهلون ماضيهم ، فحتى لا ندعي التعالي من فراغ وجب القول أنه لا ثقافة و لا مستقبل بدون إدراك للهوية و التاريخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا