الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في وداع الاستاذ تيسير العاروري

محسن ابو رمضان

2016 / 7 / 28
القضية الفلسطينية


في وداع الأستاذ تيسير العاروري
بقلم/ محسن ابو رمضان
فُجعنا بالوفاة المبكرة للأستاذ تيسير العاروري، كيف لا و قد كانت سيرته زاخرة بالعطاء و النضال من اجل تحقيق الاهداف الوطنية و الاجتماعية التي آمن بها و دفع ثمنها من ملاحقة و اعتقال و إبعاد.
تمير أ. تيسير بالصلابة و المصداقية و الحزم و التمسك بالقيم و الثبات على المبدأ، كما تميز بقدراته العلمية و الثقافية البارعة، ليس فقط بوصفه استاذا لمادة الفيزياء التي تعتمد على العلم و لكن كذلك لأنه آمن بقيمة و أهمية العلم الذي أصبح يشكل له المرشد بالعمل الاجتماعي و الوطني و بتبديد أيا من الخرافات و الاساطير.
سمعنا عن الاستاذ تيسير قبل ان نصبح طلبة في جامعة بيرزيت في بداية الثمانينات من القرن الماضي، سمعنا عن مصداقيته و صلابته و منهجه العلمي و مبدئيته و تجربته الاعتقالية، و قدراته الفكرية و شخصيته القوية و المتماسكة، و لكن تعززت قناعتنا به اكثر عندما أصبحنا نشطاء بالحركة الطلابية بالجامعة، فقد لعب دورا رئيسيا بنقابة العاملين و بالدفاع عن حقوقهم الى جانب ارشاده و توجيهه المستمر لكتلة اتحاد الطلبة التقديمة مشددا على أهمية التقارب مع الطلبة و عدم الاستعلاء عنهم و الامتزاج بهمومهم و العمل على تحقيق طموحاتهم مؤكدا على ضرورة العمل على تمكين و تطوير و إبراز قيادات طلابية جديدة منهم، كما كان يشدد على أهمية العمل مع الجماهير و خاصة الكادحين منهم في أماكن سكن الطلبة عندما يعودون إليها عند الاجازة أو بعد التخرج حتى يصبح الكادر الطلابي قائدا في منطقته و ليس منعزلا عنها و يعيش في مجموعات نخبوية بعيدا عن الناس و همومهم.
كان أبو فارس من أشد المتحمسين للانتفاضة الشعبية الكبرى (87/93) التي اعتبرها برنامج الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي تأسس عام 1982 لأنها الأداة الحقيقية القادرة على التخلص من الاحتلال في ظل إدراكه أن الارض المحتلة هي الساحة المركزية و المقررة بالصراع و بأن الكفاح الشعبي هو الوسيلة الديمقراطية و التي تعبر عن إرادة المجتمع باتجاه مقاومة الاحتلال وصولا لدحره.
استطاع أبو فارس ادراك اهمية دور قوى التضامن الشعبي الدولي و لذلك كرس جزء من وقته للتواصل مع تلك القوى و أصبح عنوانا للعديد منها و ذلك عبر استقطابهم و تنظيم الزيارات الميدانية لهم، و قد كنا بغزة حيث أغلق الاحتلال الجامعة إبان الانتفاضة الكبرى نستقبل هذه الوفود و نشرح لهم عن معاناة شعبنا و حقهم بالحرية و الاستقلال حيث دخلت كلمة الانتفاضة القاموس العالمي.
و في سياق عمله الكفاحي و النقابي و السياسي لم يتوقف فقيدنا عن الكتابة حيث كان يكتب المقالات و الدراسات بصورة شبه مستمرة في مجلة الكاتب و التي كانت عنوانا للثقافة التقدمية و قد كان عضو في هيئة التحرير.
و رغم إبعاد الاستاذ تيسير من قبل قوات الاحتلال بسبب نشاطه في الانتفاضة الا انه استمر بدوره الوطني و النضالي بالخارج و قد استطاع ادراك بحسه العلمي و قدراته المعرفية المميزة اهمية التمسك بالديمقراطية خاصة بعد المتغيرات الكونية الهائلة التي جرت بالعالم معتبرا اياها شرطا لتحقيق العدالة الاجتماعية، فالشمولية و الفردية و المركزية أصبحت مفردات من الماضي ولا تستقيم مع قيم العصر الحديثة التي تتطلب الربط المحكم ما بين الديمقراطية الموسعة و ما بين العدالة الاجتماعية .
عمل فقيدنا الأستاذ تيسير بإخلاص باتجاه تشكيل التيار الديمقراطي بالمجتمع الفلسطيني لكسر حالة الاستقطاب بين التيارين الرئيسين ( فتح وحماس) و باتجاه يعزز من قيم الديمقراطية و الحرية و المشاركة و قام بإجراء دراسات علمية و مهنية و مراجعة التجارب التي تمت في هذا المضمار، الا ان هذه المحاولة كغيرها استضمت بالعديد من المعيقات الذاتية و الموضوعية و لكن التي يجب ان تستمر في سبيل تحقيق التوازن في بنية و مسيرة المجتمع.
عزاؤنا انه ترك لنا تراثا نعتز به مسيرة عطرة يفتخر به كل من آمن بقيم التحرر و الديمقراطية و التقدم الاجتماعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا