الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هو الموت أم الوحدة .. تلك التي تفصلك عن ضجيج الحياة ...؟؟

بلال فوراني

2016 / 7 / 28
الادب والفن


ربما لم يحين موعد رحيلي عن الحياة ... ربما ما زالت هناك أنفاس في صدري تشتهي الحياة
ربما هناك كلام لم أقله بعد .. ربما هناك صراخ لم أبوح به بعد .. ربما هناك شتيمة لم أبصقها بعد
كل الأطباء اتفقوا أني يجب أن أكون ميتاً من هكذا حادثة أو على الاقل .. ارتجاج في العقل أو جلطة دم في الدماغ
كلهم اتفقوا أن ما رأوه معجزة إلهية لا يفسرها طبّ ولم يقرأوها في كتاب ولم يتعلموها من استاذ في الجامعة ...؟؟

كنت أشرب مثل المجنون .. وأسرح في بيتي وكأس الويسكي لا تفارقني .. ولا أدري مالذي حصل فجأة ..
كل شيء بدأ يدور أمامي من دون سابق انذار ... مطبخي حيطان مطبخي حتى رأيت سقف بيتي لأول مرة
ثم سقطت على حافة مقعد طويل أمام طاولة الطعام .. هذا المقعد طوله مترين .. ولم يسقط رأسي إلا في زاويته
كأن كل شيء كان مرتباً .. زاوية سقوطي وزاوية ارتطام رأسي في زاوية الكرسي الخشبي المدببّ
كانت لحظة درامية في سقوط رجل من دون إرادة على حافة كرسي لم يجلس عليه يوماً ...؟؟

نهضت بعد ساعتين تقريبا ؟؟ فقد كنت وضعت الطعام في الفرن قبل ساعتين وحين استيقظت وجدته محترقا
نهضت وشعرت أن الدنيا كلها حولي غريبة .. مطبخي .. جدران مطبخي .. حتى هذه الرائحة التي تفوح في مطبخي
لأول وهلة لم أتذكر ماذا حصل .. لم أعرف مالذي جرى .. نهضت بصعوبة وألم كبير في رأسي لم أعرف ما سببه ..
تحسسته بأصابعي كان وجع مؤلم ولكن لم أجد دماً يسيل ... فقط مجرد وجع يضرب في رأٍسي كأنه سمفونية طبول
زحفت الى هاتفي في غرفة الضيوف .. لم أكن قادرا على الوقوف على قدمي .. لقد خانتني عضلاتي خانتني صحتي
اتصلت بجاري التركي الوحيد الذي أعرف أنه سيركض إلي مثل المجنون .. أخبرته بما حدث وطلبت منه القدوم على الفور
كان من الصعب أن أصل الى باب بيتي كي أفتح له .. اتصل بي فأخبرته أني غير قادر على الحركة فكسر الباب ودخل ...؟؟

أخذني جاري الى المشفى وأنا في غمرة حلم لم أعرف هل هو حلم أريد الصحو منه ... أم حقيقة أخشى عواقبها
وضعوني في العناية المشددة .. وبعد ساعة أخرجوني حين تبين من فحوص الرأس البانورامية أنه لا يوجد شيء خطير
كان الأطباء يسألون جاري كيف نجا هذا الرجل من هكذا ضربة في طرف رأسه عند أذنه وبكل هذا الثقل الذي فيه ...؟؟
كانوا يتسائلون كيف هرب هذا الرجل من موت أقل ما يقال فيه في هكذا حالة .. موت مؤكد إن لم يكن بشللّ في أطرافه ...؟؟
حتى جاري نظر إلي وقال لي أنت رجل محظوظ .. أنت رجل يحبك الله .. بلغته الألمانية الركيكة والقريبة من العربية ...؟؟

نعم أنا رجل محظوظ .. لأني أملك أناساً يدعون لي ربهم في كل يوم وفي كل ليلة وفي كل رمضان وفي كل حج مبرور
أعلم تماما أن الله لم ينجيني من هذا الموت المحتوم إلا لأجل دعاء أمي الرائعة الطيبة التي تدعو لي دبر كل صلاة تصليها
ولا أنسى أيضا أختي عبير في سورية التي تدعو لي .. في كل صلاة وفي كل صيام وفي كل مناسبة وفي كل وجع وألم
أعلم تماما أن الله لم ينفذ فيني أمره المحتوم إلا لدعاء الكثير من الناس الذين يعرفوني ولم يتخلوا عن الدعاء لي رغم بشاعتي
كنت أستطيع أن أذكر أسماؤهم وهم يعرفون أنفسهم ولكن رجولتي تأبى عليّ ذكر أسماؤهم لأني أحترم حياتهم رغم جنونهم معي

كان لا بد مني شكر كل البشر الذين يدعون لي ولا أعرفهم .. حتى من أعرفهم دوما أطلب منهم أن يدعوا لي ربما استجاب الرب لهم
هذه أول مرة أنشر لكم منشور شخصي جدا في حياتي .. ولكن شعرت بأني يجب أن أكتب ما أكتبه كي يكون عنوان شكر وتقدير
شكر لكل من يدعو لي في الغيب .. شكر لكل من يرجو الله أن يرحمني ويهديني .. شكر لكل من يخاف علي فيدعو الله أن يحميني
أعلم تماماً وأقسم بالله لولا دعاؤكم لي .. لكانت اليوم فيني أمراض الدنيا كلها .. ولكنت أعاني من ألف وجع وألف علة وألف مرض

شكرا لك أمي الحبيبة .. شكرا لك أختى الحنونة ... شكرا لك أيتها الحبيبة الجميلة ... شكرا لكم يا من تدعون لي في الغيبّ
هل تعلمون ماذا تعلمت من هذه التجربة ... سيقول بعضكم أن تعود الى طريق الله .. أن ترجع وتدق باب الله .. وأن تتوب
ولكن أقول لكم شيء تعلمته بغض النظر عن الدرس الذي ينتظره الجميع مني أن أتعلمه كي أعود الى الله والى صراط الله
لقد تعلمت أن الوحدة حقيرة وقذرة ووسخة .. فلو متّ يوما فلن يشعر بي أحدا حتى تفوح رائحتي النتنة من العفنّ في منزلي
فتعلموا مني الآن أرجوكم أيها السادة أن تشكروا ربكم على وجود أحد بقربكم .. يشعر بكم .. يسمعكم .. يتكلم معكم ويحس بكم
أشكروا ربكم لأنكم لستم وحدكم .. فحين تتوجعون .. ستجدون من يطبطب على رؤوسكم ومن يأخذكم في حضنه الدافئ
أشكروا ربكم على نعمة لا يعرفها سوى .. رجل يقول للبشر كونوا يد واحدة .. وهو يعيش وحيداً في الغربة ...؟؟

أشكروا زوجاتكم واشكرنّ أزواجكم .. اشكروا أبناؤكم وأشكروا آباؤكم وأمهاتكم
أشكروا جيرانكم أصدقائكم أحباؤكم .. اشكروهم اليوم قبل أن تفقدونهم يوما
وفي النهاية أشكروا ربكم ... لأنكم لستم تعيشون وحدكم ...؟؟
فالوحدة حقيرة .. حقيرة جدا يا سادة ..والغربة أحقرّ منها ...؟؟

-
-
-

على حافة الموت

أنا لا أعيش اليوم يا سادة
لأني رجل يستحق العيش أو الحياه
أنا أعيش اليوم فقط يا سادة
لأن هناك من يدعو لي من دون أن أراه
فشكراً له .. وشكراً للربّ الذي استجاب لدُعاه

#بلال_فوراني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي