الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيانة الزوجية

دينا ناصر الدين

2016 / 7 / 30
الادب والفن




الحياة الزوجية علاقة مقدسة يتطلب استمرارها عدة دعائم اهمها الاخلاص والتفاهم والمودة -مما يوفر حياة مستقرة امنة كلنا يتمناها-وان هذا الرباط المقدس يفرض على الزوجين حقوق وواجبات يجب تأديتها بأمانة -ويترك كل منهم نفسه عند الاخر امانة في كل شيء-اسمه -كرامته-عرضه-وقلبه-وقد أمر الله تعالى بالوفاء بعهد الزوجية فقال سبحانه :(واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا)
وان من اقذر الجرائم التي ارتكبها الانسان -الخيانة الزوجية-التي تؤذي الاخرين قبل ايذاء النفس-والتي يخطأ الكثيرون في فهم معناها-فيعتقد انها محصورة في معنى (الزنى)ولكن الخيانة الزوجية بمفهومها الاوسع هي كل علاقة تتجاوز حدود الشرع -وهي علاقة محرمة-وكل ما يؤدي اليها محرم-بما فيها من اثم ومعصية وانحراف عن القيم والاخلاق التي اساسها العقيدة الاسلامية التي تحفظ لنا عرضنا-وكرامتنا-وبيوتنا وتبعد عنا ما يكسر الفؤاد ويجرح النفس-ويهدم البيت-ويدمر المجتمع بفوضى الخيانة-فالخيانة صفة المنافقين وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(اية المنافق ثلاث:اذا حدث كذب-واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان)
وان الخائن منافق- مثواه الدرك الاسفل من النار.
تبدأ الخيانة من الفكرة والنظرة والرغبة -فيتحرك القلب وتخون العين قبل القلب-ويخون القلب قبل الروح وتخون الروح قبل الجسد -حتى تصل الى الفاحشة الكبرى -فتطرد حياة امنة كلنا يتمناها -ولقد كثرت الشكوى من الخيانة في مجتمعنا-فسببت للنفس الخائنة مشاعر مؤقتة من المتعة-دائمة الاحساس بالذنب والقلق والخوف -علاقة بلا احساس بالامان والطمأنينة والاستقرار مع اثم كبير عذابه اليم-رغم ان الشرع اتاح لنا السعادة في علاقة ننال الاجر العظيم من الله تعالى في ممارستنا للحب فيها بكل اشكاله والوانه التي تهواها انفسنا -بعيدين عن الشقاء الذي يلقاه الخائن في الدنيا-والخزي في الاخرة.
الخيانة الزوجية موجودة وغير مستحبة في كل المجتمعات- ولكن مجتمعنا اكثر رفضا لها لانها تتناقض مع عقيدتنا وقيمنا الاساسية -وان نظرة المجتمع للخيانة تختلف من الرجل منها للمرأة-فخيانة الرجل بعين المجتمع هي نزوة عابرة ومجرد غلطة على المرأة ان تتفهمها وتسامحه-اما خيانة المرأة للرجل فهو غضب من المجتمع لا يقبله اي طرف ولا يعفو عنها-بل يبدأ عقابها الفوري بالطلاق مع فضيحة ووصمة عار تلحق بها وبأهلها واولادها -او تنتهي بقتلها دفاعا عن شرف المجتمع الذي لم ينصف المرأة يوما-حتى لو كان وراء خيانتها هو الرجل نفسه الذي قتلها-والسؤال الذي يطرح نفسه هنا -متى يحاكم المجتمع الرجل بمثل ما يحاكم المرأة في القضية نفسها-متى تتحقق العدالة؟؟
بعد انكشاف الخيانة من أحدى الزوجين يصبح الغضب سيد الموقف-وعلى الأغلب سيصبح الحديث عن الطلاق وارد-ويتحقق كثير منه بسبب الخيانة-ولكن هناك من الاطراف من يرغب بالانفصال ولا يقدر عليه بسبب ظروف قاهرة كوجود أطفال-او الحاجة الى النفقة من الزوج-وعلى الاغلب فان الطرف الضعيف هنا هو المرأة-التي لا تستطيع النفقة على اطفالها واخذهم-او تركهم--فتضطر للبقاء دون رغبة -ويزداد احساسها بالظلم والقهر والاذلال-وان هذا البقاء تحت هذا القهر الذي يخلق بنفس المرأة الكراهية لهذا الزوج الخائن الذي لم تستطع حتى ان تتخلص منه-لهو بقاء خطر يهدد امن وسكون هذه الزوجة المظلومة والتي يمكن ان ينقلب كرهها رغبة في انتقام فتبدأ بالانتقام من نفسها معتقدة انها اخذت حقها من العدالة وانتقمت من الزوج وذلك بأنها----خانته---وهي قد خانت نفسها حقيقة وكانت ضحية جهلها ومجتمعها وضحية هذا الزوج الخائن الذي هدم كل شيء-وكسر الثقة بينه وبين زوجته الى الابد-وخلق فوضى أخلاقية في المجتمع-فهذه اثار الخيانة يكتسبها الابناء عن طريق تقليد الوالدين الخائنين-فالخيانة سواء كانت روحية او جسدية هي خيانة -فأن تعيش بروحك مع شخص وبجسدك مع اخر -هل هذا وضع يمنح الاستقرار والطمأنينة للنفس؟
وفي الحديث عن اسباب الخيانة فهي:-
1-غياب الوازع الديني وهو سبب رئيسي لحدوث الخيانة لان الاحساس برقابة الله تعالى تردعنا عن الخيانة-اضافة لقلة الحياء -والحياء من الدين-والنظر للمحرمات-والخلوة والاختلاط المحرم -وكل ما نها عنه الشرع
2-سوء اختيار الزوجين-يجب اختيار الانسان المؤمن الذي يخشى الله -ولقد وصى الرسول عليه الصلاة والسلام الرجل باختيار الودود-الولود-واختيار ذات الدين-لان ثوب الجمال يزول مع تقدم العمر وثوب الايمان والطهارة والعفة باق
3-الزواج بالاكراه-ان اكراه احد الزوجين على الزواج بالاخر يخلق كراهية تولد رغبة في الانتقام من الطرف الاخر -او رغبة في معرفة غيره لعدم الموافقة عليه اصلا -فتكون الخيانة
4-الزواج المبكر الذي لا تصل فيه الفتاة حد النضوج الفكري الذي يمكنها من فهم العلاقة الزوجية-وقدسيتها وكيفية احترامها -واهمية الوفاء فيها
5-عدم وجود التوافق الفكري والنفسي والعاطفي بين الزوجين-مما يخلق مشاكل زوجية واساءة معاشرة -ونفور من الطرفين-ويصبح الحب حلم بعيد
6-الاهمال وعدم الاهتمام-والانشغال عن الاخر مهما كان السبب-والغياب كالسفر مثلا-والطرف الاخر له احتياجات -عاطفية-ونفسيةوجسدية-كما ان الاهمال يمكن ان يكون بسبب عدم معرفة احد الزوجين بفن ارضاء رغبة الاخر واشباعه-وذلك يتطلب تربية جنسية صحيحة للاجيال القادمة في المدارس بشكل يناسب مراحلهم العمرية ليتمكنوا من ممارسة حياتهم الزوجية دون تقصير -كما ان هناك رجال لا يعرفون شيئا عن حاجة المرأة العاطفية.
7-النظرة السلبية للمرأة من المجتمع وما تخلقه من ضغوطات تبعث المرأة ان تكون منحرفة كرد على المجتمع بشكل سلبي
8-المال -هدف واضح لبعض النساء الذين اعماهم الجشع وحب المال وباعوا انفسهم ملؤ ارادتهم
9-اساءة استخدام التكنولوجيا-فاليوم المجال مفتوح للخيانة بأشكال كثيرة تمكن الرجل والمرأة من التواصل اللا أخلاقي -صوت وصورة -على اساس انه لا يراهم احد وهم في هذه الخلوة--انما هي غفلة -فالله يراهم .
10-الرجل الذي لا يعرف كيف يحافظ على زوجته وكيف يكون غيورا على عرضها وشرفها ولا يهمه كم مرة خرجت ومع من تتكلم كثيرا-ولا يسألها عن الصلاة-بل يحب ان يراها اجمل امراة امام الجميع ليتباهى بها-رجل عديم النخوة لا يستحق امرأة عفيفة في بيته -فالطيبون للطيبات-ورجل ضعيف الشخصية تحكمه زوجته حتى انه لا يستطيع ان يسألها شيء يخص الزوج-فليس من الغريب ان تخونه اذا غاب الوازع الديني لديها.
11-العلاقات الجنسية قبل الزواج-وما يطلبه الرجل في علاقته مع زوجة عفيفة لم يسبق لها تجربة -يريدها كمن عرف.
12-المفهوم الخاطئ لحرية المرأة وتحررها-فمن عرفه على انه اعطاء المرأة حقها بأن تعمل الى جانب الرجل باي مجال-وحرية اللباس ولو غير محتشم-وحرية القول ولو بلا حياء ولا دين-وحرية الاختلاط ولو بخلوة محرمة -واظهار جمالها ومفاتن جسدها حتى اصبحت في كل مكان تراه العيون--وعلى هذا النحو فلقد ضاعت كرامة المرأة وهتك عرضها -فلتخرج ولتتحرر ولتمارس حريتها مع من تشاء وكيف تشاء --انه التحضر والايتيكيت--ومزيدا من الخيانة الزوجية ولكن---باسم التحضر -بينما ان الاسلام اعطى المرأة حقوقها الى جانب صيانة كرامتها .
13-الحرمان العاطفي---الرجل يعتبر الحب جزءا من حياته-بينما المرأة تعتبره كل حياتها--مما يوضح اهمية العاطفة بالنسبة للمرأة -فهي تبحث دائما عن الحب والكلمة الجميلة-وعلى الرجل ان يحقق لها الاكتفاء العاطفي لئلا تبحث عن رجل اخر غير الزوج يعرف كيف يغريها ويجذبها نحوه.
14-عدم تلبية حاجة الاخر ورغباته -وعدم تحصينه واعفافه عن فعل الفاحشة-ولا يجب امتناع احدهم عن الاخر الا بعذر شرعي-او اتفاق وقبول بينهما
15-فتور العلاقة العاطفية في الحياة الزوجية بعد فترة من الزواج -يجب ان يكتشف الزوجين الطرق التي تحيي علاقتهما وتجددها لئلا تقع الخيانة فالنفس تمل الروتين نفسه
16-رجل لا تكفيه امرأة واحدة فيبحث في كل النساء عن شيء مختلف هو في الحقيقة موجود عند زوجته لكنه لم يحسن اكتشافه-ففي كل امرأة اسار انوثتها-ويعود الرجل في النهاية لزوجته بعد ان يكتشف انها مجرد نزوة عابرة-وان ما يبحث عنه موجود لديه --فزوجته كتلك التي كان يبحث عنها ---امرأة واحدة تكفي
17-الخيانة من احد الزوجين تفتح المجال لخيانة الطرف المغدور كانتقام من الزوج الخائن
18-عامل الحب مفقود--ذاك الحب الحقيقي الذي يتواجد بالتفاهم والانسجام بين الزوجين-الحب الذي يحتوي قيم تتناقض بطهارتها مع الخيانة والغدر والكذب --الحب الذي يوجد الطمأنينة والاستقرار والاخلاص والاستمرار
الحب الذي يهب السعادة والاستقامة في ان واحد
ان باب العفو والمغفرة مفتوح امام الخائن فليتوجه لله تعالى ويتوب--وليطلب الصفح ممن خانه ويندم امامه وبقلبه لعل الامور ترجع لمسارها -على ان لا يتكرر الامر -فلو انتهت كل علاقة خيانة بطلاق لتفكك المجتمع بأغلبه-فلنتعرف على مشكلاتنا الزوجية ونحلهاقبل حدوث الفاجعة -ونبتعد عن طريق الخيانة ونتمسك بعقيدتنا فهذا وحده كفيل بعلاج كل مشاكلنا -فلا يوجد مبرر للخيانة مهما تعددت الاسباب لوجودها فهذا لا يحمي من عقاب مرتكبها-وان الحب الحقيقي في قلب المرأة والرجل لا يترك مكانا ولا وقتا للخيانة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق


.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع




.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر