الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النسخة الورقية من كتاب جرائم ارتكبتها ... حين كنت حارسا لدين الله

حسنين السراج

2016 / 8 / 1
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الكتاب متوفر في شارع المتنبي المكتبة العصرية

مقدمة الكتاب

هذا الكتاب... كتبه الانسان العادي...خطه القلم البسيط...يعرض كيفية تعاطي (نموذج من شريحة واسعة ومهمة من المجتمع) مع معطيات الحياة (المجتمع , الدين , العلم , التاريخ , السياسة...الخ)

هذا الكتاب...ليس كتاب سيرة ذاتية وليس كتاب مذكرات . انه كتاب يضع الذات البشرية تحت المجهر لمحاولة فهمها .

هذا الكتاب...في بعض صفحاته تجد نفسك...وفي بعضها الآخر تجد ضدك .

هذا الكتاب...في وجه من وجوهه...رحلة عصيبة من عالم التعصب واحتكار الحقيقة وإلغاء الآخر الى عالم الواقعية وقبول الآخر وتفهمه . من عالم الحقيقة الواحدة الى عالم الحقائق المتعددة . هو وصف وترجمة للمونولوج الداخلي للإنسان المؤدلج المغسول الدماغ الذي يحتكر الحقيقة لنفسه ويلغي الآخر.

هذا الكتاب...وصف لكيفية تعاطي الانسان مع الواقع ووصف للكيفية التي تتطور بها افكار الانسان وتتغير تفاعلا مع هذا الواقع . هو تفسير للغاية والوسيلة وآلية التفكير والسبب والنتيجة في عالم استغلال الدين وامتطائه. ولا اقصد بالضرورة الانسان الذي اختار العنف الجسدي وسيلة للتعبير عن نفسه بل اقصد شريحة أكثر اتساعا وهي الشريحة التي تلغي الآخر معنويا كممارسة يومية من خلال تحقيره وتحويله الى رمز للشر . فهي لا تمارس العنف بالضرورة لكن مجتمعها بيئة صالحة لازدهار العنف .
نفي الأديان أو إثباتها ليس ما يستفز قلمي . لا أدافع عن الأديان ولا أشكك بها وذلك لاني أؤمن بان كل إنسان له الحق في اعتناق أي فكر وأي دين وكل الأديان والفلسفات والقناعات حقيقة في عقول وقلوب معتنقيها وليست كذلك في عقول وقلوب آخرين . ما يستفزني ويدعوني الى التأمل والتفكير هو (الآخر) ومدى قبوله وتفهمه.

قد أقف على قمة جبل وأنا مطمئن النفس وقد يقف غيري في مكاني وهو خائف يرتعب لأنه الآخر وليس أنا . أنا موجود والآخر موجود وكلانا يمثل حقيقة موجودة على ارض الواقع . كل شيء في تغير مستمر ولا يوجد ثابت الا المتغير نفسه . وكل شيء نسبي وحتى بعض الأخلاقيات تعتبر نسبية في عرف المجتمعات فهناك سلوكيات تعتبر غير أخلاقية في مجتمع و تعتبر مقبولة وأخلاقية في مجتمع آخر .
كل دين يمثل حقيقة مطلقة في عقول وقلوب معتنقيه ولا يعد كذلك في عقول وقلوب اخرين. العلم غير ثابت وبين فترة وأخرى تظهر نظرية تدحض النظرية التي سبقتها وتحولها من نظرية علمية الى ماضي عفا عليه الزمن . مجتمعات متعددة مختلفة الانتماءات تحوي مليارات البشر لكل مجتمع انتماء مختلف عن الآخر ولكل مجتمع نمط حياة مختلف عن الآخر . الحياة قصيرة وأمر مؤسف أن نهدر وقتنا القصير في هذه الحياة ونحن نمجد أنفسنا ونعظمها بسبب وبدون سبب ونحط من أقدار الآخرين ونسقطهم بسبب وبدون سبب . قبول الآخر وتفهمه والتماس العذر له أجمل لغة نقضي بها أيامنا القصيرة في هذه الحياة طالما أن الآخر لا يصادر حريات الآخرين الشخصية ولا يجرح مشاعرهم أو يسلب إراداتهم. الغاية لا تبرر الوسيلة والغايات النبيلة يجب ان تتحقق بطرق نبيلة أيضا. اما ادعاء تحقيق غاية نبيلة بوسائل وضيعة فهو في الواقع تحقيق لغاية قمة في الوضاعة لا تختلف بشيء عن الطريقة التي تحققت من خلالها .

هذا الكتاب...اخذ من كاتب السطور ثمان سنين تقريبا . كانت البداية في العالم الالكتروني ثم كانت الانتقالة للعالم الورقي عن طريق كتابي الاول والذي يحمل عنوان (التعذيب باسم المقدس) والذي طبع في مصر عن طريق (روافد للنشر والتوزيع).
نشرت احدى المقالات قبل سنوات تحت نفس عنوان هذا الكتاب الذي بين يديكم الان وكانت تتحدث عن مضمون مشابه من حيث الفكرة الرئيسية وبعض التفاصيل . ولاحقا نشرت مجموعة من المقالات التي تحوي بعض مضامين هذا الكتاب مجتمعة تحت نفس العنوان ككتاب الكتروني . لكن هذا الكتاب هو ثمرة جهد ثمان سنين من الكتابة . بعض بذراته الرئيسية (دون التفاصيل الموسعة) نشرت كمقالات وبعضها الاخر لم ينشر مطلقا . الكتاب الالكتروني الذي يحمل نفس العنوان يحوي على اقل من 200 صفحة اما هذا الكتاب فيحوي اكثر من 500 صفحة .
كاتب السطور لم يجد نفسه في مجال الكتابة الا في عالم الانترنت . لكن المفارقة انه لا يجد نفسه في عالم القراءة الا في العالم الورقي فللكتاب الورقي هيبة وطلة لا ينافسها لا حاسوب ولا جهاز نقال ولقراءة الكتاب الورقي طقوس خاصة (كالشاي والسجارة والاستماع لموسيقى هادئة) لا زلت اتذكر اول مقال كتبته في نهاية التسعينيات واتذكر اني ارسلته لاحدى المجلات الدينية لكن لم ينشروه . لذلك لم اجد نفسي في العالم الورقي والعالم الورقي نفسه لم يرحب بي . بدات بالكتابة في مجال الرياضة وتحديدا كرة القدم وفي منتدى عراقي اسمه (منتدى كووورة عراقية) كان يتابعه عدد كبير من رواد الرياضة و جماهيرها . تواصلت من خلاله مع الكثير من نجوم الرياضة ابرزهم عمو بابا وفييرا . جميلة هي المشاعر التي كانت تنتابني حين اذهب لاجري حوار مع شخصية رياضية معروفة واكتشف انه يعرفني سلفا من خلال كتاباتي في الانترنت . هذا الشعور الجميل ما كنت لاحصل عليه لولا عالم الانترنت . قمت بتأسيس رابطة للكتاب الرياضيين في الانترنت مع عدد من الكتاب وكانت تعد الاولى من نوعها في حينها وطرحت فكرة ان يكون اول نشاط لها هو منح الكابتن عمو بابا جائزة الرياضي الافضل في العراق على مر العصور وهو ما حدث فعلا لكنه كان نشاطها اليتيم الوحيد فالرابطة لم يكتب لها النجاح مع الاسف لاسباب عديدة لكنها كانت تجربة واعدة ومهمة .

التفاعل المباشر مع القاريء يضيف لك الكثير ويعلمك الكثير واهم ما يروضك عليه هو (تقبل النقد) وهذا التواصل المباشر مع القاريء ومعرفة رد فعله ورأيه يطور الكاتب حتما . فضلا عن ذلك عالم الانترنت يعرفك باشخاص مختصين في مجال الكتابة ومعرفتي بعدد من الصحفيين والكتاب اضاف لي الكثير . ولا زالت نصائح الصحفي والكاتب والصديق خفيف الظل علي البدراوي ترن في آذاني لانها خرجت من القلب بعفوية دون تكلف ودون استعلاء ... في لحظة معينة شعرت ان الكتابة في مجال الرياضة لا تشعرني بالرضا . فقررت ترك الكتابة في هذا المجال والاتجاه الى الكتابة في مجال اكثر سعة . لكن بعد ان جربت الكتابة في مجالات اخرى اكتشفت ان للكتابة في مجال الرياضة لذة خاصة وروح مغامرة جميلة لا يجدها الانسان في مجال اخر .

من الامور التي يركز عليها نسبة من النخب حين يقرأون مقال معين انهم يبحثون عن زلات لغوية لصاحبه خصوصا اذا كانت وجهة نظره لا تلائمهم ظنا منهم ان هذا يكشف ضعفه وجهله امام القراء . اللغة ليست اكثر من اداة لإيصال المعنى . الاهتمام باللغة امر جيد لكن الافراط في لاهتمام قد يقتل الخيال . نعم التركيز على صحة اللغة بدرجة مفرطة قد يقتل الخيال احيانا . المجتمع هو من يشكل لغته واعتقد ان هذه اللغة لابد ان تتطور في بعض اجزائها . فما تتذوقه غالبية المجتمع وتجده مناسب (لا اقصد املائيا بل نحويا) ويجده خبراء اللغة استنادا لقواعدها خاطيء قد يكون لون من الوان تطور اللغة . و يبدو ان خبراء اللغة مهتمين بهذا الموضوع فعلا حسب خبيرة لغوية ناقشتها مؤخرا حيث قالت انهم ياخذون تطور اللغة في الحسبان . على كل حال اعشق اللغة العربية خصوصا حين تكون شعرا بليغا لكني وبكل صراحة لا احب قيودها ولله در الشاعر الاديب الياس صالح حين قال متذمرا من قواعد النحو :

ماذا الذي يهمني إن قام زيد أو قعد
أو إن ذهبت ماشيا أو راكبا نحو البلد
أوكان زيد مبتدأ أوفاعلا سدَّ المسد
أوإن يكن ذا الاسم يبنى أو يكن هذا يُهد
تصالح الفعلان أو تنازعا طول الأبد
وأفعل التفضيل كم قد شذ فيه و شرد
و غير هذا عقد تبا لهاتيك العقد
ترى بها قواعدا بدون معنى أو زبد
مختومة جميعها بـ قس عليه ما ورد
القصيدة السابقة تجعل عشاق اللغة يشعرون وكأنهم يشربون شاي ساخن فيه قطعة من الثلج فهي تمتعهم من جهة لانها تلتزم بقواعد اللغة وتزعجهم من جهة اخرى لان مضامينها تتذمر من قواعد اللغة .
هناك اشكالية تتمثل في موضوع الاعتماد على مصادر الانترنت المعلوماتية. اذا كان الحديث عن الابحاث العلمية الاكاديمية فيجب ان يعتمد الباحث على مواقع رسمية رصينة معروفة على نطاق واسع وتشرف عليها جامعات رصينة او مؤسسات علمية معروفة.
لكن في مجال الكتابة الحرة فالموضوع مختلف . قد تكون المعلومة مجرد رأي جميل لشخص يستخدم اسم مستعار ولا اجد حرج في اقتباس رأي جميل سواء كان في الانترنت او خارجه حتى لو كان كاتبه يستخدم اسم مستعار او يستخدم اسمه الحقيقي لكنه مجهول الشخصية . فالمحور هو المحتوى وليس الشخص . اما المعلومات العلمية والتاريخية وغيرها فأعتقد ان اكتشاف صحتها من عدمها في عالم الانترنت اكثر سهولة من العالم الورقي . فبامكانك ان تبحث وتقارن وتطلع على اراء المختصين وتعليقاتهم لتتوصل لنتيجة ترضيك . في النهاية الكاتب حر والقاري حر ايضا (take it´-or-leave it) خذها او اتركها .

هناك راي يذهب الى ان الانترنت سيقضي على الكتاب الورقي . اختلف مع هذا الرأي كليا فالكتاب الورقي لا يمكن التخلي عنه اطلاقا . التلفزيون لم يقضي على الراديو . كذلك الانترنت لن يتمكن من ان يحل محل الكتاب الورقي . نعم له اثر كبير على المطبوعات بصورة عامة خصوصا المجلات والصحف لكن في مجال المؤلفات والابحاث والكتب الاكاديمية فاعتقد ان الكتاب الورقي سيبقى صامدا امام الانترنت ... قد تستند على كلام لشخص معين ثم تاتي بعد مدة لتجده قد حذفه بسبب تعرضه للانتقاد او لاي سبب اخر . وهذه من مشاكل الاستناد على الانترنت وهذه النقطة تحديدا تعطي الافضلية للمصدر المطبوع على المصدر الالكتروني . فكل شخص يستطيع ان يحذف اي شيء يكتبه ثم ينفي صدوره عنه . الانسان في الانترنت لا يتمالك نفسه حين تخطر في ذهنه فكرة فينشرها فورا ثم يشعر بعد قليل بالندم .
يقول الكاتب محمد عبد القادر الفار : حين كان الإنسان يرسل الرسائل عبر البريد في ما مضى، كان يمكن أن يكتب خطابا فظا، ثم يمزقه، ويكتب غيره، وقد يتراجع وهو في الطريق إلى صندوق البريد....هناك عدة فرص قبل صدور النسخة النهائية.... اليوم مع الرسائل الفورية، تم إفلات اللجام....لم يعد من السهل احتباس أي فكرة، أو أي غريزة...بل إن ما كان يتم بضغطة، أصبح يتم بلمسة...عن طريق تقنية الـtouch...في الحروب، في القتال،،،، كان القتل يحتاج إلى قطع مسافات طويلة تحتاج أياما وأشهرا...وكانت عملية القتل نفسها تحتاج إلى حمل سيف ثقيل أو رمح طويل....كانت فرص التراجع، أو حتى إصابة الآخر نصف إصابة واردة ..اليوم حتى هذا أصبح يتم بكبسة زر....إن مسار التقدم مقصود ولو لم نكن واعين له....إن هذا المسار يستدرج كل هواجسنا وغرائزنا للخروج...يستدرج العقل الباطن ليخرج إلى حيز الفعل المباشر، بدلا من إنتاج تراكمات الكبت والتأجيل...إننا في الطريق لنصبح مباشرين مباشرين جدا .(انتهى) (1)

ارى ان الكذب العلمي في الانترنت يكتشف بسرعة اكبر من الكذب على الورق. فذوي الاختصاص يحبون ابراز عضلاتهم لو وجدوا من يكتب كلام غير حقيقي يتعلق باختصاصهم فيدحضون كلامه . والمستفيد في النهاية نحن المهتمين (غير المختصين) فهم يسهلون علينا التنقيب عن المعلومة . الانسان هو الانسان . سواء كان في الانترنت او في الواقع . هل جميع الابحاث الاكاديمية العلمية دقيقة لدرجة يمكن الوثوق بها تماما؟؟؟ كلا قطعا فعدى امكانية ان يمرر الانسان معلومة غير صحيحة او تستند على اراء مسبقة . من الممكن ان يقع في الخطأ ايضا سواء كان يستند على قواعد اكاديمية في الكتابة او لا يستند . يبقى الانسان هو الانسان ... في عالم الانترنت... كل من لديه موهبة في مجال معين يمكنه التعبير عن نفسه ببساطة . فلم يعد هناك حاجة لاستجداء جهة معينة لتنظر نتاج فلان او علان كل ما عليه هو تسجيل موهبته وعرضها . الانترنت حرق مراحل تحقيق الطموح . ولم يعد هناك داعي ان يكون الانسان تحت رحمة فلان او علان ليحصل على فرصة .

هذا الكتاب...ليس كتاب ديني وليس كتاب علمي وليس كتاب تاريخي مع انه يتطرق لكل ما سبق واكثر...انه بحث حر تدور رحاه حول الانسان...الانسان العادي...نظرة الانسان العادي للدين...نظرة الانسان العادي للعلم...كيف يفكر الانسان العادي؟كيف يحلل الاشياء؟ كيف يتعاطى مع العلم؟ كيف يتعاطى مع الدين؟ ماذا يدور في عقله؟ الانسان العادي حسب تصوري هو الرقم المهم في المعادلة وليس النخبوي . لانه يمثل اغلبية من الممكن ان تشكل قوة مؤثرة لاي شخص او مجموعة اشخاص ينجحون في اقناعهم باديولوجيتهم ويتمكنون بذلك من السيطرة عليهم وقمع الخارجين عن النص بقوتهم الجماهيرية . اما النخب فهم الحلقة الاضعف في المعادلة لانهم معتادين على مخاطبة انفسهم . عبقرية النخب تظهر حين يتمكنون من اقناعنا بوجهة نظرهم نحن الغير مختصين والغير منتمين لعالمهم الخاص . عبقريتهم تظهر حين يتمكنون من تبسيط افكارهم لنا وجعلها قابلة للاخذ والرد وليس حين يثقلون كاهلنا بتعقيدها وجعلها (نخبوية)

على الارجح هذا الكتاب هو خاتمة رحلتي مع الكتابة (في هذا المجال على الاقل) لاني اعتقد ان (صرخة واحدة) يلملم فيها الانسان شتات نفسه ويبذل فيها قصارى جهده محاولا ايصالها لابعد الجدران لينتقل صداها من جدار الى جدار لاطول فترة ممكنة افضل من ان يقضي عمره كله في الصراخ دون ان يسمعه احد . حلم واحد قد يتحقق وقد لا يتحقق افضل كثيرا من كابوس مستمر لا يضمن لك الا ألم الصراخ دون جدوى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان